الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقفون أفيون الشعوب

إبراهيم حسن

2013 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


أنّ تكونَ ثورياً أفضل بكثير من أنّ تكون كسولاً نائماً ومُهرّجاً، هذا ما يمكنني أنّ ابتدأ به حديثي. جوقة كبيرة في بلادي يُطلقون على أنفسهم صفة: المثقفين . غير إنّي فضّلت أن أسُميهم: المثقفون النائمون. فهذا أفضلُ وصفٍ يمكننا أنّ نصفهم به. لأن المثقف وحده بإمكانهِ أنّ يحرّك المجتمع لا أنّ يتأدلج للسلطة الحاكمة أو لجهة أو أجندات خارجية وينام على الإيمان به. المثقف الحقيقي مثقفٌ ولاؤه للوطن فحسب ... هدفه تحريك مجتمعه إلى الإمام ... لا أنّ يحفظ مصطلحات وأسماء فلاسفة ليتباهى بها أمام غيره ... المثقفون النائمون هم من جيل يختلفُ عن جيلنا، ولذا نراهم لا يستطيعون فعل شئ لان عقليتهم تختلف عن عقلية جيل المعلوماتية الجديد. المثقفون النائمون هم سبب إنعدام التغيير في مجتمعاتنا العربيّة ... فقط لأنهم مؤدلجين ...فقط لان المال ربما يتلاعب في توجهاتهم. المثقف الحقيقي هو مثقف فوق كل الإعتبارات والميول والإغراءات .. هو مثقفٌ يتجاوز كل العقبات بتفاعلهِ معها بالطريقة التي يراها مُمكنة ومناسبة.
ما الذي جناه الشعب من مثقفين قابعون في أبراجهم العاجية ؟ وأسيجتهم الجامعية التي لا تسمن ولا تغني من جوع ؟ ربّما لأنّ هؤلاء الذين يدّعون أنهم مثقفين لم يعرفوا بعد إنّ المثقف الحقيقي مكانه هو الشارع وهمه الناس. و وظيفته أنّ يُشخّص وأن ينتقد ما يجب أنّ يكون ضمن دائرة النقد البنّاء. سنوات عشر عجاف والمجتمع العراقي يئن من ويلاتٍ ومُفخخات ومآس، وتزايد في نسبة الأرامل واليتامى. حكومة لم تقّدم ما هو مطلوب أبداً. وبرلمانٌ لا يبالي بالفقراء المُعدمين الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء. ما الذي ينتظرهُ مثقفو العراق أكثر من هذا لكي يتحرّكوا ؟. ربما لأنهم لا يملكون القدرة على الحركة أصلاً.. لانّ تهمة ( البعثية ) جاهزة لإلصاقها بهم متى ما فتحوا أفواههم أو حرّكوا أقلامهم. وهي ما يخافون منه على الأرجح .
إنّ المعالجة الواقعية لهذه الإشكالية، تتطلّب زمن طويل وجهد كبير لبناء منظومة تربوية – تعليمية جديدة، مؤسّسة على ركائز موضوعية وسليمة يمكنُ من خلالها بناء إنسان عراقي واع، يتعاملُ مع متغيرات عصره بطريقةٍ عقلانية إلى حدٍ ما. بحيث تكون المدارس والجامعات منبراً للتفاعل الثقافي والتلاقح العلمي الموضوعي. إنّ بناء إنسان عراقي جديد يؤمن بالتعددية. أيّ يؤمن بالآخر قبل انّ يؤمن بنفسهِ، يعني إنتاج مثقف حقيقي قادر على الحركة والتفاعل والنقد. وهو ما نفتقده الآن. بحيث إن كمعادلة المثقفين : أمّا مع الحكومة أو ضدها . في حين إنّ المثقف الحقيقي لا ينتمي إلى كلا الطرفين. فهو يحاول أنّ يكون مع الحكومة وناقداً لها. هو يؤمن بالنظام السياسي لكنّه لا يؤمن بالآيديولوجيا التي تفرضها الحكومة. هو يؤمن بالديموقراطية لكنّه أوّل من ينتقدها بهدف معالجة جميع الإشكاليات التي ترافق هذه العملية. يقول ادوارد سعيد: إنّ من واجب المثقف أنّ يُعكّر صفو السلطة. ورغم إن سعيد ربط وظيفة المثقف وغايته بالسلطة / السياسة، وهي عملية إختزال لست معها بالتأكيد. لكنّه على أيّ حال أعطى وصفاً جميلاً لما يمكن أنّ يكون عليه المثقف الحقيقي. أما مثقفنا العراقي فهو بالتأكيد بعيداً عن هذا الوصف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انت تقصد المثقف العضوي ولكن هناك الانتهازيون وهم ا
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2013 / 6 / 21 - 17:23 )
تحياتي للعزيز ابراهيم الساعدي وهو يكتب متفاعلا مع الهم الشعبي من وسط الحياة في بغدادنا الجريحة
ان ماتقصده بالمثقف هو المثقف العضوي الذي اشار اليه غرامشي الذي اتوقع انك قراءته لان غرامشي مفعم بحماسة حب الناس الذي تتكلم انت عنه
قيب سنوات قليلة شاهدت مسرحية بولندية عن برنارد شو وستالين والمسرحية ساحرة حقا رغم ان ممثليها بعدد اصابع اليد الواحدة والتي يمكن ايجازهم بستالين وشو الذي جاء يزور الاتحاد السوفياتي فاستقبله ستالين
بعد وليمة الاستقبال يوجه سكرتيره بالتالي-
اعطوهم هدايا معتبره ووفروا لهم اقامة معتبره وبحبحوهم في كل شئ
هؤلاء المثقفون يحبون حياة الرفاه والجاه والمكانه وعندها ينفذون لكم ماتريدون
انا هنا لااريد مناقشة اراء ستالين ولا ان ادافع عن فئة المثقفين ولكني اصر
ان المثقفين الذين يرتبطون بالانسان-اي الشعب وقضية الانسانية هم دائما كانوا وسيبقون القلة القليلة ولكنهم يمكن ان يكونوا المقياس الذي يضرب به المثل ويحرج الاكثرية النفعية الانتهازية خصوصا اذا استطعنا ان نعيئ الراء العام لمحاسبة السلبيين والانتهازيين بل احيانا البعض من اعداء كل ماهو خير وشريف في حياة الانسان والمجتمعات وشكرا

اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |