الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعلن النجيفي إنتصاره على علاوي في لقاء الحكيم وأيامنا صعبة6/2

محمد ضياء عيسى العقابي

2013 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



لماذا النصف الثاني من عام 2011؟:
بتقديري، أدرك الأمريكيون خلال النصف الثاني من عام 2011 أن بقائهم العسكري في العراق بات شبه مستحيل. ببساطة لأن المرجعية الدينية والتحالف الوطني ومن خلفهما جماهير ديمقراطية دينية وعلمانية واسعة، أرادوا جميعاً ذلك. هذا رغم معارضة الأمريكيين التي جاءت عبر مواقف متكتكة لمعظم مكونات إئتلاف العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني. ولكن الأمريكيين يعرفون ما يعني لو تحدّوا ذلك الرفض الواسع على أرض الواقع في العراق.
كثف الأمريكيون جهودهم التخطيطية لضمان التمكن من الهيمنة على العراق وإدارة خيوط اللعبة وهم بعيدون عنه عسكرياً. والوجود العسكري، بديهياً، هو العنصر الأهم تأثيراً والحاسم بالنسبة للطموحات الستراتيجية الأمريكية في العراق، إذا ما قورن به العنصر السياسي الدبلوماسي حتى المضخم فوق العادة أو أية آلية أخرى بضمنها ممارسة الضغوط والتآمر. لذا فيتوجب أن تكون الإستعاضة عن التواجد العسكري فعالة.
تبعاً لذلك، أصبح لزاماً على الأمريكيين أن يدفعوا بإئتلاف العراقية أو بأطراف مؤثرة فيه، على الأقل، إلى دفن مخطط "حرق الأعشاش" الذي، بتقديري، صاغه خبراء منهم، الأمريكيين، بتمويل سعودي إستعداداً لخوض الإنتخابات النيابية في نهاية عام 2009 (لكنها جرت فعلاً يوم 7/3/2010) حيث تشكَّلَ، بموجب ذلك المخطط، "إئتلاف العراقية" على أنقاض "جبهة التوافق" التي كان يقودها الدكتور عدنان الدليمي(3). لقد قضى المخططون، آنذاك، أن يطرحوا "إئتلاف العراقية" كصاحب مشروع وطني علماني مدني مقابل إتهام "التحالف الوطني" بكونه صاحب مشروع طائفي عميل لإيران.
إذاً، قرر الأمريكيون، بعد مغادرة العراق عسكرياً، نبذ تكتيك "البرنامج الوطني" لأنه أصبح مستهلكاً وتجاوزه الزمن إذ بان واضحاً للجماهير أن مشروع التحالف الوطني بقيادة إئتلاف دولة القانون هو المشروع الوطني الحقيقي رغم كون معظم تشكيلاته أحزاباً دينية ولكنها متفتحة ومرنة وعملية وتسعى إلى حكم مدني بدستور مدني. فهم والأكراد أنجزوا الدستور المدني للدولة العراقية الجديدة وهو الأكثر تطوراً بين دساتير الدول العربية على ما فيه من عيوب؛ كما أثبتت الممارسات العملية أن التحالف الوطني بقيادة إئتلاف دولة القانون هو صاحب المشروع الوطني الحقيقي بالأفعال وليس بالأقوال والإدعاءات علماً أن بسطاء العراقيين أدركوا ذلك بالغريزة البعيدة عن ثقافة الحكم الإيديولوجي المسبق والخلط بين الشأنين الإيديولوجي والسياسي، والبعيدة عن الطائفية وهي من الأمراض التي إبتُلي بها معظم الطبقة المستثقفة(4) العراقية التي دوختنا برفضها الطائفية مثلاً ولكنها، في واقع الحال، مصابة بهذا الداء التأريخي الطبقي في جذوره. ببساطة لقد شخصت الجماهير البسيطة بحسها الفطري من يحميهم من القتل ومن يقتلهم وهذا هو سر إنحيازهم نحو التحالف الوطني وليس ما يدعيه الفاشلون والطائفيون من أن الطائفية والجهل والرعاع والغوغاء هم سر الإنحياز(5).
لم ترق للأمريكيين فكرة أن يرتكز صراع إئتلاف العراقية مع التحالف الوطني على أساس "من منا ملتزم بمفهوم المواطنة؟" لأن الجواب، كما ذكرتُ قبل قليل، قد حُسم لصالح التحالف الوطني منذ فترة طويلة. وإذا كان هناك من شك لدى البعض فإن تظاهرات الأنبار ونينوى والفلوجة وسامراء وغيرها قد قطعت الشك باليقين بما طُرَحَ من إختطفها من شعارات ومطاليب مفعمة بالطائفية والعنصرية والتبعية للأجنبي ومفعمة بكره الدستور والديمقراطية.
وبغض النظر عمن ربح معركة "بناء دولة المواطنة" فإن الإستمرار بهذه المعركة هو موضوع لا يريح الأمريكيين، بتقديري، لأنه موضوع يصب بإتجاه إيجابي يخدم تعزيز دولة المواطنة المدنية والإستقرار بعيداً عن المشاحنات الطائفية والعنصرية المدمرة وبعيداً عن التشرذم. وهذا لا يروق لمن يريد أن يحكم العراق عن بُعد وفق تكتيك "فرق تسد" ولا تروق لمن يريد أن يفتت دول المنطقة؛ ولكن هناك، للأسف، من يبدي الإستعداد للإنخراط في هكذا مشروع تخريبي على أمل إسترداد سلطته الطغموية مقابل تنفيذ إرادة الغير. وبناءً على ذلك فإن الشعار التكتيكي لإئتلاف العراقية قد تبدل بإسقاط "المشروع الوطني" وإحياء المشروع الطائفي بصيغته الجديدة وكلاهما ذوا جوهر واحد.
قد يبقى ما تبقى من "إئتلاف العراقية" على قيد الحياة إسمياً ولكنه قد يصيبه مزيد من التفتت إذ سيتبنى على الأغلب، بموجب الستراتيجية الجديدة، سياسات طائفية صريحة وأكثر عدوانية أي العودة إلى أيام جبهة التوافق وهذا ما إستدعى تغيير قيادته السياسية العملياتية من أياد علاوي إلى أسامة النجيفي، وهذا بدوره سيُبعد عن الإئتلاف مزيداً من العناصر الوطنية المؤمنة بوحدة العراق والديمقراطية ومقاومة المخططات الشريرة ضد الأمة العربية وفلسطين وشعوب المنطقة عموماً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(3): كان الدكتور عدنان الدليمي مهووساً بالطائفية حتى أنه دخل في طائلة المحظورات الإرهابية فطارده القضاء ولجأ إلى تركيا. في مؤتمر عالمي طائفي عقد في إسطنبول بعد 7/3/2010 ناشد فيه الدكتور عدنان مسلمي العالم إلى إنقاذ بغداد من يد الشيعة. وركبه الإنفعال فأشار إلى بغداد بـ "بغداد رشيد هارون" وقصد بالطبع "بغداد هارون الرشيد"!!!
(4): "المستثقف" مصطلح إقتبسته من مقال للدكتور حسن حاتم المذكور.
(5): أردتُ، بهذه المناسبة، أن أقتبس وأناقش في هذا الهامش كلاماً جاء في مقال للدكتور خالد القشطيني بعنوان " المساهمات العربية في الحضارة المعاصرة". كان المقال مليئاً بالحقد والإحتقار الطبقيَيْن من جانب الدكتور للجماهير الشعبية العراقية تحديداً. فأسماهم بالغوغاء والرعاع وأسمى ديمقراطيتهم بديمقراطية الأميين (الأميوقراطية) وتغافل عن حقيقة أن المحافل الدولية قاطبة قد إحترمتها وباركتها رغم أنف كل الطغمويين.
أردتُ أن أناقش المقال هنا لكنني فضلت أن أفرد له الحلقة السادسة من هذا المقال لمناقشته ببعض الإسهاب كنموذج لأفكار "مثقفي" الطغمويين أي المستثقفين لأريه من هو أرفع في سلم التطور الفكري: هل هو أم من أسماهم الغوغاء والرعاع الذين إحتضنوا الديمقراطية وأدركوا أهميتها وصانوها من "الأرستقراطية" الطغموية التي إحتضنت وصانت الذباحين والمفخخين وهو وهم من أنصار النظم الطغموية ومنها النظام الذي شُغف به الدكتور المحترم وهو النظام الملكي السعيدي الذي أعدم ثلاثة من كبار قادة الحزب الشيوعي العراقي لأفكارهم لا غير؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر