الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة إيران القادمة تنتظر السوريين

علاء الدين الخطيب

2013 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


أحد المظالم التاريخية في الإعلام وفي كتابة التاريخ أن ثورة الشعب الإيراني 1979 سُميت ثورة الخميني. لا يستطيع أحد أن ينكر دوره في الثورة وكونه أكثر قاداتها شعبية. لكنها ليست ثورة شخص واحد لقد كانت ثورة الشعب الإيراني على استبداد حكم الشاه وفساده الذي فاق كل المحتمل. ولولا تحالف الإمام الخميني مع باقي قوى المعارضة السياسية في إيران من أقصى اليسار إلى وسط اليمين لما استطاع لوحده إنجاز تلك الثورة. فتأثير الخميني كان شعبيا بالدرجة الأولى ولكن ليس تنظيميا، ومن تحمل مهمة التنظيم في الحراك الشعبي كان بقية حلفاء الثورة وخاصة قوى اليسار ومجاهدي خلق. فالتحرك الشعبي وبسبب فوضوية الجموع البشرية غير قادر على الوصول لغايته بدون تنظيم وتدخل القوى السياسية المُنظَّمة أصلا. ولربما هنا نتذكر مشكلة الثورة السورية التي اكتسبت تأييدا شعبيا كبيرا، لكنها بسبب افتقادها للمنظم وقعت بفخ الاغتيال مِن قبل مَن تسلط على الثورة وأهدافها من بعض قادات المعارضة.
بالواقع أن التاريخ الإيراني بالقرن الماضي مليء بالثورات أو الانتفاضات منذ أيام الشاه إلى أيامنا هذه، فهو شعب حيّ مثل جيرانه في المنطقة ومتجذر حضاريا في التاريخ. فما يشبه الثورة التي قام بها محمد مصدق 1953 كرئيس حكومة يسعى لتحرير بلاده من سيطرة البريطانيين والأمريكيين كانت ملهما للكثيرين بعده. مما اضطر الشاه لتشكليل جهاز قمع بوليسي أمني سماه "السافاك" الذي يشبه تماما أجهزة المخابرات العربية. بقيّ حكم الشاه في قلاقل مستمرة وانتفاضات لم تنته لعام قيام الثورة الإيرانية.
وكي لا ندخل بالتاريخ أكثر، نقول أن أول مأساة أجهضت حلم الإيرانيين كانت حرب العراق وإيران 1980، ليس فقط من حيث عدد الضحايا على الجبهات، بل أيضا لأنها كانت فرصة الخميني للتخلص من كل منافسيه الذين صنعوا الثورة معه. فاستمر حكم نظام ولاية الفقيه الذي ابتدعه الخميني على المذهب الشيعي كواجهة عاطفية دينية تضمن ولاء عامة الناس للحكم الإيراني، وتحت هذا الغطاء نشأت حكومات فاسدة لم تغيّر كثيرا في المستوى الإقتصادي لحياة الإيرانيين وخاصة في أقاليم الجنوب والشرق.
لقد تناسى الإعلام العربي بعد الربيع العربي وخاصة بعد انتقال الحراك الثوري لسورية أن إيران شهدت انتفاضات شبابية كبيرة احتجاجية عام 2009 قدرت أعداد المتظاهرين وقتها بمئات الآلاف، وسموها بوقتها الثورة الخضراء التي قامت احتجاجا على فوز نجادي بالرئاسة. لكن قوات الباسيج و حرس الثورة استخدموا القوة المفرطة ضد هذه المظاهرات مما أدى لوأدها. صاحب تلك الثورة الخضراء تركيز إعلامي كبير غربي وعربي في وقتها ولعلنا ما زلنا نذكر دور التويتر في ذلك الوقت بتسريب أنباء الثورة. لكن نفس الإعلام والسياسيين العرب والغربيين تناسوا ثورة أو انتفاضة 2011 والتي بدأت تقريبا بنفس فترة اشتعال الثورة السورية في 14 شباط، فقد شهدت مدن إيران العديد من التظاهرات بإلهام واضح من الربيع العربي. لأن روابط الشعوب العربية والإيرانية أكثر تجذرا تاريخيا من أن تقسمها العداءات بين شيوخ وفقهاء الطرفين. فلماذا هلل الجسد الإعلامي والسياسي العربي والغربي في 2009 وأهمل 2011؟ لماذا كان هذا الضجيج قبل سنتين والصمت في 2011؟ ربما يحتاج الجواب لمقال آخر حول تعامل الساسة الغربيين وبالتالي العرب كتوابع حتمية للتوجه الغربي مع الشعب الإيراني.
السؤال هل انطفأت جذوة الثورة الإيرانية؟ بالواقع وحسب المنطق التاريخي البشري لا يمكن لثورة شعبية أن تنطفأ جذوتها بالحالة العامة إن لم تزل أسبابها. وأسباب هذه الثورات الإيرانية هي بشكل أساسي ديكتاتورية الحكم الإيراني المتغطي بقدسية الدين، وتراجع المستوى الإقتصادي للمواطن الإيراني باستمرار رغم غنى إيران بشريا وماديا بشكل يفوق كل دول الجوار، بالإضافة لنزوع الشباب الإيراني بعصر الاتصالات الحديث للحرية في التعبير والسلوك والعمل والإبداع دون سلاسل يفرضها رجال دين متخشبون في القرن السابع. ولعل هذا ما يفسر تغاضي الحكم الإيراني المتمثل بمجلس الثورة ومكتب الأمن القومي عن فوز حسن روحاني من خارج دائرة المحافظين كمحاولة تطييب خاطر للشعب الإيراني، والسؤال هل سيستطيع هذا الرئيس الليبرالي لحد ما تغيير الواقع الإيراني؟ إذا تذكرنا تجربة خاتمي 1997-2005 والذي فاز بنسبة 70% ومع ذلك لم يستطع عمليا إحداث أي تغيير حقيقي داخل المؤسسة الحاكمة الإيرانية بل وقع بين حجري رحى: المحافظون الإيرانيون بزعامة ولي الفقيه وبين الحصار الغربي القاسي الذي لم يتنازل لاغتنام فرصة وصول رجل إصلاحي متنور للحكم في إيران. هذه التجربة لا تبشر بتغيير حقيقي في إيران خاصة وأن آخر مواريث نجادي لروحاني هي تخفيض الدعم عن الكثير من السلع الأساسية للإيرانيين.
من ناحية ثانية، فإن استغلال الإعلام العربي والغربي للثورة السورية الشعبية بتحويلها حتى لو إعلاميا لحرب طائفية بين السنة والشيعة وتركيز الإعلام العربي على هذه الناحية. وتعالي أصوات شيوخ السلاطين في فتاوى متتالية تدعو لقتال الشيعة الروافض بما يبدو في ظاهره دعم للشعب السوري، وبنفس الوقت تلقي النظام الإيراني لهذه الورقة المرمية على طاولة القمار الدولية وتجاوبه معها من خلال التحريك الإعلامي لحزب الله للتدخل الواضح في سورية، فنظام بشار الأسد ليس مكسورا عسكريا ببضعة مئات أو حتى آلاف من المقاتلين، إن تدخل الحزب هو لغاية إعلامية بحتة وليست عسكرية. كل هذه التطورات تساعد الحكم الديني الشمولي الإيراني على زيادة حاجز الرعب لدى المواطن الإيراني من أي حراك ثوري الآن، فلم يعد مصدر التهديد كما كان النظام الإيراني يكرر هو فقط الصهيونية والإمبريالية، بل اصبح مضاف له "العدو الوهابي السلفي الناصبي".
هذه الحمّى الدينية الطائفية الآخذة بالانتشار في المنطقة تهدد كامل الربيع العربي وشعوب هذه المنطقة عربا وإيرانيين وأكرادا وحتى أتراكا. وبكل طرف يوجد أقلام وأصوات جاهزة لإطلاق خطابات التجييش والتحميس وبنفس الوقت التخويف والإنذار من عدو خيالي يسمونه "الناصبي أو الرافضي" ويحولوه لحقيقة من خلال بعض الفيديوهات القليلة وبعض الفتاوى الجاهزة في أدراج بعض شيوخ القرن الواحد والعشرين.
لذلك فإن انتصار الثورة السورية بهدفها الأساسي سورية حرة ديمقراطية موحدة مستقلة مدنية هو بالواقع إنقاذ لكل شعوب المنطقة وإنقاذ للإسلام من مصير أسود مجهول يجري الإعداد له الآن في أروقة السوق العالمي ودهاليز السياسة وقصور السلاطين. ولعلنا هنا نعيد التذكير للقادات المعارضة السورية أن تقصيركم لم يكن فقط بحق الشعب السوري، بل بحق الشعب الإيراني الذي كان يمكن أن يشكل القوة التي تقلب كل الموازين حول سورية وثورتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثورة بهمن
حسن نظام ( 2013 / 6 / 19 - 06:32 )
شكرا ايها الزميل على هذا المقال
الحقيقة عن الثورة الايرانية انها كانت احد اعظم الثورات، التي اجلبت صدقية نظرية الثورة واعادتها الى نصابها..حيث الامواج البشرية من الجماهير استطاعت بلا سلاح تقريبا ان تدك اعتى نظام استبدادي شرقي وتحطم احدى اقدم الملكيات المطلقة في التاريخ البشري
إن الاسم العلمي والفعلي، خاصة لدى التقدميين، هو اسم الشهر الفارسي/الايراني الذي وقع فيه الثورة: بهمن
اكيد الثورة او التغيير قادم لاريب فيه في ايران..وسيكون اشبه بسونامي اجتماعي سوف يهز العالم والمنطقة وسيشكل نقطة تحول في المنطقة العربية الاسلامية في الشروع بتراجع الاسلام السياسي وأفوله، خاصة حكم التشيع المطلق المعروف بولاية الفقية لامام الزمان الخيالية، الامر الذي يؤثر ايضا على التزمت السني المهيمن في الوقت الحاضر في المنطقة ، ويقضي بالتالي على وهم إعادة الخلافة الاسلامية العالمية
ان غدا لامله قريب
تحياتي


2 - ان غدا لامله قريب
علاء الدين الخطيب ( 2013 / 6 / 19 - 12:20 )
شكرا لك اخي الكريم حسن
وشكرا للاضافة والامل بالغد هو الاقوى والقدر

اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في