الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض سمات الفلسفة الوجودية, من وجهة نظرنا

اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني

2013 / 6 / 16
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


للجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني/مالك ابوعليا

بعض سمات الفلسفة الوجودية, من وجهة نظرنا

بدأت الوجودية تتشكل كتيار فلسفي و فكري في العشرينيات من القرن العشرين في ألمانيا و من ثم قبل الحرب العالمية الثانية في فرنسا.
الوجودية هي ظاهرة غير متجانسة اجتماعيا, فهايدجر, و ياسبرز هم من كبار الوجوديين, من غلاة انصار (اللامعقول) و اعداء العلم, و هم من الد اعداء الشيوعيين.
بيد أن للوجوديين الفرنسيين مواقع مختلفة بعض الشيء عنهم , فقد انعكست في الوجودية الفرنسية ( مارلو بونتي, جان فال, سيمون دي بوفوار, جان بول سارتر, ألبير كامو) النزعات المناوئة للبرجوازية, بالرغم من هذا التيار بدوره ليس موحدا, فان موقف مارلو بونتي و كامو إزاء القضايا الفلسفية البحتة ينطوي على قدر كبير من النزعة المحافظة, و ينطبق هذا بشكل خاص على كامو (إذ عرف عنه تحامله على الثقافة الاشتراكية و الاشتراكية الواقعية) و تتجسد النزعات الرجعية بشكل ملحوظ فيما يسمى بالوجودية المتدينة (غاريل مارسيل).
إن الفلسفة الوجودية ليست مدرسة واحدة,فهناك الوجودية الإلحادية (هايدغر, سارتر, كامو)و الوجودية الدينية (ياسبرز, مارسيل), و تختلف مواقف الوجوديين, لا النظرية فحسب بل و الاجتماعية- السياسية أيضا.
لقد درس الوجوديون بنية (وجود) الشخصية, ليطرحوا بحق عددا من السمات المميزة لإنسان مجتمع الرأسمال الاحتكاري- فقدانه لشخصيته, و لحريته, و لفرديته و الوحدة و العزلة بين الناس و الخ, و قد حاولوا في إطار فلسفتهم, إيجاد مخرج من هذه الأزمة الأخلاقية و الحياتية, التي أوصلت الرأسمالية المجتمع إليها حين ولدت أشكالا فظيعة من الاغتراب. و هذا المخرج لا يراه الوجوديون في تبديل الظروف الاجتماعية, و إنما في قدرة الفرد على التخلص ( في المقام الأول- عبر الموقف من الله, أو العدم أو الموت) من وجوده الزائف و اكتساب الوجود الذي له وحده. و في صلب مثل هذا الفهم تقوم النظرة الذاتية إلى طبيعة الإنسان: إن الوجود الحق للإنسان غير مشروط موضوعيا, و إنما يختاره, بصورة حرة, وفقا لمخطط ذاتي.
إن اعتراف الشخصية اللامشروط بحريتها, التي لا تعرف قيدا أو حدا, هو عند الوجوديين الشرط الضروري للعودة بها إلى الأخلاق الحقة, و لكن طبيعة الإنسان و أسلوب وجوده و عالمه الروحي, مشروطة, في الحقيقة, تاريخيا و اجتماعيا, و هي تتكون في مجرى النشاط المادي العملي.
إن الوجوديين, الذين يتجاهلون وحدة المشروطية الموضوعية لوجود الإنسان و فاعليته العملية, يعارضون بين الحرية و الضرورة,و يرون أن الإنسان لا يكون حرا إلا في ميدان تطلعاته الروحية الشخصية.
إن الحرية, المفهومة على هذا النحو, ليست إلا وهما خالصا, فهي ليست سيطرة الإنسان على ظروف الحياة, و إنما خضوعه لها, هروبه من الواقع و انغلاقه على معاناته الذاتية. و على هذا الفهم الخاطئ تقوم الفلسفة الوجودية.
إن على كل فرد تبعا لهذه الفلسفة, أن يختار تصرفاته و أن يجد ذاته برغم القواعد الاجتماعية بغض النظر عن المعايير الموضوعية, و بصورة مستقلة عن الناس الآخرين.
و الإنسان عند الوجوديين لا يكون إلا مسئولا عن وجوده عندما يقوم باختيار سلوكه في وحدة تامة, فلا يخضع إلا لعزمه المطلق الحرية (حرية الإرادة). و لكن هذا الفهم للمسؤولية يبرر للإنسان كافة تصرفاته, و هنا ترفع عمليا, الحدود الفاصلة بين الخير و الشر و تتحول الحرية إلى فوضى, و تغدو المسؤولية تنصلا من كل المسؤولية.
تلك هي في الحقيقة و جهة نظر الفوضوية, المعادية للنضال الدءوب ضد الرأسمالية القائم على برنامج موحد و تضامن المناضلين في سبيل القضية المشتركة.
إن حرية الوجودية تنقلب, في نهاية المطاف استرقاقا للإنسان و قعودا عن الفعل و النضال.
إن مشاعر القضاء المحتوم, و الوحدة, و عبثية الحياة و الاستكانة للواقع, و التطلع إلى الموت, كل هذا يتخلل الصرح الأخلاقي الوجودي.
صحيح أن الوجوديون, يدافعون عن حقوق الفرد و كرامته, و لكنهم في الوقت ذاته يسلبونها القدرة على النضال من اجل مستقبل أفضل, أما نفيهم للسلطة البرجوازية يتحول إلى تبرير لوجودها, أو تبرير للعدمية (النيهلية), و في هذا يكمن مغزى الفلسفة الوجودية الرجعية و اللاانسانية.
إن مقولة الوجود هي منطلق الوجودية, التي تعتبر الوجود مشاعر الفرد اللاعقلانية, و يوضع هذا الوجود الخالي من أي تحديد نوعي و الأجوف تماما كنقيض للعالم الخارجي و المجتمع و تضفي عليه صفة الإطلاق, و يحول إلى شيء له حياته الخاصة المستقلة عن كل ما سواها و يعتبر الوجوديون العالم معاديا و غريبا و حتى خطرا و مشئوما على الفرد, و يطور الوجوديون فكرة الفردانية المتطرفة ذات المسحة التشاؤمية, و هم يقولون أن الفرد يعيش دوما في حالة خوف, و انه يحس طوال الوقت بالقلق و الإحباط.
و يذهب الوجوديون إلى أن الوجود البشري ينقسم إلى ( وجود ذاتي و غير ذاتي), فوجود الإنسان غير ذاتي في الصلات و العلائق الواقعية, أما الوجود الحقيقي, فهو لديهم وجود مجرد ليست له أي صله بالعالم الخارجي, و هو خالي من أي تحديد نوعي, إن مقولة الوجود (الذاتي) هذه, هي في الجوهر, تجريد وجودي فارغ لا تخفي إلا سعي إنسان المجتمع البرجوازي لإثبات ذاته في عالم غريب و معادي, و التغلب على غربة العالم هذه و لو بأسلوب هلامي.
ينكر الوجوديون وجود أي حتميات في العالم, زاعمين أن الخوف و اللامعقول يسودان في كل مكان, و يذهبون إلى أن وجود الإنسان ذاته لامعقول و عديم الجدوى, ليس هناك تقدم و ليس هناك قيم, فالإنسان منسي في هذا العالم, و محكوم عليه بالوحدة, لذا فانه يشعر دوما بالخوف و اليأس و انقطاع الأمل. و في (الحالة البينية) التي يأتي ورائها (العدم) أي في مواجهة الموت, يحصل نوع من الرؤيا الحدسية و اكتشاف (الماهية) أي المعاناة اللاعقلانية للذات, ولا ينفك الوجوديون يتحدثون عن مأساوية وجود الإنسان, و أن هذه العقدة التشاؤمية للوجوديين لتعكس اغتراب الإنسان في المجتمع البرجوازي, بيد أن هذا الانعكاس للوضع الفعلي للإنسان في المجتمع الرأسمالي, يعكسه الوجوديون بصيغة فنطازية للغاية, و مبهم إلى حد بحيث يصل بالمرء إلى تشويه كامل للواقع, عوضا عن استبيان الوضع الفعلي.
إن لوحة العالم التي يرسمها الوجوديون تخلو من الموضوعية و العلم و تسامي الفكر و الفعل, فكل شيء بالنسبة لهم مقرف و مثير للغثيان, و الوجوديين فعليا, يدمرون أسس العلم ذاته, و هم يصلون عن وعي أو عن غير وعي إلى الإشادة بالقبيح و المسخ و اللاأخلاقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسبانيا: آلاف المتظاهرين ينزلون إلى شوارع مدريد للدفاع عن ال


.. لماذا تتبع دول قانون السير على اليمين وأخرى على اليسار؟ | عا




.. مظاهرات في القدس تطالب بانتخابات مبكرة وصفقة تبادل والشرطة ا


.. Boycotting - To Your Left: Palestine | المقاطعة - على شمالَِ




.. رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في إسرائيل: خطاب غا