الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجميلة و الميدان

مها الجويني

2013 / 6 / 7
كتابات ساخرة


تتناقل صفحات الفايس البوك حاليا صورة فتاة تركية ترد ترقص أمام القنابل المسيلة للدموع ، و تحت الصورة و فوقها و جنبها نقرؤ كل تعليقات و ملاحظات الإعجاب التي تدور حول قاعدة "الجميلات الثائرات" ، الناظر في المواقع يلاحظ أن ما شد أغلب المتصفحين العرب لصور مظاهرات ميدان "تقسيم" هي وجوه الشقروات و سمروات الأتراك اللاواتي ظهرن قائدات في الحراك الاحتجاحي السلمي الذي يناهض حكومة أردوغان الحالية .
الجميلات و الميدان عنوان لا يروق للفكر الذكوري العربي من إستأسن مشاهدة مسلسل "حريم السلطان" و "العشق الممنوع" و "باب الحارة " الذي كرس لتبعية المرأة للرجل و أفقدها كل الجوانب الإجابية التي عندها ، أضف على ذلك مشاهد الدراما المصرية التي لم تخرج بعد من الزواج العرفي ، و هاتي بوسة يابنت ، و بستناك فوق السطوح ، و "قفشات الرقص الشرقي المغري "و كأن حياة المرأة العربية قائمة على نجاح علاقتها بالرجال .
كما لا ننسى أغاني بكائيات الفنانات على الرجال مثل" بعدك عني إنتحار " و"أه يا أسمراني اللون" و أنا في انتظارك" .... تلك الألحان التي تستمد روحها من التاريخ العربي الذكوري إبتداءا بهارون الرشيد و قصصه التي لا تحصى و لا تعد مع الجواري و ووصايا عبد الملك إبن مروان حول مزايا الإيماء و كيفية التعامل معهن ، بالإضافة إلى فقه السبايا الذي يشرح كيفية تقسيم الغنائم من النساء بعد الحروب ، ناهيك عن كتب شروح آيات القرآن الكريم التي نزلت في النساء و ربطها بالأحاديث النبوية (التي يقال ان أغلبها ضعيف و غير مسند) لتقديم بحوث و دراسات عميقة حول القسم السفلي للمرأة وآليات التعامل معه .
و في ظل أفكار القسم السفلي العربية تطل علينا التركيات برايات الحرية و بحركات إحتجاية مستقلة عن المال القطري و الفرنسي ضاربات عرض الحائط لتهديدات أردوغان .حفيدات ميهري خاوم مديرة اول كاديمية نسوية للفنون -تأسست في 1914 لتمنح فرص أكبر للفنانات التركيات للمشاركة في معارض الفن التشكيلي _ و مع جيل مهيري خانوم لم يعد دور المرأة في الفن أن تكون مجرد موديل للوحة بل ساهمت المراة التركية في مسيرة الفن ذاتها الامر الذي كان له الدور الاكبر في صياغة الحياة الثقافية التركية المعاصرة .
إنها ليست نور عاشقة مهند في العشق الممنوع ، بل إنها سليلة جليلة خانوم أم الشاعر ناظم حكمت التي عُرفت بمساندتها لابنها أيام سجنه في مدينة بورصة التركية فترة أربعينات قرن الماضي و من بين مواقفها الاشهر للدفاع عن ناظم حكمت يوم علقت لافتة على جسر "غلطة" لتعلن دعوتها لجمع توقيعات تدعم ابنها الذي كان يخوض اضراب جوع ، حينها سدت الحشود المساندة للمفكر المعارض ناظم حكمت الجسر و أمام استجواب البوليس التركي عن من وضع اللافتة أجابت جليلة بأن التوقيع على اللافتة يقول : جليلة الرسامة ...
إن التوق للتحرر ليس بأمر جديد عن التركيات وما على المتصفح العربي إلا مسح تلك الصور التقليدية الذكورية الساكنة مخيلته عن نساء الشرق، إذ بسببها لا يسمي منضالات المجتمع المدني التركي بأسمائهن فقط بل يلصق مع الإسم نعت" الجميلة " و "المزة " و "القطوسة " (الاخيرة من عبارات التونسية التي تعني قطة) .
من جهة أخرى أرى أن صور مناضلات ميدان تقسيم تبث في نفسي الرغبة للنزول مرة اخرى لميدان القصبة بتونس و لرفع رايات تمرد في ميدان التحرير بالقاهرة ، فصوت الحرية صار مدويا مع صمود الشباب في ميدان تقسيم . و يستوجب مننا النزول لاستكمال ثورات التحرر و لأسقاط القناع عن تجار الدين الاسلامي أمثال أردوغان و الشيخ راشد الغنوشي و مرسي .. من سوقوا لأنفسهم بالمصحف الشريف و بالنموذج التركي .
اليوم سقطت الاقنعة و لم تعد تونس خضراء تسر الناظر السائح لما تشهده بلادي من ارهاب و فوضى ، ولم تعد مصر محروسة يطيب فيها العيش نظرا للانحدار الاقتصادي و الازمة السياسية التي تشهدها مصر في ظل حكم الاخوان و لم تعد تركيا نموذج للديمقراطية .. اليوم يملأ صوت التحرر قلوبنا و ليس أمامنا سوى أكتساح الميدان لنستكمل فصلا آخر من رواية "الجميلة و الميدان" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل