الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعتدال والوسطية ... بلا تشويه !!

شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي

(Shakir Kitab)

2013 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يجري في سوق السياسة العراقية في وقتنا هذا تداول بعض المفردات النفيسة والغالية القيمة والثمن بطبيعتها لكنها تطرح اليوم بأسعار زهيدة وأحيانا وتافهة. ولا غرابة فلقد شمل الخراب اللغة ومفردات القواميس. فباتت تفسر مصطلحات جليلة خطيرة بطرق ما أنزل بها الله من سلطان.
من هذه المفردات التي يبخس حقها بعض السياسيين كلمتان : الإعتدال والوسطية.
وأنا شخصيا أشعر انني معني أكثر من أي سياسي آخر بالتوقف عند هاتين المفردتين كي أفسر إعتدالي إن كنت معتدلا ووسطيتي إن كنت وسطيا.
الاعتدال الذي أفهمه وأمارسه يعني :-
1- الإصطفاف الكامل واللا مشروط إلى جانب شعبي كله بكل قومياته وبكل أديانه ومذاهبه وطوائفه.
2- عدم الإنجرار وراء الدعوات الطائفية الكريهة مهما كان مصدرها.
3- عدم القبول بفكرة تقسيم العراق إلى اقاليم خاصة على أسس طائفية.
4- الرفض المطلق لتدخل دول الجوار بالشأن العراقي مهما كانت درجة ونوع العلاقة مع هذه الدولة.
5- رفض العنف والإرهاب والتجمعات المسلحة مهما كانت تبريرات القائمين عليها لأنني أحمل قناعة لن تتزحزح: إن أسرع وأسهل خدمة يقدمها لك السلاح هي الجريمة. عليه أؤمن أن السلاح والخدمات الأمنية من واجبات الدولة فقط ومؤسساتها والمتمثلة بوزارة الداخلية حصرا. أما وزارة الدفاع فمهمتها حماية العراق كله من أي عدوان خارجي وقد يكون من واجبها أيضا حماية الدستور والدولة لكن لهذا الأمر حديث آخر.
6- أؤمن بالقانون والدستور كنواميس عليا تنتظم في ضوئها الدولة والمجتمع بكل مؤسساتهما ونشاطاتهما اليومية. ولن أتردد في إلإعلان عن عدم قناعتي ورضاي عن دستورنا الحالي لذلك ومن سمات اعتدالي مطالبتي الدائمة بتعديله وسأبقى أعمل على تعديله.
7- أؤمن بوحدة العراق أرضا وشعبا ودولة. هذه الأقانيم الثلاثة مقدسة والمساس بها خيانة. وهذا الثلاثي المقدس تتكامل أجزاؤه مع بعضها لتشكل كلا ثابتا لا يقبل القسمة على أي رقم سوى على نفسه.
8- ألتزم التزاما تاما بالآداب السياسية. وأقصد هنا فن إدارة الصراع وأدب التواصل مع الحلفاء والخصوم ومن أختلف معهم وفقا لأصول وآداب التواصل في العلاقات الاجتماعية ذاتها. لذلك فالسباب ليس من شيمتي ولا الكلام البذيء من لغتي.
9- وهذا لا يمنعني أبدا من أن أعلن موقفي صراحة وبجرأة أمام كل الأطراف بلا خشية ولا تردد حتى لو كنت عند سلطان جائر. ولقد تعرضت لما لا يتعرض له الكثير من الناس من أذى وخسائر جراء هذا الحقيقة.
10- أصطف بالكامل إلى جانب المتظاهرين والمعتصمين في المناطق الغربية والناصرية وفي أية محافظة أخرى وسابقى معها ما دامت :-
- سلمية ترفض العنف.
- نزيهة لا تخضع لتوجيهات ودعم الخارج.
- وحدوية لا تنادي بتقسيم العراق.
- وطنية ترفض الطائفية.
- عقلانية تبتعد عن المستحيلات.
- ذاتية: قياداتها تنبثق من بين صفوفها لا تسمح بركوبها من قبل الإنتهازيين والوصولويين من الساسة !! الفاشلين والمتاجرين بمصائرنا.
- عملية وتقبل بالتفاوض من أجل الحل لا التظاهر من أجل التظاهر.
11- أؤمن بوحدة العراق كما أؤمن بوحدة كتاب الله. فالقرآن كل واحد لا يمكن الإيمان ببعضه والكفر بالبعض الآخر. كذلك الوطن – العراق لا يمكنني أن أؤمن أو أحب أو أنتمي لجزء منه دون بقية الأجزاء.
12- أرفض التخلف والهمجية والتجهيل المتعمد للناس باسم الأديان والمذاهب وأؤمن بالحضارة والتقدم والحداثة دون المساس بالمقدرات العامة والشعائر والطقوس.
13- أرفض الاعتقالات الكيفية والعشوائية والتهجير والمفخخات والعبوات والأحزمة الناسفة وكواتم الصوت والإغتيالات والإجتثاثات والتصفيات وأعتبرها كلها من مفردات قاموس لا وطني ولا إنساني.
14- أطالب بإعادة الحياة لكل أنشطة الاقتصاد العراقي: الصناعة – الزراعة – التجارة – الخدمات – السياسة المالية والنقدية.
15- أطالب وأعمل على تأسيس دولة المواطنة المدنية الديمقراطية الحضارية التي توفر للمواطن حقوقه الثابتة غير القابلة للنقاش أبدا في: الأمن التام وكل ظروف الحياة الآمنة المستقرة والعمل والسكن والخدمات الشاملة مثل الصحة والتعليم والكهرباء والماء والشوارع والنقل ومن ثم الكماليات العامة والخاصة.
16- أما الوسطية فهي لا تخرج عن شروط الاعتدال المذكورة أعلاه عندما تقع أزمة بين أبناء شعبي ومذاهبه وقومياته. فيبقى الصالح العام هو الهاجس الأكبر لدي وعدم الانحياز العشوائي لأي طرف بل بالوقوف الصريح والمعلن ضد الباطل ومع الحق ومناصرة المظلوم ضد الظالم والضحية ضد الجلاد.
17- والوسطية تعني البحث عن المشتركات بين الأطراف وصولا إلى القاسم المشترك والذي بالإمكان التعاون والعمل على تحقيقه سوية.
18- والوسطية تعني تأجيل المختلف عليه ودفعه إلى الخلف وتقديم المتفق عليه والعمل بموجبه.
19- وبهذا تكون الوسطية هي البحث عن الحلول الوسط التي لا تلغي المطالب الأخرى لكنها تؤجل الخلاف بشأنها والتأجيل لا يعني ابدا التسويف والفرق بينهما كبير. إذ تأجيل الخلاف نأمل منه إيجاد إمكانية العمل على أرضية مشتركة تجمع بين الأطراف لزمن معين كفيل هو الآخر بتنقية الأجواء وتطهير النفوس وتليين القلوب وتفعيل آداب التواصل واللقاء وبالتالي التفاهم بالتي هي أحسن. ويقينا أن هكذا أجواء ستفتح آفاقا جديدة للتعاون والعمل المشترك.
هذا هو فهمي للإعتدال والوسطية .. وكما هو واضح فإن الكثير من القوى الطائفية والمتصارعة تتوزع على جانبي هذه المواقف وتبتعد عنها بمقادير مختلفة لذلك لا ألتقي معها إلا بمقدار اقترابها من هذه المنطلقات كلها أو بعضها.. فإذا تطابقت معها كلها فنشكل كلا واحدا وإذا اقتربت عن بعضها فسنعمل سوية على تحقيق هذا البعض والذي أسميه مشتركا وطنيا . ولن أنجر إلى نظرية إما تؤيدني بالكامل أو أرفضك نهائيا ولا مجال لمنطقة وسطى... كما هو حال الدكتاتور والفاشي الذي يعلن أن من ليس معنا فهو ضدنا.
فالمغالاة في السياسة كمثيلتها في الأديان والمذاهب.. تلغي الآخر وتكفره .. وهنا يكمن ما اصطلح عليه بالتطرف..
بغداد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في الصميم
حامد حمودي عباس ( 2013 / 6 / 10 - 07:39 )


قيم مثلى ، تلك التي الزمت نفسك بالايمان بها استاذ شاكر .. غير أنني بدلا من أن يخالجني الشعور بالارتياح لكوني قد سافرت معك الى حديقة غناء من المعطيات المفقودة حقا من حياة شعبنا ، حاصرني خليط من الألم واليأس واشياء محزنة اخرى لكوننا اليوم ابعد ما نكون عن ما نثرته من صيغ جميلة وضرورية لاستقامة سلوك الفرد ، حاكما كان أم مواطن .
ولثقتي بكونك ، وكما تقول ، متسامحا مع من يخالفك في الرأي ، فانني اهمس في اذنك ، بحقيقة قد تبدو مرة بعض الشيء ، مفادها هو أننا ، نحن المنادين بالاعتدال والوسطية والتمدن في التعامل مع الآخر .. يحسبنا المساكين من ابناء شعبنا مع صفوف المتآمرين على حقوقهم ، هكذا مرة واحدة وعليك ان تقبلها مجردة مني .. ماذا يعني استاذ شاكر لملايين الارامل ومثلهن من المطلقات ، والالاف من العاطلين ومثلهم من اطفال الشوارع أن نكون انا وانت من المؤمنين بالاعتدال والوسطية ؟ .. أليس من حقهم علينا أن ننطق بحقائق ما هو راسب على القاع ، لكي نكون منصفين مع من تسحقهم يوميا عجلات التدمير والموت مرضا وتفجيرا ، وتعب صدورهم من أغبرة الاورام الخبيثه ؟ .. شكرا على سعة صدرك واتمنى ان تقبلني صديقا .


2 - رد
شاكر كتاب ( 2013 / 6 / 10 - 10:06 )
الأستاذ الفاضل حماد
اشكر لجنابك رضاك عني وعما ألزمت به نفسي من مواقف ومباديء وأظنها مشتركة .. غير أنني لم أذكر أن الإعتدال والوسطية والمدنية تقف موقف المتفرج من مآسي شعبنا.. ابدا .. ولقد ذكرت ذلك أكثر من مرة في هذا المقال. أصطف بالكامل إلى جانب شعبي في مآسيه.. وأقف تماما مع المظلوم ضد الظالم ومع الضحية ضد الجلاد.. لكنني لن أنجر إلى أي من الأطراف المتصارعة على الباطل وعلى ايهمتا ألأسرع وألأشطر في ترويع شعبنا وتهميج الغالبية منه باسم المذاهب والأديان.. ويسرني جدا أن أجد حليفل لي بشخصك الكريم.. تحياتي


3 - آهٍ لولا هذا النشاز
علمقة منتصر ( 2013 / 6 / 10 - 10:38 )
هذا ليس اعتدالا حسب رأيي، طبعا. هو انحياز إيجابي لقيم إنسانية نبيلة. قديما قال ابن عربي: -الاعتدال وبال، ولا يكون مع الاعتدال إلا دوام الحال-. غير أني، ورغم تثميني لهذا الموقف الكبير، أراني أشعر بشيء من المغص في بطني عندما تتنازل في النقطة 11، وتكتب - كما أؤمن بوحدة كتاب الله. فالقرآن كل واحد لا يمكن الإيمان ببعضه والكفر بالبعض الآخر.-. لأن هذا القرآن يحوي بين دفتين كما هائلا من المواقف غير المتسامحة لا يمكن بأي صفة من الصفات أن ندرجها ضمن نقاط الاعتدال التي جئت عليها في مقالك. وهذا الكتاب يتحمل مسؤولية كبيرة في غياب الاعتدال في كل بلادنا، لأن جميع الفرقاء يجدون فيه ما يبرر عنفهم وإرهابهم ورفضهم لقيم المواطنة والحداثة والحرية التي يعشقها المعتدلون أمثالك. هل أنا في حاجة إلى تقديم الدليل، خاصة وأنت تقول -... فالقرآن كل واحد لا يمكن الإيمان ببعضه والكفر بالبعض الآخر.-؟ تحياتي


4 - آهٍ لولا هذا النشاز
علمقة منتصر ( 2013 / 6 / 10 - 10:38 )
هذا ليس اعتدالا حسب رأيي، طبعا. هو انحياز إيجابي لقيم إنسانية نبيلة. قديما قال ابن عربي: -الاعتدال وبال، ولا يكون مع الاعتدال إلا دوام الحال-. غير أني، ورغم تثميني لهذا الموقف الكبير، أراني أشعر بشيء من المغص في بطني عندما تتنازل في النقطة 11، وتكتب - كما أؤمن بوحدة كتاب الله. فالقرآن كل واحد لا يمكن الإيمان ببعضه والكفر بالبعض الآخر.-. لأن هذا القرآن يحوي بين دفتين كما هائلا من المواقف غير المتسامحة لا يمكن بأي صفة من الصفات أن ندرجها ضمن نقاط الاعتدال التي جئت عليها في مقالك. وهذا الكتاب يتحمل مسؤولية كبيرة في غياب الاعتدال في كل بلادنا، لأن جميع الفرقاء يجدون فيه ما يبرر عنفهم وإرهابهم ورفضهم لقيم المواطنة والحداثة والحرية التي يعشقها المعتدلون أمثالك. هل أنا في حاجة إلى تقديم الدليل، خاصة وأنت تقول -... فالقرآن كل واحد لا يمكن الإيمان ببعضه والكفر بالبعض الآخر.-؟ تحياتي


5 - القرآن ليس نشازا
شاكر كتاب ( 2013 / 6 / 10 - 20:18 )
اشكر لك أستاذ علقمة تعليقك الكريم
الإعتدال هو الموقف الوطني غير المتطرف هذا باختصار
لأن التطرف يحرق المراحل ويقتل الثمرة قبل نضوجها
أما القرآن فهم بلا شك إنجاز هائل للوثبة الحيوية التي تخترم الكون بطاقتها الكبرى غير المتناهية والتي ترشق أنوارها في نفوس كبار المصلحين والشخصيات فائقة القدرات الذهنية والروحية. من هنا فإن ليس للمسلم أن يؤمن ببعضه ويكفر ببعضه الآخر. وربما كان علي أن أقول أن إيماني .بوحدة الوطن هو أشبه بإيمان المسلم بالكل القرآني
وبالمناسبة فأنا حصتي من النصوص الدينية المقدسة ما يتطابق مع قناعتي بالوحدة اللامتناهية للوجود مادته وطاقاته الخلاقة موضوعه وذاته لذلك كل الأديان أدياني بقدر تطابقها مع تصوراتي عن الوحدة المطلقة بين كل مكونات الكون دون تفصيصها أو العزل المتعسف بينها
تقبل تحياتي

اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام