الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعادلة العجيبة والرهيبة !

ماجد جمال الدين

2013 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


قبل أيام صرح حسين الشهرستاني بأن إنتاج العراق من النفط في العام القادم 2014 سيتجاوز 6 ملايين برميل في اليوم ! .. وهذا يعني وبحساب بسيط أن العائدات من ريع النفط في ميزانية العراق ستتجاوز 200 مليارد دولار أميريكي سنويا .. وأنا لا أريد أن أقارن معدل التضخم النقدي وإنخفاض قيمة الدولار في الخمس وخمسين سنة الأخيرة أو معدل زيادة نفوس الجمهورية العراقية والطاقات والموارد البشرية الإنتاجية في هذه الفترة .. وتأثير هذا على عملية البناء الإقتصادي وزيادة رفاهية الشعب .. أترك هذا للباحثين بشكل أكثر تفصيلا ..

ما أثارته في ذهني تصريحات الشهرستاني هي معادلة تبدو اكثر غرابة وتحديا من معادلة أينشتين الشهيرة ، ولربما أكثر إيلاما لنا من تفجيرات هيروشيما ونجازاكي ::

( كلما زاد إنتاج (إستخراج) النفط وتصديره زاد الإستبداد وإفقار الشعب وإذلاله !!!)

عائدات النفط تذهب بشكل مباشر أو غير مباشر ( أي بالنتيجة ، جراء سيطرة طبقة المتنفذين بالتجارة الخارجية ) لجيوب الفئات السلطوية الحاكمة مما يزيد في في سطوتها وإستبدادها .. هذه الفئات لا يهمها تلبية حتى أبسط حاجات جماهير الشعب بتوفير الماء الكهرباء وحتى النفط والغاز نفسه ، فكل هذه تقوم به عصابات مافيوية تكوّن طبقة وسطى من هرم السلطة ومهمتها إفقار الشعب وإذلاله بشكل عملي في كل مجالات الحياة الإجتماعية ، بحيث يبقى خانعا قانعا .. على مثال جوع كلبك يتبعك !
غاية ما يطلبه الشعب في هذه الحال هو السماح له بالذهاب مشيا على الأقدام والتمني عند قاضي الحاجات الذي قتله حقا أحد أعظم السلاطين العباسيين .

الوجه ألآخر للمشكلة أن الإقتصاد الريعي يكون بيئة صالحة لفكر التوكل الغيبي الديني ولا يصلح لصنع وتطوير ثقافة العمل وإنتاج الموارد والخدمات المادية والروحية ... مئات ألآلاف من خطباء وأئمة الجوامع والحسينيات والدعاة والقراء والرواديد ألخ .. يتقاضون أجورا من أموال النفط السائبة ، أجورا لا تختلف بطبيعتها عن أجور أي قحبة ! ..
والقضية هنا ليست حسدا لهم أو تنكيلا بهم بل بالعكس .. هؤلا ء أيضا مهانون ، ولكن وجودهم يسهم في ترسيخ تخلف المجتمع وإحباطه وإهانته ..

وزارت الدولة ومديرياتها ومؤسساتها ، أي كل ما يسمى السلطة التنفيذية ، وكذا السلطة التشريعية وحتى القضائية في شبه الدولة العراقية ، أضحت رهينة ليس لعملها وإنتاجها الإجتماعي بتنفيذ مهامها القانونية الدستورية بل رهينة لفتات مما تحصل عليه من إسقاطات المتنفذين في السلطة المافيوية من ريع النفط وليس جزاءا من الشعب العامل على خدماتهم .. حتى في النظام الملكي كانت كرامة الموظف والقاضي والمشرع أعلى شأنا بكثير من الناحية العملية والقانونية .. فلا عجب أن جهاز الدولة المترهل بمن فيهم مئات آلاف العسكريين لا يشعرون ربما بأدنى أحاسيس الوطنية ومفاهيمها الإبتدائية ...

هل النفط نقمة أم نعمة في أرضنا ؟؟
مياه النهرين العظيمين والأرض الخصبة كانت سببا في نشوء الحضارات هنا ، ولكن تلك المياه إحتاجت لليد العاملة والفكر الإنساني لخلق الرفاهية والسمو ..( في أوربا هنالك شعب " هولندا " يفتخر بأنه صنع أرض وطنه ، حيث كانت مستنقعات شاسعة فجففها ليزرعها فأصبحو أكثر دول العالم الزراعية غنى ً ) ، أما النفط فلم يجلب لنا إلا المآسي ،وضمنا أطماع المفترسين الأجانب ، عدا عن أن الإقتصاد الريعي يصنع حالة الكسل والفكر العبودي والغوغائي كبيئة نفسية وإجتماعية متوحشة ، فنحن لا نصنع حتى ملابسنا .. وهذا لم تتخلص منه حتى النخب التي تتغنى باليسارية والثقافة و والإلتزام الحزبي ألخ ....

غالبية الصراعات فيما يسمى بالصراعات السياسية ( وكأننا بالفعل أمام ديموقراطية تتنافس بها الرؤى والخطط السياسية الإجتماعية والإقتصادية أو القومية ) هي بالحقيقة صراعات عصابات مافيوية لقيادات قبلية شيعية أو سنية أو كردية على السيطرة والإستحواذ على الريع النفطي ، كما كانوا سابقا يتحاربون على تحويل مجرى نهير ما . ولكن الفرق هنا أن مئات وآلاف الأرواح تذهب سدى بالتفجيرات الإرهابية من كل الأطراف بدون أي فهم لما يحصل في واقع الأمر .. لأن الغرض الوحيد هو تغييب العقول بحيث لا تعي ما يحدث !



ما العمل ؟
مالعمل في هذه الحالة وكيف نستطيع أن نجعل ثروات أرضنا ، النفطية وغيرها خادمة لشعبنا ومصدر خير لأبنائه ومستقبلهم بدل أن تكون نقمة وسببا لإستعبادهم .


قبل عشر سنوات كتبت رؤاي عن ميزانية العراق والتخطيط الإقتصادي للعراق الجديد بعد التحرر من الفاشية ، وفي مقالي هنا قبل شهرين عن رؤى دستورية ، وعدت أن أعيد نشر تلك الرسالة .. ولكني ترددت كثيرا جدا في إرساله للنشر ، مخافة من الإنتقاد من الإقتصاديين المختصين بسطحية المعالجة ، أو كما قال شقيقي الشهيد خالد بأنني أكتب في الأحلام .. حيث أنني لست باحثا مختصا في علم الإقتصاد بل أكتب مايدور في ذهني وأراه منطقيا وقابلا للتطبيق ..
سأرسل المقال قريبا ، وهو بجزئين ، بدون أي تغيير أو تحرير ، اي كما كتب قبل عشر سنوات ، وأرجو أن يتسع صدر المحاورين لمناقشته بشكل جدي وليس عندي أي تحفظات أمام نقد أي خطا منهجي قد أكون وقعت به .

تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاخ ماجد جمال الدين: الثروة والوطن
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 6 / 14 - 23:14 )
الاخ العزيز ماجد جمال الدين
هل تعرف اهم ما ورد في هذا المقال الجميل، وهي نقطة احسب ان لم يثرها احد قبلك اطلاقا، واقول ذلك وانا الباحث ولا فخر دوما عن الفكر والابداع وليس عن السفسطة والهذر اللغوي الممل، هو تشخيصك الصائب في هذه المقولة الرائعة
{في أوربا هنالك شعب - هولندا - يفتخر بأنه صنع أرض وطنه ، حيث كانت مستنقعات شاسعة فجففها ليزرعها فأصبحو أكثر دول العالم الزراعية غنى}
لقد فسرت لي بهذه الجملة اللغز الذي لم يستطع احد قبلك تفسيره اطلاقا، وهو، اننا لم نسهم اطلاقا في صناعة اوطاننا ولا ثروتنا، ان تعبنا وان شقينا وان كابدنا سنبقى غير مهمين، اذ ان الثروة لا تعتمد على سواعدنا ولا على ابداعنا، فهي جاهزة وموجودة. انها لصاحبها، شركات استخراج البترول، وشركات تسويقه وبيعه، نحن ليس زخما في ماكنة قوة الحاكم، هو لا يحتاج الينا الا كخدم وحاشية له، فبيع النفط حكر له، لذلك لا تجد الشعوب العربية والاسلامية الا حاشية وخدم!!ـ
الا ترى عدم الاهتمام بالشعب العراقي،؟
ذلك ان الشعب يرى في ان اي مكسب هو فضل من الحكومة عليه لانه لم يساهم في صناعة ثورة ولا وطن.!!ـ
تحياتي وشكرا لهذه اللمحة الذكية


2 - الأخ العزيز مالوم أبو رغيف المحترم !
ماجد جمال الدين ( 2013 / 6 / 16 - 15:27 )
شكرا لك على التعليق الجميل وأعتذر عن تأخر الرد بسبب إنقطاعات الكهرباء ( الوطنية!) .. ههه .. ، وليس عندي غيرها الآن ..
هنالك مقال جميل للأخ شاكر الناصري ولا زال في الواجهة ، وهو يتحدث عن أحد نماذج ( من نواب الشعب !؟) العراقي ... أعتقد أن المقال يصلح مثالا فذا لمضمون مقالي هذا .. ما رأيك ؟

تحياتي

اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا