الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اجتماع أربيل : دلالات هامة وآمال كبيرة وتحذير.

شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي

(Shakir Kitab)

2013 / 6 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



بالرغم من أن الاجتماعات المتنقلة لمجلس الوزراء بين المحافظات هي بدعة سياسية لكننا ولما تنطوي عليه من نوايا إيجابية نستطيع تصنيفها في باب الاجتهاد. وبكل تأكيد فإن لهذا الاجتهاد إيجابيات يتمثل أهمها في :
- شد وتقوية العلاقة بين المركز والمحافظات.
- تعزيز الثقة بينهما.
- إطلاع مباشر من قبل الحكومة المركزية على أوضاع المحافظات.
- التواصل مع المواطنين هناك.
إلا أن اجتماع الحكومة المركزية في أربيل له دلالات مهمة وعليه آمال كبيرة إذا ما صدقت النوايا من كل الأطراف وإذا ما كانت مصلحة الوطن – العراق ككل هي العليا ولها الأولوية في كل ما يتم الحديث عنه وما يتفق عليه.
أولا : الدلالات
1- إن الشد والتوتر في العلاقات بين حكومة المركز وحكومة إقليم كردستان أثار الكثير من القلق والمخاوف المشروعة لدينا جميعا. والخلافات التي تراكمت عددا ونوعا وصلت إلى حد التخندق العسكري مهددة بمخاطر اندلاع حرب بين أبناء الوطن الواحد. لذلك فإن الزيارة لأربيل وخاصة عقد اجتماع مجلس الوزراء هناك وفي مقر مجلس وزراء كردستان بالذات سيخفف أدبيا على الأقل من حدة التوترات ولعله سيكون مفتاحا لعلاقات شخصية على الأقل من نوع أفضل قد تؤدي بدورها إلى حلول نهائية وحاسمة إن لم تكن هناك استراتيجيات خفية أخرى ستفعل فعلها في عرقلة اي اتفاق وتغلق الطرق نهائيا أمام استقرار الأوضاع في العراق.
2- ودلالة أخرى لهذا الإجتماع في أربيل تتمثل في أن إقليم كردستان كان ولا زال جزءا لا يتجزأ من جمهورية العراق ككل. وفي هذا رد على الشكوك التي تثار حول نوايا الأخوة الكرد في عزل الإقليم عن تأثيرات بغداد والوضع العام في العراق وصولا إلى الانفصال وإعلان الاستقلال. ولا بد من الإشارة هنا وبأسف شديد أن الكثير من تصريحات بعض السادة المسئولين في الإقليم شجعت على إثارة هذه الشكوك خاصة عندما تطلق التصريحات بلهجة التهديد.
3- ودلالة من نوع آخر تلوح أمامنا هنا بوضوح لهذا الاجتماع. وهي أن الحوار وحده هو الطريق الأنسب للوصول إلى ما يجب التوصل إليه خاصة عندما يتعلق الأمر بالصالح العام. وأن التهديدات وحفر الخنادق والإستقواء بالأزمات العامة وبأطراف أخرى قد تكون خارجية ما هي إلا لغة تنتمي إلى زمن تهافت وتهافتت معه مفرداته وأفكاره وأساليبه.

ثانيا: الآمال
يحق لنا نحن الوطنيون الذين نؤمن بوحدة العراق شعبا وأرضا ودولة أن نعلق آمالا جدية وكبيرة بل وحتى استراتيجية على هذا الإجتماع في أربيل وتحديدا على ما سيرافقه من لقاءات – عساها أن تكون لقاءات عمل لا لقاءات ودية فقط – بين السيد نوري المالكي باعتباره رئيسا للوزراء وقائدا عاما للقوات المسلحة العراقية والوفد المرافق له من جهة والسيد مسعود البرزاني باعتباره رئيسا لإقليم كردستان وأحد أكثر قادته تأثيرا وأهمية ورفاقه في قيادة الإقليم من جهة أخرى.
1- إن أحد أهم آمالنا في هذا اللقاء هو أن يصار فورا إلى إيقاف التدهور الشامل في الوضع السياسي العراقي وما ينتج من تداعيات مأساوية على الاصعدة كافة – المباشر منها مثل الوضع الأمني وتعطيل الاقتصاد نهائيا وغير المباشر مثل انقراض الدولة العراقية شيئا فشيئا وانفلات تام في كل العلاقات الاجتماعية وانهيار واضح للجميع للقيم الإنسانية ولكرامة المواطن العراقي.
2- حل المشاكل العالقة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية على الأسس ألتالية :
- المصلحة الوطنية العليا والتي تعتبر عند رجالات الدولة الحقيقيين الهاجس الأول والمركزي في كل نشاطاتهم ومشاغلهم السياسية. وهنا نركز بشدة على وحدة العراق الوطنية شعبا وأرضا ودولة.
- أن توضع كل الأوراق على طاولة الحوار وأن تمتزج المطالب ببعضها والحقوق والواجبات وأن تكون الأولوية لحل المشاكل الأسهل أولا والقابلة للتنفيذ الفوري والإنتقال التدريجي نحو الأصعب فالأصعب. وأنا على يقين أن كل مرحلة ستفتح آفاقا أفضل لمرحلة تليها يسهل التفاهم حولها وحلها. لكنني أحذر هنا وبصراحة من اللجوء إلى تشكيل اللجان تلو اللجان. فاللجان هي أداة التسويف والمماطلة وتجنب الحلول الجذرية والحاسمة. ولا بد من الإشارة هنا أن البعض غير القليل من نقاط الخلاف بين الطرفين سوف لن تحل بسرعة لطبيعتها الإستراتيجية والمصيرية من مثل ما سميت اصطلاحا وبلغة غير سليمة بالـ ( المناطق المتنازع عليها ) ومثل قانون النفط والغاز وغيرهما.
- أن يصار إلى وضع سقوف زمنية وآليات تنفيذ لكل اتفاق يتم إنجازه بين الطرفين وكل ورقة مكتوبة وموقعة على أفكار بالخطوط العامة والعريضة قد لا تكون ملزمة وحتى أنها لا تخضع للمساءلة القانونية قدر خضوعها للمساءلة الأدبية والتي اصبحت في خضم صراعاتنا السياسية لا قيمة لها ولا تلزم أحدا. مع شديد الأسف.
3- يجب – وهذا أحد أهم آمالنا – أن تلتفت الحكومة إلى حل جذري وحاسم لقضية المتظاهرين وتلبية مطالبهم المشروعة واسترداد حقوقهم ووضع حد نهائي لظاهرة تهميش المكون السني والتعامل مع أبنائه بنفس المعايير والمقاييس التي تتبع في التعامل مع ابناء المكون الشيعي والكردي. وهنا لا بد من التذكير بالضرورة القصوى لإزاحة الطائفيين الذين يتربصون الفرص للانتقام وإلغاء الآخر والتفرد بالوطن وموارده ومؤسساته والتصدي للمشروع الطائفي الكريه والتكفيري والإرهابي والميلشياتي والتخلص بما لا عودة عنه من القيادات التي أرادت ولا تزال تعمل على سرقة جهد وتضحيات المتظاهرين والمعتصمين وتجييرها لصالحها وتلك المتخاذلة والمترددة وتلك المرتبطة بالأجنبي وتلك التي تعتاش على ما تنتجه المظاهرات. وكذلك يجب الكف نهائيا عن العمل على تسويف الحلول وتضييع حقوق المعتصمين. إن البطولات التي حققتها التظاهرات على يد أبناء شعبنا هي إنجازات وطنية تضاف إلى إرث العمل الوطني الغيور والشجاع لشعبنا خاصة غذا تذكرنا أن هذه المظاهرات والإعتصامات قد تفجرت في محافظات كانت في الماضي القريب ممن جاهد ضد الاحتلال بشجاعة وبسالة. ومن هنا ننطلق للتذكير أن دعوتنا ودعوة كل الوطنيين الخيرين إلى تعزيز الوحدة الوطنية إنما تأتي فقط عبر الحل الوطني الشامل لقضية المتظاهرين حلا وطنيا مسئولا وغيورا بعيدا عن مشاعر الحقد الطائفي أو تأثيرات أحداث المنطقة برمتها ولا استجابة لضغوط خارجية. كما أن استخدام القوة لا ولن يجدي نفعا في معالجة المشكلة. فقد تأتي المعالجة مؤقتة وقد تطفي لهبا لكن النار أوارها يغلي في الصدور ويتفاعل لينفجر مرة أخرى في وقت آخر وقد لا تنفع أية حلول أخرى ولات ساعة مندم. وفي هذا المجال نقولها بكل صراحة أيضا أننا يجب أن نتخلص نهائيا من دعاة الأقاليم الطائفية ونقبر بشكل حاسم فكرتها لأنها مشروع ينسجم ويتطابق مع ما تتطلع له الصهيونية العالمية في خططها الإستراتيجية المتعلقة بالمنطقة عامة وبالعراق خاصة.
4- إن وضع قضية المتظاهرين والمعتصمين في ملف آمالنا المتعلقة بلقاء السيد المالكي بالسيد البرزاني يأتي فقط لقناعتنا بوحدة القضايا الوطنية خاصة الملتهبة منها وعلى الأخص قضيتي المظاهرات وإقليم كردستان. هذا الترابط جدلي حقيقي ومادي. ولنا في ذلك أكثر من قرينة ودليل. وكل محاولة لتفتيت القضايا الوطنية وفصلها عن بعضها فهو عدا عن أنه يأتي عن عدم شمولية الرؤيا السياسية للوطن وقضاياه فهو لن يؤدي حتما إلا إلى تأجيل وترحيل المشاكل المصيرية وإلى حلول قاصرة مؤقتة لا تفي بالغرض.
5- إننا نأمل – وأملنا كبير – أن تلتفت الأطراف بعد حل المشاكل بينها أو بعد وضع خارطة الطريق الحقيقية لحلول جذرية حقيقية حاسمة , تلتفت إلى المباشرة الفورية والمسئولة في إعادة الاعتبار للدولة العراقية ومؤسساتها وإنجاز إعادة بنائها على أسس مدنية حضارية تقدمية حديثة تكون دولة مواطنة قولا وفعلا تباشر هي الأخرى بتحقيق أهداف وحاجات الشعب الكبرى والمتمثلة حسب أولويات التصاقها بحياة العراقيين في يومنا هذا : الأمن – العمل – السكن – الخدمات كاملة – ومن ثم الكماليات العامة والخاصة.

ثالثا : التحذير
ولعل هذه المناسبة من أكثر المناسبات ملائمة للتذكير بضرورة تجنب العودة إلى شعارات عنصرية طائفية تثير القلق لدى مكونات الشعب الأخرى. إن ما أعنيه هو شعار " التحالف الكردي – الشيعي " الذي لا يتناقض فقط مع المصلحة الوطنية العليا وينسف مبدأ الوحدة الوطنية بل يثير التخوف المشروع لدى المكونات الأخرى في أن تكون هي المستهدفة مما قد يدفعها إلى التمترس خلف تحالفات قد تكون هي الأخرى متناقضة مع المصلحة الوطنية العليا وناسفة لمبدأ الوحدة الوطنية.

" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ".
بغداد
يوم الجمعة
7/6/2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس الحرب الحالية.. ما الخطر الذي يهدد وجود دولة إسرائيل؟ |


.. مجلس النواب العراقي يعقد جلسة برلمانية لاختيار رئيس للمجلس ب




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقف مفاوضات صفقة التبادل مع حماس | #


.. الخارجية الروسية تحذر الغرب من -اللعب بالنار- بتزويد كييف بأ




.. هجوم بـ-جسم مجهول-.. سفينة تتعرض -لأضرار طفيفة- في البحر الأ