الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


و لكم في القلب - ونة- يا أهل الخصيمة

حسن سامي

2013 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



بالامس عرجت روحي في اغوار ايام مضن من حياتي الى حيث ذلك المكان الذي نشأت فيه و الاصدقاء الطيبين في الخصيمة، كنا شلة مثقفة نتسامر يوميا ما بعد الدوام نتحاور ، نتناقش في كل شيء لم اذكر اننا اختلفنا يوما من الايام. لقاءاتنا باتت روتين يومي لابد منه الا لعذر خارج عن اراداتنا. اخر لقاءاتنا كنا نجلس معا على (محجر الشاطي) مقابل مقهى قدوري (ابو عماد رحمه الله) نضحك بقهقه مسموعة.

كنت مستغرقا في النوم على سطح منزلنا الصغير قرب مركز شرطة الخصيمة انذاك، ازعجتني دقات الجرس ، يا ربي من جاءنا في هذا الصباح فوضعت القطن في اذني و غطيت رأسي ثم دسست انفي في الوسادة. لم اكن اعلم ان القدر قد خبأ لي امرا ما حتى ايقضتني امي بوجه يطرح العديد من التساؤلات ( يمة هناك شرطي في الباب يريدك)، قلت شرطي في هذا الوقت ، قالت نعم، فقلت لها ( مفرزة لو لوحده) قالت لا انه لوحده.

نزلت من الدرج وكانت دقات قلبي تتسارع ثمة هناك شيء قد حدث، و لكني لم اكن خائفا لاني خمنت من يكون هذا الشرطي الذي تربطني به علاقة طيبة. وجدت الشرطي قد وضع قدمه على عتبت باب الدار و قال ( لا تخرج، الامن لمو ربعك كلهم كلهم و لا واحد بقة ، شوف لك مخرج و افلت) ، يا للهول ، خبرا كالصاعقة صدع رأسي من الصدمة ، فقلت لماذا ؟ فغادر دون ان يجيبني.

اخبرت والدتي والدي رحمه الله بالامر و لكني لم ارغب ان اخبرهم بشيء كي لا يقلقوا علي و حقيقة لم اكن اعرف سبب اعتقال شلتي اللذين كنت اصغرهم سناً. كان والدي لماحا ذكيا شديد الفطنة فطلب مني الذهاب معه لتناول (الريوك) من ديوان ابو الشوربة او كاطع ابو الكباب. لم يكن والدي رحمه الله شخصا عاديا بل كانت ثريا و له جاه في المدينة، ركبنا معا سيارته المميزة انذاك (فولفو 1982) و غير طريقه المعتاد و لفت انتباهي حينها انه لا يقصد ديوان ابو الشوربة رحمه الله، بل قصد مكان اخر و سألني ما الذي حد؟ فجهشت بالبكاء و قلت الله الله ( يا بويه ) الله ارحم الراحمين رحمته وسعت كل شيء، فسقطت دمعة من عين والدي رحمه الله ثم وضع رأسي على صدره و قال ( لا تخونك شجاعتك انت بن عشيرة فرسان) ، ثم قلت له لقد تم اعتقال استاذ صالح و سالم عكلو ساجت (اعلامي حاليا) و نعيم شريف و لا اعرف سبب اعتقالهم، و لكنك تدري اجراءات الامن ( يلمون ) كل الاصدقاء و الاقرباء.

لم اكن خائف على نفسي و لكني كنت قلقا عليهم و في ليلة وضحاها تتحول من شخص امن الى مشكوك فيه او مراقب ، الله الله على تلك المشاعر و انا اخرج من الديوانية اترقب. ( تريكنا) في مكان غير متوقع ، ثم دخل بي الى داخل موقع الديوانية العسكري الى مواقع عمل احدى مقاولاته الكبيرة انذاك و زج بي وسط نحو (1000) عامل مصري و قال انتظر حتى تأتيك اوامري. خمنت ان والدي يريد ابعادي خارج المدينة خصوصا انه كان يملك عددا لا يستهان به من سيارات الحمل هنا وهناك. بالفعل هذا ما حدث طلب مني مرافقة سيارات الحمل الى مواقع التحميل في بدرة و جصان ( حيث كانت الحرب مع ايران مستمرة انذاك ) و هذا الموقع يعد من خلفيات القطعات العسكرية على ان لا ابيت به اكثر من يوم او يومين ثم اتحول الى ذراع دجلة و النباعي و (شبجة حيث الحدود مع السعودية) و ان لا ادخل الديوانية الا بأمر و قد لايكون سوى يوم واحد في الاسبوع.

الى هذه اللحظة لا اعرف ما حدث مع استاذ صالح و سالم ونعيم الى ان اخبرني احد الاشخاص بالصدفة ان بعض الاشخاص من الديوانية اقتحموا فرقة حزبية و قيدوا من فيها بما فيهم البعثي البارز (علي زيارة) و اخذو كافة الاسلحة، و لكنهم لم يقتلوا احد. فقلت هل تم التعرف عليهم قال لا ادري و لكن يقال انهم نخبة مثقفة.

كنت اتمنى ان لا يستمر هذا الحال طويلا ، فأما الهروب خارج الوطن و أما الخضوع للامر الواقع و انتظار ما يخفيه عن قدري. فاجئني والدي بالحضور الى موقع بدرة و جصان و طلب مني العودة الى المنزل ، فقلت له ماذا حدث اجابني بصوت حزين " لقد حكموا على صالح بالاعدام و نعيم بالسجن المؤبد و سالم خمسة سنوات) قلت و ما التهمة الموجهة اليهم ، قال (الانتماء الى حزب الدعوة العميل)، قلت له انهم لم يحدثوني قط حول هذا الموضوع و كانوا يستأنسون بأحاديثي معهم، قال و هم (شبعوا طن كتل و تعليك و كهرباء ) و لم يذكروا اسمك

فارقنا صالح الذي كانت اللغة العربية تسيل من لسانه سيل العسل من خلية نحل ، دماثة اخلاقه و ادابه و ابتساماته ، عودنا على ان نقرأ و على ان نحب الناس ونحب الوطن. سجن نعيم مع حسين الشهرستاني في زنزانة واحدة و طلبت من والده حجي (اشريف) الذهاب لزيارته فقال رحمه الله ( كن بعيدا افضل لك) ، خرج سالم من السجن بعد مدة فذهبت لزيارته و سألته بصوت خفي ( هل كنت طرفا بالموضوع) قال والله ( علمي علمك) اي لا يعرف شيئا ، و ماذا عن نعيم ، قال نعيم مصدوم لانهم وجدوا في طيات صفحات احد دفاتر الدراسة مخططا حمل على انه مخطط الهجوم على الفرقة.

عام 1991 حدثت الانتفاضة الشعبانية فاطلق سراح السجناء و المعتقلين حتى سجن ابو غريب حيث المكان الذي يقضي فيه نعيم محكوميته قد هرب سجناءه الا نعيم الذي كان يخشى من ان يصيب الضرر عائلته. اطلق سراح نعيم لعدم هروبه من السجن و عاد الى الخصيمة و لم يستقبله احد سواي و جيرانه لانه لم يكن يعلم ان والده ثار مع الثائرين في الانتفاضة الشعبانية و قد هدم داره و هربت كل العائلة ، مأساة نعيم ما بعدها مأسات من لا أمل الى بصيص أمل الى لا أمل.

لم يرغب سالم الاحتكاك بأصدقاءه من جديد لكي لا يقعوا في الشبهة و غادرنا نعيم الى السماوة و انقطعت اخباره عنا.

قبلة لأقدامكم ايها الطيبون الابات و رحم الله الاستاذ صالح لقد كنتم عنوانا للشرف و الشهامة و الوفاء طيب الله الثرى الذي سارت عليه اقدامكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صور أقمار اصطناعية تظهر النزوح الكبير من رفح بعد بدء الهجوم


.. الفيفا يتعهد بإجراء مشورة قانونية بشأن طلب فلسطين تجميد عضوي




.. مجلس النواب الأمريكي يبطل قرار بايدن بوقف مد إسرائيل ببعض ال


.. مصر وإسرائيل.. معضلة معبر رفح!| #الظهيرة




.. إسرائيل للعدل الدولية: رفح هي -نقطة محورية لنشاط إرهابي مستم