الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تفشل الدولة والنخب

نادين عبدالله

2013 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية



يتخيل الكثيرون أن مشكلتنا حاليا تتمثل فقط فى سعى الحكم الإخوانى لصناعة نظام سياسى إقصائى يهيمن هو عليه. إلا أن الحقيقة غير ذلك لأن مشكلتنا أشد تعقيدا بكثير. فالنظام الحالى ليس فقط سلطويا ولكنه بالمرة غير كفء. وإذا كان الانتقال إلى الديمقراطية تطلب فقط من النظام الجديد فى دول أوروبا الشرقية مثلا إصلاح وتغيير بنية الدولة السلطوية لجعلها أكثر امتثالا لقواعد الديمقراطية، فإن الأمر يختلف فى الحالة المصرية. مصر ما بعد الثورة تحتاج إلى بناء كفاءة الدولة نفسها بجانب تغيير أدائها السلطوى.

فدول مثل بولندا أو التشيك أو ألمانيا الشرقية دول تمتعت ببنية تحتية متميزة وأجهزة إدارية خدمية فاعلة. فلم يشك المواطنون هناك مثلا من سوء التعليم أو الصحة بل بالعكس تمتعوا بقسط مرتفع منها. كما لا يجب أن ننسى أن هذه الدول كانت دولا صناعية تتمتع بقدر من الكفاءة الاقتصادية والإنتاجية. وهى أمور انعكست كلها بالإيجاب على قدرة المجتمع نفسه على إنتاج نخب اجتماعية وسياسية، لديها من الكفاءة والمعرفة ما يمكنها من بناء نظام جديد. وبالتالى كان تحدى هذه النخب هو فقط التركيز على صناعة مؤسسات تسير بطريقة ديمقراطية، وتحترم حقوق الإنسان سواء فى القطاع الأمنى أو القضائى أو الإعلامى.

أما فى مصر، فالوضع أكثر صعوبة وتعاسة، فنحن نبدأ فعليا من نقطة أكثر تأخرا عن هذه التجارب لسببين: الأول يتعلق ببنية الدولة المصرية الإدارية والخدمية المفتقرة إلى الكفاءة: فمستوى التعليم العام متدن، المستشفيات الحكومية غير آدمية، حتى الكهرباء لم تعد الدولة قادرة على توفيرها لمواطنيها كما نرى!

وإذا انتقلنا إلى باقى المؤسسات: القضائية أو الأمنية أو الإعلامية على سبيل المثال، نجد أن عددا لا بأس به من أعضائها يعانون من غياب المهنية فقط لأنهم عاشوا فى عصر نظام مبارك. فهذا النظام لم يكتف فقط بالسيطرة على مقدرات الدولة والمجتمع- كما فعل مثيله فى أوروبا الشرقية- بل اهتم جدا بتجريف كل شىء. أما السبب الثانى فهو فى كثير من أبعاده انعكاس للأول. فقد أنتجت لنا هذه الوضعية المؤسفة نخبة سياسية واجتماعية لا كفاءة لها ولا معرفة، ليس لبناء نظام جديد كما حلمنا، بل فقط لحماية مصالح الدولة وتسيير شؤونها اليومية. وهل من دليل أبلغ على ذلك من مستوى الحوار المضحك الذى شاهدناه جميعا على شاشات التلفاز إثر أزمة السد الإثيوبى؟

أما الأفظع فهو أننا نسير فى طريق معكوس آخرته كارثية. فالنظام الحالى بنخبته ليس فقط عاجزا عن بناء الدولة ولا هو غير راغب فى صناعة نظام ديمقراطى فحسب، بل هو يدفع بأدائه الضئيل الدولة برمتها إلى الفشل التام. فلا سبيل للنجاح سوى نضوج نخبة جديدة تقود البلاد إلى الأمام، تقودها على أنقاض كل ما هو قديم ومهترئ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تغلق -الجزيرة- والقناة القطرية تندد بـ-فعل إجرامي- •


.. حسابات حماس ونتنياهو.. عقبة في طريق المفاوضات | #ملف_اليوم




.. حرب غزة.. مفاوضاتُ التهدئة في القاهرة تتواصل


.. وزير الاتصالات الإسرائيلي: الحكومة قررت بالإجماع إغلاق بوق ا




.. تضرر المباني والشوارع في مستوطنة كريات شمونة جراء استهدافها