الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حُلُمٌ يمصّ حَلَمَةَ الليل

نبيل محمود

2013 / 6 / 11
الادب والفن


(اقصوصة شعرية)

أيّها الحُلُمُ، تجوّلْ وفتّشْ جيداً في الذاكرة، لعلك تجد ((كلّي)) المبعثر هناك/ الذي أسكنْتُه قطْعة قطْعة، في طبقاتها وغرفها وزواياها القَصية، حتى نسـيتُ أغلب العناوين/ أحياناً يدلني وجه أو صوت أو عطر على ما أريد، وأحياناً أفتح كل الأبواب وأقلّب كل الأدراج وأفكّ كل الصُـرر، فلا أحظى ببعض ما أريد/ أيّها الحلم يا منتهك حاجز النسيان، ومهيّج الذاكرة، ومُرْبك العلاقات، ومازج اللذّات/ لا ريب في عداوة الصحو لك، فأنت الفاضحُ والمُعرّي، وهو الساترُ والمُحجِّب / فمن منكما سيحظى بـ ((كلّيتي)) ؟!

مضينا كحاطبي ليلٍ في دغَلٍ بِكْرٍ، مُبللين ومرتعشين في رطوبة ظل منزو/ وقطرات مطر تنثّ لذة مكتومة تحت الثياب، وتوقظ خلايا استسلمت للهجوع طويلا/ البشرةُ الندية تدعس البشرةَ الندية حتى احمرار الروح في رابعة الأُوار/ تلتهب الأنفاس المشنوقة بحبال أشواق مجدولة من حرير الوجد/ يتنافذُ الجسدان قبل فجر الترتيل الشهوي، ولفحة لثْم تسيّلهما وتسير بهما صوب عصور الكروم/ يُمرّغهما الخمر في تموجات مائية كدُوّامات تيه، تحت ترجيعات نغم متقطع ومتكتم ومتأوه ومترجرج/ تتفجر فقاعات ضحك مكتومة في إناء نذريّ سومري، والرسم المنقوش على سطحه تسّاقطُ ألوانه وتتلاشى أشكاله/ بعد اختلاط الأشكال والألوان والانغام السحيقة لذاكرة النوع الإنْسيّ/ تتطاول فوق سماء الدغَل قامة وعي جميل وعار يعصف بالجمود المرئي، ويعقد صلة مع الرقصات اللامرئية للأشياء، ويقذف على المسرح بالباليرينات الرشيقة لتُمثّلن قصة الترنّح الديونيسيوسي ...

عندما نزلنا من علياء الألف على سلّم اللام، وأشرفنا على سَوْرة العَيْن/ لفّتنا دُوّامة اعياء وإشراق، لمْ يكن الرجوع ممكناً ولا مرغوباً، لمْ يعُدْ وارداً جذب الروح مِن ياقتها وإعادتها الى الما قبل/ فما أنْ تطأ القدمان لزوجةَ العَيْن وعربدتها، يذهب الجسد في رقصة الكينونة المجنونة/ ويتأهب كله للحضور في لحظة واحدة، في هذه الأبدية تتجمع كليّة الوجود الفردي وتتكثّف، وكأنّها ستقذف بكلها دفعة واحدة عبر حاجز الزمن المعروف/ تلف كل زمانها الفردي في حزمة واحدة، لم يبق لتلك التصنيفات القروسطية الى جسد وروح أيّ معنى، تهيأت الكليّة للإنقذاف كوجود واحد ووحيد/ ينسفح الكل على فراش الشين الوثير المتموج، وتختلطُ كل الابجديات الوثنية والمتعبدة في كلمة واحدة لا تُنْطقُ أبداً، هي كلمة تكون ولا تُلفظ ، هو الوجود مجعولاً مرة واحدة وفي لحظة واحدة كفعل وليس بكلام/ ما أنْ تشهق الكليّة شهقةَ الصحو الأولى، تجرّ نفسها بمشقة من وهْدة فراش الشين/ تُلقي برأسها المخمور والمشبع بأبخرة عماء الخَلق الكثيفة، على وسادة القـاف المرتفعة/ يتمهل الصحو قليلاً، حتى يلملم ما يمكن لملمته من موقعة الخَلق، ويعيد ترتيب الأعضاء المتناثرة ويجمع لكل (شخص) ما يخصه، ثم يحثهما على الترجل من منصة الخَلق/ ويعودان الى طريق الإغترابات اليومية المعتادة التي ضاعت فيها لحظات الخَلق، ولمْ يعْلقْ من كل تلك المعمعة الكونية غير لعْقة ذكرى خَلق في الذاكرة ! ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا