الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حربٌ وقودها الأحياء ويقودها الموتى!

جواد البشيتي

2013 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
في "موقعة (أو غزوة) القصير"، وإذا ما "تناسَلَت"، وظلَّ في "الموات (القومي والإنساني والحضاري)"، الذي يقود قيادتها، "عِرْق يَنْبُض"، أرى "إسرائيل العظمى" مُكلَّلةً وحدها بإكليل الغار، وأراها تتمنَّى لذوي "الانتصار الزائف"، والذي لم أرَ فيه من معاني الانتصار إلاَّ ما يجعل تمييزه من الهزيمة من الصعوبة بمكان، مزيداً منه؛ فمُحْرِزوه إنَّما ينتصرون لـ "إسرائيل العظمى"، أأدركوا ذلك أم لم يُدْرِكوا.
دَعْ هؤلاء الأحياء (بأجسادهم فحسب) يَقْتَتِلون بالتعصُّب، وبمزيدٍ من التعصُّب، لموتى شبعوا موتاً؛ فإنَّ الزَّجَّ بأسماء ورايات علي وعُمَر ومعاوية ويزيد والحسن والحسين.. في حربٍ، بدأت في القصير، ولا تنتهي فيها، هو الكارثة المُحْدِقَة الآن بـ "الوجود القومي العربي"، أو بما بقي منه على قَيْد الحياة؛ ومِنْ رَحْم هذه الكارثة ستَخْرُج، وتُوْلَد، "إسرائيل العظمى"؛ ولن تَضَع هذه الحرب (البغيضة الكريهة الحقيرة..) أوزارها قَبْل أنْ يرى "المنتصرون" فيها، و"المهزومون"، "الأقصى" يُهْدَم، و"الهيكل الثالث" يُبْنى في مكانه.
والعاقبة الأسوأ هي أنْ تشدِّد هذه الحرب (التي جنودها من الأحياء، وقادتها من الموتى) الحاجة لدى طرفيها إلى إعادة تعريف "العدو" بما يجعله متصالِحاً مع "مصالح" لنا لا يمكن تمييزها من "ضغوط الغريزة"، ولا مكان لها في "السياسة"، وفي عالمها الواقعي على وجه الخصوص؛ فتَنْزِل "إسرائيل العظمى"، بعدائها القومي والتاريخي لنا، وبمخاطرها الحقيقية الواقعية على وجودنا القومي، علينا بَرْداً وسلاماً؛ ورُبَّما تَنْقَلِب هذه المأساة مهزلةً، فتَغْدو "الحَكَم"، أو القوَّة الإقليمية التي يتنافَس المتقاتلون (مِنْ عبس وذبيان) في خطب ودها، وطَلَب حمايتها ودعمها؛ فما وَقَع في "موقعة القصير"، وإذا ما "تَناسَلت" هذه الموقعة، إنَّما يؤسِّس لصراعٍ، هو بِحُكْم طبيعته، أعمى البصر والبصيرة؛ ويكفي أنْ يُشْحَن أي صراع أو نزاع بطاقة من العداء الدِّيني (المتدثِّر بالدِّين، أو الذي يمتُّ بصلةٍ إلى الدِّين) حتى يتوحَّش، ويطول أمده، ويعيل نفسه بنفسه، متَّخِذاً من كل نتيجة أو عاقبة له سَبَبَاً لاستمراره وتوسُّعه وتَعَمُّقه، وحتى تَنْقَطِع كل صلة له بالحضارة، والقيم والمبادئ الإنسانية، وتَفْقِد هذه الحرب، من ثمَّ، ما بقي لها من صلة بـ "السياسة"؛ فإنَّ مبدأ "الحرب امتداد للسياسة" هو الضحية الأولى لكل حربٍ من نمط تلك التي وَقَعَت في القصير.
إسرائيل الآن ما عادت تخشى سلاح، أو تَسلُّح، أو مقاتلي، "حزب الله"؛ فهذا السلاح مع حامليه يَخْرُج من "الموقع" الذي يُكْسِبه معنى الخطر (الواقعي أو المحْتَمَل) على أمنها القومي، ويذهب إلى حيث يُسْتَعْمَل بما يُعْطي من النتائج، وبما يخلق من الوقائع، ما يشدِّد لدى "الحزب" المَيْل إلى مهادنة إسرائيل، واجتناب كل ما من شأنه أنْ يتسبَّب بمواجهة عسكرية معها، خشية أنْ تأتي هذه المواجهة بنتائج تعود بالنفع والفائدة على "العدوِّ الجديد" الذي يقاتله "الحزب" بـ "شراهة" في سورية.
ولن تخشى هذا السلاح ولو كَثُر في لبنان إذا ما أُريد له أنْ يُزجَّ في حربٍ لبنانية تكون امتداداً لحرب القصير، وأشباهها في الأراضي السورية؛ فإسرائيل لن تكون مع، أو ضد، تسلُّح "حزب الله" إلاَّ بَعْد إجابة أسئلة من قبيل "أين يُسْتَعْمَل هذا السلاح؟"، و"كيف يُسْتَعْمَل؟"، و"ضدَّ مَنْ يُسْتَعْمَل؟"، و"ما هي النتائج والعواقب والتبعات السياسية لاستعماله؟".
ما وَقَع في القصير تتمنَّى إسرائيل وقوعه في كل سورية، وأنْ يمتدَّ هذا الحريق (الذي تستدفئ به) إلى العالَم العربي، وإلى إيران وتركيا؛ وإنِّي لمتأكِّد أنَّها لن تَقِف ضدَّ مزيدٍ من التورُّط الإيراني في الحرب السورية ما دامت حَرْباً لا منتصر حقيقياً وكبيراً فيها إلاَّ هي.
ولسوف يكون لها موقِفاً آخر إذا ما شَعَرَت أنَّ هذه الحرب قد تمخَّضت، أو شرعت تتمخَّض، أو تُوشِك أنْ تتمخَّض، عن نتائج يكمن فيها شيء من الخطر على أمنها القومي.
حرب الأيَّام السِّتَّة أنْتَجَت "إسرائيل الكبرى (جغرافياً)"، وأسَّسَت لـ "إسرائيل العظمى"؛ أمَّا الحرب، التي من نارها ودمارها ودمائها وعواقبها، سيَكْتَمِل بناء "إسرائيل العظمى" فلن تكون حرباً يخوضها "جيش الدفاع الإسرائيلي"، وإنَّما حرب تقتتل فيها قبائل العرب (من شيعية وسنية). إنَّني أفْتَرِض أنَّهم يقتتلون الآن من أجل الكلأ والماء لأغنامهم ومواشيهم؛ لكنني متأكِّد أنَّ مضيِّهم قُدُما في هذه الحرب سيجعلهم يقتتلون من أجل الكلأ والماء لهم، لا لأغنامهم ومواشيهم؛ فلن يبقى لديهم شيء من الأغنام والمواشي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و