الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هناك مدّعين بيننا فاحذروهم!

أحلام طرايرة

2013 / 6 / 15
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


هناك من يدّعي التفتّح الفكري وتقبّل الآخر والدعوة للتحرر، تماما مثلما يدّعي آخرون التقوى والورع والتدين، ومثلما يدّعي آخرون آخرين الوطنية والفداء بالدم والأهل من أجل تراب الوطن. أكاد أصنّف "الادعاء" كدين أو مذهب أو فكر قائم بحد ذاته، له نهجٌ ثابتٌ، واضحٌ، بقواعد ومبادئ لا كنهَ فيها ولا لُبس، واسم منظريه واتباعه "المدّعين". إنه فنّ ليس باستطاعة أي كان أن يتقنه. يخيّل لي أحيانا أن ثمة من يولدون هكذا، مدّعين بالفطرة. ولكني أعود لإيماني بأن فطرة الإنسان صافية، طبيعية، لا ادعاء فيها ولا تمثيل، وأن شيئا ما، او أشياء مجتمعة بالأحرى في بيئته هي التي تصنع منه مدّعيا حتى العظم!

قد أتفهم الادعاء الديني في المناطق الأكثر محافظة على وجه الخصوص، وهو أن يحرص الإنسان على أن يظهر بصورة التقيّ الورع العفيف المحب لله والمخلص لدينه وهذا بصرف النظر إذا كان كذلك أم لا، فالمهم هو الصورة التي يظهر عليها، لما يحققه ذلك من قبول اجتماعي يعود على الشخص بما يعود عليه من منافع اجتماعية واقتصادية وسياسية! ما نشهده اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، وفيسبوك تحديدا يقول الكثير في ذلك. ترى شخصا ما يشترك بكل ما يمر عليه من صفحات دينية ويغرق صفحته وصفحات الآخرين بكل ما يقع بين يديه من منشورات وصور ومقولات وعظات وفتاوى دينية تحرص على تذكير الناظر بأهمية أن تكون متدينا وأهمية أن تقوم أيضا بإعادة نشرها لما سيعود بالفائدة على الناشر والمنشور له بمضاعفة الحسنات إلى أضعاف أضعافها، ولخطورة أن تقوم بإهمالها فتوصم نفسك بحليف الشيطان أو على الأقل بشخص يسيطر عليه شيطانه فيمنعه من عمل الخير، أي نشر المنشورات الدينية، وبالتالي تخسر فرصتك بمضاعفة حسناتك، مما سيقلل من أسهمك عند الله بالضرورة. فالخوف من أن ينقص رصيدك من الحسنات يجعلك لا تهمل إعادة نشر أي منشور ديني تحديدا تلك التي تحمل توقيع "اذا لم تعيد نشرها فاعلم أن الشيطان قد منعك". ولا يخلو موضوع الادعاء التديني من صبغة "تعنصرية" كنوع من التحدي بالولاء بين اتباع الأديان المختلفة في الكثير من الأحيان إذا لم يكن في جميعها، فيجد الشخص نفسه ملزما أن يذكّر بولاءاته لدينه حتى وإن لم يكن متدينا في الحقيقة. لهذا كله ولغيره من الاعتبارت التي يطول شرحها أتفهم أن يلجأ البعض للادعاء التديني وأن يتقنوه إلى حد الإقناع- لمن لا يعرفهم عن قرب!

وتنطبق – إلى حد كبير- أسباب الادعاء التديني مع الادعاء الوطني. فالتنظير على الآخرين بتدينك وبوطنيتك هو ضرورة حياة بالنسبة للكثيرين في مجتمعاتنا العربية.

لكن دوافع الادعاء الانفتاحي، إن صحت التسمية، لا تزال مبهمة الملامح لديّ. لا أفهم أن يدّعي شخص منغلق في حقيقته الانفتاح على الآخر وأن يعرض نفسه كمنظّر في عالم الحريات وحقوق الإنسان وغيرها مما تدعو اليه الحركات التحررية. فلا "الله" هنا ليضاعف أي حسنات، ولا قبول اجتماعي يترتب على ذلك. ولكن لا بدّ أن ثمة قبول ما يسعى إليه المدّعي الانفتاحي ولو مؤقتا، فهو ما يلبث أن يكشف نفسه بنفسه ويسقط قناعه كاشفا عن جوهره الحقيقي. كل ما توصلت إليه- حتى اللحظة- هو أن الادعاء الانفتاحي قد يكون ضرورة وجسرا يقود المدّعي إلى جهة مقابلة له فيها مآرب أخرى.

كل ما يمكن الإيجاز به الآن، هو أن نعرف أن ثلة من المدّعين التفتحيين الانفتاحيين التحررين الذي ليسوا كذلك أبدا، يعيشون بيننا ويؤدون دورهم هذا ببراعة يصعب التشكيك فيها إلا لمن له باع طويل وخبرة عميقة مع عالم الادّعاء والمدّعين. فاحذروهم!

برأيي، الادعاء الانفتاحي هو الأخطر تحديدا في ظل الحركة التنويرية التي بدأت براعمها بالتفتح في العالم بشكل عام، وأخشى ما أخشاه أن يكون أتباع ديانة الادعاء قد أدركوا بحنكتهم ودرايتهم أن العصر القادم هو عصر التنوير وبذلك بدأوا يعدّون عدتهم لركوب الموجة- كما ألفناهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا