الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرتزقة وتجار الدين من بغداد إلى دمشق مرورا بالقاهرة

هانى جرجس عياد

2013 / 6 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


«الخروج» من الحيز المصرى إلى الامتداد السورى، ليس ابتعادا عن الشأن المحلى، إنما هو محاولة لتلمس أبعاده الأكثر أهمية.
تقف مصر على أطراف أصابعها تترقب بأمل مشوب بحذر وقلق، يوم 30 يونيو، بينما الجماعة الخارجة على القانون، والتى آلت إليها مقاليد الحكم فى مصر، تواصل الهروب إلى أمام، فتدعو الأهل والعشيرة للاحتشاد فيما قالت إنه «مؤتمر الأمة المصرية لنصرة سوريا»، لتقدم لنا واحدة من أطرف مساخر الكوميديا السوداء فى الزمن الأغبر، حيث يقرر محمد مرسى قطع العلاقات مع سورية، ثم يعلن أن دمشق قد أصبحت وجهة «الجهاد الإسلامى» بدلا من القدس، وكأن ما تتمتع به جماعة بديع – الشاطر - مرسى من جهل وفشل قد فاض عن احتياجات الدولة المصرية، فراحت توزع ما لديها من فائض على الأهل والعشيرة أينما كانوا.
الوضع على الأرض السورية الآن يبدو لى أقرب ما يكون تشابها مع ما كانت عليه الحال فى العراق عشية وأثناء الغزو الأمريكى عام 2003، وإن كانت الثورة السورية النبيلة التى انطلقت قبل أكثر من عامين، مع الحصاد المرير لخبرات الاحتلال العسكرى المباشر، قد فرضت بعض التعديلات على سيناريو التعامل مع سورية. وكذلك قامت دول النفط، وقطر خاصة، بدور الراعى والداعم للثورة السورية –فى مسخرة أخرى من مساخر التاريخ- وفتحت خزائنها بلا حساب، ثم نجحت فى النهاية أن تحيل الاتهامات الخرقاء التى وجهها نظام بشار الأسد إلى الثورة النبيلة فى بدايتها إلى حقائق ملموسة على الأرض.
كان بشار يواجه شعبه بالطائرات الحربية والأسلحة الثقيلة، ويتهم الثوار أنهم عصابات إجرامية وافدة على البلاد، فإذا بالدعم الخليجى والرعاية الأمريكية «للثورة» تحيل تلك الاتهامات الخرقاء إلى حقائق، وتخلق للنظام الدموى الفاشى مبررات لجوئه إلى الأسلحة الثقيلة، بعدما أصبحت دمشق برعاية أمريكية وتمويل خليجى، قبلة «الجهاد الإسلامى»، وتحولت الثورة السورية النبيلة إلى «جهاد المتناكحين»، وتدفق على الأراضى السورية «مجاهدون» أو «متناكحون» من حوالى 50 دولة، بينما لم يتجاوز عدد البلاد التى شاركت فى غزو العراق تحت القيادة الأمريكية 32 دولة.
كان «المجاهدون المصريون» قد صدعوا رؤوسنا طويلا بشعارات تحرير فلسطين، تارة بالملايين التى سوف تتدفق على القدس لتحريرها، وتارة بجيش محمد العائد لمواجهة اليهود، لكنهم لم يصلوا إلى السلطة، إلا بعد تعهدهم بحماية أمن إسرائيل، فكان أنهم بالفعل حموا أمن إسرائيل وعجزوا عن حماية أمن مصر، وعندما اكتشفوا ان مصر قد ضاقت بهم، ألقوا بأنفسهم سريعا و«ع المكشوف» فى أحضان واشنطن، التى ما أن أعلن رئيسها موافقته على تزويد «المجاهدين» فى سوريا بالأسلحة، حتى رد «المجاهدون المصريون» بقطع العلاقات مع دمشق، وفتح باب الجهاد لإسقاط نظام الأسد.
دعك الآن من بوصلة الجهاد الإسلامى التى دائما ما تتوافق مع الهوى الأمريكى، من أفغانستان وحتى سورية، ودعك الآن من تجار الجهاد ومناكحيه، الذين لا يجرؤ واحد فيهم عن الإشارة إلى فلسطين، مجرد إشارة، وتأمل قليلا موقف هؤلاء الذين يصدعون رؤوسنا بالحديث عن تدخل إيران وحزب الله إلى جانب النظام البعثى الفاشى فى دمشق، لكنك لا تسمع لهم صوتا عن ألوف «المجاهدين» المتدفقين إلى سورية من أكثر من خمسين دولة يريدون إسقاط النظام، ولا تعرف لهم رأيا فى ثورة نبيلة وعظيمة أحالتها واشنطن وتجار الجهاد وسماسرة الحروب إلى ثورة متناكحين، ثم حاول أن تبحث فى قواميس اللغة عن الوصف المناسب لهؤلاء.
عشية غزو العراق لإسقاط النظام الفاشى من أجل إقامة ديمقراطية على النمط الأمريكى، كانت شعوب العالم من أقصى الأرض إلى أقصاها، تتظاهر فى الشوارع رافضة إسقاط نظام بهذه الطريقة البربرية، دون أن يعنى ذلك أن العالم كان يؤيد ديكتاتورية صدام حسين ودمويته، بينما كان بعض العراقيين، وفيهم شيوعيون، يرحبون بالغازى الأمريكى، ويحلمون بديمقراطية واشنطن الوردية ويروجون لها. كان هؤلاء فى الواقع لا يرون أمامهم فى المشهد سوى نظام فاشى دموى، وقد سقط الشعب العراقى من حساباتهم، فكانوا يهربون إلى أمام من عجزهم وفشلهم، فسقطوا جميعا فى مزبلة التاريخ.
والموقف الآن من سوريا لا يختلف كثيرا ولا قليلا، لا لإسقاط نظام الأسد الفاشى عبر «ثورة النكاح» وعلى أيدى المرتزقة وتجار الدين وسماسرة الحروب، أرفعوا أيديكم جميعا عن سوريا، فالشعب السورى وحده دون غيره، هو صاحب الحق الأصيل فى الإبقاء على النظام أو إسقاطه.
أما هؤلاء الذين لا يرون أمامهم سوى نظام الأسد الفاشى، ولا يعرفون كيف تحولت ثورة نبيلة إلى جهاد نكاح، والذين يهربون من أزماتهم المحلية بالعودة إلى وظيفتهم الحقيقية، تجار دين وسماسرة «جهاد» أمريكى، سرعان ما سوف يواجهون الحقيقة، عندما يقفون فى مواجهة المصريين يوم 30 يونيو وما بعده.
وحدهم الأغبياء هم من يعيدون تكرار ذات التجربة وينتظرون فى المرة الثانية نتائج مختلفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظاهرة غريبة.. السماء تمطر أسماكا في #إيران #سوشال_سكاي


.. مع تصاعد الهجمات في البحر الأحمر.. تعرف على أبرز موانيه




.. جنود الاحتلال يحتجزون جثمان شهيد من المنزل المستهدف في طولكر


.. غارة إسرائيلية استهدفت منزلا بمنطقة الصفطاوي شمال غزة




.. قائمة طويلة من لاعبين بلا أندية مع اقتراب فترة الانتقالات ال