الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المأساة السوداء - قراءة في مشهد الاستاد

محمد أبوسالم

2013 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


مزيج عجائبي من المشاعر انتابني وأنا أشاهد ذلك الجمع المسافر عبر الزمن في اجتماعه بالصالة المغطاة باستاد القاهرة، ربما حسرة وانبهار وألم، ولكن التقزز كان هو الشعور الذي دانت له الهيمنة المطلقة، حتى الضحكات التي انطلقت وأنا أرى عاصم عبدالماجد وهو يتمايل كمشجعين الفرق الرياضية على موسيقى الدم والطائفية كانت ضحكات ملؤها الحزن على شباب يزجون به في طريق الموت في معركة ليس له فيها عقال بعير، كلمات من رجال كلما فتحوا أفواههم خرج السواد سيلاً، أناشيد قبيلة تشحذ الهمم للانقضاض على قبيلة أخرى إعلاءًا لقيم قروسطية لم يتبق منها سوى هذه الحفنة، قائد للهتاف يشبه جامع النقطة في الأفراح الشعبية رزقه الله بعدة آلاف من الشباب المثالي الذي لا يرد له هتافًا مهما تهافت، ولكن المشهد بعد أن ذهب هوله وهزله وتقيؤه يدعو لأن نفكر، ما هذا؟

لا يمكن قراءة هذا المشهد بمعزل عما يحدث في مصر من حشد لاسقاط الإخوان المسلمين، فالحشد جدي وضخم، وقد بدا من إشارات عديدة أن أجهزة الدولة داعمة لهذا الحشد بشكل أو بآخر، الجيش الشرطة القضاء وغيرهم، السلفيون وأغلب الجهاديون ينفضون من حول الإخوان الذين استعملوهم وأخلفوا معهم الوعود، حتى أمريكا صرحت أو ألمحت في مناسبات عديدة عن اهتزاز ثقتها في قدرة الإخوان على قيادة مشروعها الشرق/أوسطي الذي تبدو عليه ملامح فشل ذريع، ماذا يفعل الإخوان في رهبوت هذا العصر بحسب تعبير شاعرنا الكبير حسن طلب، يفعلون ما يجيدونه، يفعلون ما سبق لهم وفعلوه في أفغانستان والشيشان والصومال ومالي، فكان ذلك المشهد الهزلي الذي ظنوا أنه يحقق لهم الآتي:

1- استعادة الجهاديين والسلفيين مرة أخرى، وهؤلاء ما إن يسمعوا كلمة جهاد حتى يسيل لعابهم، ناهيك عن طائفية خطابهم الشديدة والتي تضع المسلمين المخالفين لهم جميعًا في خانة من يجب جهادهم، فيمكننا تصوير ما يحدث في سوريا على أنه صراع طائفي، في هذه الحال فالخارجين عن مرسي يعطلونهم عن الجهاد، أي يعطلون فريضة فرضها الله عليهم، هنا يجب أن يتوحد الإسلاميين ضد هؤلاء الخوارج لنفرغ للجهاد الأكبر.

2- هذا الحشد الذي جاء بعد أيام قليلة من إعلان أمريكا تسليحها للمعارضة السورية هو رسالة من الكلب العجوز الذي استخدمه السيد في أفغانستان بأنه مازال صالحًا للاستخدام في سوريا، وأنه قادر على حشد الشباب وقودًا للموت القادم، لا داعي للتخلي عنا الآن فمازلنا نخدم بهمة وإخلاص وقدرة، المشكلة أنهم لم يقدروا أن إعادة إنتاج نفس الفعل بنفس آلياته بعد ثلاثة عقود هو أمر مستحيل، أو ربما قدروا ولكن رأوا أن لا مانع من خلع جميع ملابسنا الآن، فالسقوط قد يكون مدويًا.

3- محاولة جمع شباب الإخوان على قلب رجل واحد قبل يوم ثلاثين المقبل، فالأخبار التي تواترت عن غضب شباب الإخوان وعدم رغبتهم في النزول لمواجهة جموع الشعب وطلبهم لانتخابات مبكرة داخل الجماعة يبدو أنها صحيحة، عمومًا هي ليست المرة الأولى التي يحدث فيها هذا من شباب الإخوان، فقد طالبوا بأكثر من هذا بعد الثورة مباشرة وتم فصل العديد منهم، ولكن الفصل الآن لن يجدي نفعًا ونحن ننتظر الطوفان، فلنجمعهم على هدف أسمى.

4- تلويح مرسي بإشراك القوات المسلحة المصرية في هذه المعركة قد يعني إعلانه الحرب رسميًا إذا ساءت أوضاع أركان حكمه أكثر، ووقتها لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ويصبح معارضيه خونة بطبيعة الحال، كما يمكنه هذا من فرض الأحكام العرفية والقضاء عليهم تمامًا.

من نافلة القول أن أوضح في النهاية أنني لا أؤيد النظام السوري، بل أراه نظامًا إجراميا لم يشهد العالم له مثيلا، ولكنني بالطبع لا أؤيد هؤلاء الإسلاميين القتلة الذين يعيثون في سوريا فسادًا باسم المعارضة.

بالمناسبة يجب التذكير أن القوى الداعية للتدخل المسلح في سوريا حتى الآن هي أمريكا وإسرائيل ومصر والسعودية، ألا يذكركم هذا الجمع شئ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار