الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 5

حبيب هنا

2013 / 6 / 20
الادب والفن


-5-
تقول تالا اسمعي يا أماه :
- الصورايخ تشتبك في سماء المدن الإسرائيلية لأول مرة ، الأرواح تهرب من أجساد أصحابها اعترافاً بمشيئة الخوف . يا للهول عند البعض والفرح عند البعض الآخر .. ماذا يحدث يا الله ! وأخذها البكاء إلى حنينه وهي تسمع الخبر الذي تمنت أن تعيش كي تسمعه منذ الحرب الأولى ، ولم تفكر بموعد الزفاف الذي بقى عليه أيام معدودات .
- هل تعلمين يا أماه أن الاحتلال أخطأ خطأ فادحاً عندما فرض علينا الحصار ، قد تستغربين هذا القول ، ولكنه بمعنى من المعاني جعلنا نتماثل بشكل شغوف مع الموت ، لدرجة لم تعد الحياة هاجسنا الوحيد بعدما فقدنا جميع مقوماتها كبشر فاستوت في نظرنا مع الموت وبتنا نماثله على نحو فريد لا يفهمه الكثيرون .
دعيني أشرح الفكرة بطريقة أوضح من خلال السؤال التالي : ماذا يمكن للإنسان أن يخسر عندما يموت ؟
ببساطة الذي لا يملك شيئاً من مقومات الحياة وأعمدتها الرئيسية ، التي سلبت منه على مدار أعوام من الحصار، لا يخسر شيئا وبالتالي تصبح الأشياء جميعاً متساوية في نظره بما فيها الحياة والموت، أما الذين يتمتعون برفاهية زائدة هم وحدهم الذين يخسرون، ونحن على مدار هذه السنوات من الحصار والحرمان من أبسط الحقوق وصلنا إلى مرحلة فقدنا فيها كل ما نملك وبالتالي خسرنا كل شيء ، إلا ما ندر . هذه المعادلة تشكل حجر الأساس في التماثل ما بين الحياة والموت ويستوي كلاهما في نظرنا ، الأمر الذي يؤكد خطأ الاحتلال ومن سانده في هذا السياق، لا سيما وأن طوال هذه المرحلة تشكل جوهرنا الخاص على هذا النحو الغامض والفريد في ظل عدم وجود عدالة دولية توقف الاحتلال عن لعب دوره القذر، وبتنا نسعى إلى الذهاب نحو الموت بنفس راضية وبراحة ضمير،إننا تخلصنا من عبء ثقيل كان يقع على كاهل من يتبقى من أهلنا وأحبائنا باعتبارنا غدونا كمّاً إضافياً فائضاً ، والأخطر من ذلك أصبحنا على قناعة تامة أننا نستحق عن جدارة القتال من أجل الموت الذي من شأنه تخليصنا مما نحن فيه ..
ربما يكون هناك سبب وحيد للتمسك بالحياة ، سبب كاف للدفاع عنها بقوة وضراوة لم يعهده الاحتلال من قبل : أن نرى الخوف في عيون المحتل ، أن نرى قتلاه في الطرقات ، أن نرى حالة الذعر التي نعيشها عند كل حملة انتخابية يعيشها المحتل ، وبابتكار وسائل قادرة على توفير هذه المناخات مثل وصول الصواريخ إلى المدن الكبيرة وحتى الملاجئ المحصنة، أن نراه وهو يسعى بكل قوة إلى توفير أجواء التهدئة ووقف إطلاق النار بأقل الخسائر وحفظ ماء الوجه ! .
ألا تعلمين يا أماه أن الأمر برمته أضحى لعبة تتماشى مع الحرب والسلم مع المهزوم والمنتصر ، الأحياء والشهداء ، صانع الأسلحة ومشتريها ، إنها معادلة صعبة على الفهم وليس هناك دليل حتى اللحظة يفضح مختلف الأطراف المتورطين فيها ولكن هذا لا ينفي إمكانية ظهوره لاحقاً وفضح المستور ومحاولة لملمته بطريقة مخزية،ولكن متى، لا إجابة بين يدي الآن !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا


.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب




.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في