الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا واسرائيل توأم سيامي في قهر الشعوب

تميم منصور

2013 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية




من يتابع الطريقة والاسلوب الذي يتعاطى به الاعلام الاسرائيلي مع الانتفاضة – التقسيمية – التي تحدث في تركيا مع اطلالة هذا الصيف المشتعل سياسيا ، يشتم رائحة الازدواجية والنفاق والتخبط وغياب الموضوعية والاستقلالية في الرأي ، وكل يوم يمضي من عمر هذه الانتفاضة يؤكد بأن هناك شبه تنسيق بين تعامل هذا الاعلام مع وسائل الاعلام في الولايات المتحدة ، القاسم المشترك بينهما سيطرة الضبابية على مواقفهما .

هذا يذكرنا بتعامل هذا الاعلام مع سلسلة احداث الثورة في مصر ضد حليف امريكا واسرائيل حسني مبارك ، وضد الرئيسين اليمني والتونسي السابقين ، عندما نقول بأن التعامل في الاعلام الاسرائيلي يتم بالازدواجية نعني بأن هناك مواقف ظاهرة ومكشوفة وأخرى غامضة بالنسبة للموقف من النظام الحاكم في تركيا حاليا ، هذه المواقف ليست خالية من حالات التشفي الى درجة الاستعداد لصب الزيت على نيران الانتفاضة التركية، وقد اعترف بهذه الظاهرة الصحفي

المعروف ( يارون لوندون ) فقد كتب بصراحة في عموده الاسبوعي في صحيفة يديعوت احرنوت في عددها الصادر في العاشر من الشهر الحالي (معاناة رجب طيب اردوغان ، في هذه الايام تثلج وتفرح قلوب الاسرائيليين ، ولو قدر لنا ان ندعم المحتجين لما تأخرنا دقيقة واحدة) ، هذا يؤكد بأن جهات اسرائيلية غير رسمية تتمنى ان تحترق اطراف اصابع الزعيم التركي اردوغان والسبب معروف ، وهو ان الأخير سبب الاحراج والازعاج لإسرائيل في يوم من الايام او كما اطلق على هذه الايام – أيام المرمرة - عندما حاول التمرد على اسياده في حلف الاطلسي وفي واشنطن ، لكنه عاد سريعا الى حظيرة هؤلاء الاسياد بعد تدخل الرئيس الامريكي براك اوباما الذي اذاب بعض كتل الجليد التي اعاقت بعض الشيء من حالة التواصل بين الكيان التركي والكيان الصهيوني .

وقد بات معروفا بأن قيام اوباما باعادة هذا الاصطفاف الاسرائيلي التركي كي يستطيع اردوغان القيام بدوره الذي كلفه به حلفاءه في واشنطن وحلف الاطلسي ، وهو التخلص من سوريا الدولة والنظام لتمهيد الطريق امام بسط المشروع الامريكي في المنطقة ، أن حلفاء اردوغان يعرفونه جيداً لقد قرأوا هوسه واحلامه بانتشال رفاة الامبراطورية العثمانية من اضرحة التاريخ وانه يحاول اليوم ان يتقمص شخصية السلطان سليمان القانوني اوالسلطان سليم الاول اللذان سيطرا في يوم من الايام على الشام والعراق ومصر والحجاز وغيرها من الاقطار العربية ، هذه الاحلام هي التي ربطته بالحلف الرجعي الامبريالي ضد سوريا .

الاعلام الاسرائيلي الرسمي لا يجرؤ حتى الآن على اتهام اردوغان بالنزعة الدكتاتورية المغلفة بديمقراطية مشوهة شبيهة بالديمقراطية الاسرائيلية التي تجمع ما بين التعددية الحزبية واستخدام القوانين والممارسات العنصرية بحق حوالي خمس مواطني الدولة ، وهم المواطنون العرب الى جانب سلب حق تقرير المصير لشعب ما زال يرزح تحت نير الاحتلال منذ اربعة عقود ونيف .

هناك مفاصل مشتركة بين تركيا الحديثة واسرائيل ، هذه المفاصل تلتقي في طريقة الحكم وفي عمليات القمع والبطش ضد قطاعات اثنية من مواطني كل منهما ، اضافة الى الصراعات بين التيارات العلمانية والتيارات الاخوانية والحريدية في كل منهما .

بالنسبة للحالة الاولى فان تركيا العثمانية وتركيا الحديثة كانت سباقة ولا زالت ضمائر التاريخ تلاحقها بسبب المجازر التي ارتكبتها ضد الارمن وضد الملايين من اليونانيين الذين تم طردهم واقتلاعهم من المدن التركية التي عاشوا بها مئات السنين ، وبصورة خاصة مدينتي اسطنبول وازمير ، اما الاكراد سكان تركيا فقد عانوا ولا زالوا يعانون من سياسة التمييز العنصري من قبل سلطات انقره السابقة والحالية ، لم تتوقف عمليات القتل والبطش والتنكيل بحق هؤلاء المواطنين والبالغ تعدادهم في تركيا حوالي 12 مليون كردي ، لقد منعتهم السلطات التركية من التحدث بلغتهم وتعليمها للأجيال الكردية ، كما حاولت مصادرة هويتهم الثقافية والقومية واطلقت عليهم لقب الاتراك الجبليون حتى تفصلهم عن قوميتهم الكردية .

لم تختلف ممارسات اسرائيل العنصرية عن توأمها تركيا ، فالمجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في احداث سنة 1948 لم تختلف عن مجازر الاتراك ضد العناصر القومية من ارمن ومن عرب لواء الاسكندرونة و يونانيين وغيرهم ، وكما ان المجازر التركية لم تتوقف حتى اليوم .

واسرائيل هي الاخرى قامت بعشرات المجازر ضد الفلسطينيين بعد قيامها كما ارتكبت المجازر البشعة على الجبهات العربية المختلفة من بينها مذبحة قانا الاولى والثانية ومذبحة صبرا وشاتيلا ومذبحة بحر البقر في مصر ومصنع الغزل والنسيج في القاهرة .

لم تكتف السلطات الاسرائيلية بطرد الشعب الفلسطيني من وطنه فقد لاحقته ايضا في الشتات وحاولت مصادرة ذاكرته وثقافته وهويته لمنعه من حق العودة .

لا تختلف الصورة كثيرا عن معاملة السلطات الاسرائيلية مع مواطنيها العرب الفلسطينيين عن معاملة السلطات التركية مع مواطنيها الاكراد ، السلطات الاسرائيلية ترفض حتى اليوم منح المواطنين العرب حق ادارة شؤونهم التربوية كما هي حق الاقليات الاخرى في دول العالم ، كما انها ترفض الاعتراف بهم كأقلية قومية ، بدلا من ذلك تقوم بوأد روح المساواة والانتماء عندهم وتضيق الخناق على معيشتهم ومصادرة اراضيهم .

يشعر المواطنون العرب في اسرائيل بانهم غرباء في وطنهم و مشاركتهم في اصدار القرارات الهامة في الدولة معدومة ، الاحزاب والمؤسسات الصهيونية تضعهم دائما على هامش اولوياتها وفي خانة الاتهام والشك وعليهم دائما اثبات براءتهم واخلاصهم .

هذا هو وضع الكثير من الاقليات القومية في تركيا والاكراد في مقدمتهم اسرائيل ولا تستطيع اتهام اردوغان بالعنصرية والدكتاتورية لإنها بمثابة مدرسة للعنصرية والتمييز القومي ، وصدق المثل القائل الذي في عينه خشبة لا يستطيع ان يعاير الذي في عينه قشة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ عقود.. -إسرائيل- تخرج من قائمة أفضل عشر وجهات ل


.. ما مصير صفقة تبادل الرهائن؟.. وهل يتجه نتنياهو للعمليات الع




.. الذكاء الاصطناعي يقتحم سباق الرئاسة الأميركية .. فما تأثير ذ


.. نتنياهو يطالب بمزيد من الأسلحة.. وبلينكن: نحاول تضييف الفجوا




.. منع إسرائيل المشاركة بمعرض يوروساتوري للأسلحة بفرنسا بقرار ق