الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع و الإقصاء الحتمي

شوكت جميل

2013 / 6 / 19
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


و أني لدهش من أمري ،وقد سمعت فيما سمعت ،و قرأت فيما قرأت عجبا من تنظير المنظرين،وتقوُّل المتقولين على هامش حركة تمرد،أو حركة رفض التهميش و الإقصاء_ كما يحلو لي ان أنعتها_، و قد وقعت فيما سمعت و فيما قرأت على بعض الأتهامات من خارجها،وبعض التحذيرات من داخلها،يدور أكثرها _ متهما كان أو محذرا_ على ما عسى أن يفضي مداواة الجرم بالجرم، و معالجة الجريمة بجريمة أشنع ، و رد البغي ببغيٍ أشد نكيرا..ونحو هذا. و يرون و الحال كذلك، أن تحتاط الحركة لنفسها و أن تحذر، لئلا تؤخذ من مأمنها و تضرب في مكمنها؛إن هي أسرفت في أمرها و أمعنت في رأيها شططا، و ركبت مركبا وعرا،فتصيب من الذنب ما حرَّمته و تجني من الوزر ما قد انكرته على غيرها ،فقامت على بكرة أبيها ضائقة به حانقه عليه،.ثم تعود لتقع في ذات الخية و نفس الخطيئة ، إن هي روّجت لإقصاء الآخر..،و طالبت بنفيه و ألحت في تهميشه و بغت محوه محوا،و من ثم فالأجدر بها إذن و الأخلق ان تأخذ نفسها بالعدل ،فلا ترضى لغيرها ما لم ترضه على نفسها. فإن لزمت تلك السيرة الرشيدة السالفة و آثرت السلامة و العافية فذاك..والا فتحت بابا وراءه الشيطان ولن يغلق يوما .....و إلا فالصراع و القراع الذي لا نهاية له،وليس به من ظافر أو خاسر؛إذ ليس لطرف منهما القوة لنهو الصراع و المقتلة لصالحه،فلا منتصر إذن و لا منهزم.....و إلا فهو الإنقسام و تكسير العظام.. المتبادل ينهك هذا وذاك فيسقطان جميعا مكدودين آخر الأمر،ويسقط الوطن معهما او بينهما أو بأيديهم، و يهوى من جرف هارٍ مهواةٍ لا قيام بعدها.......هذا الكلام و مثله هو ما إتفقت عليه إتهامات المتهمين المغرضين،وتحذيرات المحذرين المخلصين!.

والحق اننا لسنا في حاجة للتأمل العميق،ولا لشحذ الفكر قليلا او كثيرا، لنستبين فساد هذا الرأي و بطلانه، و أن هذة الأتهامات و تلك التحذيرات تحمل قدرا كبيرا من السخف و السطحية،ولا تخلو من البلادة و التعسف،هذا إن أحسنّا الظن بأصحابها، و إلا فهو التدليس و التواطؤ؛فالمشكلة و الداء حقا ليستا في حركة تمرد،ولا الحل في إرادتها الحرة المنفردة؛ فالمشكلة عميقة و جذرية وتكمن في من يجلسون على سدة الحكم،ولك أن تسميه _غير ملوما و لا مذموما _ فصيل ذاتي الإقصاء بطبيعته،و بحكم تكوينه، ،فديدنه إقصاء جميع الفصائل عنه و إقصاء نفسه عنها،و هذا هو لبابه الفكري الذي قامت عليه أيدولوجيته بالأصل ، و أن سبيل الإقصاء و التهميش للآخر منهج و أصلٌ من أصول الدين السياسي،ومن ثم فإن التخلي عن هذا الفكر الإقصائي تخلي عن وجوده ذاته!.وحتى لا نلقى الكلام على عواهنه،نقول أن مرجعيته الثيوقراطية حتمية التصادم،و و توجز القضية في عبارة :(إما ان تكون واحدا منا و إما لا تكون شيئا البتة !)فأفكارهم و روءاهم إنما تُنَزّل عليهم تنزيلا طوباويا،وما على باقي الفصائل الا السمع و الطاعة، وليس من شيء يدفعنا لافتراض غير ذلك،فأدبياتهم المتصلة على طوال أكثر من ثمانية عقود والتي يتخذونها دستورا و مبدأ لهي خير دليل، و سلوكهم و ادائهم طوال هذة الفترة لأبلغ حجة،ثم أن سيرتهم مذ وطئوا سدة الحكم لأدق وصفا ،ثم أنهم لم يحيدوا عن هذة السيرة و لا تنكبوا لها يوما،ولا هم يتكلفون إخفائها، وأقربها _فيما أعلم_ محفلة التكفير التي جرت مؤخرا، تمهيدا ربما لمقتلة!ياسادة،ليس في قاموسهم الفكري ما يسمى بالتوافق أوالتعايش أو قبول الآخر ، إنما يرونه خورا في الطبيعة أو شيئا كالخور،و ينبغي علينا والحال كذلك،أن نعي تماما اننا إزاء أيدولوجية حتمية الإقصاء و التصادم مع الآخر،وعلينا أن نعلم علم اليقين، أن أيه تنازلات منهم في هذا الاتجاه، و أن أيه حيود عن نهجهم هذ،ا تحت ضغط الواقع في سبيل قبول الآخر ،ليس أكثر من حركات تكتيكية ،ما تلبث أن تتنكبه و تضرب به عرض الحائط.. طالما وجدت الفرصة سانحة لتثوب إلى جوهرها الفكري الإقصائي ، الذي تقتات عليه و يحفظ لها قوامها و يعبأ لها حشدها.
وأما حركة تمرد فلم يكن ظهورها على المشهد السياسي،لتهميش فصيل بعينه و إقصائه بل بالحري ولدت درءا و دفعا للتهميش و الإقصاء الذي يبغي و يتغول به فصيل منفردا على جموع الشعب المصري،فالحركة تضم ما بين اليساري و الليبرالي،..الماركسي و الرأسمالي..الازهري و العلماني و المسيحي و المسلم والبهائي و الشيعي و اللامنتمي..الخ،فتمرد لا تتعاطى الاقصاء بطبيعة تكوينها، و هى حركة كارهة و طاردة للاقصاء، إنما قضيتها محاربته، وهدفها (إقصاء) الأقصاء و التهميش_إن صح التعبير_،و لسان حالها يقول:ليس من وكدنا أن نقصي احدا أو شيئا إلا الإقصاء و التهميش و أصحابه.

وغاية القول من ذلك كله،أن التصادم و الإقصاء حتمي،ومرجعه الى الجينات الأصيلة للفكر الديني السياسي،فمثل هذة الدولة لا ترى السلام و التعايش إلا على وجه واحد؛ولا يظنن ظان أن لها سبيل غيره،و ذاك بأن تنفي الاخر تماما،وتجليه إما معنويا بإقصائه وتهميشه و الإنتقاص من مواطنته وحرمانه من كل حق أصيل في وطنه،او أن تجليه ماديا بالتهجير او التصفية البدنية والتطهير وهذان امرين يتباريان في السوء،فنهايتهما جميعا الموت والفناء ، معنويا كان أم ماديا،ولطالما كانت هذة سيرة مثل هذة الدولة الدينية مع كل من يخالفها الرأي و العقيدة.وبذلك وحده تفرض أفكارها فرضا مطلقا،أظن كل الظن ،أن هذا هو السبيل الوحيد لأن تنعم بالسلام...ولكنه السلام الذي يضع حدا للصراع ،بعد أن يكون أحد الفريقين قد فنى وزال !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عضو الكنيست الإسرائيلي للعربية: هذه الحكومة متطرفة لكن الحكو


.. سوناك ينشر فيديو عبر حسابه على -إكس- يسخر فيه من سياسة حزب ا




.. هل يهمين اليمين المتطرف على البرلمان الأوروبي؟ وماذا يغير؟


.. غزة: آلاف الإسرائيليين يطالبون بالموافقة على مقترح الهدنة وا




.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل