الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين الثورة والثورة المضادة

يوسف غنيم
(Abo Ghneim)

2013 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


من تعبيرات الديمقراطية حرية التظاهر وحرية المعتقد وحرية تشكيل الأحزاب وحرية التعبير...الخ، مجموع هذه الحريات حقوق تاريخية إكتسبتها الشعوب في سياق بحثها عن صيغة تنسجم مع مفهوم الديمقراطية المباشرة "حكم الشعب للشعب وبالشعب " دون إنابة أو تفويض لأحد
مع ذلك ونظراً لتعثر تحقيق الديمقراطية المباشرة جراء البنية الطبقية للمجتمعات وما ترتب عليها من تعارض في المصالح نتاج الإمتيازات المتحققة للقوى الطبقية المتحكمة بالإنتاج، سعت هذه القوى إلى صياغة آليات سياسية تعمل من خلالها على تفريغ الطاقات الثورية للقوى الطبقية النقيضة من خلال بلورة مجموعة من الحقوق السياسية توجه من خلالها التناقضات على أرضية المحافظة على النظام القائم من خلال الإحتكام إلى أدوات عمل هي نتاج لثقافته ومصالح قواه الإجتماعية السائدة، من هنا وعلى الرغم من ضرورة الإستفادة من هذه الآليات في خلخلة البنية الطبقية السائدة، علينا العمل دوما على تطوير المشاركة الإجتماعية في الممارسة السياسية على قاعدة إشراك الجماهير الشعبية في صنع وإتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبلها كونها الأكثر تضررا من القرارات والتوجهات السياسية والإقتصادية الإجتماعية التي تتخذها الطبقات أو الفئات الطبقية الممسكة بزمام الحكم، والتي تعبر بالضرورة عن مصالحها المتعارضة بكل تأكيد مع مصالح الجماهير الشعبية.
لتكن أدوات العمل "الديمقراطي الليبرالي " وسائل لتعلم النضال الطبقي ومرحلة من مراحل إدارة الصراع على أن يتم الحرص على ضرورة أن يكون الهدف الإستراتيجي لنضالنا تحقيق العدالة الإجتماعية من خلال نفي المجتمع الطبقي القائم على إستغلال الإنسان للإنسان، حيث تشكل أدوات العمل اليبرالي عامل كبح لهذه التطلعات كونها أُنتجت للحفاظ على النظام القائم مع إجراءات ذات طابع إصلاحي لا ترتق إلى تحقيق مفهوم الديمقراطية "حكم الشعب للشعب " ولتوضيح ذلك تسمح البرجوازية للعمال بالتظاهرللمطالبة بتحسين شروط وظروف إستغلالهم الطبقي ولكنها تضرب بيدٍ من حديد أية محاولة لإلغاء الإستغلال الطبقي. لذا تكون المظاهرات مرخصة من قبل الحكومة التي تمارس الإستغلال الطبقي بفعل دورها الوظيفي كجهاز بيروقراطي يحمي ويعبر عن مصالح البرجوازية التي وصلت إلى السيطرة على المجتمع بعد إنتصارها التاريخي على الإقطاع وعملت على إنشاء أدوات القمع الطبقي من أجهزة أمن ومحاكم وسجون وأدوات سيطرة أيديولوجية من مدارس وجامعات وجوامع وكنائس بهدف تشكيل الوعي الإجتماعي وما يتناسب مع المجتمع الطبقي.

استطاعت البرجوازية بعد إنتصارها التاريخي على الإقطاع من تطوير أدوات العمل، وقد تمكنت خلال القرنين الماضيين من التجدد بصيغ سياسية عبرت عن الأزمات المتلاحقة التي كانت تواجه كل شكل من أشكال العمل السياسي وما ساعد في ذلك التجربة الإشتراكية التي أجبرت الدول الرأسمالية للبحث عن صيغة لدولة الرفاه، تعطل تصاعد التناقضات الطبقية، وقد استطاعت بلورة آليات إقتصادية جنبتها الدخول بمواجهة مع الجماهير الشعبية بدولها من خلال بلورة مفهوم المركز والمحيط بالعلاقات الإقتصادية الدولية حيث تم نقل الاستغلال الوحشي لدول المحيط لتحقيق أعلى نسبة من القيمة الزائدة ليتم بعد ذلك تخصيص الفتات منها لتحسين الظروف المعيشية لمواطني تلك الدول، ما حققته الرأسمالية من إستقرار إلى اللحظة هو إستقرار مؤقت نتاج تصدير الإستغلال إلى خارج الحدود الوطنية وخلق تمايزات ثقافية واجتماعية بين الشغيلة بدول المركز والشغيلة في دول المحيط لإفشال الشعار التاريخي لماركس "يا عمال العالم إتحدو" .عند الحديث عن حريات في مجتمع طبقي يتم الحديث عن حريات بإطار النظام السياسي المنبثق من بنية هذا المجتمع، لذا يمكننا فهم حالة التبدل في النظام السياسي وإنعدام التغير الطبقي.
التبدل يحافظ على استقرار النظام الإقتصادي الإجتماعي القائم، بينما التغير يؤدي بالضرورة إلى بروز دور جديد لقوى اجتماعية اقتصادية جديدة تحمل توجهات تغير البنية القائمة.
نحن بحاجة إلى التغيير الذي لا يتحقق دون ثورة، والثورة هي حالة إنتقال تاريخي من نمط إنتاج إلى آخر، وهذا ما يجعلنا نقف أمام كل التسميات التي يتم إطلاقها على التحركات في الوطن العربي والعالم من حولنا، هل نتحدث عن ثورة أم انتكاسة " ثورة مضادة " ما يمكننا تلمسه في الوطن العربي من تراجعات في الخطاب السياسي والثقافي، " إبراز البعد الطائفي والإثني " يشير إلى أن الثورة المضادة تحاول مصادرة ما أنجزته الجماهير الشعبية خلال العقود الماضية برهن مستقبل الوطن العربي لتحالفات مشبوهة مع الإمبريالية العالمية في محاولة لضرب التوجهات القومية من خلال إنعاش فكر تكفيري إقصائي يقوم على خلق تناقضات بين القومية العربية والإسلام، في تناسي واضح لدور العرب في حمل الإسلام والدفاع عنه في كل المراحل التاريخية التي مر بها، وتجاهل تام أن اللغة العربية هي الحامل والحامي للإسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحجاج يتوافدون على عرفات لأداء ركن الحج الأعظم


.. الحرب في أوكرانيا.. خطة زيلينسكي للسلام




.. مراسل الجزيرة مؤمن الشرافي يرصد آخر الأوضاع في مدينة رفح


.. كيف هي الأجواء من صعيد عرفات؟




.. مراسل الجزيرة يرصد أراء الحجاج من صعيد عرفات