الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطاب العرقي ....الى أين ؟ ( 2 )

عبد الإله بسكمار

2013 / 6 / 16
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


نعيد التأكيد مرة أخرى ، إن كان الأمر يحتاج إلى تأكيد ، أننا نعتز يغنى وتنوع الثقافة المغربية في شقيها العالم والشعبي ، بمكوناتها العربية الإسلامية الأمازيغية الحساينة وروافدها الإفريقية والأورومتوسطية واليهودية ، ولن يزايد أحد على شرفاء المغرب ومناضليه ومثقفيه في هذا الإطار، علما منا بان موقع بلادنا الاستراتيجي الرابط بين إفريقيا وأوربا والشرق العربي جعل هذا البلد المسمى مغربا بمثابة ممروهمزة وصل وملتقى لمختلف العناصر والثقافات والحضارات الإنسانية ، بما طبعها ويطبعها من مد وجزروتعايش وتسامح وصراع أيضا ( في بعض المراحل ويجب الاعتراف بالأمر ) ، وفي هذاما أتصور أنه رد مفحم على من يتهمنا بالتفرقة وإثارة النعرات ، والعكس هو الصحيح فحتى أطفالنا يفهمون بالبديهة أن الوطن أو بالأحرى الانتماء له يجب أن يعلو فوق أي نعرة أخرى ، الوطن الذي يجمع كل شتات وتعدد ويعتز بكل تنوع يخدم وحدته وكيانه واستقراره ومصالحه وهي الفكرة النبيلة التي تربينا ونشأنا عليها إلى أن نلقى وجه ربنا الكريم ... هذا الموقف يشكل تقابلا واضحا مع خطابات التعصب والإقصاء والتطرف من أي جهة كانت ، لا سيما وأن البحث في الإنسان والمجتمع يلقننا يوميا أبجدية الحقيقة النسبية أما المطلقة فمجالها الأديان السماوية فقط ثم العلوم الدقيقة وفي نطاق محدود هي الأخرى كالنظريات والقوانين التي لا تتخلف زمانا أو مكانا...
لنا كل التقدير والاعتزاز أيضا لمن يخدم الثقافة المغربية في كل أبعادها المذكورة ويضيف شيئا للبحث العلمي النزيه ويفيد الناشئة بما ينفعها ، لا بما يجر النعرات والنزعات الضيقة اثنيا أو طائفيا أو دينيا أو لغويا ، والتي أثبت العلم نفسه تهافتها وبطلانها ، والحق يقال إن أغلب الباحثين في مجال الثقافة الأمازيغية كمكون أساس من ثقافتنا المغربية قدموا ويقدمون خدمات محترمة جديرة بالاعتبار في هذا الميدان سواء على صعيد البحث في التراث الأمازيغي أو تحيين بعض المطالب التي استجيب لها في الدستور الجديد كترسيم الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية - وهي اللغة الرسمية الأولى للبلاد - وتطوير الاهتمام بالثقافة الشعبية واستعمال اللهجات ...كما نقدر النقاش الهادئ الذي انخرط فيه هؤلاء مع بقية مفارز المجتمع المغربي السياسي والثقافي دون تزمت أو مصادرة حق الاختلاف في موضوع شائك ذي مناح خلافية أصلا ومفصلا الشيء الذي يحتمل عددا من زوايا التحليل ...ويتقاطع مع كل مباحث العلوم الإنسانية كالتاريخ والمجال وتدبير الشأن العمومي والاجتماع واللساينات والأنتروبولوجيا واليبيولوجيا وغيرها لذا يصبح من باب اللامعقول أو الاستفزازوالعبث إطلاق الأكاذيب والمغالطات والأحكام السريعة الجاهزة ثم تصديقها وترويجها بسهولة مضحكة كأنها حقائق ناصعة ...
الفرق شاسع بين البحث المجرد في أصول وعناصر الثقافة الأمازيغية من أجل المعرفة والإفادة واغناء المكونات الأخرى وبين الاستغلال الأيديولوجي / الهوياتي الصرف أو التأويل الذاتي والارادوي لبعض العناصرانسجاما ملتبسا مع غايات لا يعلمها إلا أصحابها والراسخون في العلم ليس أقلها النزاع المصطنع اصطناعا عبر الثنائية المزيفة : عرب / امازيغ ، والبعد الثاني مرفوض تماما من طرف أغلب الفاعلين والمثقفين فضلا عن الغالبية العظمى من الشعب المغربي المتشبع بثقافته الغنية والمعتز بهويته الوطنية الجامعة ...
كيف يمكن تحديد شخص ما بأنه ينتمي إلى شريحة معينة أو عنصر اثني محدد ( وليكن الشخص الامازيغي كنموذج فحسب) قد يفرقه مثلا عن عنصر آخر؟ لا شك أن الدم وحده لا يشكل عاملا تمييزيا لأسباب متعددة وإلا سنعطي الشرعية للأفكار النازية / العنصرية مرة أخرى والتي تعلي من شأن الأعراق والاثنيات دون شيء آخر، مما ساهم في المحرقة الكبرى المسماة حربا عالمية ثانية ، بكل كوارثها وماسيها ، يبقى عنصر اللغة كمحدد فعال في هذا المجال فهل الأمازيغية تشكل لغة بالمعنى العلمي والثقافي فضلا عن المجتمعي؟، يحدد دوسوسيرالعالم اللغوي وفاتح القارة اللسانية مفهوم اللغة بأنها نظام تواصلي / صوتي - صرفي - تركيبي ودلالي تداولي ، عبر المنطوق والمكتوب وذهب آخرون إلى أن اللغة هي لهجة سادت سياسيا ولم ينتبهوا غالبا إلى أن هذه السيادة لم تتحقق إلا بعد استكمال اللغة للأنظمة المذكورة علاوة على تداولها بين عدد محترم من الناس ...
في حدود الرصيد المعرفي لكاتب هذه السطور لا تتوفر الامازيغية على تلك الأنظمة المذكورة أو جلها وان تم الاعتراف بها في الدستور المغربي الحالي لأسباب سياسية بالدرجة الأولى تتمحور حول مايمكن وصفه بمنطق " جبر الخواطر " أما العلم والمنطق والتاريخ فأشياء أخرى مختلفة تماما ، إن هذه اللغة في حقيقة الأمر هي عبارة عن ثلاث لهجات تتمايز وتتقاطع وتتشابه بهذه الدرجة أو تلك وهي :
1- الزناتية : ويطلق عليها " تاريفيت " ويتكلم بها سكان منطقة الريف بشمال المملكة وبعض سكان المناطق الأطلسية والأمازيغ في ليبيا وتونس ( 1 في المائة من الناطقين بها في تونس )و بعض ساكنة الجزائر من غير منطقة القبائل .
2- المصمودية : وتسمى عادة عند أصحابها " تاشلحيت " وينطق بها سكان جبال الأطلس الكبير الغربي وسوس (أكادير تارودانت وما حولهما )
3 – الصنهاجية ، ويطلق عليها " تامازيغت " وهي متداولة بين رجال قبائل الأطلس المتوسط وشرقي الأطلس الكبير والمتوسط وناحية ملوية ثم طوارق الصحراء ...
الفروق بين هذه اللهجات واقع ملموس تشهد به العديد من المؤشرات ليس اقلها تقديم نشرات الأخبار بها متفرقة وهذا لا يمنع بالطبع أن تكون اللهجات المذكورة نفسها قد تفرعت عبر مراحل تاريخية عن لغة واحدة هي اللغة الأمازيغية الأم ولكن هذا الطرح كما هي طروحات أخرى لم يتأطر علميا بعد لأنه لا يخرج عن مجال الافتراضات hypothèses وبما أن التوصيف الأدق يضعها في مجال اللهجات الشعبية التي يتكلم بها من 30 الى 40 في المائة وسط المغاربة فان إشكالات متعددة توضع أمامها في مجال الكتابة ( حرف تيفناغ ذي الأصل الطوارقي / الليبي والمحول بدوره عن الأصول القرطاجية والفينيقية حسب الباحثين في الأدب واللغة ) علاوة على الصعوبات المعرفية والبيداغوجية في مجال تدريسها حيث نجح تعليمها في بعض المدارس المغربية دون أغلبها وفي الجهات المعدودة التي يغلب عليها الحديث بإحدى هذه اللهجات ....
نعم تمت إضافة الجمل والكلمات والحروف الأمازيغية إلى بعض اليافتات والمؤسسات الإدارية و التعليمية تحت العناوين باللغة العربية ، لكن الانتقال إلى الثقافة العالمة وعبرها تطوير الكتابة والحروف جعل من الصعوبة بمكان الارتقاء بالتشكيلة الخطابية للأمازيغية لا بسبب البياضات التاريخية فحسب ( ما زال حرف تيفناغ في استعمالاته المحدودة يشبه الحروف النبطية والفينيقية خلال الألفية الأولى والثانية قبل الميلاد مع احترامنا دائما لثقافتنا ولهجاتنا الشعبية ) بل تبعا لإقبال شرائح الشعب المغربي بمختلف مكوناته على عناصر الهوية العربية الاسلامية وقبوله الطوعي لها من دين حنيف ولغة عربية بالدرجة الأولى ( حتى وان لم تستعمل الفصحى في التخاطب اليومي فهي تعد أول مؤثر كبير في العامية وفي اللهجات أيضا ) وثقافة عالمة بالدرجة الثانية ...رغم كل التحديات التي تواجهها لغة الضاد أمام التيار الفرانكفوني حيث يميل إليه غلاة الباحثين الأمازيغ ويستقوون به على أبناء جلدتهم ...
نعم تعرضت كل المناطق التي ذكرناها لتهميش افتصادي وسياسي وثقافي منذ استقال البلاد سنة 1956 ولم تكن تلك الجهات من البلاد استثناء في الإقصاء التنموي والتهميش بمختلف صوره فباستثناء مثلث الرباط القنيطرة البيضاء طنجة وفاس إلى حد ما ، عانت مختلف المناطق المغربية الناطقة وغير الناطقة بالامازيغية من الظلم الاقتصادي والتفاوت الاجتماعي والبطالة وأشكال التهميش والفقر والحرمان من المشاريع التنموية التي توفر مناصب الشغل وتضمن العيش الكريم للناس ، بل نجد تلك المظاهرالسلبية نفسها حتى داخل المدن الكبرى المحظوظة والأحياء الهامشية وهذا محور آخر قد يتناغم عند البعض مع الحقوق الثقافية الى جانب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكن تسييس الثقافي أو تحويل الثقافي إلى الأيديولوجي هو الذي يطرح الإشكال حقا والنقاش الهادئ في كل الأحوال ضروري ومفيد من أجل الوطن المعتز بهويته المتعددة الغنية ....والأهم من أجل وطن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لجميع المغاربة وليس لفئة محظوظة منهم ....

*كاتب مغربي / فاعل مدني وجمعوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كان عليك
Jugurtha bedjaoui ( 2013 / 6 / 17 - 20:32 )
كان عليك ان تتكلم عن الامازيغية في حدود معرفتك بالمغرب فقط وهاد من حقك وسياتيك الرد من الاحرار في المغرب بالدات لان من ولدت ميس اومازيغ واحمد عصيد وآخرون مازال قلبها ينبض من اجل الارض المسلوبة من طرف غزاة الصحراء الجهلة وسياتي يوما وترجع الارض لاصحابها اما عن الجزاءر فهي امازيغية اب عن جد ومن تلمسان غربا عاصمة الزيريين الى بجاية شرقا عاصمة الصنهاجيين اما عن ليبيا لقد حدفت من طريقها العنصري العروبي القدافي وهم في طريقهم لاعلان الدولة الامازيغية في السنوات القادمة وتونس وجنوبها يحوي الآن اكثر من الف جمعيةامازيغية وكان لها الحض السنة الماضية ان تحتضن المؤتمر العالمي للامازيغ ومازال مازال تحياتي


2 - أراء وجيهة للتنبيه على خطر العرقية
عبد الله اغونان ( 2013 / 6 / 17 - 23:34 )

شكرا الستاذ عبد الاله بسكمار على هذا التحليل الموضوعي والذي يحتج على التيار العنصري
هاأنت ترى نموذج التشبث بالمغالطات الأخ المدعو يوغورطة وهو طبعا اسم مستعار لايستطيع من خلال ثقافته أن يناقش الأفكار الوجيهة التي تطرحها لذلك يستغيث بالمدعوميس أومازيغ وبأحمد عصيد وهو يعرف انهما يواجهان متابعات نقدية لمجمل طروحاتما ربما لايتابعها جيدا وحتى عندما نناقش مايطرحه ميس أومازيغ هنا فهو يتدحل فقط من أجل الانتصار لفكرة مسبقة لايعرف حيثياتها بدلالة عجزه عن ضبط ايقاع الحوار بدل الاستقواء بالاخرين والتعصب العرقي مع أني
أناقش بصفتي أمازيغي
اأسأل الأخ المدعو يوغورطة وليستعن ان عجز بأساتذته عصيد وميس أومازيغ هل يمكن أن يجيبنا بأمازيغية طبيعية عن معاني أسماء المعنى في ألامازيغية المعروفة في الجزائر أو المغرب
مجرد الفاظ وليست مصطلحات أو جمل. أريد المقابل الأمازيغي لهذه الكلمات
الله
الصبر
الحسد
فصل الصيف
الجن
السحر
الصهريج
الفاظ القرابة العم -الخال -الجد...
الجمعة
العدل
السم
الامتحان
العطلة
الشهيد
الأمل
التفاح
القدر
العنصري
الدعاء
القاضي
المحامي
النجار
العقل
الخ لم أطلب اسماء الة ولامفاهيم


3 - jugurtha bedjaoui السؤال المعلق
عبد الله اغونان ( 2013 / 6 / 21 - 00:06 )

في موضوع الأستاذ عبد الاله بسكمار. الخطاب العرقي...الى أين؟
قلت في تعليقك على الكاتب
سيأتيك الرد من الأحرار في المغرب وذكرت ميس أو مازيغ وأحمد عصيد وكأنك تستغيث بهم وكأن الأجدر بك أن تبدي رأيك أنت
أجبتك وطلبت منك ان تعطيني ترجمة أمازيغية للكلمات التي قدمتها كعينة يصعب ايجاد معادل لها في اللغة الأمازيغية الطبيعية وأنا أمازيغي عن أب وجد ولاأعرفها وعندما أسأل من لهم 70أو80 سنة من ألأمازيغ لايعرفونها الا بالعربي المحرف بلكنة شلحوية
أرجو مادمت تعتز الى درجة التعصب الهجومي بأمازيغيتك أن تجيبني حسب أمازيغيتك الجزائرية التي يصعب عليك أن تتفاهم مثلا مع موش أومازيغ الريفي بالمغرب استعن به وبعصيد وبغيرهما وأجبنا ونحن لك من الشاكرين

اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية