الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا والغزات الجدد

جميل حنا

2013 / 6 / 8
الارهاب, الحرب والسلام



الشعب السوري مستمر في ثورته التي أشعل شرارتها الأولى قبل عامين وما يقارب من ثلاثة أشهر تقريبا.بالرغم من من كل التضحيات الجسيمة التي قدمها خلال هذه الفترة المأساوية الصعبة في تاريخه الطويل. حيث سقط ما يقارب من مائة ألف قتيل ومائتي ألف مفقود وأكثر من خمسة ملايين مهجرفي الداخل والخارج,وتم تدمير أكثر من خمسين بالمئة من البنية التحتية للبلد.وذلك نتيجة الأعمال البربرية التي تنفذها السلطة المستبدة ضد الشعب والوطن.
خرج الشعب السوري قبل عامين ونيف في تظاهرات سلمية في المدن السورية تطالب السلطات الحاكمة بإجراء إصلاحات حقيقية وبدون مراوغة.حيث أظهرة الجماهير المنتفضة حرصها الشديد على سلامة الوطن والمواطنين.ألا أن سلطة الاستبداد المتمترسة خلف عقيدة البطش والعنف والإرهاب,إلا أن السلطة واجهت المطاليب المحقة للجماهيرلا بروح السلطة المسؤولة والحريصة عن أمن المواطن والوطن.بل كان سلوكها عدوانيا ومورس القمع الدموي بحق المتظاهرين سلميا بينما هذه السلطات ذاتها تدعي بأنها تحكم بإسم الشعب وحريصة على أمن المواطن والوطن.وبالتأكيد هذا الكلام لا يتفق مع معانات الشعب السوري على أرض الواقع.
ومنذ الأيام الأولى لأندلاع الثورة السورية أكدنا على(ان الاستجابة لمطالب الجماهير المتظاهرة سلميا هي ضرورة وطنية,ويجنب الجميع خسائر جسيمة وأولها التصدع في الوحدة الوطنية. ...ويدفع بالأمور نحو الأنزلاق إلى منعطفات خطيرة وأليمة على الجميع ويكون الخاسر الأكبر فيها الشعب والوطن).من مقالة بعنون(النظام السوري أمام استحقاقات الإصلاح أم التغيير,23-03-2011).
عاشت سوريا عبر تاريخها الطويل مراحل صعبة ومأساوية في بالغ الخطورة هدد استمرار وجودها ككيان دولة مستقلة,وذلك بسبب الغزوات الخارجية الكثيرة منذ العصور القديمة.كانت كافة الغزوات تهزم أمام إرادة كفاح الشعب السوري وتضحياته وبطولاته والتفاني من أجل الوطن.بالرغم من خسارته لأجزاء عزيزة من وطنه بسبب المؤامرات الاستعمارية وتواطيء بعض مراكز السلطة في البلد مع هذه المخططات ومنها احتلال هضبة الجولان وضمها الى اسرائيل. ومن قبله سلب لواء اسكندرون وغيرها من المناطق الشاسعة وضمها إلى الدولة التركية بمؤامرة استعمارية.
ولكن أشرس غزوة تتعرض لها سوريا في تاريخها الطويل هي غزوة سلطات الاستبداد التي تحكم سوريا بقوة الحديد والنار بالتعاون مع الحرس الإسلامي الإيراني وميليشيات حزب الله والميليشيات الشيعية العراقية التي غزة أجزاء من أرض سوريا الحبيبة.هذه القوى التي كان من المفترض عليها إتخاذ موقف أخلاقي مشرف يفرض عليها الوقوف إلى جانب الشعب السوري على ماقدمه لهم من مساعدات وتضامن أخوي لمئات الآلاف من العراقيين الهاربين من هول الحروب الخارجية واالداخلية في العراق بدون التمييز بين أبناء هذه الطائفة او تلك وبين أبناء الأديان والقوميات العراقية المختلفة.اليوم نجد قسم من هؤلاء يدخلون إلى سوريا وهم يمارس ويرتكبون أفظع الجرائم بحق المواطنين السوريين,يقتلون الأطفال والنساء بحجة الدفاع عن المزارات الشيعية.أن العصابات الغازية الخارجية التي تقاتل إلى جانب القوات الأسدية, تقتل أبناء الشعب السوري على خلفية طائفية, وهي من أقذر الممارسات الإجرامية التي يمكن أن يرتكبها الإنسان بحق إنسان آخرعلى خلفية إنتماءه الديني أو الطائفي أو القومي أو السياسي.
حزب الله يحتفل بدخوله إلى مدينة القصير ويعتقد بأنه حقق النصر الآلهي بعد أن دمر المدينة كليا على مدى ثلاثة أسابيع متواصلة من القصف الجوي والصاروخي والمدفعي.يحتفل على أشلاء أجساد أطفال سوريا ونسائها كأنما حررا الجولان من العدو الاسرائيلي او كما دخل حيفا ويافا والقدس.يا له من عار أبناء القصيروكافة المناطق المجاورة للحدود اللبنانية كانوا قد استقبلوا شيعة حزب الله في بيوتهم وقدموا لهم الطعام والمسكن ووقفوا بجانبهم إبان حرب تموز2006 الذي شنته إسرائيل على لبنان.هل هكذا يرد المعروف والحسنة والكرم والتضامن والأمان والأستقبال والأخوة بالغدر والخيانة والقتل والتدمير.هذا ليس غريبا على هذا الحزب الذي حول لبنان إلى جزء من ولاية الفقيه,وجعل من حلفائه السياسيين أقزام خنوعين مذلين ذميين لا حول ولا قوة لهم سوى التمجيد لسيدهم, وتم ألغاء أي دور مؤثر لكافة مكونات المجتمع اللبناني.
وبكل أسف وألم شديد أكدت سابقا بإن أكبر التحديات أمام المعارضة السورية والشعب بإلا ينجح الطاغية تحويل ثورة الشعب السوري المحق في مطالبه بالحرية والكرامة والديمقراطية إلى حرب أهلية وطائفية يهدد كيان الوطن والوحدة الإجتماعية لأبناء سوريا.(والتحدي الأكبرهو كيفية كبح جماح النظام في أستخدام العنف بكل أنواعه ضد المتظاهرين سلميا والمعارضين, وإيقاف القتل والأغتيال وزج الأحرار في السجون,حتى تحقيق إسقاط النظام. وبدون أن يستطيع النظام إلى إدخال البلاد في حالة حرب أهلية والفتنة الطائفية والتدخل الخارجي).من مقالتي بعنوان (المعارضات السورية أمام مفترق الطرق بتاريخ 14-10-2011).نعم لقد تحول البلد إلى ساحة دخلها أجناس بشرية من كل حدب وصوب, والشعب السوري يتحمل كافة المآسي جراء هذه التدخلات.
سلطات الاستبداد جلبت عشرات الآلاف من المرتزقة الأجانب لمحاربة وقتل الشعب السوري بعد أن عجزت القوات الأسدية في مواجهة الجيش السوري الحر وإرادة الصمود لدى المدافعين عن كرامة المواطن. ولذلك أستعان بالقوى الخارجية لكي تمده بالرجال وبكافة أنواع الأسلحة الفتاكة التي تدمر البلد بكل همجية لا يمكن أن يتصورها أي إنسان يملك قليل من الحس الإنساني.الشعب السوري والجيش السوري الحر يخوض معارك بطولية ضد الغزات الخارجيين المحتلين لأجزاء من الوطن الغالي الذين أنتهكوا حرمة الأراضي السورية.ومن جانب آخريسطر الجيش السوري الحر ملاحم بطولية بإمكاناته المتواضعة ومما يتوفر له من سلاح خفيف ومتوسط في مواجهة أعتى أنواع الأسلحة الفتاكة التي يزود بها المرتزقة والشبيحة والقوات الأسدية.ولكن إرادة التحدي والصمود والدفاع عن الحق المشروع لهذا الشعب يجعل هؤلاء الثوار أن يدكوا معاقل سلطة الاستبداد في كل بقعة من أرض الوطن لإنهاء مأساة الشعب السوري.فهم يخوضون حرب الاستقلال والدفاع عن أرض الوطن ضد المرتزقة.ومن أجل تحقيق أهداف الثورة في الحرية والكرامة الإنسانية والديمقراطية وبناء الدولة القائمة على أسس حضارية, لا تميز بين أبنائها حسب إنتماءهم الديني أو المذهبي أو القومي أو السياسي.الشعب السوري يحارب الطاغية والغزات سويا.سيرحل كل الغزات عاجلا أم آجلا, تحت أي ذريعة دخلوا بها في الأراضي السورية,سينهزمون كما أنهزم من قبلهم غزات كثر.لأن النصر دائما وأبدا هو للشعوب صاحبة الحق مهما طال الظلم والعبودية والقتل والتدمير,ستنتصر مبادىء الحرية والاستقلال والكرامة والعدل والمساواة.
ثورة الشعب السوري كشفت حقائق ثابته لكل من يملك قدر من التفكير الحر والمستقل وبغض النظر أن كان مؤيد لهذا الطرف أو ذاك.
زيف إدعاءات الصمود والتصدي,المقاومة والممناعة إذ أكدت أحداث العامين الماضيين من الثورة السورية التحالف السري بين نظام الاستبداد في دمشق وبين إسرائيل. وهذا ما كان واضحا للكثيرين حيث أمن هذا النظام حماية أمن أسرائيل من الجبهة السورية على مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن. وحيث تم ربط بين الأمن والأستقرار في سوريا بالأمن والأستقرار في إسرائيل.
حزب الله الذي سحب ميليشياته من جنوب لبنان للأنخراط في قتل الشعب السوري,لم يكن يحدث هذا إلا نتيجة تفاهمات سرية مباشرة أو غير مباشرة بين إسرائيل وحزب الله .حيث تتعهد إسرائيل بعدم القيام بأي عمل عسكري في لبنان لكي ينجز حزب الله مهامه القتالية على أتم وجه في سوريا والحفاظ على سلطة بشار الأسد وقتل أطفال ونساء الشعب السوري وتدمير البنية التحتية من أجل الحفاظ على المزارات الشيعية.وهذا يصب في خدمة إسرائيل كما سيكون نصرا أيضا لحزب الله أن تم إنقاذ بشار الأسد من السقوط.حزب الله وغيره من القوى الأخرى الداعمة للسلطة الأسدية تنفذ المشروع الأسرائيلي الصهيوني بتقسيم الأوطان على أسس طائفية وزرع الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد وبين الدول المجاورة. وهي تكرس حالة مقيتة ألا وهي حرب الطواءف والأديان في المنطقة خدمة لأهداف الفرس.
أن التدخل من قبل حزب الله وضح مدى تعمق الفكر الطائفي لدى هذا الحزب وهذا ينعكس من خلال كل عمله السياسي والعسكري على الساحة البنانية والسورية وفي بقاع أخرى من العالم تنفيذا لآوامر ولاية الفقيه.
وهذا التدخل كرس حالة الإنقسام الشديد بين أبناء الوطن الواحد ويعيد شعوب المنطقة إلى الحروب الطائفية بين الشيعة والسنة إلى ما قبل ألف وأربعمائة عام وبين أتباع مختلف الأديان.
هذا التدخل قدم خدمة جبارة لأسرائيل, كسر التحالف والتعاون والتضامن الذي كان قائما بين الشعب السوري وبين هذا الحزب والتضامن الأخوي بين الشعب العراقي والسوري.ومن ثم إضعاف ما يسمى المقاومة بتكبدها خسائر فاضحة على الأرض السورية مما سينعكس سلبا على دورها المقاوم الذي تدعية. ولن يستطيع هذا الحزب القيام بإي عمل عسكري ضد إسرائيل مهما حرضته على ذلك في المدى المنظور.وهذا ما يجعل إسرائيل تتابع سيرها نحو التقدم في كافة مجالات الحياة.
التدخل من قبل أيران وحزب الله والميليشيات الشيعية العراقية في سوريا لا يخيف ولا يقلق إسرائيل وأن دل هذا على شيء ما إنما يدل على التحالف السري أو أقله إطمئنان إسرائيل على أمنها بأن هؤلاء جميعا لن يقوموا بإزالة أسرائيل كما يأتي في تصريحات القادة الإيرانيين.لو كانت إسرائيل تتخوف على مستقبلها وكذلك لو تخوف الغرب وخاصة أمريكا على إسرائيل لما تركت الحلف الشيعي يقوى أو الهلال الشيعي الذي يمتد من أيران والعراق وسوريا ولبنان.والذي يحيط بإسرائيل من كل الجهات هل يعقل أن تدع إسرائيل وأمريكا أن ينجح هذا المشروع أي مشروع ولاية الفقيه والتحكم بمنطقة الشرق الأوسط كخطوة آولية,ومن ثم الأنطلاق نحو العالم أجمع. إذا كان هذا يشكل خطرا على وجود اسرائيل أليس من المنطقي وخاصة في هذه الظروف أن تقوم اسرائيل وأمريكا والغرب بتسليح ودعم المعارضة السورية من أجل أسقاط هذا الحلف عبر أسقاط بشار الأسد من السلطة.
ثورة الشعب السوري تقف يتيمة في مواجهة قوى عديدة كما ذكر,ولكن الشعب السوري لا أصدقاء حقيقيين له على الساحة الدولية.لقد حرم الشعب السوري من كافة وسائل الدفاع الجدية عن نفسه, بالدرجة الأولى ممن يدعون أنهم أشقاء الشعب السوري.ولم يمنح هذا الشعب إلا حفنة من النقود للأستمرار في القتال من أجل أن يموتوا وأن لا يحققوا أي نصر على النظام. ولم يسمعوا إلا تصاريح نارية وجعجعات كلامية فارغة, أستخدمت من قبل السلطة الأسدية وحلفائه لقتل المزيد من أبناء الشعب السوري ومن أجل الأستخدام الأعنف من كافة أنواع الأسلحة بما فيها الكيمياوي ومزيد من التدميرلسوريا.
الخلافات بين الدول الذين يدعون بأنهم أصديقاء الشعب السوري وأشقائه ترك أثرا مدمرا على الشعب السوري وذلك بسبب التناقض بين أهدافهم السياسية وأستراتيجياتهم لمسقبل المنطقة ومن أجل تحقيق أهدافهم ومصالحهم الأنانية على حساب حياة الشعب السوري من خلال بعض المجموعات الموالية لهذا الطرف أو ذاك سواء منها السياسية أو العسكرية العاملة في الساحة السورية.
الثورة السورية كشفت وبشكل قاطع مدى إرتباط الأنظمة العربية وتركيا باالقرارالصهيوني الصادرعبرالإدارة الأمريكية وعدم الأستقلالية والخضوع التام بما تمليه السياسة الأمريكية بدون إستثناء مهما أطلقت على نفسها هذه الدول من أوصاف,الصمود والتصدي والممانعة والمقاومة والملكيات والمشايخ والجمهوريات.أن تسليح المعارضة أو تقديم أي دعم فعلي يغير من موازين القوى على الأرض لصالح الشعب السوري لن يأتي إلا بقرار خارجي من إسرائيل عندما يحين الوقت المناسب لذلك.
ولا بد من القول بأن الشعب السوري قام بثورة حقيقية حتى ولو لم تحقق أهدافها حتى الآن. وهذا ما يزعج الكثيرين في العالم بأن ينتفض الشعب السوري من تحت نير الاستبداد والطغيان ويواجه أعتى أنواع الأسلحة بوسائل بسيطة جدا وفي البدايات بصدور عارية.أن التحول الديمقراطي العلماني وبناء دولة المؤسسات والدستور العادل الذي يقر بمساواة أبناء الوطن بغض النظر عن إنتماءاتهم الدينية أو القومية أو الطائفية, دستور يقر الأعتراف بالهوية الإثنية للآشوريين السريان والكرد واليزيديين والأرمن وبقية المكونات إلى جانب العرب لا يرضي من يقفون في وجه حقوق الشعوب من دول وقوى سياسية قومية ودينية شوفينية.
العالم يتقدم في كافة مجالات الحياة نحو الرقي والتقدم وتحقيق المزيد من الحرية وحقوق الإنسان والمساواة والرفاهية.وكذلك إبداعات فكرية علمية وأختراعات تخدم البشرية, وإنتاج أدوية جديدة للتخفيف من معانات البشر وآلامهم. وإبداعات ثقافية أدبية تسمو فيه الروح الإنسانية المسالمة المتسامحة المحبة.بينما تعيش بلدان الشرق وغيرها من الدول الأسيوية والأفريقية في الظلمات حيث هناك فكر ينتج ثقافة الموت والشروروالإرهاب والقتل والطائفية والصراع الديني والتعصب بكافة أشكاله.أعمال أجرامية وممارسة العنف و الطغيان, وسلطة تقام بحد السيف المسلط على الرقاب وأنظمة الاستبداد والقتل, ومنظمات إرهابية تفتخر بجز الأعناق.يا له من هول فظيع تعيشها هذه الشعوب المغلوبة على أمرها في عالم يخيم عليه الجهل وينعدم لدية منطق التفكير وتغيب عنه معرفة الحق والحقيقة. ويتيه في عالم الجهل والشرور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز