الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في سورية: هل للمؤيدين حقوق؟

ربيع الحسن

2013 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


خرجت المظاهرات في مدينة درعا تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ، استفاقت الحكومة السورية وردت بالقول نتفهم مطالب المحتجين و دون الخوض في تفاصيل كيف تعاملت السلطة مع هذه الاحتجاجات لكن المهم أنها أعلنت أنها تدرك أن هناك مطالب محقة ينادي بها المحتجون وستعمل على تلبيتها..
كما خرجت مظاهرات في بعض أحياء مدينة حمص وفي تلبيسة والرستن وبعض المناطق الأخرى التابعة للمحافظة تطالب تقريبا بنفس مطالب من خرج في درعا مع بعض المطالب الخاصة المتمثلة في إقالة محافظ (والي) حمص الذي ذاع صيته ليس فقط بين أبناء محافظة حمص بل بين غالبية أبناء المحافظات الأخرى في سورية وهذه حالة نادرة لكون جزء كبير من الشعب السوري لم يكن يعلم من هم نوابه في مجلس الشعب فما بالك بأسماء الوزراء أو أسماء المحافظين والسبب أن محافظ حمص كان يتبع قاعدة ( خالف تعرف).
كما خرجت مظاهرات عديدة في بداية الاحتجاجات في السويداء وفي الساحل (ليس فقط في بانياس) وفي سلمية تطالب بإصلاحات سياسية جذرية والسماح بحرية التعبير لكل مواطن ومحاسبة الفاسدين وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وما ميز مطالب هذه المناطق أنها كانت سياسية بامتياز أي لم تكن هناك أي مطالب ذات طبيعة فئوية أو طائفية أو مذهبية كما كان في مظاهرات بعض المناطق الأخرى. لكن ما حدث بعد أقل من شهر من الاحتجاجات أننا لم نعد نسمع بوجود مظاهرات في هذه المناطق والسبب هو قتل أكثر من مئة شهيد عسكري ومدني في أول شهر من الاحتجاجات في مختلف المحافظات السورية وصولا لمجزرة جسر الشغور التي راح ضحيتها أكثر من 250 عنصر أمن مع التمثيل بجثثهم أوائل شهر حزيران من عام 2011 أي بعد مرور حوالي شهرين ونصف فقط من بداية الاحتجاجات ( كل من يقول أن الاحتجاجات بقيت سلمية أول ستة أشهر من " الثورة" هو أما جاهل أو منافق أو الاثنين معا) . فكانت فترة التحول الخطيرة خلال الشهرين و نصف الأولى من الأزمة ونقطة التحول كانت مجزرة جسر الشغور التي استثمرتها السلطة إعلاميا وسياسيا ودوليا لتثبت ماكانت تقوله عن وجود جماعات مسلحة تقتل عسكريين ومدنيين وهذا جعل الكثير من أبناء السويداء والساحل وغيرها من المناطق يعيدون حساباتهم بعد ظهور و هيمنة الإخوان المسلمين على الاحتجاجات بشكل واضح وكان هذا بمثابة إعلان فشل "الثورة" منذ ذلك الحين.
ثم عمت المظاهرات أغلب الأرياف السورية بخاصة ريف حماه الشمالي وريف حمص وريف إدلب وريف حلب ، وثم بدأنا نسمع الدول الصديقة وغير الصديقة للسلطة السورية تنادي بضرورة الاستماع لمطالب المحتجين وتنفيذ إصلاحات سياسية تلبي طموحاتهم . وأطلق على هذه المطالب المشروعة بمطالب المحتجين أو الثوار أو المعارضين، لكن السؤال هل يوجد لمن يصنف على أنه يؤيد للسلطة أو حتى محايد (رغم أني لا أعرف تفسير كلمة محايد في هذه المحنة) حقوق أو رغبات أو طموحات يريد أن يحققها و من واجب الدولة تلبيتها ؟
في الواقع الكثير من المطالب السياسية التي طالب بها المحتجون في البداية هي مطالب ليست فقط محقة بل هي كانت ضرورية وإنقاذية للبلد فسورية عشية 15 آذار 2011 كانت تحتاج لتغييرات جذرية وعميقة في بنية الحكم وتتطلب تغييرات في السياسات الاقتصادية والاجتماعية ولا نبالغ إذا قلنا أن سورية كانت تحتاج لتغييرات وليس تغيرات تربوية وثقافية شاملة فكلنا يعلم كيف كانت ثقافة الفساد (وما تزال) متفشية بين الناس فالموظف الذي يكون في موقع يستطيع من خلاله كسب المال بطريقة غير شرعية تقول عنه الناس بالعامية (الله راضي عليه أجا بمكان كويس) أوعندما يكسب الموظف المال بطريقة غير قانونية أصبحت تسمى (حلال ع الشاطر) ومن لا يقوم بهذا أصبح غبيا ولا يعرف مصلحته. أليست هذه المفاهيم وهذه الأوضاع كانت منتشرة على كامل الأراضي السورية فلماذا يتم تجاهل الواقع والتضليل في قضية المطالب والحقوق بين أبناء الشعب السوري بناءا على موقفهم الآن من الأزمة؟
واليوم الجميع بمن فيهم الحكومة السورية وحلفائها كالسيد حسن نصر الله وإيران وروسيا مع الدول التي تصطف في الطرف الآخر يتفقون على جزئية تفهمهم لمطالب الثوار والمعارضين وتحقيق الإصلاحات التي خرجوا من أجلها منذ البداية..
هذا يعني من يصنف على أنه مع النظام ليس بحاجة لإصلاحات نهائيا فهو حاصل على كل حقوقه المتمثلة في أنه" مايزال على قيد الحياة"؟؟
ولكن من قال لكم أن من يصنف اليوم على أنه مع الدولة ليس لديه مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية ؟ من قال أنه كان راض عن أداء الدولة وممارساتها التخريبية خاصة خلال حكومة عطري ؟ من قال أنه كان معجبا كثيرا بطريقة الحكم وبانتخابات مجلس الشعب وانتخابات النقابات وغيرها على المستوى الداخلي؟ من قال أنه سعيد اليوم بما آلت إليه الأوضاع في سورية وأنه يحب القتال والدماء؟ من قال أنه لم يكن في البداية مؤيدا لكل المطالب المدنية التي رفعت في بعض المظاهرات؟ من قال أن القضية هي فقط بقاء شخص أو عدم بقائه؟
كثيرا هي القرى التي تصنف اليوم على أنها قرى شبيحة كانت قبل الأزمة تعيش بواقع اقتصادي واجتماعي وخدمي مرير وسيء للغاية يتمثل بعدم توفر وسائط النقل ولا هواتف أرضية ولا شبكات صرف الصحي ولا مراكز صحية في حين قرى مجاورة ( هي ثائرة اليوم) لاتبعد عنها سوى كيلو مترات قليلة تتوفر فيها كل الخدمات السابقة ومنذ زمن بعيد وهذه القرى تصنف اليوم على أنها قرى ثائرة ضد الفساد والظلم والديكتاتورية والقمع وتلك القرى تصنف على أنها قرى مؤيدة للفساد لأنها مستفيدة منه وهي ضد الثورة كي لايأتي نظام ديمقراطي يقوم على مبدأ العدالة الاجتماعية ويخلصها من المزايا و المكتسبات التي قدمها لها النظام؟
اتفق اليوم مع من يقول أن كثيرا من المؤيدين لم يتغير عليهم الواقع المعاشي كثيرا بسبب تداعيات الأزمة وارتفاع الأسعار، والسبب لأنهم كانوا قبل الأزمة محرومين من كثير من حقوقهم ولا يمتلكون ربع ماكان يملكه الآخرون ؟ فلا متاجرهم نفذت ولا مصانعهم أقفلت و محلاتهم أغلقت ولا مزارعهم أحرقت؟
واليوم في خضم ما يقال عن تسويات ومشاريع حكومات انتقالية الكل يتكلم عن حقوق ومطالب المناطق الثائرة سواء سلطة أو معارضة فالجميع يتجاهل من "يصنف على أنه مؤيد " فالمعارضة عندما تتحدث تنسى وجود هؤلاء فخطابها دائما هو أن الشعب السوري يريد إسقاط النظام أو الشعب السوري كله ثائر أو الشعب السوري يريد إقامة منطقة حظر جوي.. كما أن السلطة عندما تقول أنها تريد أن تتحاور مع المعارضة تردد عبارات أننا منفتحون على مطالب المحتجين أو المتظاهرين ؟
لذا فإن كل هذه التسويات المطروحة ستكون على حساب كل من ينادي بدولة مدنية عادلة وستكون على حساب من ظلم قبل الأزمة وبعدها؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل