الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحَفِيْد

صبري هاشم

2013 / 6 / 11
الادب والفن


***
مدخل
***
عَلَيْكَ أَنْ تُعَلِّمَ الأَبْنَاءَ ألاَّ يَلْتَصِقوا بِالمَكَان
أَلاَّ يَحِنُّوا إِلَيْهِ
أَلاَّ يُفْرِطوا فِي عَوَاطِفِهِم
كَي يُبْعِدوا عَنْهُم شَبَحَ المَوْتِ
وَلَو إلَى حِيْن
***
النص
***
اقْبِلْ أَيُّها الجُنُونُ
فههُنَا بَيْن يَدَيَّ يَضِيْعُ المَكَان
وَيَفُرُّ فِي غَفْلَةٍ مِنِّي عَجِيْبُ الزَّمَان
وَيَظِلُّ بِيَ ـ كُلّما لَاحَ ـ لَا يَمُرُّ الرَّجاء
ولَا تَنْحَنِي حِيْنَ مِن بَابِي تَدْنُو أَزْهَارٌ حَالِمَات
***
وَهُنا تُذَلُّ النِّصَالُ بَعْدَ مُرورِهَا
وَإلى جَسَدِ التِيهِ نَادِمةً تَعُودُ
فلا تُطْلِقْ سِهَامَكَ في الآفَاقِ خَاسِرَةً
وَفِي جَوفِ الكِنَانةِ ظِلٌّ لِخِسْرانِ
فَذَلِكَ النَّجْمُ مِنْهُ لَمْ تَنَلْ رَمْيَةٌ
وَلا تَنَاوَشَهُ في المَدَارِ بَعْضٌ لِرَمْيَاتِ
وَذَلِكَ النَّجْمُ عَلَى النِشّابِ بَاتَ عَاصِيَاً
فَمِنْ قَبْلِكَ حَاوَلَتْ مِنِ صَفْوَةِ الرُّماةِ كَتَائبُ
وِحَاولَ الحَالِمون
وَحَاوَلَتْ سَمَاواتٌ تَزْوِيْقَ البَرْقِ بِأَنْفَاسِ غَمَام
لَا تُطْلِقْ وَراعِ وِعُولاً عَبَرَتْ مَرْجَاً
يُطِلُّ عَلَى سّواحلِ الأيّام
***
أَيُّها الجنونُ فَاقْبِلْ
فَهُنَا قُطْبٌ يَشِدُّ أَزْرَ قُطْبٍ
وَيَحِلُّ مِنْ وِثَاقِ قُطْبٍ
وَأَنْتَ

هَلْ مَنَحْتَ الصّحراءَ شَيْئاً مِن رَحِيْقِ العَابِرِ
وَقَطْرَةً مِن عِطْرِ المُشْتَاقِ ؟
وَأَنْتَ تَمْضِي فِي شِعَابِهَا مِثْلَ شِهَابٍ ظَلَّ الطَّرِيْقَ
هَلْ مَنَحْتَ الصَّحْراءَ صَيْحَتَكَ الأَخِيْرةَ ؟
لَنْ تَرْتَضِيَ هَاجِرَةً تُطِيْحُ بِمَحّارةِ النَّفْسِ
وَلَنْ تَسْتَجِيْبَ لِفُجُورِ شَمْسِهَا إِنْ دَنَتْ مِنْكَ
إذاً ما عَلَيْكَ إلاَّ أَنْ تُعَلِّمَ المَكَانَ آياتٍ للحَنِيْن
وَسُورَةً للشُّعورِ
عَلَيْكَ أَنْ تَنْأى بالمَكَان
وَتَحْفُظَ مَا تَبَقَّى مِن رَحِيقِ العُمْرِ
فَلا تُرِق مَاءَ الوَرْدةِ الأخيْرَة
أَيُّها الجُنُونُ فَاقْبِلْ
انْتَحَرَ الوَفاءُ في مِحْرَابِ مَنْ لَا وفَاء لَهُ
اقْبِلْ أَيُّها الجُنونُ
وارْتَقِ ثَانِيةً
مِنْ فَوقِكَ ما اعْتَلَت نَجْمةٌ
وَلَا مَرَّ في السَّمَاء شِهَابُ
ارْتَقِ ثَانيةً
فَبَيَنَ يَدَيْكَ تَخْتَلِجُ أَنْفاسُ المَسَافةِ
وَتَترَنّحُ فَوْقَ لَيْلِكَ العَاصِفاتُ
قِيْلَ مِن حِمْيَرَ أَسْرَتْ عَبْرَ الزَّمَانِ قَوافِلُ
وَأشْرَقَتْ في صَدْرِ البِحَارِ سَفَائِنُ
فَيَا شَجَرَ الوَاحَاتِ
انْفُضْ رِيَاحَكَ وَاسْتَقْبِلْ أَفْرَاسَ نَدىً
وَدَعْنِي بالصّمْتِ أُحَدِّق
عَلَّني سَبَرْتُ غَوْرَاً مِن تِلك الأعْوَام
وَأيّامي نِصْفَان
نِصْفٌ لِعَمِيقِ الأحْزَان
وَنِصفٌ أَوْدَعْتُهُ جَسَدَ الهَبَاء
***
أَيُّها الجُنونُ فَاقْبِلْ
عَلَيْكَ أَنْ تُعَلِّم القِطَارات ـ حِيْنَ تَأتي ـ دَهْشَةَ المُسَافِرِ
فإلى هُنَا لَا تَأتي قِطَاراتٌ
وإلى هُنَالك لَا تَمْضِي الحَافِلاتُ
وَأَنَا مازِلْتُ للأَخْبَارِ مُنْتَظِرَاً
فَلَا الأسْفَار جَاءت
وَلَا هُم مِن عِنْدِها جَاؤوا
ولَا شَقّوا بِضَجِيجِ قَوَافِلِهِم جِدارَ السُكُونِ
أَيُّها الحَفِيْدُ الذي مَا عَلَّمَتْكَ النُّبُوءاتُ أَصْلَ سُلَالةٍ
ولَا قَالتْ إنّنا أصْلُ النُّبُوءاتِ
أَيُّها الصَّقْرُ الذي نَأى
هَلْ عُدّتَ ثانيةً خالي الوِفَاضِ
مِنكَ تَسْخَرُ ـ حِيْنَ تَجْهَشُ ـ الطَّرَائدُ
وَمِنّيَ تَفُرُّ ـ حِيْنَ أُقْبِلُ ـ الوَارِداتُ ؟
كأنّني بِلا طَرِيقٍ إلى خَاتِمَتي أَسِيْرُ
تُرشِدُني المَتَاهةُ
وَتَسْلِبُني مُتْعَةَ المَسَافةِ الأَشْوَاقُ
وأَنَا في النُّورِ أَعُوم
عَلى أَكُفِّهِ يَحْمِلُني الصُّبْحُ
إنَّما الأماكِنُ مُوحِشَةٌ
والصَّحبُ عَنّي ابْتَعَدُوا
وَغَادَرَنِي الكَلام
أَنا مُنْذُ أَوَّلِ الأسْفَارِ بِلا حَقيْبةٍ
وبَلا جُنْحٍ يَرِفُّ فَأُخَاطِبُهُ
حتّى الفَرَاشَات التي حَانَ مَوْعِدُها
هَجَرَتْ وَجْهَ الشَّمسِ
جَانَبَتْ بَهْجَةً وَلَاذَتْ بِالظِّلالِ
كَأنني بِلا هَدَفٍ أَسِيْرُ
تَدْهِمُني التَّفَاصيْلُ التي عَلى وِحْدَتي أغْدَقَتْ
بِسِحْرٍ مِن رَذَاذِهَا
أَنَا بِلا بَرِّيّةٍ أَهِيْم
وَإلَى حَتْفِي تَدْفَعُني يَدٌ غَرِيْبَة
***
أَيُّها الحَفِيْدُ الذي نَأى
عَلِّمْهُم أَنَّ مِنْ خِصَالِ النَّبيْلِ
لَا يَنْسَى وَجْهاً للكَريمِ
وَمِن بَعْدِها
انسَ المكَانَ إِنْ شِئتَ
وَبَيْنَ وَهَنِ النّواجِذِ
لا تَعْضُضْ على إِصْبعِ النّدَمِ
ثُمَّ على شِفّةٍ لَا تُطْبِقْ مِن شِدّةِ الألمِ
أَيُّها الجُنونُ فَاقْبِلْ

4 ـ 6 ـ 2013 برلين
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي