الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن الازمه.....ج5

حسين علي الزبيدي

2013 / 6 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان دفع مقاليد الامو باتجاه مجموعه من التكتلات الاستثماريه التي تطلق على نفسها المسميات والعناوين الدينيه مستغله التفاف الجماهير وحتضانها العفوي والفطري للدين وتقديس رجاله والعاملين في مضاميره فهم يدركون ان غالبية العراقين تضرب في اعماقهم عاطفة جارفه نحو مفاهيمه ومن ينادي بها ويمثلها من الشيوخ والمراجع او اعوانهم ووكلائهم المنتشرين في اوساط الناس , ويستطيعون ان يوثروا بهم ويوجهونهم الوجه التي يريدون بسهولة ويسر , والحقيقه ان الدين ومنذوا امد بعيد شكل الاهتمام الاول في المجتمع العراقي والمجتمعات العربيه بشك عام واستطاع العاملين في ميادينه ان يسيطروا على عواطف الناس ومشاعرهم وان ينالو احترامهم وتقديرهم واجلالهم وان ينتزعوا من عقولهم اي بعد نقدي او ميل للنقاش والتحاورحتى ولو كان صامتا ومع النفس , لقد تنازل العامة من العراقين والعرب لهولاء عن اي رغبة في التفكير ليس في هذا المجال فقط وانما كافة المجالات الاخرلان الدين في عرفهم ليس جوانب روحيه عباديه فقط بل نضام حياة يشمل كل التفاصيل المهمه وغيرالمهمه - في حياة والانسان- على سطح الارض وتحتها ايضا, ولهذا السبب على الجميع ان يسلموا امورهم للمرجعيه التي تتولى مهمة التفكير بدلا عنهم والاختيار لهم ..!ومن هنا فان مايقوله الشيخ لا اعتراض عليه بل لاحاجه لمناقشته اصلا فهو حكم رباني مقدس يجب التسليم والرضوخ له .
لقد الف الناس ذلك وادمنوه قرونا عديده من الزمن واصبح من البديهيات التي ذهب اوان اجتراربواعثها, فهي قناعة عامه وعرف توارثه الابناء عن الاباء فنتج عنه قيام العصبات والتكتلات التي حاكت العصب السياسيه في توجهها نحو السلطة والحكم واذا كان على الجهات السياسيه ان تستحدث افكارا ومبادي تصوغها كايدلوجيه او محتوى فكري واخلاقي فان غريماتها الاهوتيه تحضى بفرصة لانضير لها للفوز والتفوق كونها تعتمد الشريعه التي يومن بها ويقدسها الجميع , اضافه الى كونها تمتلك رصيد واهليه في تناول السلطه تضيق الخناق على المنافسين, فان اول شكل من اشكال الحكم في الاسلام كان دينيا وان غالبية الدلائل تشير الى ان الارهاصات الاولى في العصور الطوطميه كانت توشر البوادر البدائيه في الحكم والهيمنه للساحر او الكاهن وهي رموز تطورت فيما بعد لتشكل الاساس في البناء الديني البدائي والسلطة الدينيه.
جملة من المزايا تعطي الارجحية والفوز للاتجاهات الدينيه على حسلاب الاتجاهات الاخرى ولاسيما الوضعية منها . اي التي صاغ مبادئها البشر ولم تنزل من السماء ليتلقاها الانبياء والرسل وينقلوها الى مجتمعاتهم فيغيروا نمط الحياة فيها ويمضون بها قدما في مضارب غد جديد , ولاسيما هنا في هذا الشرق الغريب والمتفرد بكونه الموطن الاول لكل الرسالات السماويه والاديان الكبرى مما يجعل كل عوامل النجاح تتضافرلانطلاق اي تجمع او تكتل من هذا النوع .
فليس غريبا اذن ان تشرئب عيون المعممين نحو السلطه , وليس مما يبعث العجب ان تكون هناك تنضيرات تنادي بولاية الفقيه حصرا ليكون بمقام الفيلسوف في الفكر الافلاطوني غيران المدهش والذي يجعل ذوي الالباب يتخبطون حيره واضطرابا ان هولاء الناس ( التكتلات الدينيه )ما ان يصبحوا في السلطه حتى تاتي ممارساتهم مغايره لكل ما قالوه ووعدو الاخرين به بل مناقضه لابسط معاني العدل والمساوات الذان شكلا القاعده الاساسيه لكل قيم السماء والارض ايضا...! مما يدفع الى التسائل الذي يؤشر مفرق الطريق , اين الصح واين الخطا..؟هل المشكلة في الدين ذاته ام فيهم هولاء المدعين الوصاية عليه المتشبثين باذياله زورا وبهتانا...!.
ونضن ان الاجابة .... السهم الذي يشير الى جانب الصواب حاضره وبيافطة بارزه وجميله تزين مدخل المفرق ..! اما لماذا هي جميلة ومشرقة هكذا فلكونها تقوم على مشاهد تشع الضياء , محمد رسول الله ذلك المد الانساني الذي لا تحتويه الحدود , تلك الاخلاق ذلك العدل والحلم الخرافيين هما المقياس فاي علامة يمكن ان نضعها لمن اخلفوه واي علامة يمكن ان ينالها هولاء.....؟
لا شك ان الصفر يعتبر رقما كبيرا بالنسبة لهم ,فاذا كان هو حصيلتهم قياس بالاسوياء والنزهين من البشر , فكيف ستكون المقارنه بالقمة الشماء والحد الذي تنتهي عنده الفواصل والمسافات , فضلا عن مبعث الفضائل وخالقها ومبعث القيم وخالقها ورجاء كل مرتجى والرقيب والشاهد الذي لا يخفى عليه شيء ,او يمكن ان يستغفله احد والذي يدعون انهم يقيمون عدله ويطبقون اوامره ونواهيه ... اين هم من فيضان الانوار النبويه وانوار الخالق العظيم الذان هما الواجهه الحقيقيه والمنعطف الكبير الذي يدعي تمثيله هولاء...ّ فكم احرزوا من درجات التمثيل....؟؟ ربما يمكن ان نمنحهم الدرجات ما بعد الصفر اما الصفر ذاته فلا يمكنهم الاقتراب منه على الاطلاق ....؟ طيب لماذا هذا التشبث والادعاء بالفضائل والاخلاق الحميدة والورع ...لماذا الادعاء بالتدين ....؟هل هو نوع من السعي الغريزي نحو الجانب المفقود في انفسهم..؟ ام هو بعض من خيارات نفوس تسعى لان تتطهر ولكن موطن الزلل المتمكنه منها لاتقودها لغير الاخفاق المهين ...! ام هو ركوب للموجه بانتهازيه سافره وخبث يعلن عن نفسه بمضهرية تتقمص رداء الفضيله في العلن ولانقطاع لهوى النفس وغوايتها في الخفاء ...!.
قطعا ان الاجابة لا تتعدى واحد من هذه الاحتمالات و هي في مجملها لا تمثل الدين الحقيقي لانه دعوة صادقة للله لا تشوبها اي مطامح دنيويه او ربح مادي وهذا ما لايمكن ان يتحقق حينما نقحمله في السياسه , العلمانية فقط يمكن ان تصنع دين حقيقي يودي رجاله وضائفهم بمهنيه ترفل بالفضيلة والنقاء , وهذا ما يدركه المحتل الذي كان من كمال سعادته وابتهاجه ان تستلم الامورتلك التكتلات الاستثماريه المتستره بالدين كونه وبحكم خبرته العميقه في الصراع المريرمع الكنيسه يعلم مالذي سيحدث واي كوارث حقيقيه ستحيق بالبلد بوجود هولاء على راس السلطه .
ان المحتل يدرك ان المضهر لا يمثل الجوهر في كل الاحوال بل هو لا يمثله إلا في الحالات القليله النادره وحين يكون التطابق تاما فان مستوى من التوازن والشموخ الانساني سيوشران نهجا يقترب من الاسطوره , وهذا ما يمثل الفرق الحقيقي بين من يدعون التدين اليوم وما كانوا عليه المسلمين الاوئل , حين لم تكن للمضهريه اي اثر او مكانه في حياتهم بينما هي كل شي في حياتنا اليوم , كان الدين منهجا وسلوك يومي يمارسه الجميع ولو انك وضعت مسلما بين بضع مئات من ابناء الطوائف والاديان الاخري لشكل علامة مميزه ونمطا مغايرا يشيرلماهيته بوضوح وجلاء , ليس من خلال ملابسه او لحيته اوعمته او اي خصائص اخرى تتعلق بمضهره بل من خلال سلوكه وتعامله مع من حوله ...! لقد فلح الاوائل بكسب قلوب المجاميع ليس بالخطاب الصاخب و التمضهرات الشكليه بل بالصمت وعدم الادعاء وافهام حقائق الاسلام للملاء من خلال تحويلاها الى برنامج سلوكي يومي خبره الاخرين ولمسه بيدهم وابصروه بعيونهم فستولى على البابهم وفجر القبول والرضا والاعجاب بهذا الدين في نفوسهم , فلم يكونوا ابد على مبدا حكومتنا التي تمنح البرلماني عدد لا يحصىمن من ملاين الدنانير وتمنح الارمله واالمطلقه خمسون الف دينا في الشهر وتقول انها جائت من اجل الفقراء, فهل يمكن لاحد ان يقتنع بهذا القول وان يحترم قائله حين يقارن بين تكاليف الحياة الحقيقيه وتهويلها وتضخمها حين تكون في جانب وضغطها وتقلصها بشكل معيب وغير لائق حين في جانب الفقراء مما يفضح زيف الادعاء بانهم جائوا من اجلهم.
ان الاعتماد على مضهرية واسعه سيقود حتما الى جملة من الامور تجعل الممارسات الشكليه بديلا للحقيقه , بتوضيف الشكل على حساب المضمون من خلال الفعاليات والطقوس التي ستصبح هي الدين وليس الفروض الحقيقيه التي نصت عليها الشريعه كالبكاء واللطم بدلا من كثرة الصلاة وتلاوة القران ...!
كما انها( المضهريه ) سوف تستحوذ على كامل المساحة في عقولهم ونفوسهم وتدفع بهم للغوص في بحور التشدد والانغلاق والبحث عن كل الهانات والشروخ والمثالب التي عفى عليها الزمان واصبحت من اسقاطاته التي لا يلتفت اليها احد , فترى الالتزام والاهتمام بكل المزالق والمنحدرات الطائفيه التي لا تحضى بمثل هذه الرعاية والاهتمام لوكان القائمين على الامر من السياسين من ذوي الاهتمام بالقضايا والشوؤن الوطنيه ولانسانيه .
فنرا المستثمر الطائفي في الموقع العام نصيرا لطائفته الخاصه يومن لها كل التسهيلات مسخر جهود وزارته والوزارات الاخرى في صنع التسهيلات والاسنادات الازمه لانجاح طقس معين من طوس الطائفه او شعيرة من شعائرها على حساب الجهد العام والمال العام , اضهارا لتدينه اولا و لااعتقاده المطلق ثانيا بانه على حق لاضير من فرضه على الجميع بما فيهم الفئات الاخري من الاديان الاخري التي عليها ان تتحمل ثقل امور لا وجود لها في شريعتهم , وحتى الطوائف الاخرى من الدين ذاته والتي لا ترى في هذه الطقوس والممارسات من مكونات الشريعة او اركانها فهي بالتالى تدفع ثمن امورا قد فرضت عليها فرضا ...!
مما يكرس هاجس من الشعوربالضلم والتهميش سيعبر عن نفسه بسيل متلاحق من الشكوى التي تتجاوز الكلام الى التخندق في مواضع مناوءه , واذا كان للوفاق والاتفاق بواعثه واسبابه الواضحة والمعروفة فان الاهتمامات والطروحات الدينيه الضيقه المتشدده تشكل حالة لا نضير لها في ايقاض النائم من الفتن والخلافات والانشقاقات وطرق رؤس العامة بها بشكل متلاحق لا يتيح لااحد ان يلتقط انفاسه او يحمل ذاته ويفر بها طالبا النجاة...!وسنواصل توضيح ذلك في الجزء الاحق من المقال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟