الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدى لحكايات في افق الذاكرة

سعد محمد موسى

2013 / 6 / 13
الادب والفن



قناطر
يالحنين الروح الهائمة الى قناطر الطفولة .. وجذوع النخيل المستلقية فوق الجداول ، ونحن كنا نحاول عبورها مثل لاعبيّ السرك... والبلابل التي كانت تتلذذ بنقر أعذاق الارطاب وثمارالتين كانت تصدح ضاحكة على زحف أقدامنا الصغيرة المعفرة بالطين ..والتي لم تكن تمتلك أجنحة.
ولنقيق الضفادع الخجولة صدى في الذاكرة وهي تختبىء وراء أجمة القصب والطحالب...
والنحل الذي كان يتعقبنا أيضاً ويهجم على حلوى التمر في أكفنا الصغيرة كان يشاطرنا الرحلة.
وكم من مرات.. عبرت أقدامنا البريئة تلك القناطر.. نحو الجرف الاخر من الشط بإتجاه
البساتين التي كنا نظنها كانت بعيدة وهي تستحم بشلالات الصباح !!
كي نقطف الرمان والتوت ونعدو خلف الارانب البرية ونقلد قفزات الجراد أونمتطي الحمير الكسولة .
ونشاكس صبايا القرى الاخرى
في حقول القمح
ومعابد الشمس
ثم أخيراً نعود مرهقين من نزق الطفولة الى أحضان أمهاتنا .. بعد أن يتسلل غروب الشمس الى جيوبنا المثقبة !!
....
أرنوبة
بيت الطفولة في مدينة الناصرية والذي لم يكن يخلوا يوماً ما من وجود الحيوانات مثل القطط والارانب أو الدجاج والحمام.
وأول حيوان كان برفقتي وانا كنت بعمر الخمسة سنوات كانت أرنبة صغيرة
وقد أسميتها ايضاً (أرنوبة) .
وبعد سنوات طويلة مرت على ضفاف الغربة تذكرت في تلك الليلة أمي وهي كانت تروي الى أحفادها في ليالي الشتاء الممطرة عن أرنوبة وقصتي معها.
كانت الام تحكي للصغار قبل أن يخلدون الى النوم !!!
"كان عمكم (سعد).. طفلاً صغيراً يعشق أرنوبته الرمادية الصغيرة وهي عادةً ما كانت تنام معه في السرير مع قطته أيضاً والتي كانت تغار من أرنوبة ، وفي الصباحات
كان يطعمها ويداعبها ويهتم بها كثيراً.
وذات ليلة شتائية مرعدة وممطرة نفذ الجزر وهو طعام أرنوبة المفضل من الدار وبقيت أرنوبة جائعة .
فبرح سعد خلسة الى بيت الخال في الشارع الاخر من الدار باحثاً عن جزرة الى أرنوبتة .
ثم عاد عمكم .. بعد نصف ساعة وأقدامه كانت تطير فرحاً وكان أيضاً خائفاً من الرعد وظلمة الليل.
وحين وصل حاملاً بعض الجزر والخضار شاهد الوجوه حزينة
رمقني بنظرة استغراب يشوبها التساؤل
" أين الارنوبة ياأمي" !!؟؟
نظر أخوته بآسى ومواساة.
فعرف حينها إن أرنوبة قد ماتت
فبكى سعد وهو لم يكن يعرف حينها لم الموت إختطف أرنوبة بهذه السرعة ولم صوت الرعد أفزع قلب أرنوبة فتوقفت نبضات قلبها وماتت خائفة في إحدى زوايا الغرفة الطينية"!!!؟؟؟؟
...
ترنيمة الامومة

أتذكر والدتي المرحومة وهي كانت تحمل بسطلها النحاسي وتغرف فيه مياه الامطار التي كانت تهطل بغزارة فتفيض بحوش الدار .. ثم تلقي بتلك المياه فوق حافات رصيف (شارع عشرين).
وقد كان عمري حينها لم يتجاوز أصابع الكف .. وهي كانت تدور بصبرٍ كسيزيف بعذاباته وكالنواعير الابدية في دورانها.
جل ما اتذكره أيضاً من حضور الام العظيمة أنها كانت تاخذ قسطاً من الراحة بعد ان تركن بسطلها جانباً وتحتضن موقد النار المشتعل تحت سقيفة إدى زوايا الدار لتجفف ملابسها وتدفأ بأطرافها المتيبسة من البرد وهي تتهدج بتراتيل مشحونة بالتساؤل والحزن ( تاري النار جنة والمومن جذب)!!! . بمعنى أن دفء النار والحطب هي جنة للفقراء والمشردين وليس كما يذكر الروزخونات وشيوخ الدين .. من ان النار هي الجحيم في اليوم الاخر .

ثم مرة أخرى تعود من بين فصول استراحتها وإبعاد فيضان مياه الامطار كي تتقفدني في سريري وتربت على كتفيّ وأنا أقاوم النعاس كي أستمع الى ترنيمتها الحنونة والشجية وكأنها نشيد يتسلل من ضفاف الاهوار البعيدة كي تصل الى مسامعي ..
" دللول يلولد يبني دللول
عدوك بعيد وساكن الجول ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فايز الدويري: فيديو الأسير يثبت زيف الرواية الإسرائيلية


.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي




.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز