الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


راي من بعيد حول الثلاثين من يونيو

حسقيل قوجمان

2013 / 6 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


راي من بعيد حول الثلاثين من يونيو
نشر اول مقال لي حول نورتي تونس ومصر الشعبيتين بتاريخ ۱-;-٨-;-/٢-;-/٢-;-٠-;-۱-;-۱-;- اي بعد ايام فقط من نجاح الثورة المصرية في اسقاط حسني مبارك. وكتبت عدة مقالات حول نفس الموضوع بعد ذلك. ابديت رايي في جميع هذه المقالات حول هاتين الثورتين وخصوصا الثورة المصرية واعلنت في كل مقالاتي ان الثورتين لن تحققا الاهداف التي رفعتها رغم عظمة هاتين الثورتين الشعبيتين اللتين تدلان على اجماع الشعبين التونسي والمصري على نجاح ثورتيهما وتحقيق اهدافهما المعلنة في الثورتين. وقد انتقدني الاستاذ الكبير حمدي قنديل ظنا منه انني استهين بقوة الشعب المصري.
انا لست متشائما وليس رايي حول هاتين الثورتين العظيمتين نتيجة للتشاؤم. انا لا اتفق مع الراي الشائع الذي يفيد بان هاتين الثورتين ليس لهما قيادة. ان تحقيق هذا القدر من الاجماع الشعبي وتنظيمه ليس عملية يمكن اجراؤها عفوا بدون قيادة وقيادة حكيمة. لذلك لا اتفق مع القائلين ان الثورتين بدون قيادة واعتقد بوجود قيادة حكيمة استطاعت ان تنزل الى الميدان هذه الملايين من الشعب بتظيم رائع ومحكم.
وانا لست ممن يستهينون بقدرة الشعوب وقوتها. فقد اثبت الشعبان التونسي والمصري قدرتهما العظيمة على الاتحاد والثورة ضد الظلم والاستغلال والاستبداد ونجحتا في ازالة من اعتبرتاه سبب شقائهما واستغلالهما.
ان الزعم بعدم وجود قيادة للثورة ناجم عن عدم قيام اي من الاحزاب التقليدية القائمة في مصر او تونس بالقيادة. والواقع هو ان هذه الاحزاب القائمة ليست هي التي نظمت وقادت هذه الملايين وان القيادة الحقيقية للثورة ليست قيادة تقليدية وليست ظاهرة للعيان كحزب له تاريخه في الحياة المصرية او التونسية. وكل ما استطاعت بعض الاحزاب التقليدية القائمة هو الالتحاق بالثورة.
مرت اكثر من سنتين على الثورة المصرية ويشعر كل مصري اليوم ان الثورة لم تحقق حتى ابسط مطالبها التي لا يحتاج انجازها اكثر من يوم واحد كتحديد الحد الادنى للاجور على سبيل المثال.
كتبت في احد مقالاتي ان المشكلة ليست في كون القوى التي نشات كسلطة حاكمة نتيجة انتخابات ودستور ورئيس جمهورية من فئة معينة، فئة دينية، الاخوان المسلمين، فحتى لو ان جبهة الانقاذ هي التي وصلت او ستصل في انتخابات قادمة الى الحكم وكان الحكام الجدد مخلصين في تاييدهم للثورة ورغبتهم في تحقيق اهدافها فان الوضع لا يتغير ولا يمكن ان تتحقق اهداف الثورة الاساسية.
هناك فرق طبعا بين ان تاتي جماعة دينية متطرفة الى الحكم وان تاتي جماعة مدنية كجبهة الانقاذ الى الحكم. فالسلطة الدينية تعود بالضرورة بالشعب المصري قرونا الى الوراء لان سياستها هي العودة الى حياة عاشتها الشعوب قبل هذه القرون بينما السلطة المدنية لا تقوم بمثل هذه المحاولة. ولكن من الناحية السياسية فان السلطتين لا تستطيعان كلاهما تحقيق اهداف الثورة.
واذا راجعنا الدعوات المتكررة الى المصالحة والتحاور نجد انها لم تحقق شيئا لانها كلها دعوات للاحزاب القائمة التي ليست القوى التي نظمت وقادت الثورة. ونرى ان هذه الاحزاب في احسن الظروف تلتحق بالثورة ولا تقودها. ونرى ان كل هذه الدعوات المتكررة للحوار تستثني كليا القيادة الحقيقية للثورة، شباب الثورة وقادتها الحقيقيين.
اليوم يجري الاعداد لحركة ثورية شعبية واسعة في الثلاثين من يونيو،حلاكة تمرد، تهدف الى جمع العديد من ملايين التوقيعات على بيان يطالب بالدرجة الرئيسية بتنحي الرئيس واجراء انتخابات مبكرة جديدة ولا ادري مقدار النجاح الذي ستحققه هذه الحركة يوم الثلاثين من الشهر. فوحدة الشعب التي تحققت في الثورة الاولى لم تعد ممكنة بسبب انفصال الفئات الدينية الحاكمة عن الثورة ووقوفها ضدها.
اليوم توجد سلطة تدعي الشرعية وفي حوزتها قوى القمع من جيش وشرطة وغيرها اضافة الى القوى الساندة من الفئات الدينية المستعدة لممارسة العنف تجاه هذه الجموع التي تهدد سلطتها. ان السلطة الحالية مستعدة لاستخدام كل قوى العنف التي تحوزها ضد هؤلاء الثوار لان طبيعة السلطات هي استخدام اقصى ما تستطيعه من قوى في احباط الحركات التي تهدف الى اسقاط حكمها. وقد كان تهديد الرئيس مرسي واضحا وعنيفا في هذا الاتجاه. فقد هدد من سماهم الفلول والعبثيين باشد القسوة. ولكن كيف ستميز قوى العنف الحكومية بين من سماهم الفلول والعبثيين وبين الثوار الحقيقيين؟
ان جميع الدلائل تشير الى ان السلطة الدينية الحاكمة غير قادرة شانها شان حكومة مبارك على زج الجيش المصري في محاربة الشعب المصري. وهذا يشل بصورة هائلة قدرة السلطة الدينية على تحويل الثورة الى حرب اهلية كما حدث في ليبيا واليمن ويحدث بابشع صوره في سوريا.
الا ان جميع الدلائل تشير ايضا الى استعدادات القوى الدينية الى الوقوف في وجه القوى الشعبية الثائرة في الثلاثين من الشهر. وهي لا تتوانى عن تحويل المظاهرات السلمية الى معارك دامية تسيل فيها دماء الشعب المصري بصرف النظر عن نجاحها في تحطيم الثورة ام عجزها عن ذلك.
توصلت الى ان الثورة الشعبية المصرية لن تحقق اهدافها المعلنة فور نجاحها في اسقاط حسني مبارك ليس تشاؤما ولكن من طبيعة الثورة ذاتها. لقد كان الشعار البارز في الثورة ضد الرئيس واعتبرت ازاحة الرئيس نجاح الثورة. وهذا ما جعلني اتوصل الى ما توصلت اليه. الحقيقة هي ليس حسني مبارك بكل صفاته السيئة في فترة حكمة هو العدو الحقيقي للثورة. حسني مبارك ليس سوى اداة العدو الحقيقي للثورة يستطيع التخلي عنه جزئيا او كليا لتفادي المخاطر التي تهدده. وهذا ما حدث فقد تخلى العدو الحقيقي للثورة عن هذه الاداة، حسني مبارك، لكي يبقي على حكمه للشعب المصري بنفس الطريقة التي حكم فيها مبارك الشعب المصري كاداته في ذلك.
العدو الاساسي للثورة وللشعب المصري هو طبقة وليس رئيس او مجلس وزراء او مجلس نواب او غير ذلك. الطبقة تمتلك الدولة بكل مؤسساتها الاقتصادية والقمعية والاعلامية وهي لن تتخلى عن سلطتها بالسهولة التي تخلت بها عن اداتها الطيعة، حسني مبارك. الطبقة الراسمالية هي التي تحكم مصر وما المؤسسات الاخرى سوى ادوات الطبقة في فرض سيطرتها على الشعب المصري. توصلت الى ما توصلت اليه بعد ايام من نجاح الثورة لان هدف الثورة لم يشر ولو بكلمة الى الطبقة التي استخدمت حسني مبارك بل ركزت الاهداف على التخلص من حسني مبارك. واليوم بعد مرور اكثر من سنتين يشعر كل مصري ان سقوط مبارك لم ينتج عن تحقيق اي هدف من اهداف الثورة. وما يجري من الاستعداد ليوم الثلاثين برهان على ذلك.
الطبقة الراسمالية المصرية وصلت الى السلطة يوم الانقلاب العسكري ضد حكومة فاروق، وقد سمي الانقلاب العسكري ثورة لانه ثورة فعلا، اذ اسقط سلطة حاكمة قديمة ورفع الى الحكم سلطة جديدة. وكانت حكومة جمال عبد الناصر اداة الطبقة الراسمالية في حكم مصر وكانت حكومة الساداة اداة الطبقة الراسمالية وكانت حكومة مبارك اداة الطبقة الراسمالية في حكم مصر.
وعند ازاحة حسني مبارك اصبح المجلس العسكري اداة الطبقة الراسمالية في حكم مصر وادار المجلس العسكري حكم البلاد بصورة تضمن وصول الاخوان الى الحكم. فما جرى من اجراءات غريبة قبل التحول مثل الانتخابات قبل الدستور وكيفية وضع الدستور وغيرها من الاجراءات التي عارضها الشعب المصري لم يكن اخطاء بل كان خطة مدبرة باحكام من اجل تحويل السلطة الى الاخوان لان الاخوان هم افضل سلطة تصلح لكي تكون اداة الطبقة الراسمالية في الظروف القائمة. فنشأت السلطة المزخرفة باللحى المرسلة والعمائم على اشكالها ومختلف الوانها ولكنها لا تغير من كونها حاليا اداة الطبقة الراسمالية في الحكم.
اليوم يجري الاعداد لحركة الثلاثين من حزيران وجمع الملايين من التواقيع على وثيقة تدعو الى ازاحة الرئيس الجديد، محمد مرسي واجراء انتخابات مبكرة. وليس مرسي في الواقع سوى اداة جديدة لخدمة الطبقة ذاتها. هناك احاديث من جانب حركة تمرد عن تشكيل هيئة جديدة للحكم لدى نجاح الحركة في ازاحة مرسي وما بعد زوال مرسي الى حين اجراء انتخابات جديدة نزيهة وعلى اساس دستور حقيقي.
لنفترض جدلا نجاح حركة تمرد في ازاحة مرسي والاخوان نجاحا تاما وتشكيل هيئة حكم جديدة من الثوار وليس من الاحزاب القديمة التي لم تساهم في نجاح الثورة. ولنفرض ان القوى المعارضة لحركة تمرد لم تنجح في تحويل المظاهرات الى معارك دموية. وان حركة تمرد نجحت في انتخاب حكومة من اشخاص سياسيين تعتمد عليهم سواء من اعضاء تمرد ام من الكفاءات الهائلة المتوفرة في الشعب المصري. افترض ذلك جدلا بدون الاستهانة بالدور العنفي الذي ستمارسه القوى الدينية لاحباط هذه الحركة.
هدف الثورة في الثلاثين من يونيو هو نفس هدف الثورة الاولى، ازاحة الرئيس، واضافة الى ذلك تشكيل حكومة من الثوار او بموافقتهم وليس من عناصر اخرى غير الثوار. وهذا فرق هائل بين الثورة الاولى وهذه الثورة. لكن هذا في رايي لا يغير من كون اتجاه الثورة هو ضد الاداة وليس ضد العدو الحقيقي، الطبقة الراسمالية. ولذلك فان هذا النجاح المفترض سلفا لن يغير الامر وتبقى الثورة عاجزة عن تحقيق اهدافها الشعبية المعلنة.
ففي هذه الحال اما ان تنجح الطبقة الراسمالية في تدجين الحكومة الجديدة وجعلها اداة جديدة في خدمة الطبقة او ان الطبقة تحاربها بكل ما لديها من قوى اقتصادية وثقافية واعلامية وعسكرية من اجل تحطيمها. والثورة القادمة حتى في اقصى نجاحها لن تحقق في النهاية اهداف الثورة الشعبية الحقيقية. واذا لم تستطع الطبقة الراسمالية احباط الثورة مباشرة فانها لن تسمح لها بتحقيق اهدافها الحقيقية في انهاء البطالة والفقر والاستغلال والجهل والجوع الخ. ان هذه الامور التي تعاني منها ملايين الشعب هي شرط حيوي وجوهري من شروط بقاء الطبقة الراسمالية ومواصلة حكمها للشعب المصري.
الثورة الحقيقية هي الثورة التي تهدف الى ازاحة الطبقة الراسمالية، عدو الشعب الحقيقي، عن سيطرتها المطلقة على الشعب المصري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حسقيل قوجمان يعرف كل شيء عن الثورة المصرية
يعقوب ابراهامي ( 2013 / 6 / 21 - 05:54 )
كيف استطاع حسقيل قوجمان أن يتنبأ في الماضي القريب بمصير الثورة المصرية وما سر نجاحه في التنبأ بمستقبلها؟
الجواب: كل شيء مكتوب في (نقد برنامج غوتا) الذي كتبه كارل ماركس في النصف الأول من القرن التاسع عشر
كل ما عليك أن تفعله هو أن تفتح الكتاب وتقرأ. هناك (في هذا الكتاب الذي يعد تحفةً أثرية عتيقة) ستجد الجواب على كل تحديات القرن الحادي والعشرين
أقرأوا مثلاً هذا التحليل الرائع للثورة المصرية الذي توصل إليه حسقيل قوجمان من وحي كتاب نقد برنامج غوتا: ان الثورة المصرية لم تحقق حتى ابسط مطالبها التي لا يحتاج انجازها اكثر من يوم واحد كتحديد الحد الادنى للاجور على سبيل المثال
كم رائع وبسيط وعبقري: تحديد الحد الأدنى للأجور في مصر لا يحتاج أنجازه أكثر من يومٍ واحد
في أي عالمٍ يعيش حسقيل قوجمان؟ في عالمٍ حقيقي أم في عالمٍ من الخيال؟


2 - حكومة- الساداة --اداة الطبقة
يعرب حسن الموسوى ( 2013 / 6 / 21 - 06:45 )
حكومة السادات


3 - هل تراجع حسقيل قوجمان عن دكتاتورية البروليتاريا؟
يعقوب ابراهامي ( 2013 / 6 / 21 - 07:42 )
يقول حسقيل قوجمان: الثورة الحقيقية هي الثورة التي تهدف الى ازاحة الطبقة الراسمالية، عدو الشعب الحقيقي، عن سيطرتها المطلقة على الشعب المصري
هذا جميل. وهو تحليل عميق وماركسي (محنط طبعاً) للثورة المصرية. ولكن لماذا نسى حسقيل قوجمان شعار دكتاتورية البروليتاريا؟ لماذا لم يقل مثلاً: الثورة الحقيقية هي الثورة التي تهدف الى ازاحة الطبقة الراسمالية، عدو الشعب الحقيقي، عن سيطرتها المطلقة على الشعب المصري وإقامة دكتاتورية البروليتاريا؟ هل أنتَ أيضاً يا بروتوس؟


4 - يطالب بحد ادنى للاجور-الحزب الشيوعى المصرى
يعرب حسن الموسوى ( 2013 / 6 / 21 - 13:28 )
وبعد أكثر من 90 عاماً من العمل السري، أعلن الحزب الشيوعي المصري - الاحتفال بعيد العمال من ميدان
التحرير، استئناف عمله بشكل علني.
وأكد في بيان له تلاه القيادي صلاح عدلي أن مبادئ الحزب ستتركز على الطبقة الكادحة في مصر، وأنه سيطالب--- بوضع حد أدنى للأجور لا يقل عن 1200 جنيه--
، ووقف سياسات الخصخصة بالشركات والخدمات العامة، وإعادة تأمين الشركات المنهوبة، وإطلاق حرية تشكيل النقابات وتثبيت العمالة المؤقتة.
وكانت حكومة الوفد حظرت في العام 1921 الحزب الشيوعي، وأعاد الدكتور فؤاد مرسي ومحمود أمين العالم والدكتور محمود صبري تأسيسه بشكل سري العام 1949 حتى تم حله في الفترة الناصرية، ثم أعيد تأسيسه بشكل سري أيضا عام 1974 في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات

وأضاف الحزب الشيوعي فى بيانه أنه من الضرورى إقالة رؤساء الشركات القابضة وعزل رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات والهيئات وإلغاء قانون الطوارئ وتعديل قانون إنشاء الأحزاب


5 - تصحيح خطأ في تعليق رقم 1: نقد برنامج غوتا
يعقوب ابراهامي ( 2013 / 6 / 21 - 13:49 )
نقد برنامج غوتا كُتِب طبعاً في النصف الثاني، وليس النصف الأول، من القرن التاسع عشر


6 - لو عاينت اليوم مليونية دعم الشرعية بس انت بعيييييد
عبد الله اغونان ( 2013 / 6 / 21 - 21:17 )
خليك بعيد أحسن

اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر