الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة الافتراضية

رياض خليل

2013 / 6 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


المعارضة الفيسبوكية

لصوص الفضاء الافتراضي :
" ليس كل مايلمع ذهبا " ، وليس كل ما نشاهده في الفضاء الالكتروني الافتراضي صادقا وحقيقيا ، ولايعكس بالضرورة حقيقة الواقع الملموس الحي والمباشر للحراك الثوري السوري .
حرية بلا قيود :
الإبحار في الفضاء الافتراضي بات حرا ، ومتاحا لكل مغامر ومقامر ودجال ومشعوذ ومتاجر في المجالات كافة . حتى ليكاد يتحول إلى متاهة مخيفة ، وإلى مصيدة يقع فيها الكثيرون . اصبح الفضاء الافتراضي أشبه بالسوق الحرة المفتوحة لبيع وشراء كل شيء ، ولاسيما المعلومة ، التي تحولت إلى سلعة لها مواصفات تتفاوت مابين الردئ والجيد ، ومنها ماانتهت صلاحيته ، ومنها ماهو فاسد وسام وقاتل ، ومثاله الضخ الإعلامي لعصابات الأسد . وما من أحد بمنأى عن حرب المعلومات ، وصراع الجبهات الألكترونية .

المسافة الفاصلة مابين الواقع الحي ، والواقع الألكتروني :
الواقع الألكتروني هو انعكاس للواقع الحي : يصدق حينا ، ويكذب أحيانا ، ويملك القدرة على الانفصال عن أصله وجذوره في الواقع الحي ، وبالتالي يخلق آليات حياته الخاصة المستقلة في كثير من الأحيان .
الفضاء الافتراضي هو من إنتاج الواقع الفعلي ، والعلاقة الصحية بينهما هي التكامل والتواصل والتأثير المتبادل الإيجابي ، في سياق كينونة ثنائية متوازنة ومتكاملة وظيفيا ، ولكن الانفصال النسبي بينهما ، يخلق فرصة للتناقض مابين الأصل ( الواقع ) والصورة ( الفضاء الافتراضي ) الذي يميل إلى الانفصال والاستقلال عن الأصل . كما هو حال علوم الرياضيات التي شكلت عالمها الخاص المجرد ، وامتلكت آليات نموها وحياتها الذاتية المستقلة . وفي هذه الفجوة الحاصلة المتسعة مابين الفضاء الافتراضي والواقع الملموس ، في هذه الفجوة تشكلت وتتشكل متاهة الإدراك البشري ، التي يضيع فيها المتابع المتلقي ، ولايستطيع النجاة والخروج منها بسهولة .
الجمهور الضحية :
مايتلقاه الجمهور السوري عبر وسائل وأدوات الإعلام والتواصل الإلكتروني ، لايعكس الواقع بذاته ، مباشرة ، بل عبر أنواع من " الفلترة " المقصودة وغير المقصودة . ويجد الجمهور نفسه أما م حالة تشبه الحالة الفيزيائية المشهورة ب" السراب " . حيث السراب انعكاس فيزيائي لواقع محجوب عن الأعين ، ببرقع مايسمى ب" السراب" . السراب هو قناع ، هو إنتاج فيزيائي ، يخدع العين المجردة ، ويوهمها بوجود الماء غير الموجود إلا في الإدراك . . وخداع الإدراك هو المحصلة للعلاقة بين المدرك وموضوع الإدراك الماثل أما م العين المجردة . وهذا مايخلق نتائج سلبية ..

الفجوة مابين الواقع والفضاء الافتراضي :
الفضاء الافتراضي هو من إنتاج الواقع الفعلي ، والعلاقة الصحية بينهما هي التكامل والتواصل والتأثير المتبادل الإيجابي ، في سياق كينونة ثنائية متوازنة ومتكاملة وظيفيا . ولكن مايحصل هو أشبه بالانفصال النسبي بينهما ، حتى ليكاد الفضاء الافتراضي يصبح مستقلا .. منعزلا عن أصله ، وامتلكت آليات نموها وحياتها الذاتية المستقلة . وفي هذه الفجوة الحاصلة المتسعة مابين الفضاء الافتراضي والواقع الملموس ، في هذه الفجوة تشكلت وتتشكل متاهة الإدراك البشري ، التي يضيع فيها المتابع المتلقي ، ولايستطيع النجاة والخروج منها بسهولة .
هذه الحالة ، هي ماكينة لخلق الإشكاليات مابين قوى الثورة والمعارضة ، وخصوصا من حيث صورتها التمثيلية ، وصدقيتها ، مادفع الكثيرين إلى التشكيك في تلك الصدقية . والدفع بعدم تطابقها مع الواقع الفعلي الملموس . ولهؤلاء المشككين مبرراتهم وحججهم القوية ، والمستندة على سياق منطقي قادر على استقراء الغث من الثمين ، والحقيقي من الوهمي .
إنها الفوضى السياسية ، في ظل غياب إمكانية القياس والعجز عن تطبيق المعايير ، وتفعيل صناديق الاقتراع ، وأنتاج جسم تمثيلي سياسي يعكس الإرادات الاجتماعية إلى حد مقبول

المعارضة الافتراضية :
ألم تتأثر المعارضة السورية بالطوفان الافتراضي ؟ ألم تتشكل بنسبة كبيرة بناء على معطيات الفضاء الافتراضي ؟ ألا ينطبق هذا على الأجسام التمثيلية المعبرة عن المعارضة ، كالمجلس الوطني ، والائتلاف ، وغيرهما من القوى المتزاحمة والمتنافسة على تمثيل قوى الثورة والمعارضة ، وصولا للمشاركة في تقاسم السلطة الثورية ، عبر محاصصات ، وصراعات لن تتوقف بالمساومات والتفاهمات والتوافقات مابين الخصوم والإخوة الأعداء ؟ ولكل منهم الحجة نفسها : غياب ماكينة التمثيل الديمقراطية الحقيقية والواقعية ، والعجز عن تفعيل أية معايير متعارف عليها تقليديا ، كصناديق الاقتراع على سبيل المثال لا الحصر ؟ وعدم الثقة بالواقع الافتراضي الألكتروني ، وادعاءاته ومزاعمه ، ورفض كونه سندا يعتد به للقياس والاستقراء والمعايرة والتقييم المطابق نسبيا للواقع المباشر .
لاتوجد آليات يمكن التثبت من خلالها من صدقية أي جهة تدعي تمثيل شريحة معارضة ما . . ولايتيح لك الفضاء الافتراضي التحقق من ذلك . ومادامت المعارضة لاتزال تتأرجح في الهواء ، وصلتها بالواقع شبه معدومة ، وغير كافية . فلايمكن التأكد من صحة وتطابق التمثيل مع إرادة الشعب ، في مثل هذه الظروف من احتلال الفضاء الافتراضي للواجهة السياسية .
الأحزاب الفيسبوكية هذه ، هي أسيرة الواقع الافتراضي ، وهي عاجزة عن الخروج منه أو عبره إلى الواقع الحي المباشر ، بوصلتها الوحيدة هي الصفحة الفيسبوكية ، التي هي الممر الأرحب للنشاط الانتهازي والوصولي ، الهادف إلى ركوب الموجة ، وسرقة ثمار الثورة ، عبر مايسمى ب" ضمان " المحصول ، قبل أن يحين قطافه .
إن قيادات المعارضة قد وقعت في الفخ . وتمكن الكثيرون من التسلل إليها عبر بوابة الوهم والإيهام والعلاقات العامة المريضة والموبوءة بالمقايضات والمقامرات . حيث كثيرون منهم لايمثلون أكثر من شلة من بضعة أشخاص ، شلة استطاعت أن تجمع من حولها بضع عشرات من الفضوليين والمغرر بهم ، والباحثين عن حضن سياسي دافئ . فتاجرت بهم ، وركبت صهوتهم للوصول إلى حيث يطمعون ويتمنون . وبهذه الطريقة ، تمكن أصحاب المواهب المتواضعة بلوغ هدفهم ، ونسوا بعدها الالتفات إلى الخلف ، وهو ما سيجعلهم معلقين في الهواء .. في مهب الريح التي لاترحم ، والتي مآلها السقوط العاجل أو الآجل .
وعلينا أن نعلم أن الواقع الافتراضي يظل مجرد أداة ووسيلة مساعدة لصناعة الواقع الفعلي الملموس ، وليس العكس . وإن أساءة استخدام وتوظيف الأدوات الألكترونية والواقع الافتراضي ، تنعكس سلبا على مستخدميها .
المطلوب : هو وضع الافتراضي في خدمة الواقعي ، و تصويب وتصحيح وترشيد وعقلنة استخدام تقنيات العمل الألكتروني لمصلحة الواقع الحي ، أما الانعزال في صومعة الواقع الألكتروني ، فيؤدي إلى الانعزال عن الواقع والانفصال عنه ، وبالتالي الدخول في حالة مرضية عصابية وفصامية مميتة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين وصحفيين بمخيم داعم لغزة


.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش


.. كلمة نائب رئيس جمعية المحامين عدنان أبل في الحلقة النقاشية -




.. كلمة عضو مشروع الشباب الإصلاحي فيصل البريدي في الحلقة النقاش