الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-مِنْ أين لكَ هذا؟-.. عربياً وإيرانياً!

جواد البشيتي

2013 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


"مِنْ أين لكَ هذا؟"؛ فما هو هذا الـ "هذا"؟
إنَّه كل شيء تحصل (أو تستحوذ) عليه، أو تتملَّكه، "من غير وجه حق"؛ أقول "من غير وجه حق"، مع أنَّ "الحقَّ نفسه"، ولجهة معناه، لن يكون محلَّ اتِّفاق بين الناس، أو بين ذوي المصالح المتناقضة على وجه الخصوص.
وإنَّه لسؤالٌ في شرعية "الثروة"، أيْ في شرعية اكتسابها، وجمعها، والحصول عليها، وحيازتها؛ و"الثروة" بعضها، لا كلها، على هيئة وشكل "مال"؛ والثروة "سُلْطة"؛ ففيها تكمن سُلْطة، أو يمكن أنْ يُتَرْجِمها صاحبها بسُلْطة؛ أمَّا السُّلْطة نفسها فينبغي لها (إذا ما أراد صاحبها أنْ يكفي نفسه شَرَّ السؤال "مِنْ أين لكَ هذا؟") ألاَّ تَلِد ثروة، أو تُتَرْجَم بثروة؛ لكن في بلادنا التي أغناها الله بقادة مُفْقِرين لشعوبهم وأوطانهم الغنية لا معنى، ولا أهمية، للسُّلْطة إنْ لم تكن كالدجاجة التي تبيض لأصحابها ذَهَباً؛ فهلْ أدلكم على مثال يكفيكم طول الشَّرح والتفسير؟
إنَّه مثال الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي الذي هو الآن في حِصْن حصين، مع أنَّ كل ما كُشِف من مكنونه ومستوره (وهو الذي ليس بالرَّجُل المستور) يُثْبِت ويؤكِّد أنَّه كان لِصَّاً في مَرْتَبة (أو على هيئة) رئيس دولة.
هذا "اللِّص ـ الرئيس"، والذي كثيرٌ من أمثاله لم يُخْلعوا بَعْد، يمتلك (على ما قدَّر رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي) مع زوجته (التي كانت الرَّقبة التي تُحرِّك رأسه) وعائلتيهما (نحو 114 شخصاً) ما يَعْدِل "نِصْف ثروة تونس"؛ فهلْ فهمتم المعنى الحقيقي لسُلْطة هذا الرئيس، صاحب العبارة الشهيرة "لقد فهمتكم"؟!
لا أعْرِف مَنْ ذا الذي ابتلانا بهذا الصِّنْف من "القادة"، الذين لا مَطْمَع لهم في أنْ يَذْكُر التاريخ فضائلهم ومآثرهم ولو في سطر واحد من كتابه، ولم تستبدَّ بهم إلاَّ الرغبة في أنْ يَجْمعوا ويُركِّزوا في أيديهم السُّلْطة، توصُّلاً إلى أنْ يَجْمعوا ويُركِّزوا في أيديهم نِصْف ثروة الأُمَّه؛ ثمَّ يُعْلِن "كبيرهم (حسني مبارك)"، وكأنَّه يَخْطُب في قَوْم من الأغبياء، أنَّه لن يتخلَّى عن شَرَف خِدْمة الشعب ما دام فيه عِرْق ينبض!
والشعب الإيراني الشقيق، الذي يَسْعَوْن في توريطه في الصراع السوري بما يؤسِّس لعداء بغيض كريه بينه وبين العرب، يسأل السؤال نفسه "مِنْ أين لكَ هذا؟"؛ و"هذا" إنَّما تعني، إيرانياً، السُّلْطة (الهائلة، الجوهرية، النوعية، الفعلية) التي تتمتَّع بها، وتستحوذ عليها، "مؤسَّسة" تُدْعى "الوليِّ الفقيه"، أو "المرشد الأعلى"، الذي ينوب عن "الإمام الغائب" في قيادة الأُمَّة، و"إقامة حُكْم الله على الأرض"؛ ولهذه المؤسَّسة ذراعها العسكرية والاقتصادية الطويلة القوية، ألا وهي "الحرس الثوري".
إنَّ هذه الولاية، أيْ "ولاية (وحاكمية) الفقيه الجامع للشرائط في عصر غيبة الإمام الحجة"، هي انتقاص كبير من حقِّ الشعب الإيراني في أنْ يكون مَصْدَر السلطات جميعاً؛ فـ "المُنْتَخَبون"، في إيران، لا يَحْكمون، بالمعنى الحقيقي للُحْكم؛ و"غير المُنْتَخبين"، أيْ المُنْضوون إلى "المؤسَّسة الدِّينية"، يَحْكمون؛ ولقد اختصُّوا "اللَّحْم" من "السُّلْطة" لأنفسهم، تاركين "العَظْم" منها للشعب؛ فالناخِبون يتلهُّون عن "الحاكِم الفعلي" بفتات السُّلْطة؛ أمَّا "المرشَّحون" المتضوِّرون من جوع سياسي، فتراهم في صراعٍ عنيف شديد مداره هذا "العَظْم".
أهل تلك "المؤسَّسة"، والذين لهم مقاليد السلطة الفعلية في البلاد، ويُفوِّضون إلى أحدهم الإنابة عن الإمام الغائب في قيادة الأُمَّة، وإقامة حُكْم الله على الأرض، لن يتخلُّوا عمَّا يَعْتدُّونه "تكليفاً" لهم مِمَّن تَعْلو إرادته إرادة الأُمَّة؛ وكيف لهم أنْ يتخلُّوا عن هذا "التكليف"، أيْ عن هذه "الثروة الدِّينية" التي اختصُّوها لأنفسهم ومؤسَّستهم، وهُمْ يَرَوْنه يُتَرْجَم، في استمرار، بمزيدٍ من الثروات المالية والمادية لهم، وبمزيدٍ من السُّلْطة الفعلية لهم، أيْ بمزيدٍ من الإطالة والتقوية لـ "الرقبة (الدينية)" التي تُحرِّك "الرأس (المُنْتَخَبَة من الشعب)"؟!
نحو 73 في المئة من الناخبين الإيرانيين أدلوا بأصواتهم، التي بنحو 51 في المئة منها فاز المرشَّح الرئاسي حسن روحاني؛ فهلَّل "الإصلاحيون"، وانتهت 8 سنوات من "حُكْم المحافظين"؛ لكنَّ السُّلْطة شبه المُطْلَقَة لـ "المرشد الأعلى" بقيت في الحِفْظ والصَّوْن؛ ووظيفة الرئيس الجديد (المعتدل الإصلاحي) هي أنْ يذهب، في استمرار، إلى "المرشد الأعلى"، مسلَّحاً بهذه "القوَّة التصويتية (أو الصوتية)"، لـ "يُقْنِعه" بأمرٍ ما، أو ليستجدي معونته السياسية؛ فـ "المُنْتَخَب"، في "الديمقراطية الإيرانية"، يستمدُّ سلطته من "غير المُنْتَخَب"؛ ومع ذلك، يُعْلِن الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني أنَّ إيران أجْرَت "أكثر الانتخابات ديمقراطيةً في العالَم"!
أقول هذا وأنا أعلم أنَّهم سيعترضون على قولي قائلين إنَّ الشعب ما كان ليُقْبِل هذا الإقبال على صناديق الاقتراع لو لم يكن قانعاً بما قسم له من نظام (وقانون) انتخابي، ومن "ديمقراطية"، ومن نظام حُكْمٍ، يعطي ما للوليِّ الفقيه للوليِّ الفقيه، وما للرئيس للرئيس.
وسأعترِض على اعتراضهم قائلاً: إنَّ هذا خير دليل على وجود، وعلى وجوب وجود، الصِّلة السببية بين "المصيبة" وبين "المُصاب بها".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و