الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحديات الامنية في المنطقة

كاظم الموسوي

2013 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


تشكل التحديات الامنية في اكثر من بلد عربي مسألة خطيرة تقتضي العمل الجاد والاهتمام المخلص بها ومواجهتها بما يخدم الأمن والاستقرار والطمأنينة والوحدة الوطنية وحقوق الانسان والتنمية ومستقبل الاجيال وثرواتها. وهذه كلها هي الاهداف المقصودة والموضوعة في المخططات الساعية الى التخريب والدمار وتدهور الأمن وكبح التطورات الاجتماعية والاقتصادية سواء في بلد معين او في كل البلدان المبتلية بتلك الاخطار. وهنا لابد من تحديد ماهيتها وأساليبها واستهدافها وأدواتها المحلية والخارجية وكيفية مجابهتها بما يوقف استمرار خطرها ويمنع امتدادها.
تنتج التحديات الامنية في أي مكان عن عوامل او دوافع او توجهات وبيئة حاضنة لها، وتوفر ذرائع لها، سواء مشروعة او مصطنعة او مستغلة لأسبابها. ولا تخرج عنها وقد تدفع لها ظروف قاهرة داخلية وتستغلها قوى خارجية تعزف عليها وتستثمرها في مشاريع استراتيجية، ربما لم تكن لها قدرة عليها، ولكن التخادم او التعاون فيها يفيد ضمنا او يعمل عليها في اطار مخططات ابعد منها. وما اكثرها الان في المنطقة؟!.
عوامل التحديات الامنية او دوافعها تستند الى فشل الانظمة والحكومات في المنطقة في التنمية الشاملة والحكم الرشيد واستخدام الثروات الوطنية بما يخدم الشعب ويوفر له الخدمات الرئيسية وحقوق الانسان المعروفة في الحريات والعمل والعيش بكرامة، مما اعطى توجهات القوى والمنظمات العدوانية او الارهابية بكل اصنافها فرص التغلغل واستثمار البيئة الملائمة لمشاريعها وتقبل شعاراتها ورهاناتها وتهديدها للسلم الاهلي وبناء المجتمع وتقدمه. وهي ذرائع قد لا تكون مبررات كافية إلا انها حجج يبنى عليها وتستغل اسبابها في صناعة التحديات الامنية وديمومتها. وتوسع التحديات الامنية على اكثر من صعيد، سياسي او اقتصادي او اجتماعي او ثقافي وغيره. مما يجعل منها اخطارا جدية وتهديدات فاعلة لها تداعياتها الواسعة وانعكاساتها المركبة. وكلها تشكل في النهاية تحديات جسيمة لا يمكن الصمت عليها او التنكر والإنكار. انها قائمة عريضة ومتواصلة ومرتبطة بسلاسلها الامنية ومشاريع القائمين بها وادوراهم المنتظمة او تنافسهم في اقتسام المنطقة واستغلالها، بما يعجل في التهديدات والتحديات القائمة والكامنة، ويجعلها منطقة صراع من جهة، ومنطقة نفوذ واستغلال من جهة ثانية، ومنطقة تجريب واختبار للتنازع والاستخدام المتعدد الاشكال والوسائل من جهة اخرى.
تتحول اية قضية الى تحد واضح وخطر امني بارز في أي بلد عربي، من قبل القوى الخارجية، خصوصا المتربصة، او من خلال ضعف وتواطؤ السلطات والأنظمة المتحكمة. وتعكس ممارساتها طبيعتها اولا، وتقدم مجالا واسعا وبيئة حاضنة لقوى الارهاب والتخريب والفساد ثانيا، وتواصل في غفلتها او تراخيها عن المواجهة الفعلية والإخلاص في الادارة للازمات المختلفة امكانيات استمرار التحديات وتطوراتها الى حدود الاختراق والتهديد المصيري للأمن والاستقرار والطمأنينة للشعب وثرواته ومستقبله. ولعل في التجارب المعاشة حاليا في اكثر من بلد عربي دليلا على ما وصلت اليه تلك التحديات والتهديدات والحالات. كما ان قابلية التخادم الرسمي مع التهديدات او في تنفيذها من قبل بعض القوى او السلطات الثرية في المنطقة وتجهيز بيئات الدعم والتحريض لها يظهر مدى هشاشة الاوضاع المختلفة في المنطقة وإمكانية تعرضها لتلك التحديات والتهديدات على مختلف الأصعدة، المعلومة والمكتومة.
اوضاع اي بلد عربي الان توضح مدى التحديات وتغلغل الاعداء وأدواتهم فيها، الى درجة التصريح بتدهورها والإقرار بالمخاطر منها، ومحاولات تشخيصها او الاعلان الرسمي بوجودها دون التفكير فيها ووسائل المواجهة لسيناريوهاتها التي لم تعد سرية او عسيرة على الفهم والإدراك. ان كل هذه التحديات تتحملها سياسات الحكومات والسلطات المتحكمة في البلدان العربية، فهي التي قدمت المجال الحيوي والتسهيلات اللوجستية لأعدائها اساسا في التنفيذ والتدريب والتخطيط لتلك التحديات واستغلالها الى اقصى الحدود التي تعتاش عليها وتعبر عنها واقعيا وتاريخيا. اذ ان قوى الامبريالية التي طردت بتضحيات جسيمة من شعوب تلك البلدان، خصوصا التي تحولت الى جمهوريات، لم تفوّت فرصة عودتها من أية نافذة يمكنها الاستفادة منها. وقد حصلت على كثير من النوافذ والأبواب المشرعة لها، سواء من سياسات تلك الانظمة وممارساتها التدميرية، او من تخادم انظمة وسلطات وأدوات محلية وإقليمية مرتبطة بتلك المخططات والمشاريع الاستعمارية. وما كشف عن كثير منها يكفي استدلالا وتوثيقا تاريخيا وأخلاقيا. كما ان بعض من يتخادم اليوم مع تلك القوى الامبريالية لا يخفي ذلك، بل يجاهر به، وقد يسعى الى الاحتماء به وسيلة اخرى من استمراره في سياساته وممارساته المعروفة. او استخدامه ثأرا لما حصل في تلك البلدان من تحولات وتغييرات تمس ما يخدع فيه ويحرض عليه.
تنوع التحديات الامنية وصولا الى اخطارها الفعلية يتطلب تنوعا واقعيا في التصدي لها ومواجهتها بما يخدم الشعوب العربية ويحد من سيناريوهات المخططات والمشاريع الصهيو امريكية وحلفائها الاوروبيين وبعض العرب، السادرين معها في هذه الظروف المعقدة. وتتجاوز التحديات وسيناريوهاتها امن واستقرار المنطقة وقضاياها الرئيسية. وأخطارها لا تتوقف عند حدود واضحة. ولا تنتهي بما يظهر على السطح احيانا من تفاوتات واختلافات في الرؤى والمصالح الضيقة. انها تحديات خطيرة تعمل على تفتيت القضايا العربية وتقسيم المنطقة وتدمير الهويات الفاعلة فيها، وتخريب علاقاتها البينية ومساعيها الى التقدم والبناء الانساني، والهيمنة على ثرواتها وطاقاتها، وزراعة الكراهية والحقد والتفرقة والفتنة الطائفية والعرقية فيها. وهي بهذه المعاني تصب كلها في خدمة اعداء الشعوب ومصالحهم الحقيقية، ولا تؤمن للشعوب والبلدان أي استقرار او تنمية او تطور وتغيير ايجابي يكرس الامن والاستقرار والسلم.
فضحت ثورة التقنية والاتصالات اغلب تلك التحديات ومشاريعها وقدمت خدمات كبيرة لمعرفتها وتحديد اخطارها وكشفت الجهات العاملة او المنفذة والداعمة لها. كما انها اعطت وضوحا للشعوب وحركاتها الوطنية في الحراك والانتفاض وتعزيز الكفاح الوطني وتطوير مهمات التحرر والتقدم والتغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة