الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة العاملة وهوية المجتمع الانساني

اسعد الامارة

2005 / 5 / 1
ملف 1 ايار 2005- الطبقة العاملة في ذكرى 1 آيار


منذ فجر التاريخ والانسان يعمل ويكد ويكدح باحثاً عن ذاته في استمرار حياته البيولوجية ليرقى بها بعد ذلك ليحقق طموحاته واستمرار بناء المجتمع،فما ان يزيل غبار التعب عن جسده حتى يفكر بالعتبة اللاحقة في هرم "ماسلو"الشهير للحاجات الانسانية ومتطلباتها ،الا وهي البناء الاجتماعي المتمثل في الامن والاستقرار وتكوين نتاج ثقافي للتاريخ وللمجتمع والفكر الانساني ،فهو اكثر من كونه يؤدي وظيفة روتينية فحسب ،بل ربما يترك الاثر الذي ينعكس على جميع افراد المجتمع الذي يعيش فيه والدليل على ذلك ان الشريحة الاكثر عطاءاً في كل المجتمعات عبر العصور هي الطبقة العاملة والطبقة الاكثر ترسيخاً لقيم اي مجتمع كان هم العمال ، فلا الجيوش ولا الغزوات ولا نشر اي فكر كان سياسياً ام دينياً يستطيع ان يصمد بلا اسس تضعها الطبقة العاملة ،فهي في اي مجتمع انساني تعد هوية بحد ذاتها ويبرز لنا التراث الانساني في الشرق القديم والغرب ان العامل الذي يبني في عمله يشكل لبنات جديدة في اسس المجتمع وهويته فهو يعيش الصراع بحد ذاته ، صراع مع المستفيد الاول الذي يمتلك كل قوى الانتاج رغم انه هو صانع الانتاج ، فلم يكن ابدا من المستغرب ان من يبني هوية المجتمع يطالب بالحرية والمساواة والاخاء في عالم قائم على الصراع بكل انواعه ، بين العامل ورب العمل،بين الفلسفة التي تدعو في مقولتها : ليس في الامكان ابدع مما كان وبين التحرر والبناء الافضل مع التطورات وممارستها.
مهما تقادم الزمن على الانسان ، يظل العامل هو الانسان الذي يبني في اسهاماته المجتمع الانساني من خلال ما يقدمه في مجال الآلة والبناء الاقتصادي وترسيخ قيم العمل ، وهي معاناته على مر العصور منذ بزوغ فكرة العمل حتى يومنا هذا في عصر التكنولوجيا والثورات الصناعية المتلاحقة ، ففي بعض المجتمعات ما زال العامل يئن تحت مطرقة الاستغلال تارة وتحت مطرقة المراوحة الاجتماعية تارة اخرى رغم انه المسبب الرئيس في استمرار عجلة الثورة التكنولوجية ، وهو الجندي المجهول الذي منه تبدأ التطورات واليه تنتهي ، فهو يعد بحق قوة خلق ودفع التطورات التكنولوجية وهو بحق ايضاً يمثل الشريحة الاكثر في اي مجتمع ، فالطلبة شريحة تنتهي الى سوق العمل بعد تأهيلها مهما كانت المعارف المكتسبة ومهما تعددت تخصصاتها،وطبقة الملاك تبدأ من سوق العمل في بداياته الاولى لينتهي مالكاً ومستثمراً،فالاساس اذن هو العامل وهو الهوية الازلية لكل مجتمع انساني.
ان تراث الانسانية يفيض بالعديد من النماذج الانسانية في مختلف اصقاع الارض التي تتباين من حيث طبيعة العطاء وطبيعة الطرف المستفيد ويعد الصراع بين من يبني الهوية الانسانية المتمثلة في الطبقة العاملة من جهة ، ويقف من الجهة الاخرى صاحب رأس المال المستفيد، وهو المالك الشرعي الذي يعد صاحب الشرعية والاقوى دائماً، فالاول "الطبقة العاملة" نموذجاً مثالياً في بناء الانسان والمجتمع والمستقبل والهوية ، اما الثاني "صاحب راس المال" يعد نموذجاً للامتلاك واختزال جهود اقوى واوسع شريحة في المجتمع ،فنحن لا ننكر اختزال هذا الصراع بين الاول "العامل"والثاني"المالك" ليصبح الامر كما لو كان صراعاً نظرياً بحتاً بل انه صراع اجتماعي –نفسي يمس الهوية الانسانية بكل عمقها الوجداني ، ويقوم جوهر الصراع ليس على فكرة التسلط فحسب ، بل على فكرة تكوين قيم المجتمع من الحيواني "الامتلاك النهم غير المحدود" الى استرجاع ولو جزءاً من الحقوق لغرض استمرار البناء الانساني من جيل لاخر ومن قيم وتقاليد العمل الى قيم وتقاليد راسخة اكثر ثباتاً وان من يعمل يستحق ان يبني للمستقبل.
ان جميع هذه التفسيرات والاراء هي في الاساس تقوم على حقيقة واحدة:هي الاقتصاد وما يرتبط به من سلوك اجتماعي ونمو سياسي وبروز الفوارق بين البنى الاجتماعية والادارة السياسية،فالذي يمتلك دفة الاقتصاد يستطيع ان يقود المجتمع ويرسخ اسس سياسية فلا يمكن فصل الاقتصاد عن المجتمع عن المجتمع ولا عن السياسة والكل نتاج الاساس المادي لحركة الانسان والمجتمع والتاريخ بمعنى ادق نحن نفسر الحقائق الاجتماعية باصول اقتصادية ونفسر السياسة بامتداداتها الاقتصادية ، والنتيجة ان الاقتصاد يقوم اساساً على ما تقدمه الطبقة العاملة من انتاج بمعنى آخر ان الهيكل الاجتماعي والسياسي يبنى على قاعدة الهرم الاقتصادي واساس بناء الهرم الاقتصادي هو الانسان مهما كانت الوانه او اصوله او معتقداته ولكن هويته واضحة المعالم وهي العمل المضني والشاق.
ان البناء الاجتماعي يتأثر بعالم السياسة واداؤها ومن خلالهما تتأثر عادات المجتمع وتفكير افراده بشكل مباشر ويمكن اعتبار الاقتصاد هو الاداة التي ترتكز عليها السياسة والمجتمع وفي النهاية فأن آختل التناغم بين الطبقة العاملة من جهة سوف يختل التناغم في الاقتصاد والمجتمع والادوار السياسية فالطبقة العاملة تحفز الاقتصاد وتثير اهتمام الساسة وتبني اسس المجتمع فكلما كانت الصرامة والقسوة الموجهة على هذه الطبقة كلما تقهقرت ونكصت وضعف المجتمع وآختل الاقتصاد وتدهورت السياسة والعكس صحيح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفع حالة التأهب في إسرائيل ومنع التجمعات في الشمال


.. ما حدث في الضاحية يهدف لتحييد حزب الله والمقاومة عما يجري ف




.. أهم المحطات في مسيرة حزب الله اللبناني • فرانس 24 / FRANCE 2


.. حالة من الذهول والصدمة في بيروت • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بين نعيم قاسم وهاشم صفي الدين.. إليكم من قد يخلف حسن نصرالله