الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تنقذ إيران الغرب مرة أخرى؟

مجدى خليل

2013 / 6 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



يبدو أن دائرية حركة التاريخ تعود بدورتها مجددا إلى منطقة الشرق الأوسط ، وقد بدأت هذه الدورة الجديدة للتاريخ فى الشرق الأوسط بأحداث 11 سبتمبر 2001،والتى اعادت تاريخ الشرق الأوسط مرة أخرى إلى جولة عدوان جديدة ضد الغرب قادمة من هذا الشرق ضمن جولات الصراع بين الإسلام والغرب.وكأن المشهد يعود عدة قرون إلى الوراء، يعود دور إيران ثانية كممثلة وقائدة للإسلام الشيعى فى مواجهة مع تركيا المتطلعة لإعادة قيادة الإسلام السنى ، ويبدو أن هذا التنافس والصراع على الهيمنة بعد ذلك سيشغل المنطقة عن تصدير الإرهاب للغرب وبالتالى سيتقلص حجم الإرهاب الإسلامى المصدر للغرب، نفس الشئ تكرر تاريخيا نتيجة للصراع بين الدولة الإيرانية الصفوية والدولة التركية العثمانية والذى أستمر لمدة 166 عاما أنهك الإيرانيون خلالها الدولة العثمانية وقلصوا بدرجة كبيرة جموحها وغزواتها الموجهة لاوروبا حتى أن بوزبق سفير الامبراطورية الرومانية المقدسة فى اسطنبول وقتها ذهب إلى القول بأن التهديد الفارسى وحده هو الذى أنقذ أوروبا من الغزو التركى الوشيك لها،إذ استمر القتال بين العثمانيين والفرس حتى القرن التاسع عشر، وعندها لم يعودا يمثلان تهديدا لأى أحد فيما عدا رعاياهما كما يقول المستشرق البارز برنارد لويس..دعنا نوضح الفكرة أكثر.
بسقوط القسطنطينية فى يد العثمانيين عام 1453 كان ذلك نقطة تحول خطيرة وعلامة بارزة على سقوط الأمبراطورية الرومانية الشرقية المقدسة ،بل وسقوط المسيحية الشرقية فى يد الغزاة المسلمين.التفت العثمانيون بعد ذلك صوب أوروبا لإسقاطها وحققوا انتصارات ونجاحات عبر غزوات فظيعة وشرسة تركت أثارا مدمرة على نواحى عدة فى أوروبا وتركت أكثر مرارة تاريخية أوروبية تجاه ما يسمى بالخلافة الإسلامية، والتى هددت أوروبا كاملة بالسقوط مرتين على الأقل خلال تاريخ تلك الخلافة. على أن عددا من العوامل هو الذى اعاد الآمل لأوروبا ومن ثم مثل ضربات قاسية لتلك الخلافة العثمانية حتى اصبحت رجل أوروبا المريض.
الضربة الأولى جاءت من أسبانيا عام 1492 بطرد آخر معاقل المسلمين منها، وقد مهد ذلك لفتوحات أسبانيا البحرية بعد ذلك والتى أدت إلى خنق العرب والمسلمين الأتراك.
الضربة الثانية جاءت من روسيا، فبعد سقوط روسيا فى يد التتار المسلمين بزعامة الخان الأكبر عام 1240 وقعت روسيا تحت الحكم الإسلامى حتى أواخر القرن الخامس عشر، وبعد استقلال روسيا بدأت توجه ضربات عنيفة للأمبراطورية العثمانية وحققت انتصارات عدة عليها أنتهت بتوقيع معاهدة رادزين عام 1681 حيث تخلى الأتراك بموجبها على أوكرانيا للروس ووافقوا على منحها حقوقا تجارية فى البحر الأسود. وفى عام 1774 اضطرت تركيا على عقد معاهدة أخرى مع الروس وهى كوشوك كايناركا حيث اعطت للروس حقوقا بالتدخل فى الأمبراطورية العثمانية وضم جزيرة القرم للروس.
الضربة الثالثة للعثمانيين جاءت بهزيمتهم النكراء عند اسوار فيينا بعد أن حاصروها للمرة الثانية فى الفترة ما بين 17 يوليو إلى 12 سبتمبر 1683، وكانوا قد حاصروها للمرة الأولى عام 1529،وكانت هزيمة نكراء تم سحق الجيش العثمانى خلالها وتكبيده خسائر فادحة.
الضربة الرابعة جاءت من الدولة الإيرانية الشيعية الصفوية التى أسسها إسماعيل الصفوى(1501-1524)، ففى الوقت الذى سقطت مصر بسهولة فى يد العثمانيين عام 1517 وعلق سليم الاول طومنباى على باب زويلة، قاوم الإيرانييون تركيا وحرموها من إسقاط إيران بل تحولوا إلى عدو شرس حارب العثمانيين كما ذكرت لمدة تربو على 166 عاما أنهكوا خلالها الخلافة العثمانية وحرموها من مواصلة انتصاراتها على أوروبا، وهكذا ساعدوا أوروبا بطريقة غير مباشرة بإبعاد عدوهم التركى اللدود وانهاكه واضعافه.
الجدير بالملاحظة أن الإسلام الشيعى لم يشكل تهديدا للغرب نهائيا على مدى تاريخه، بل الذى مثل الغزو والتهديد هو الإسلام السنى بقيادة دولة مركزية قادت الخلافة الإسلامية. الملاحظة الأخرى أن غياب دولة مركزية عسكرية تقود الإسلام السنى فى العقود الأخيرة أدى إلى ظهور ما يسمى بالإسلامية الدولية وذراعها العسكرى الجديد هو الإرهاب الدولى، وبالتالى كان نصيب الشيعة من الإرهاب الدولى الجديد الموجه للغرب محدودا، وجل نشاطهم يتركز فى تقوية أوضاع الأقليات الشيعية فى الدول السنية.
يا لمكر التاريخ عندما يصنعه الماكرون، عاد الفرقاء القدامى إلى ملعب الشرق الأوسط مرة أخرى فى لحظة تاريخية مختلفة. بعد 11 سبتمبر 2001 خطط الغرب لنقل المعركة برمتها إلى ملعب الشرق الأوسط بعيدا عن أراضيه،سواء بالحروب أو بمساندة الإسلاميين لحكم بلادهم وإشغالهم بالصراع السياسى وبعد ذلك بالأقتتال الداخلى، عن تصدير كرههم وعنفهم وإرهابهم للغرب. بعد ما يسمى بالربيع العربى عاد الفرقاء بالجملة إلى الملعب. أردوغان الخليفة العثمانى المتخفى الذى رفض بخبث تتويج الاخوان المسلمين له خليفة فى أول زيارة له لمصر بعد سقوطها فى يد الإسلاميين عاتبا عليهم فى قرارة نفسه هذا التسرع العلنى الذى يخيف العالم من عودة شبح الخلافة ولكنه فى داخله يعمل ويخطط لقيادة تركيا للعالم السنى مرة أخرى. وسقطت تونس وبعدها سقطت مصر وليبيا واليمن فى يد حلفاء أوردوغان واتباعه، وجاءت لحظة حلم بناء الأمبراطورية العثمانية بتسارع الرغبة والمشاركة التركية لإسقاط سوريا، عند هذه اللحظة قام التاريخ من مرقده ليرجع مشهد الصراع عدة قرون للوراء. إيران التى ادركت على الفور أن سقوط سوريا موجه لها وللشيعة بالدرجة الأولى، روسيا التى استشعرت خطورة الأحلام الأوردغانية عليها وعلى العالم، الغرب الذى يشجع ويرغب فى اطالة الصراع بعيدا عن أراضيه. أى أن لحظة الحقيقة تجلت على أرض سوريا، الصراع الصفوى العثمانى، الصراع السنى الشيعى، الصراع الروسى التركى، الصراع الغربى الإسلامى، الصراع الكردى العربى، الصراع العربى الإسرائيلى،صراع القوى العظمى على تشكيل قواعد جديدة للعبة....... بأختصار فأن نتائج الحرب على أرض سوريا ستحدد شكل الشرق الأوسط.
فى تقديرى أن احلام أوردوغان العثمانية القديمة ستسقط على أرض سوريا، فإيران وحزب الله وشيعة العراق بل والشيعة عموما لن يسمحوا ابدا بسقوط سوريا كاملة فى أيد الاخوان بزعامة أوردغان وأن يعودوا اقلية مضطهدة ومهمشة كما كانوا طوال التاريخ الإسلامى ،وروسيا لن تسمح بذلك أيضا وتحرم نفسها من موطئ قدم فى المياه الدافئة فى طرسوس.والسنة بقيادة تركيا لن يقبلوا بهزيمة كاملة للعالم السنى على أرض سوريا، والنتيجة ستكون تقسيما متوقعا ليس لسوريا فقط ولكن للعراق أيضا، وهذا سيمنع أى طرف من أن يحقق أنتصارا ساحقا على الطرف الآخر أو يتعرض لهزيمة ماحقة. الضحية الاكبر من جراء هذا الصراع ستكون الأقليات غير المسلمة فى الشرق، والفائز الاكبر سيكون الغرب وإسرائيل.
ويبقى السؤال هل هذا السيناريوا كان مخططا له فى الغرب بهذا الشكل؟ أم أن مرارات التاريخ افرزت أو سارعت بهذه الجولة من الصراع مرة أخرى؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق على سؤالك.
أحمد حسن البغدادي ( 2013 / 6 / 10 - 00:37 )
تحية أستاذ مجدي.

أنت تسأل السؤال التالي؛

( السؤال هل هذا السيناريوا كان مخططا له فى الغرب بهذا الشكل؟ أم أن مرارات التاريخ افرزت أو سارعت بهذه الجولة من الصراع مرة أخرى؟ )

الجواب؛

إن غباء وعنجهية الغرب، بل ودعم الغرب، هو الذي سمح بوصول هؤلاء الإرهابيين إلى الحكم، وإنتشار الإرهاب في العالم، فهم منذ الحروب الصليبية، يصم الغربيون آذانهم عن فهم الإسلام، وبالتالي إلى خطورة تواجد المسلمين على أراضيهم.
بل على العكس، نجد إنفتاح الغرب على المسلمين أكثر من إنفتاحهم على مسيحيي الشرق، فأغلب الوظائف تعطى للمسلمين، مع فتح الكثير من الأبواب، كالمراكز القيادية في الأحزاب، والمخابرات والجيش، مع تهميش واضح للجاليات المسيحية، صاحبة الخبرة مع الإسلام ومقاصده الشيطانية في السيطرة على أوروبا وأمريكا، رغم تحذيرات جميع الجاليات الغير مسلمة من الإسلام.

تحياتي...


2 - تفاءلوا بالخير تجدوه!!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 6 / 10 - 04:20 )
ان لواء التوحيد الذي يرفرف على مقرات البعثات الدبلوماسية السعودية في انحاء المعمورة هو دليل خير يبشر بان آل سعود هم المخولون لقيادة العالم الاسلامي وستكون القيادة من مكة او المدينة او الرياض وليس من اسطنبول او انقرة لان لا المسلمين السنة ولا الغرب سيسمح بذالك ولا حتى الاتراك الذين خمرت عقولهم العلمانتية وحلاوتها يحبون الرجوع مئاة السنين الى الوراء.اما عدم رغبة الغرب بقيادة تركيا للعالم الاسلامي هو ان المذهب الحنفي ليس كـ المذهب الوهابي لان المذهب الوهابي هو صنيعة الغرب على يد مؤسسيه (محمد بن عبد الوهاب وهنفر وعبد الله فيلبي) وكان اهم اهدفه هو ضرب الاسلام من الداخل خدمة للمصالح الغربية و كما هو حاصل الآن كـ تمويل الارهاب واصدار الفتاوى متى ما اقتضت الحاجة والتعاون الوثيق بيته وبين الصهيونية. ولا ننسى البرتكول الاسلامي وبالاخص الوهابي وحتى الشيغي اللذان لا يسمحان لغير القرشيين لقيادة الامة (الخلافة في قريش ما بقي منهم اثنان) وما قبول ايران الشيعية بقيادة الولي الفقيه الا لكونه ممثلا للسلالة القرشية. اما العامل الثاني الذي يؤهل آل سعود لقيدة العالم الاسلامي هو كونهم ظل الله في الارض


3 - تفاءلوا بالخير تجدوه ـ 1!!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 6 / 10 - 04:20 )
ظل الله في الارض والخارج عليهم كـ الخارج على الله ورسوله مهما ارتكبوا من آثام ما لم يمنعوا من تادية واجب كـ الصلاة والحج وتفصير الثياب واسبال اللحى وتخمير النساء ويسعون لبناء مخدرات عقلية كـ انشاء المساجد والمعاهد لتعليم المذهب الوهابي حصرا لانه الافيون الفعال في عقول معتنقيه وهو ما يريده الغرب لانه بهذا يضمن تامين مصالحه. هل رايتم دورا مشرفا للجيش السعودي غير الاعتداء على جيرانه كـ اليمن ودول الخليج واحتلال اراضيها؟؟.اما العامل الاهم هو امتلاك الثروة النفطية وهي السلاح لشراء الضمائر وكما قال الحسين بن علي شهيد الطف ( الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم يدرونه ما درت معائشهم واذا محصوا بالبلاء قل الديانون).اما تركيا ربما ستكون اليلد الضاربة والمناوئة لايران بحكم الجوار مقابل الاموال السعودية ولو انا نشك بان شعبا خلع لباس الدين من حكمه يعود لارتدائه مرة ثانية وهو يعلم الضرر المترتب عليه.هذا ما يريده الغرب وما الحرب في سوريا الا ربما مقدمات لمشروعه لكن هل ينجح ؟؟؟؟.
هنيئا للعرب والمسليمن ببشائر بزوغ بدرالخلافة الاسلامية من ارض الحجاز بقيادة آل سعود والحليف الاكبر امريكا.


4 - ذاك زمان مضى وانقضى!!
سميح الحائر ( 2013 / 6 / 10 - 04:47 )
الاخ الكريم ذاك زمان مضى وانقضى. الغرب ليس بحاجة لا الى ايران ولا الى تركيا لانقاذه لان من يملك القوة لا يحتاج الى غيره لانقاذه وانما هي السياسة. الغرب يمتك السلاح المادي والمعنوي اما المعنوي هو اللعب على عقول المدجنة عقولهم باسم الدين والقومية كي يجعلهم يتقاتلون مع بعضهم البعض خدمة لمصالحه بدون ان يخسر يورو واحد او نفس واحدة.من هو العدو الآن؟؟. العدو هي ايران الصفوية والصديق هي اسرائيل الصهيونية لماذا؟؟. لان العقول المدجنة بافيون الدين والتي تتقاتل على من في القبور هو من السهل استغلالها فيما يقتضيه مصالح الغرب. ومما يزيد في الطين بلة هو ان المسلمين يرون ان ولاة امورهم ارباب لا يجوز الاعتراض عليهم وهم يرونهم اداة بيد الغرب والصهيونية .تقسيم المقسم وتجزيء المجزء هو الهدف من كل هذه الفوضى ولا عزاء لخير امة اخرجت للناس كما يدعون.


5 - كيف خطط الغرب ؟
وليد مهدي ( 2013 / 6 / 11 - 10:27 )
ارجو من الكاتب المحترم ان يعيد قراءة صدام الحضارات لصموئيل هنتغتون قبل ان يكتب عن الغرب وخططه وعلاقاته الجيوسياسية

الكتاب صدر بحدود العام 1996
وهناك نسخ عربية مترجمة

ستجد ان هنتغتون استبعد السعودية من ان تكون قائد للامة لانها وهابية متشددة لن تقبلها الشعوب
واستبعد ايران لانها شيعية مخالفة في المذهب
واستبعد مصر رغم امتلاكها كل المقومات لانها ضعيفة اقتصاديا

لكنه ... وضع اصبعه على تركيا ...!!

كان يقول للغرب منذ ذلك التاريخ عليكم بتركيا لتجعلوها تقود العالم الاسلامي كالغنم في سبيل مصالحكم

الذي حصل , تركيا تورطت بالمشروع ولا يمكن للشعب التركي قبول الجلد الاسلاموي او اقلها سيحدث ذلك شرخا كبيرا

ثانيها ايران استوعبت الصدمة ومخططات صناع القر ار وواضعي الاستراتيجيا .. وهي الان في طريقها لتكون القوى العظمى في الشرق الاوسط بدلا من اسرائيل

تجري الرياح بما لم يشتهي الغرب وهنتغتون

اخر الافلام

.. من ساحة الحرب إلى حلبة السباقات..مواجهة روسية أوكرانية مرتقب


.. محمود ماهر يطالب جلال عمارة بالقيام بمقلب بوالدته ????




.. ملاحقات قضائية وضغوط وتهديدات.. هل الصحافيون أحرار في عملهم؟


.. الانتخابات الأوروبية: نقص المعلومات بشأنها يفاقم من قلة وعي




.. كيف ولدت المدرسة الإنطباعية وكيف غيرت مسار تاريخ الفن ؟ • فر