الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر حاج خيون في مدينتي الشطرة اليانعة

كامل الغزي

2013 / 6 / 17
الادب والفن


‏كامل الغزي‏
( 1 )

جسر حاج خيون في الطرف الجنوبي من مدينتي اليانعة ، ذكريات أنفرطت فوق ضجة أسفلت متكسر ، كعوب حجارة كانت تراقبنا ونحن نتقافز مذعورين في مياه الجرف الضحلة ، صغار خائفين أن تمد لنا سعلوات الماء الدافئة بمخالبها الطويلة ناحية أجسادنا الغضة لتأخذنا هدية لبناتها السبعة اللواتي كانت تراقبهن جداتنا الكذابات مساءا
من وراء ثقوب أبواب منازلهن الخشبية المطلة على مسنايات منطقة حاوي العباس وهن ينسلن شعورهن بأمشاط خشبية ضخمة أستعدادا لحفلة عرس صاخبة لكليب الماء الأملس . .
تتعالى لأصوات طبولها أمواج النهر ليلا .
الجسر الحلم ، حين قصدته قبل نيف من الأسابيع ليعانقني . . وجدته حصاة تبللها شتائم سابله ضاق بها الطواف الذي أعتادته يوميا أجسادها الخاوية . . بمجيئها وأيابها من وألى طريق مدرستي الأبتدائية النهضة
التي كانت يتوسد سياج حدائقها الجنوبي نهر الدارمي المندثر بعد ما فرط فلاحي المزارع المجاورة بصحبته الطويلة .
أذ كان حين يرفع هؤلاء المزارعين طلاكَاته المطلة على خد الشط لمرور الماء الدهلة في عروقه . . ليطفئوا عطش قميصه اليابس ، نقف صفوفا منشدين له وبترنيمات عذبة ( أجه الماي .. أجه الماي وأخيي الما شرب منه ) فرحين بمروره ملتويا بين منازلنا الطينية الواطئة الأرتفاع .

( 2 )

طاولات الجسر التي تقلبها الشمس . . .
فوق رصيف تسكنه مدينة تدهن جسدها بالأعياد
وثياب البازة المقلمة بألوان الفرح ،
ليلة الدخول المباركه
حين كنا ننتظر نحن وأمهاتنا الطيبات قلقين
أن تلد لنا السنة الجديدة أفراخها الأثنى عشر بولادة نتمنى أن لاتكون عسيرة ،
كنا نطوف الحارات الخافتة مهللين للسماء بأوراق الياس الخضراء
لعلنا نصادف في درابين الولاية الضيقة . . . الرب وحاشيته التي تشبه جذوع أشجار ضخمة ،
لنتودد له سائلين لها العافية
وأن لاتفتح عيناها على فأر مذعور خوفا يجلب لها النحس .

( 3 )

جسر حاج خيون ، . .
كان يسكن بطاح تمسح أهدابها صباحا بملح أخضر لتستقبل والدي الفارع
وهو يأتي لنا فجراً بصينية كَيمر العمة أم حري المعيدية التي كانت تتبوء مكان مقابل دكان كريم الأطرم وأخيه عزوز لبيع التمر ،
أو البعض من كباب سلمان الأحمر الذي كنا نغمسه بعصير زبيب سيد جواد اللذيذ
جسرُ ، كان يزيح محارات مذبوحه من قلب طين ملكي
يتصفد في مستودع خرائط الشط المقدس
ليخبيء بين ركَبتيه
أصابع تورطت بخوض أمسية تتضرج بذؤابة خمرة ملساء
تدير ظهرها لمواقيت صلاة الفجر
أنه ذكريات صاخبة لاتزال تتمطى في سقف ذاكرتي للحين ،
لمساءات كانت ترتدي أرداف النهر
أستعداد لملاقات عيون ترقبنا بتودد من فوق سطوح منازل مشرئبة على جرفه
مثل تويجات زهرة تتهدل ظفائرها فوق أسيجة الحديقة العامة .

( 4 )

ذكريات لملمت أدراجها في محارات ثمله ،
بعدما أصطادتها جرافات صفراء
لتغمس أصابعها برمال الجرف الرطبة
لعلها تطفيء وجعها .

16 / 6 / 2013 بغداد
-----------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟