الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بينيت وقصة التملُّك بالاغتصاب والأسطورة والجريمة..!

جواد البشيتي

2013 / 6 / 19
القضية الفلسطينية


جواد البشيتي
"الضفة الغربية هي مُلْك لشعب إسرائيل". هذا القول قاءَه (على وَزْن "قاله") وزير في حكومة نتنياهو يُدْعى نفتالي بينيت؛ أمَّا هذه الحكومة، التي سمعت هذا القول، فالتزمت حَبْل الصَّمت؛ لأنَّ كلام وزيرها وَقَعَ على أسماع تشبه سمعه.
ومع ذلك، ومن غير أنْ يشعر أنَّ في الأمر تناقُضاً منطقياً، يمكن أنْ يُعْلِن نتنياهو، أو يُبْلِغ إلى وزير خارجية الولايات المتحدة كيري، أو إلى غيره، أنَّ حكومته ما زالت تؤيِّد، ولو من حيث المبدأ، "حل الدولتين"، الذي يتوفَّر كيري على الإعداد لمفاوضات سلام تؤدِّي، أخيراً إلى هذا الحل؛ فنتنياهو لم (ولن) يتخلَّ عن إيمانه بأنَّ الضفة الغربية هي "يهودا" و"السامرة"؛ فإذا لبَّى الفلسطينيون شروطه لقيام دولةٍ لهم في هذا الجزء، أو في جزء من هذا الجزء، من "أرض إسرائيل"، فيُمْكنه، عندئذٍ، ولِكَوْنِه "يَعْبُد" السلام، أنْ يتنازَل لهم (والألم يعتصر قلبه) عن هذا الجزء (العزيز على قلبه التلمودي) ليقيموا لهم فيه دولة (لا تشبهها دولة في العالَم، لجهة افتقارها إلى مقوِّمات ومعاني الدولة).
وينبغي لنا أنْ نَعْلَم أنَّ نتنياهو نفسه شرع يتهيَّأ، ويُهيِّئنا، لإعلان (أو للتحدُّث عن) مبادئ جديدة للسلام مع الفلسطينيين، تَخْلو، في معانيها الجوهرية والأساسية، من "حلِّ الدولتين"؛ فرئيس الوزراء الإسرائيلي يَسْتَذْرِع الآن، أو يوشك أنْ يَسْتَذْرِع، بسوء حال الفلسطينيين والعرب (وبعجزهم عن تلبية شروطه ومطالبه) لإعلان عدم صلاحية "حل الدولتين"، مُبْدياً، في الوقت نفسه، استعداداً (مشروطاً) لـ "التنازل" عن "أراضٍ (في الضفة الغربية)"، توصُّلاً إلى حلٍّ غير حل الدولتين (غير الصالح عملياً وواقعياً، من وجهة نظره).
إنَّنا لا نتوقَّع أنْ يُعْلِن نتنياهو (أو أنْ يتكلَّم بما يفيد ويعني) أنَّ الضفة الغربية ليست مُلْكاً لشعب إسرائيل؛ لكن ألا يحقُّ للفلسطينيين أنْ تُسْمِعهم إدارة الرئيس أوباما، المُسْتَمْسِكة، على ما تزعم، بـ "حلِّ الدولتين"، وبسعيها إلى مفاوضات سلام تؤدِّي، أخيراً، إلى هذا الحل، ما يفيد، ويعني، أنَّ الضفة الغربية مُلْك للشعب الفلسطيني، وليست مُلْكاً لشعب إسرائيل؟!
تخيَّلوا أنَّ الفلسطينيين لَبُّوا لنتنياهو مطلبه (أو شرطه) أنْ يعترفوا بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية، فكيف سيَفْهَم ويُفسِّر بينيت (وأمثاله) هذا الاعتراف، وهو الذي يَنْظُر إلى الضفة الغربية على أنَّها مُلْك لشعب إسرائيل؟
إنَّه سيقول، عندئذٍ، إنَّ الفلسطينيين اعترفوا بإسرائيل، التي يشمل إقليمها الضفة الغربية أيضاً، على أنَّها دولة يهودية؛ فإذا كانت الضفة الغربية مُلْك لشعب إسرائيل، فلا يحقُّ، عندئذٍ، لـ "دولة شعب إسرائيل" أنْ "تتنازَل" عنها للفلسطينيين ليقيموا لهم فيها دولة؛ وليس من المنطق في شيء أنْ تُقام دولة في جزءٍ من إقليم دولةٍ أخرى.
ومع تجريد "الدولة" من "الإقليم"، بدعوى أنَّ ملكيته تعود لشعب آخر، يَفْقِد "حل الدولتين" معناه ومنطقه، ويغدو وجود هذا القوم (أيْ الفلسطينيون في الضفة الغربية وفي الجليل والمثلث والنقب) هو "المشكلة التي لا بدَّ من حلِّها"؛ وحلُّها إذا لم يكن الطَّرد والتهجير (إلى خارج "أرض إسرائيل") فلن يكون "منحهم" دولة خاصة بهم (ضِمْن "أرض إسرائيل").
"الحل" يجب أنْ يكون من جِنْس ونوع "المشكلة"؛ ومشكلة هؤلاء "القوم" هي أنَّهم موجودون في أرضٍ، ملكيتها لا تعود لهم، وليس لهم فيها أي حق قومي (أو تاريخي). ويكفي أنْ تُحلَّ مشكلتهم بما يُوافِق هذا "التشخيص التلمودي" لها حتى تبدو إسرائيل (أو حتى يحق لإسرائيل أنْ تُصَوِّر نفسها على أنَّها) دولةً لا مثيل لها لجهة سموِّها الإنساني والأخلاقي؛ كيف لا وهي التي سمحت لهؤلاء "الغرباء" بالإقامة، أو بالبقاء مقيمين، في إقليمها.
كلاَّ؛ إنَّ فلسطين كلها ليست مُلْكاً لـ "شعب إسرائيل"، الذي يكفي أنْ نقول بوجوده حتى نمسخ ونُشوِّه مفهوم "الشعب (والأُمَّة)"؛ فبنو إسرائيل عِرْق باد منذ آلاف السنين؛ والحقوق القومية للشعوب تزول بزوالها.
و"حقُّ المِلْكِيَّة"، أيْ مِلْكِيَّة "شعب إسرائيل" للضفة الغربية، أو لفلسطين كلها، إنَّما هو الذي تضمَّنه النَّص الأسطوري أو الخرافي "لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات".
وإنِّي لأُذكِّر هذا الذي قال إنَّ الضفة الغربية مُلْك لـ "شعب إسرائيل" بما بما وَرَد في الأصحاح الخامس: "قال الرَّب لأَبرام أنا الرَّب الذي أخرجكَ من أَور الكلدانيين ليُعْطيكَ هذه الأرض، لِتَرثَها؛ أَعْلَم يقيناً أنَّ نسلكَ سيكون غريباً في أرض ليست لهم..".
هل يَفْهَم بينيت معنى عبارة "أرض ليست لهم"؟!
وهل يَفْهَم بينيت معنى "الغريب" في العبارة التي سبقتها "نسلك سيكون غريباً"؟!
إنَّكم أنتم "الغرباء" في "أرضٍ ليست لكم".
وهؤلاء الغرباء، هل تركوا في هذه الأرض (التي ليست لهم) ما يَدُلُّ على أنَّهم قد أسَّسوا فيها وجوداً قومياً، أو دولةً، على افتراض أنَّهم عَرَفوا هذه الأرض، وعَرَفَتْهُم؟!
مقوِّمات دولتهم الآن إنَّما هي ثلاثة لا غير، وهي: "الأسطورة"، و"المصلحة الإمبريالية لبريطانيا العظمى"، و"الجريمة (التي ارْتُكِبَت في حقِّ أصحاب الأرض الشرعيين)".
أقول هذا وأنا أعْلَم الفَرْق بين "القوَّة المستمدة من حقٍّ" و"الحق المستمد من قوَّة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و