الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد

نبيل محمود

2013 / 6 / 14
الادب والفن


((رثاؤك مر أليم ايتها المدينة...))1
من قصيدة رثاء مدينة أور


لقد أفَلَتْ أقمار ليلكِ يا بغداد
وخَبَتْ أشعار عشقكِ يا بغداد
الأشجار تلفّتتْ بحثا
عن مواعيد الأحباب
المقاعد خالية
والأزهار ذابلة
ملقية فوق شحوب الأعشاب
وكفّ عن حدائقكِ عطرٌ
لطالما بثّه القدّاحُ
(الشعراء والصور) صمتوا
والنواسيّون فارقوا أبا نواس
تكسّرت الاقداحُ
وتكدّرت في خوابيكِ الراحُ
ورائحة سمككِ المسگوف
ما عادت تلفح شواطئ دجلة
الأمواج متوجسة من لمس الرمل
فالأكف ضمرتْ أصابعها
وراحت تجرح الماء بالأنياب
خفتتْ أغاني آخر الليل
وانطفأت أضواء أعمدة النور
ياه يا بغداد ما كل هذا الظلام ؟!
لا يكاد المرء يميّز دربا الى بيت
من هاوية تودي الى موت
لم تحفظي أحبابكِ
ولم توفّري سمّاركِ
وفرّطتِ بعشّاقكِ
هاجروا أسرابا
غادروا أغرابا
أقْبَل الويل عليكِ من كل باب
فكل باب خرج منه عاشقْ
أطلّ منه عليكِ ألف ناعقْ
توحّش ليلكِ بالنعيق
ونهش النهار وجهكِ بالنحيب
فكم من داعر وفاجر وغادر
أرْداك وصمةً
على ناصية التاريخ
كم من غراب
تلذّذ بهذا الخراب ؟!
بالدم صرتِ تثملين
تكثّرت الأرقام
ما عاد أحد بقادر
على إحصاء قتلاكِ
ولا منْع دموع ليلاكِ
كل والدة منزوعة اللبِّ
كل محبوبة مفجوعة القلبِ
-----
يا لقلبكِ يا بغداد
كيف يخفقُ ؟!
وقد ودّعتكِ الأعياد ؟!
ألمْ يحترقْ قلبكِ بعدُ في هذه النار ؟
ودخان احتراقكِ
يجتذب من كل الصحارى
المزيد من التتار
فهل عشتُ كل هذا العمر
لكي أبكيكِ وأرثيكِ يا بغداد ؟!
وأشاغل ليلي بالأشباح
لعله يحمل لي بعض الذكرى
من صبا كان يمرح يوما
لاهيا في باحة الأفراح...
الشيب بات ظلا وضبابا
لشباب غدا عَوْده سرابا
فهل بات عَوْدكِ أيضا سرابا ؟!
وهل شعّ مجدكِ دهرا فغابا ؟!
-----
آهٍ يا بغداد يا شرفة الأحزانِ
أؤمّل نفسي
وأقاوم دمعي
أنفض عن روحي الأشباح من حانٍ إلى حانِ
فلا يعينني انكفاءُ
ولا ينقذني انطفاءُ
كيف يكون الانسان بالنسيانِ ؟
في زحمة تحوّل الأحوال
تهزّ كتفي يدٌ
ألتفتُ فيشرقُ وجهٌ نبوي !
: إيهٍ ((جواد))2، ما الذي حلّ بنا ؟
وما المآل ؟
وككل صانع ماهر مثّال
يجيبني بأصابعه ويشير إلى ((نصْبه))
أرفع رأسي
وأرى التاريخ حياً ينبض بالجمال
وما أراه في جزء هشّا
يشتدّ في آخر ضدّ المحال
أعود إلى وجه جواد فلا أراه
أرفع رأسي صوب النصب من جديد
فأرى جواد يحدّث التاريخ ويشير
ووجهه يضحك
فـ ((نصب الحرية))3 تحت الشمس
في قلب بغداد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- طه باقر، مقدمة في ادب العراق القديم، دارالحرية للطباعة، بغداد1976(ص214)
2-((جواد سليم)) الفنان المبدع الذي حاور الجمال والعراق تاريخا وحاضرا في أعماله الفنية.
3-((نصب الحرية)) في قلب بغداد من أهم أعمال الفنان ومن أبرز الأنجازات الفنية في العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا