الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


«تمرد» داخل جبهة الإنقاذ... هل من سبيل؟

هانى جرجس عياد

2013 / 6 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يوم 25 يناير 2011 اجتمع المصريون على هدف «إسقاط النظام» لكنهم لم يجتمعوا على الخطوة التالية، البديل. وقد كان ذلك –فى حينه- مبررا ومفهوما بعد ثلاثين عاما من حكم مبارك، أصيبت خلالها البلاد بحالة من تصلب الشرايين، وتحولت أحزاب المعارضة إلى ما يشبه الدكاكين التى تصدر صحفا تهتم بأخبار رئيس الحزب ومكتبه السياسى أو هيئته العليا.
لكن المشهد، وبعد ما يقرب من ثلاثين شهرا على الثورة، يعود مرة أخرى ليتكرر بذات التفاصيل، إذ يجتمع المصريون ثانية على هدف سحب الثقة من محمد مرسى، لكنهم لا يلتفون على «بديل» مازال غائبا، رغم ما شهدته مصر من حالة حراك سياسى واجتماعى لعلها غير مسبوقة فى تاريخها، ورغم وجود «جبهة إنقاذ» كان المفترض فيها أن تكون القطب البديل حال إسقاط سلطة المرشد.
للأسف فشلت الجبهة فى أن تكون بديلا، بعدما تحولت إلى مقهى، أو فى أحسن الأحوال نادى سياسى، يرتاده كل عابر سبيل، أو كل من يحمل شهادة أنه «مارس يوما العمل السياسى» حتى ولو كان ذلك عبر أجهزة أمن دولة مبارك، وسعيا وراء مقعد فى برلمانه، فوضعت نفسها بنفسها فى مؤخرة حركة الجماهير، وبقيت عاجزة عن قيادتها أو حتى المساهمة فيها بفاعلية. الجبهة لم تطلق حركة تمرد، لكنها حاولت جاهدة الالتحاق بقطارها عندما تبدى لها أنه يسير بسرعة الملايين، نحو هدفه، ومع ذلك بقيت تتأرجح ما بين سحب الثقة من مرسى وجماعته، وبين تحسين شروط التفاوض مع الجماعة.
تقترب حملة تمرد من تخوم تجميع توقيعات 15 مليون مواطن يطالبون بسحب الثقة من الجماعة، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بينما هناك فى «جبهة الإنقاذ» من يبدى استعدادا للذهاب إلى الدكتور مرسى، والتفاوض معه إذا ما استجاب لطلبات المعارضة!! حسبما صرح الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب الديمقراطى الاجتماعى، و«القيادى البارز فى جبهة الإنقاذ»، وفى تصريحاته بعض دهشة من كيفية الحوار مع «الرئيس» بينما هو يصر على التمسك بوزير الثقافة!!. الشارع لا يتوقف عن المطالبة بإسقاط حكم المرشد، لكن الأستاذ عمرو موسى رئيس حزب المؤتمر و«القيادى البارز فى جبهة الإنقاذ» يفاجئك باجتماع مع نائب المرشد، كان مخططا له أن يكون اجتماعا سريا!! فلا تعود تعرف إن كان هؤلاء يعتقدون حقا أنه من الممكن الحوار مع عصابة حاكمة، أم أنهم يلعبون سياسة فيشيعون –بوعى أو بدونه- أوهاما وخرافات بين الناس عن إمكانية إعادة الثورة إلى مسارها تحت حكم المرشد وزبانيته؟ ربما تكمن مأساة هؤلاء أنهم لا يعون أن ألاعيب السياسة لا تصلح فى زمن الثورات، فضلا عن أنها لا تنطلى على أحد، لكن المؤكد أنها تضع «القيادات البارزة» فى جبهة الإنقاذ فى مكان أخر مختلف تماما، ربما إلى حد التناقض، مع ملايين المصريين الذين سحبوا ثقتهم من مرسى مطالبين بانتخابات رئاسية مبكرة.
من حق الأستاذ عمرو موسى أن يقابل من يشاء، سرا أو علنا، ومن حقه أن يذهب حتى إلى المقطم للقاء بديع، ومن حق الدكتور أبو الغار (وهو قامة وقيمة) أن يتمسك بشروطه للحوار مع القتلة والفاشيين، وأن يذهب للحوار مع محمد مرسى فيما لو أقال وزير الثقافة، لكن ليس من حق أصحاب مثل هذه الرؤى ان «يتشعلقوا» بقطار تمرد الذى لا يبحث عن حوارات ولا يرفع شروطا، ولا يتوقف أمام وزير ثقافة أو نائب عام، إنما يذهب مباشرة إلى محطته الأخيرة «سحب الثقة من مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة»، فالتأرجح فى المواقف، ووضع قدم هنا وقدم هناك، ليس من صفات المناضلين.
احترام الاختلاف فى الرأى شيء، وتجميع المختلفين قسرا فى كيان واحد شيء مختلف تماما، فالأول (احترام الاختلاف فى الرأى) يفتح الأبواب على مصراعيها أمام حوار وصراع ديمقراطى تحكمه وتحكم عليه الجماهير صاحبة المصلحة فى الثورة، بينما الثانى (التجميع القسرى) يقود إلى «دكانة» جديدة أقرب ما تكون إلى مقهى أو نادٍ للمحاربين القدماء وعواجيز الفرح، يتبادلون الثرثرة لتمضية الوقت، ويأخذون نصيبهم من كاميرات الفضائيات ومساحات الصحف، ثم ينصرفون دون قرار لا يعرفون كيف يتخذونه، لأنه ليس من بين وظائف المقاهى اتخاذ قرارات ملزمة لكل روادها.
قطار تمرد يسير بسرعة نحو هدفه الواضح «إسقاط النظام» بينما جبهة الإنقاذ مازالت تقف على الرصيف تلوح للقطار، وبين أعضائها من يتعين عليهم الانضمام لجمعيات أصحاب المعاشات أو منتديات المحاربين القدماء.
جبهة الإنقاذ تحتاج بسرعة إلى «تمرد» بين صفوفها، إن كان هناك بينهم من لم يزل يراهن على الشعب، ولا ينتظر رضى العصابة الحاكمة، واستجابتها لشروط التفاوض، ولن يضيرها فى شيء أن تنقسم ما بين جبهة إنقاذ «الوطن» وجبهة إنقاذ «الإخوان»، بل أجدى للطرفين معا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم