الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلدياتنا ومجالسنا المحلية العربية سلاحف انقلبت على ظهورها

شوقية عروق منصور

2013 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


نعيش هذه الايام والايام القادمة في زفة التحضير لانتخابات البلديات والسلطات المحلية العربية ، والذي يعرف معنى هذه الايام يدرك انه موسم رفع الغطاء عن طناجر العائلية والطائفية ، وما ادراك ما العائلية والطائفية حين تطل برؤوسها من الطناجر والحناجر والجحور ، وتشتعل نار القرابة ورابطة الدم في الدماء العشيرة والقبيلة والعائلة المجيدة ويتحول المثل أنا وابن عمي على الغريب – ابن البلد - الى شعار وعلم يرفرف فوق كل بيت وتنقسم الحارات على بعضها البعض ، وتدخل النساء خاصة في اجواء الاحباط والخوف والكذب لأن عليها واجب الانضمام لطرف عائلي معين والواجب أن ترفع صوتها عالياً مؤيداً حتى ترضى عنها العائلة وتعتبرها ابنة بارة أو زوجة مخلصة للذي اشتراها – أهلي اللي اشتروني مش اللي باعوني - تسمع كلامهم حتى لو أدى ان تكذب وتنافق وتعاند وتقاتل أبيها اخوتها أو زوجها الذي قد يكون من عائلة يختلف مرشحها عن مرشح عائلتها .
انه موسم الوجوه التي تتصنع الغضب وتكتشف ان البلد يعاني من مشاكل وقضايا لها اول وليس لها آخر ، كأن هذه الوجوه كانت تعيش على سطح القمر وفجأة بقدرة قادر هبطت الى الشوارع والطرقات وعرفت ان بلدهم يحيا بأزمات اجتماعية وخدماتية وتعليمية وفوق فوهات براكين عديدة أهمها العنف المستشري .
أعجب من هؤلاء الذين ترتفع في دمهم فجأة نخوة الانقاذ كأنهم طاقم خبراء يعيش تحت سطح الأرض واكتشف فجأة الدواء الخاص لمرض البلد ، فيسارعون لترشيح أنفسهم للانقاذ والاصلاح لان البلد مدمرة ولا يتم اصلاحها الاعلى ايديهم ، بينما في الواقع وطوال سنوات عديدة وطويلة يعيشون داخل عالمهم الفوقي ولا يهتمون ولا يشاركون بشيء يخص البلد حتى لو السير بمظاهرة .
انه موسم الاحزاب العربية التي تحاول مغازلة العائلات والركوب على موجة الانتخابات ، مع ان هذا الاحزاب يجب ان تكون فوق العائلية ، فالمبادىء لا تتجزأ ، لكن نراهم يتسابقون ويعزفون على اوتار العائلية وتعميقها وتغيب مصداقيتهم ما دام كيس المصالح مليان وسيشاركون الخلان .
نحيا الآن في موسم رائحة الطبخات من مصالح ومناصب ووعود ، اذ تتسلل من المطابخ السرية التي تطبخ في الجلسات بين المرشحين وبين العائلات ، ويبحثون في هذه الجلسات عن بقايا البقايا من وظائف ومناصب ورشوات تحت مسميات عديدة ، والوعود مثل زخ المطر ، المهم ينجح المرشح وبعد ذلك لكل حادث حديث ، وكم رأينا وسمعنا من صور لوجوه تلعن وتشتم لأن فلان وعدها وأخل بوعده .
نحن في موسم لعبة خلع الاقنعة وارتداء الاقنعة كأنهم يمثلون فوق مسرح عبثي ، كيف يكون فلان قبل اربع سنوات مع فلان وبعد اربع سنوات مع آخر ويغير مبادئه وقناعاته حسب رؤيا الوعد والمنصب ( قد تكون هذه الصورة عند جميع الذين يحملون مصالحهم الشخصية في كل العالم وليست حكراً على العرب ، ولكن نحن قد نتنازل عن مبادئنا من أجل أدنى الوظائف )
في جميع هذه الصور البائسة المظلمة نجد المواطن العربي في هذه البلاد يتفرج وينتظر الحلول المستعصية في بلده ، او لعله الآخر يفتش عن مكان لطرف اصبعه في طنجرة المصالح.
اضحك عندما اقرأ واسمع العائلة الفلانية اجتمعت وقررت ترشيح فلان وعلان ، وترى الوجوه وهي تؤكد اننا من عائلة كبيرة تتحدى وتقف وتأخذ حقها في حلبة الانتخابات ، ويصبح لكل عائلة قن دجاج خاص بها أي – مَطي - وعليها جمع اكبر عدد من البيض لكي يرقد عليه الرئيس المنتخب حتى يفقس مصالح لهذه العائلة .
أعترف قد يعتبرني البعض رجعية في افكاري لكن أقولها صدقاً ، منذ خرجنا من تحت قنابيز المخاتير ونحن في حالة ضياع في طرق التيه والديون المتراكمة ، وكل رئيس بلدية او مجلس يترك وراءه تركة من الفوضى ويخرج وهلمجرا ، حتى تحولت مجالسنا وبلدياتنا الى ديكور مزيف جميل من الخارج ، ولكن في داخل المبنى البلدي هناك الى جانب الرئيس رجل يتبعه كظله له كلمة اكبر وأعلى من كلمة الرئيس يدعى ( الحشاف ) هو الذي – يشور ويمون وما على الرئيس العربي الا الاصغاء والموافقة على مضض ، عدا عن فيروس اللجان المعينة او - حكم عسكري بحلة وزي جديد عصري - التي اصيبت بها بعض قرانا ومدنا العربية حتى تحولت هذه البلديات والمجالس الى اماكن مريضة منهكة لا تقوم لها قائمة .
كنا نتوقع عندما منحنا مفاتيح قيادة ادارة البلديات والمجالس المحلية ان ننهض ونرتقي ونقف بشموخ ونحقق احلامنا الاجتماعية وندفع العملية التعليمية والتربوية ونتحدى العقبات وشح الميزانيات ونقدم الخدمات ، لكن ماذا خرج على السطح من بقع سوداء ، تعينات ومناصب وتقسيم وظائف وارضاء فلان وعلان وتعين مدراء للمدارس ومعلمين حسب القرب والوعد الانتخابي ، وتواطئت وزارة المعارف عبر المفتشين في تمرير التعينات ، واصبح في كل قرية ومدينة طوابير معدودة على فلان وعلان ، وقصص وحكايات حول ( المخراز ) المطبوخ ، ومن السخرية أن نعرف اليوم اسم المدير قبل أن تبنى المدرسة .
والاحزاب العربية دخلت أيضاً اللعبة العائلية من أجل مصالحها وقاسمت البلديات والسلطات الوظائف والمناصب ، كأنهم بين هذه الاحزاب اتفاق عل دخول المستنقع فخرجوا ملوثين ، وثالثة الاثافي هم الاعضاء في المجالس البلدية الذين يدخلون كأعضاء لهم المكانة في القرار والتقرير ولكن يخرجون دون أن يعرفوا ماذا جرى و يجري ، وكانوا مجرد اصابع ترفع ، المهم يبصمون على كل شيء يريده الرئيس ، فالرئيس يفعل كل شيء ، ونفتش عن المعارضة فنرها تحمل الحقد اكثر مما تحمل النقد ، أما وظيفة المراقب في البلديات والمجالس اذا وجدت فهو الموظف الحاضر الغائب ، هل سمعتم عن مراقب في بلدية عربية أو مجلس محلي كشف عن الفساد ما ، أنا بصراحة لم أسمع .
نسمع بين فينة وأخرى عن مدارس ثانوية عربية بيعت لشركات يهودية عنصرية تحت مسميات الخصخصة ، اذا رئيس البلدية والمجلس لا يعرف المحافظة على مدرسة ثانوية في بلده فكيف سيحافظ على مقدرات أخرى ، ويتم بيع المدرسة عبر ظروف تسيء للعملية التعليمية دون ان تحتج وزارة المعارف التي ترى حجم الكارثة التي تحل بالتعليم العربي نتيجة الخصخصة ولكن تضع في اذن طين واذن عجين ، اليس الطلاب عرب .
لا نريد فتح الكراسات والصور التي حملها برنامج الرؤساء وكانت بعد تجربة الواقع حبراً على ورق ، لنهتف يعيش الورق لأنه شاهد عيان على الخداع .
هل سنسمع الصدق والعبارات الواقعية في الموسم الانتخابي الحالي بعد ان سمعنا عن الاجراءات الاقتصادية الجديدة التي فرضها ( لبيد) الذي كشر عن انيابه ويريد بها مص دماء الطبقة الفقيرة ، وبالطبع ستعاني سلطاتنا المحلية من اعمق الازمات بسبب سياسة التمييز العنصري اولاً والشح بالميزانيات ، ونحن أيضاً اكثر بلداتنا مدرجة في الدرجات الثلاث الدنيا في السلم الاقتصادي.
ان الرئيس المرشح يجب ان يكون سوبر مان فاذا لم يجد في نفسه القدرة على الادارة السليمة واعطاء المواطن حقه في المشاريع والخدمات والصدق في التعامل – أكثر المواطنين العرب يشعرون في الغربة حين يدخلون بنايات بلدياتهم ومجالسهم ، كأن هؤلاء الموظفين لا يعملون من اجله كمواطن بل كأنه هو يعمل عندهم - لذلك اذا لم يكن الرئيس للجميع وينفذ وعوده الانتخابية بصدق فلا يرشح نفسه ، حتى يحفظ التاريخ ماء وجهه ويمدحه قليلاً ، لأن من مميزات هذا العصر لا شيء ممكن أن يخبأ تحت السجادة ، فالمواطن يستطيع الكلام والكتابة والانتقاد والرفض والتوجه الى المحاكم للشكوى فقد سئم الخداع .
ثم لماذا لا نملك الجرأة القدرة على رمي مفاتيح بلديتنا ومجالسنا في وجه وزير الداخلية حتى نكشف له عن قبح التميز ونفضح الظلم الذي يعيش فيه المواطن العربي ، أظنها ستكون خطوة تاريخية تنبه الكثيرين للظلم الواقع وقد تغلق ثقب المصالح الشخصية وترمي بأغطية الطناجر التي تطهو الوظائف والمناصب هذه الايام .
أم نردد مع الشاعر :
قطيع نحن
ومنفيون نمشي في اراضينا
فمن يقبل تعازينا لنا فينا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف