الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هو الصيف

أسماء الرومي

2013 / 6 / 12
الادب والفن


سآخذُ مكاناً أكثرُ دفئاً ومشمساً لأجلس فماذا تقولين أيتها الزيزفونةُ الجميلة ،كم كنتُ أحلمُ
بظلالِ الزيزفونِ وأنا أسيرُ متحرقةً بشمسِ تموز اللاهبة،وها أنا أبتعد عن ظلالكِ ياجميلتي
فاعذريني أيتها الشجرةُ الحالمةُ،وأنا أراكِ مثلي باحثةً عن شمسٍ تتدفأين بها إذ تمتدين وبكلِ
أغصانكِ حتى كادتْ تكون مستقيمة
ما أجمله هذا المكان بسعته ، بكلِ هذه الأشجار، بالأراجيحِ بهذا المسبحِ للأطفالِ.كم حسّنوه
كنتُ أراهم في الشتاءِ يعملون ولأيامٍ طويلةٍ ليهيئوه لهذا الموسمِ رغم قلة الأيام التي يستطيع
بها الأطفالُ السباحة في هذا الجو الماطر،لكنهم أضافوا الكثير ليسعدوا الأطفال بهذه الأيام
القلائلِ . هذه الشمسُ الناعسة والمحملة بلسعةِ بردٍ ، ورغم ذلك أرى الكثيرين ممتدين على
العشبِ ، علّ هذه الأجسادُ العارية تنصقلُ مع الشمسِ لتتحرقَ بألوانِها وتكون أكثرَ داكنة
ولا أدري لِمَ يبحثون عن هذا اللون، رغم إني أراهم لا يميلون لحاملي الألوان الداكنة،قد
يكون إحتجاجاً على الطبيعة فلا أحد يرضى بما تعطيه
أصواتُ الأطفال تعيد الكثير ،تُشعرني بالبهجة وأنا أرقبُ لعبهم ، وأنتِ أيتها الصغيرة
ما أحلاكِ تركضين متعثرةً وتنظرين بعينيكِ المتسائلتين . كم أشتاق
أيتها الغيوم أترجاكِ أن تبعدي ، لاتُطبقي صرنا ننامُ على صوتِ الأمطارِ ونستيقظ على
سيولٍ لا ترحم ، وكم تهددين بالغرقِ وفي مناطق كثيرة من دولٍ قريبةٍ
وها أنتِ تُطبقين علينا
هذا البلد الذي يعطي عمراً أطول للناس ، وقد يكون ذاك رحمةً أو لا أدري؟ وها أنا أنظرُ
لهؤلاء المتشبثين بالعصا ليسيروا ، ونحن في الطريق.ولا أريد أن أكون مثلهم ،ولا زلتُ
أذكر أمي التي كانت تدعو الله أن لايوصلها لعمر العجز وقد إستجاب لها فلم تتعدَ الخمسين
بكثير، ولم يطول عمرٌ لا لأخي ولا لأختي وها أنا أتعداهم فقد صرتُ من أهلِ هذا البلد
لا زلتُ أتذكر حين توفيت أختي ، إحدى أخواتي حضنتني وهي تبكي بمرارة وتتلعثم
بقولها:أرأيتِ ذهبوا وبالتسلسل قلتُ لها مداعبةً ولأخففَ عنها،هونّي عليكِ حبيبتي فالدورُ
لي ولا زلتِ بعيدةً .وها أنا أسير ورغم معاناتي الطويلة من مشاكل كثيرة
أكاد لا أسمعُ صوتاً ، بدأ الناسُ بالتناقص وخفّ كثيراً ضجيجُ الأطفال فهذه الغيوم عادت
لتطبقُ .لكني لازلتُ أسمعُ صوتكِ أيتها الفاختةُ كم أحبكِ وإلى أين يأخذني هذا الصوت
وكأنه يجمع كل حنان الدنيا ويضعه بين يديَ ، يجمع كل القلوب التي أحبُ لتكون
قريبةً بل وكأني أراهم وأكلمهم ، فشكراً لكِ يا ذات الصوتِ الحنون . والعجيب هذا
الصوت دوماً يقتربُ منّي وأينما أكون وكأنها مرسلةً لي هذه اليمامةُ الحبيبة
وها أنتِ تقتربين أكثر وأكثر ألتغنين لي ، ولي وحدي ؟ يا رفة حبٍ في قلبي وأنا اليوم
مثلكِ وحيدة ، فغنّي ... وغنّي
وأنتِ يا شمسنا الطيبة ها أنتِ تَصلين ومن بين كل هذه الغيوم ،صرتُ أشعرُ بدفئكِ
اللذيذ ،وقد بدأ عدد الأطفال في المسبح يتزايد. وسأكون قريبةً منهم لأُسعَد بسعادتهم
وبمرحهم الضاحكِ وهم ينثرون المياه على بعضهم . لكنكِ أيتها الزيزفونة الزاهية
بأغصانكِ الخضراء المرفرفة والبارعة بجلبِ إنتباهِ جميع السائرين ،
ستكونين وحيدةً ، وسأنحني لجمالكِ ، أودعكِ لأكون مع الشمسِ
وقربَ الأطفال
11/6/2013
ستوكهولم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مستنقع- و-ظالم-.. ماذا قال ممثلون سوريون عن الوسط الفني؟ -


.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل




.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال