الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آن للتعتيم أن ينحسر

علي شبيب ورد

2005 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


لعل ما يلوح في الأفق العراقي من ألسنة الدخان ، وما يتصاعد من غبار التخريب ، وما يسري في النفوس من ريب ورعب ، بفعل جرائم زبانية الحكم الفاشي الفائت . يروز لنا بانو راما مضبّبة إذا لم تكن قاتمة ، لمستقبل قريب إذا لم يكن بالبعيد . غير أن قليلا المهارة والفطنة في تفكيك المشهد السياسي ، يفضي حتما إلى رؤية إشراقات مضيئة وفسح عبقة في الآتي . بسبب تشابه خطابات القوى الجديدة العازمة على تحريك عجلة التغيير التي دارت على غير ما يشتهي الظالمون . فالمشهد السياسي الجديد أنتج مشروعا نهضويا طموحا يغري بالمشاركة الفاعلة من الجميع . وينشيء سلالم وثوب تفضح مرامي الظلاميين والنفعيين وذوي الأقنعة ، وهي ولا شك سلالم يسّاقط منها كثيرون ، وعبر مراحلها ترمى بنادق وتكسر أغلال وتكشف أقنعة وتخرق مصدّات وتهرأ يافطات وتنحّى دكتاتوريات وتفنى أوهام ويصحوا نيام ، ولا يسود غير منطق الحب والسلام . وتداعيات المشهد الجديد الآن تشي إلى انفتاحه على فضاءات رحبة من أجل ممارسة دوره الجاد والمؤثر بين الناس وفق أولويات متنافذة في علاقاتها وفي آليّات أدائها لتحقيق الأهداف . وهي الأمن ( الداخلي والخارجي ) وإعادة وتطوير وإنشاء البنى الإرتكازية للمشاريع الإقتصادية والإجتماعية . والبنى الفوقية السياسية ( الداخلية والخارجية ) والثقافية ( الروحية والعقلية ) . وهذا لن يتم إلاّ من خلال تفعيل آليات بناء عراق ديمقراطي فدرالي موحّد . على أساس ما ينص عليه الدستور الدائم للبلاد ، والذي يستدعي التوزيع العادل للحقوق والواجبات ، مع الأخذ بنظر الإعتبار أهمية رفع الحيف عن المناطق المتضررة جراء مغالطات العهد المقبور . وبالأخص الشرقية والجنوبية ، ومنها الناصرية .
وهذا يتطلب من الحكومة الجديدة إهتماما بالغا بهذه المناطق . عبر مشروع تنموي شامل لتطوير مستوى معيشة السكان فيها وتحسين ظروفهم البيئية والخدمية ، وإقصاء مظاهر الفوارق بين هذه المناطق ومركز القرار . بغية رفع كفاءة أدائها المجدية لعملية البناء والتقدم الآن وفي المستقبل . وبما يتناسب وإرثها الحضاري وسفرها المتألّق , باعتبارها تستبطن طفولة الإشراق والألق البشري العبقة بالسحر والبراءة والحكمة والحب . ولتاريخها الموغل بالمناوئة لعهود القهر والتسلط . فالأهوار والآثار تتطلّعان لمشاريع إحياء وتطوير وتحرير ، تجعل منها منتجعات بيئية ومناطق استقطاب سياحية ، تفتح للبلاد ثروة لا تقل أهمّية عن النفط ( المبتلى ) .
إن المناطق البعيدة عن المركز بحاجة إلى رد اعتبار من خلال تمثيل برلماني عادل وكفوء ( لا تمثيل ولاءات لأفكار شمولية ) وإشراك أبنائها في التعيين والإدارة ، وإنشاء مشاريع إقتصادية وخدمية فيها ، كي تعود بالنفع لأبنائها المحرومين من أبسط وسائل العيش الكريم . ومنح الإعانات والقروض للعاطلين عن العمل والأمل والزواج , كذلك مساعدة الذين باعوا سقوفهم ( لا تقرّبا للرّب لكن من سغب ) على بناء بيوتهم أو بالأحرى حضائرهم الضارعة للشمس . وغيرها من المنجزات التي تخفف عبء الضنك والمعاناة ، وتجدد الأمل في حياة مرفهة قادمة . ولتشجيع أبنائها الفارّين في المنافي على العودة والمساهمة في البناء الجديد، بغية الإفادة من تجاربهم المكتسبة حياتيا ومعرفيا .
وما تقدم يفرض على الحكومة الغور عميقا لتخليص المؤسسات والدوائر من أمراض العهد السابق . كالمحسوبية والرشوة والتملق والإختلاس والنفعية والأنانية والغش والبطالة المقنّعة والتبريرية واللاأبالية والإتكالية والإنتهازية وصراع المناصب وفوضى الإدارة وضعف الأداء وقلة الكفاءة والتجربة ومعالجة أسباب عدم إحترام المواطن للدائرة وهيمنة مظاهر التزلّف للولاءات في معظم دوائر الدولة وغياب دور أجهزة الرقابة وأيضا تفشّي تقاليد التخلف والتطرف القبلي والطائفي وكذلك شيوع ظاهرة التهديد بالعنف للمخلصين ولجان النزاهة وأخيرا هيمنة الشارع بكل مثالبه على الدولة . وهذا يتطلب مراجعة فاحصة ومسؤولة وجريئة من قبل القوى المؤثرة في المشهد السياسي وإعادة النظر في القائمين على إدارة هذه الدوائر والمؤسسات لا على أساس الولاء المزيف ومظاهر التحزب لهذه الجهة أو تلك أو ممارسة طقوس أجندة ما لانتهاز الفرص بل على أساس الكفاءة والنزاهة . وذلك بالإعتماد على حقيقة ( أنّ أغلب الوصوليين خرجوا من الباب وعادوا من الشباك ) . فتسللوا إلى الأحزاب ومن ثم إلى دوائر الدولة
( ونحن هنا نشير ولا نحدد ) إن مثل هذه المراجعة كفيلة بتحسين أداء دوائر ومؤسسات الدولة لمهامها بكفاءة علمية وعملية وتسهم في تطوير أثرها الإيجابي أفقيا وعموديا على مستوى الدولة أولا وعلى مستوى الحياة العامة ثانيا .
وحيث إن المشهد السياسي الجديد فتح آفاقا جادة للتطلع والبذل والإفصاح ، حري بالمخلصين ذوي الرؤى الموغلة في الضوء أن يشيروا إلى ما يستدعي الإشارة . وأن ينبّهوا المشاركين في ماراثون العدو صوب تلال النفوذ إلى إن لكل صعود نزول أيضا .
وان التيار جلب معه القصي والمغيب والمكمم أيضا . فلا تقتلوا الأمل في عيون الأحبة الخارجين توا من ركام الرماد . ولا تردفوا الغصّة بعد الفرحة . فالمقصي والمغيب يريد حقه الفائت واللاحق . فالمركزية المقيتة ولّى زمنها والتكميم لا ينفع والتعتيم آن له أن ينحسر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها