الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجاء في كتابِ البلاد

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2013 / 6 / 18
الادب والفن


وجاءَ في كتابِ البلادِ أنّ زيتونةً خرجت من ضلعِ امرأةٍ صارت وحياً للأنبياء، وخضّبَ المَلَكُ يديها بتسابيحَ ليليّةٍ فنامتْ، وتدلّت من أحلامِها طيورُ لقلقٍ بديلةً للجيوشِ، وكراكزُ من فضّةٍ مكانَ أبواقِ الحربِ، وبلابلُ نسيَتْ أصواتَها في الرّيحِ، وقالَ الأرغولُ بعد أن صارَ وحيداً: يا صوتيَ الذي يحرسُ أغنياتِ الآخرين ولا يحرسه أحد: عُدْ فيّ لأعودَ إليك.

وجاء في كتاب البلادِ أن ولداً غريباً وبعيداً وصامتاً كشخص ثانوي في حكاية، نسِيَتْهُ الغيماتُ بعد سطرين، فهكذا هو المطر، فمن بربِّكَ يتذكّرُ نقطةَ المطر؟

وجاء في الكتابِ أن القمر أيضاً كان حزيناً ليلتها، مكتملاً كان، لكنه حزين، يسيلُ ذهباً على الليل، ويقول للنجمات: اتركوني وحدي، لم يكن في السماء سواه، مضيئاً وبارداً ويشعر بالألم، لا أعرف هل رأيته فعلاً أم كان يخيل لي أن يدين عملاقتين كانتا تخبئان عينيه وهو يبكي، أما بعض الذين لا يفهمون حزنه فقالوا بتبجح العارفين: كان هذا خسوفاً...

وجاء في كتاب البلاد عن بشرةِ الحنطةِ تلكَ، خيولُ وهمٍ تركضُ في روحِهِ، إشاراتُه الغريبةُ، حِرْفيّتُهُ في تزويقِ المكانِ بالحضورِ الطاغي، واللامرئيّ معاً، لم يعد أحدٌ يذكُرُ اسمَهُ، ولا قميصَهُ الوحيد والذي دائماً يزرّرُهُ ويخطئُ في وضعِ الزرّ المناسب في العروةِ المناسبة، لا أهلَ، لا أصدقاء، لا بيتَ، لا لغة، سقطَ كحبلِ سرّةٍ متلويّاً على نفسِهِ، اختارتْهُ الرصاصاتُ عمداً من بين الحشدِ، ماتَ، أجل ماتَ، ولم يعد أحدٌ يذكرُ اسمه، حتى في ذلك اليوم الذي تذكرتُهُ فيه بعدَ أربعين عاماً، كانَ قبره دون اسمٍ أيضاً، هناكَ بشرٌ هذا قدرهم، يعرفهم الجميع، وحين عرفناهم، عرفناهم بحضورهم، بثِقلِ خطوتهم في المكان، لا بأسمائهم،لذا... لا يذكر أسماءهم أحد.

وجاء في كتاب البلاد كذلك، أنني لم أعرف، حاولت، لكني لم أعرف كيف تحولت كلماتك إلى عناقيد عنب زرقاء في الحقل اللانهائي، ولماذا حيرتني الفراشة على فستانك إن كانت تطريزاً أم حقيقة، ارتبك العالم كلّه وأنت ترفعين جسدك بكامله على إصبع قدم واحدة مثل راقصة باليه محترفة، كي تعيدي عصفوراً صغيراً إلى عشه الذي سقط منه، ولم أعرف لماذا صار الدمع في عينيكِ تشكيلاتٍ وخرائط، ولم أعرف بالضبط من أنت في تلك اللحظة فيما أنت تجمعين الشهداء في كفك وتطلقينهم كمن تحرر عصافير من أقفاصها، فعلتِ كلّ شيء وأنتِ في أعلى قمم الحزن، فتساءلتُ عما ستفعلين لو راودك قليل من الفرح، فقط، قليل من الفرح...

وجاء في كتابِ البلادِ شيئاً عن عيدٍ قديم، طقسُهُ غريبٌ بأنهاره العشر، يخبئها الأولادُ طوال السنةِ في مُغُرٍ لا يعرفُ أهلهم عنها شيئاً، وحدَهم كانوا يخرجونها ليلة العيدِ، فتبدو الأنهارُ برّاقةً وفيها رائحةُ عذوبةٍ وانطلاقاتُ موسيقى، تخرجُ سعيدةً كطيرٍ يخرجُ من مأزق العشّ لأولِ رقصة، وحدهم الأولادُ الذين لم ينطقوا بعد هم من يعرفون أين ذهب الطقس والأنهار... وحدهم.

عيناكِ، هذا الضعفُ البشريُّ تجاه الجمالْ...
هذا ما أضفتُهُ، ولم يأتِ في كتابِ البلاد.

السادس عشر من حزيران 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مستنقع- و-ظالم-.. ماذا قال ممثلون سوريون عن الوسط الفني؟ -


.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل




.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال