الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة تحتاج الى اجابات حول الواقع العربي والربيع العربي السؤال الثاني عشر: ألا يخشى أصحاب الثروة من العرب انفجار بركان ثورة الغضب؟

ميشيل حنا الحاج

2013 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


أسئلة تحتاج الى اجابات حول الواقع العربي والربيع العربي السؤال الثاني عشر: ألا يخشى أصحاب الثروة من العرب انفجار بركان ثورة الغضب؟

شاء القدر ألا تكون الدول العربية على مستوى واحد من الثراء. فهناك دول واسعة الثراء، بل وبعضها من أصحاب ثروة مفرطة في الاتساع (بارك الله لهم فيها )، ودول متوسطة الثروة وتكاد تكفي نفسها بنفسها ،لكنها غير قادرة على تطوير بنيانها لتواكب مستوى العصر، ولتوفر ما تحتاجه شعوبها لتبلغ مرحلة ولو دنيا من الرخاء . لكن هناك دولا أخرى فقيرة ولا تملك الموارد الكافية لتلبية احتياجات شعبها، فتضطر لذلك أن تلجأ لممارسة الضغوط عليهم عبر اقتطاع مزيد من الضرائب يوما بعد آخر، مما يرهق أبناء شعبها ويدفعهم الى الغليان خصوصا عندما يلاحظون أن دولا عربية شقيقة ومجاورة لهم ، تسرف في انفاقها بوعي أو بدون وعي ولا أحد يعلم السبب الحقيقي الذي يمنع الدول الغنية من المبادرة لتقديم العون الكافي للدول الفقيرة . فهي تقدم بعض العون بين الفترة والأخرى لهذه الدولة
وتلك ، لكنه عون زهيد قياسا بما تملكه تلك الدولة من مال، وما تعانيه الدولة الأخرى من فقرواحتياج .وهو في أغلب الأحيان، عون مشروط ترافقه مطالب يكون بعضها قاسية، وتكون بمثابة لوي ذراع تلك الدولة الفقيرة، بغية اجبارها على سلوك مسلك سياسي لم تكن ترضى عنه لولا الحاجة التي قد تضطرها أحيانا للرضوخ لتلك المطالب.

والعون الذي تقدمه بعض هذه الدول الغنية للدول الفقيرة ، هو أشبه بالعطايا التي يقدمها الغني لمتسول يقف على باب الجامع أو الكنيسة ، علما بأن هذه الدول وتلك ، هم جميعا أعضاء في جامعة الدول العربية مما يفترض معه وجود نوع من التضامن بين هذه الدول المنضوية جميعها تحت علم تلك الجامعة ، اضافة الى انضوائها جميعا تحت علم العروبة والاسلام .

فالدول الغنية ، وأبرزها دول الخليج العربي لا تقتدي بالأسلوب الأوروبي ، حيث بادرت دول الاتحاد الأوروبي الى نجدة أعضائها من الدول التي أصابتها انتكاسة كبرى جعلتها تعاني من خسائر ونقص واضح في ميزانياتها ، وذلك كما حدث مع اليونان وقبرص على سبيل المثال اضافة الى ما عانته دول أخرى كايطاليا واسبانيا . فقد سارعت دول الاتحاد التقديم العون لتلك الدول ، ولم يكن عونها مجرد بضع ملايين ما اليوروز ، بل مبالغ كبرى تجاوزت في قيمة بعضها عشرات المليارات من اليوروز. وهذا أمر نادر الحدوث في عالم الجامعة العربية التي يفترض بها أن تكون قريبة الشبه بالاتحاد الأوروبي صحيح أن بعض الدول قد قدمت قروضا أو ودائع، لدولة عربية محددة كدولة مصر العربية ، كي تستطيع مواجهة أزمتها الاقتصادية التي برزت اثر الثورة الشعبية التي وقعت هناك وأطاحت بالرئيس حسني مبارك. اذ قدمت قطر مبلغ أربعة مليارات من الدولار ، كما قدمت ليبيا مبلغ مليوني دولار . لكن هذا المبلغ وذاك كانا بمثابة ودائع لأجل تسترد بعد حين وكانت هنا بالنسبة لقطر بعد أربع سنوات .

فلم يكن أي من هذه المبالغ ، هبات أو معونات لا ترد وتسعى لانقاذ الدولة المصرية الشقيقة من عثرتها ، اذ كانت مجرد ودائع ولزمن معين . صحيح أن بعض هذه الدول قد أنفقت الكثير لدعم المعارضة في سوريا من خلال تقديم المال والتدريب والسلاح ، لكن ذاك كان أمرا آخر، لأنه كان يسعى في الحقيقة لتحقيق أهداف سياسية هامة، لعل أبرزها اسقاط نظام بشار الأسد الذي يمثل دولة الممانعة للحل السلمي الهزيل الذي تطرحه الولايات المتحدة وحليفتها اسرائيل. فهذه الدولة وتلك، ترغبان في الوصول الى حل ما لتلك القضية المستعصية، القضية الفلسطينية ، بغية تحقيق الاستقرار للمنطقة ، كما يرون ، وهو الاستقرار الذي يضمن لهم حالة من السلام والازدهار ، حتى لا نقول البقاء لأنظمتهم التي قد يهددها ديمومة حالة الاضطراب في المنطقة ولعل أبرز الدول الفقيرة في المنطقة هي الأردن والصومال وجيبوتي وجزر القمر وموريتانيا واليمن وربما السودان أيضا . ولا بد أن نضيف أيضا فلسطين التي تتلقى أحيانا بعض العون من تلك الدول ، لكنه يظل عونا زهيدا لا يتناسب مع مقدار الثراء في الدول الغنية . أما السودان، فرغم كونها من الدول العربية المتوسطة الثراء، الا أنها تعاني الكثير بسبب الحروب الأهلية وحركات التمرد المسلحة التي تواجهها وتعاني منها . ولو قدمت المعونة الكافية لتلك الدولة ، لباتت قادرة على التخلص من حركات التمرد ولاستطاعت أن تتحول فعلا الى سلة الغذاء للعالم العربي كما قدر البعض ممن تدارسوا الوضع السوداني ذو التربة الخصبة واليد العاملة الرخيصة .

ومثل السودان الصومال التي عانت الكثير من حروبها الأهلية ومن بطش أعمال أعضاء القاعدة التي يدين ظهورها في الصومال ، انتقالا من أفغانستان ثم اليمن، لذاك التسليح الأخرق غير المدروس الذي قدم لعشرات الرجال القادمين من كافة أصقاع الأرض بغية مقاتلة السوفيات الشيوعيين الذين احتلوا أفغانستان في نهاية عام 1979، وذلك انتصارا للاسلام وللأخوة المسلمين الأفغان . فالكثير من هؤلاء قد تدفقوا الآن الى الصومال، لا ليقاتلوا السوفيات الذين انتهى وجودهم الآن، بل لمقاتلة أبناء الصومال الذين ينتمون أيضا، مثلهم للاسلام . فالصومال اذن ، بات يدفع الآن ثمن عملية تحرير أفغانستان من الشيوعيين . لكنه بات يدفع ثمنا باهظا تسبب بوقوع مئات القتلى، اضافة الى الخسائر المادية الكبرى التي أدت الى تراجعه الى الوراء تراجعا ملحوظا، دون أن تكلف الدول نفسها، أقصد الدول التي تسببت في تدريب أولئك المسلحين الذين تحولوا الى القاعدة ، بتقديم عونا جزيلا ، أو معقولا على الأقل ، للصومال الحزين .

ومن الدول الأخرى التي تحتاج للعون العربي من الدول البالغة الثراء ، دولة جزر القمر الذي تحدث رئيسها بنوع من الرجاء في احدى القمم العربية ، مشجعا المواطنين العرب على القدوم الى جزر القمر لغايات السياحة، ممتدحا أجواء بلاده ومواقعها السياحية النادرة . ومع ذلك استمر أبناء دول الخليج في الذهاب الى الدول الأوروبية، ربما بحثا عن الشقراوات وعن غرف الميسر والروليت عوضا عن الذهاب الى جزر القمر بحثا عن مواقعها السياحية ودعما لاخوتهم العرب من أبنائها.

لكن أكثر الدول العربية حاجة للدعم العربي ، فهو الأردن الذي عانى كثيرا من مآسي الأمة العربية . فهو الدولة التي استقبلت العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين اثر حربي 1948 وحرب عام 1967 . ثم استقبل العديد من اللاجئين اللبنانيين خلال الحرب الأهلية في لبنان بين العامين 1975 و1990 . كما استقبل اللاجئون العراقيون اثر الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 . وبعدها جاء اللاجئون الليبيون اثر انتفاضة ما سمي الربيع العربي الليبي في عام 2011. وهو الآن يستقبل يوميا اللاجئون القادمون كل يوم من سوريا. ونتيجة لذلك عانى الأردن كثيرا وما زال يعاني ، دون أن يستعد أي من الدول العربية الثرية لتقديم العون له الا ذاك العون الذي هم على استعداد لتقديمه اذا ما سار وفق هواهم في المشاركة في تقديم الدعم لقوات المعارضة السورية، خلافا للموقف الرسمي االراغب في الوصول الى حل سلمي لمأساة الشعب السوري، خوفا مما قد تقود اليه تلك الحرب من تقسيم سوريا الى دويلات صغيرة ، ورغبة منه في عدم تشجيع تلك المعارضة التي تضم كلا من جماعة النصرة (القاعدية) وتكتل التوحيد المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين الذين باتوا يسيطرون على المجلس الوطني اضافة الى سيطرتهم على الائتلاف الوطني ، رغم انضمام مجموعة ميشيل كيلو، المعارض المعتدل، اضافة الى انضمام عدد من رجالات الجيش السوري الحر الى ذلك الائتلاف. اذ بات الأردن يخشى أنه بعد نجاح تلك المعارضة في اسقاط الحكومة السورية الحالية نتيجة لتقديمه العون لها، ستتجه هذه القوى بمقاتليها نحو الأردن في مسعى لاسقاط النظام الأردني . وبذا يكون الأردن كمن يوجه بنفسه طعنة الى صدره هو .

لكن الأردن الذي يواجه عجزا كبيرا في ميزانيته الى درجة ، كما يقول البعض ومنهم رسميون ،أ نه قد يصبح عاجزا عن تسديد رواتب الموظفين وأفراد رجال الأمن والقوات المسلحة، قد بات يعاني فعلا، ولا أحد يدري الى أين ستنتهي به تلك الظروف المعقدة . كل ما في الأمر أن الغليان لم يعد يقتصر على المسؤولين اذ بات واضحا في صدور الشعب الأردني ولا حد يدري الى أين سينتهي الأمر .

كل ما في الأمر أن بعض العقلاء يرون أنه يترتب على الدول الغنية أن تعيد النظر في مواقفها. فالتاريخ يذكرنا دائما ان انفجار بركان الغضب لدى الشعوب العربية الفقيرة قد يأتي من حيث لا يدري أحد. فهل توقع ملوك فرنسا أن بركان الثورة سينفجر في فرنسا في القرن السابع عشر وهل توقع قياصرة روسيا ن بركان الثورة سيأتيهم من حيث لا يدرون في بدايات القرن العشرين . فالبراكين لا تكشف عن نواياها عندما يحتدم في داخلها ذاك اللهيب الذي يتفجر بدون توقع فيأكل عندئذ الأخضر واليابس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله وإسرائيل.. جهود أميركية لخفض التصعيد | #غرفة_الأخبا


.. مساع مكثفة سعيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل قتلت لونا الشبل؟


.. بعد المناظرة.. أداء بايدن يقلق ممولي حملته الانتخابية | #غرف




.. إسرائيل تتعلم الدرس من غزة وتخزن السلاح استعدادا للحرب مع حز