الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العودة إلى الحياة

صالح برو

2013 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


تقول الأسطورة العربية أنَّ العدالة والظلم اجتمعا ذات يوم مترافقين على نفس الطريق، وكما هو متوقع نَشبَ خلافٌ بينهما، وفي النهاية قتلَ الظلمُ العدالة، وأحرقَ جثتها كي يخفي آثار جريمته، ولكن أصدقاء العدالة عثروا على رفاتها بعد بحث طويل وصنعوا من رماد رفاتها حبراً، ومنذ ذلك اليوم ماتت العدالة في هذا العالم لتعيشَ في الكتب وحدها، وهذا حال الأنظمة العربية وشعوبها.
ينبغي أنْ نعرف إذا تحوَّل أي نظام إلى مؤسسة غوغائية ومنحَ لنفسه حق الألوهية، وقمعَ حرية المواطن وحقه الديمقراطي في الانتخاب والتعبير عن رأيه فإن هذا النظام سيتلاشى تلقائياً ولن يكون بمقدوره أنْ يمارس دور الأبوة الذي مارسه في تاريخه السياسي الفاشل.
إنَّ السبب الرئيس لثورة الشعوب العربية هو الاغتراب الذي خلفته الأنظمة الديكتاتورية في نفوس الناس، وإجبارهم على الهجرة من أوطانهم وإجبارهم على تغيير مسار حياتهم نحو الضياع حتى تحوّلت حياتهم إلى مأزق روحي، فمن الصعب بعد كل هذا الحرمان والأزمات المتتالية، وما يجري من سفك دماء أنْ تعود الأوضاع كما كانت إلا بمنح هذه الشعوب حقها الكامل في الحياة.
أنَّ السلطة الحاكمة التي طوت الوطن، وعصرته بين جناحيها، ومات المواطن بين أنيابها وسالَ الدم على شفتيها لا تصلح أنْ تكون في مكانها مجدداً، وهذا ما لازمَ الشعب السوري بكافة أطيافه، إضافة إلى إحساسه العميق بالعزلة والذل وفقدان الكرامة تحت إمرة الحاكم المستبد.
ولا يعني كل ذلك أننا غير قادرين على الخروج من ظلمتنا أو بالأحرى من مخبئنا حسب تعبير "رالف أليسون" وأنْ نعود للنور الطبيعي، للحرية المطلقة، وأنْ نؤكد وجودنا وإثبات حريتنا بعد مرورنا في تجربة "اللاوجود" أو " إنكار الوجود" بل يبدو أنْ التجربة القاسية التي عانيناها منذ أكثر من أربعين عام قد جعلتنا أشدّ إصراراً وأكثر عزيمة.
فها نحن عائدون إلى الحياة من أوسع أبواب الحرية انفتاحاً إلى حالة الوجود، وهذا ما كان مفاجئاً بالنسبة للنظام نفسه بحيث حطمت الثورة كل معتقداته وأفشلت مشاريعه المدروسة التي كانت قيد التنفيذ بحقنا كشعب. أما الآن فمن حق أي مواطن سوري أنْ يلعب دوراً ثقافياً واجتماعياً أو اقتصادياً أو سياسياً إذا كانت تخدم المصلحة الإنسانية العليا التي هي أساس الوطن والمواطن معاً.
كانت الحكمة الأسمى في الثقافة اليونانية هي الاعتدال إلا أنها تحولت إلى كابوس بالنسبة للنظام السوري الذي أهلكته التخمة والجشع المفرط. ورغم من أنه عاش طويلاً واقترب أجله ما بين الرحيل والموت سيزول هذا النظام دون أن يفكر حتى بحكمة الاعتدال. فكيف يمكن بعد كل هذا العناء التاريخي لشعب سوري مكون من لوحة فسيفسائية أنْ يعيش خارج هذه اللوحة السماوية المسماة بالاعتدال؟.
تؤكد الحقيقة إنَّ ما تفسده الأنظمة لا تصلحه إلا الشعوب. فالنظام الحالي لا يصنف إلا ضمن مرتبة الأشرار. فليذهب ولينهي نفسه بيده. فنحن لسنا مستعدين أنْ نلطخ أيادينا الطاهرة بدمائهم الفاسدة، لأنَّ من سمات من يطالب بالحرية والعدالة والمساواة ومن أجل المصلحة الإنسانية العليا ليست لديه دوافع ونوايا سيئة وتجارب سابقة بإراقة الدماء، وهذه هي الطريقة الأسلم لتحقيق عملية السلام في الكون كله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون في تشاد يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد


.. مقتل 4 جنود إسرائيليين بقصف لحماس والجيش الإسرائيلي يبدأ قصف




.. الانتخابات الأوروبية: أكثر من نصف الفرنسيين غير مهتمين بها!!


.. تمهيدا لاجتياحها،الجيش الإسرائيلي يقصف رفح.. تفاصيل -عملية ا




.. تهديد الحوثي يطول «المتوسط».. خبراء يشرحون آلية التنفيذ والت