الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة العمالية العراقية.. بين زمنين

فاتن نور

2005 / 5 / 1
ملف 1 ايار 2005- الطبقة العاملة في ذكرى 1 آيار


(وقفة موجزة)
مثلما هو معروف فأن سحق النقابات العمالية وزج قياداتها في السجون والقبور كان احد منجزات حزب القمع الصدامي في العراق..حيث أنشأ النظام الأجرامي نقابات عمالية تعمل كواجهات وابواق لتطلعات الحزب ويتم الأنتماء اليها بهوية بعثية تأتمر بأوامر الحزب ولا تخرج عن سياسته العامة حيث كانت بمثابة اجهزة تجسسية تراقب تطلعات الطبقة العاملة ومتربصة للأنقضاض على اي محاولة لتنظيم اضراب او إشهار اي احتجاج ومهما كانت دوافعه، ولا غرابة في ذلك حيث لم يكن أي وجود للمجتمع المدني آنذاك، ومن الطبيعي ان لا نرى اي صيرورة للمجتمع المدني تحت ظل اي نظام شمولي حيث ان الأنظمة الشمولية بطبيعتها التعسفية تسعى دائما لتعضيد نفسها بمؤسسات أولية ذات هيكلية مرتبطة بوثاق الأسرة والقبيلة والعشيرة والطائفة الدينية..الخ،والتي لا نرى لها (لتلك المؤسسات) وجودا في المفهوم البنائي لمؤسسات المجتمع المدني الحر،ومما لا شك فيه فأن قوة المجتمع المدني مستمدة من قوة الدولة ولا وجود له مع دولة ضعيفة تحكم من اجل ترف العائلة الحاكمة وتقفز فوق اوجاع العامة وتطلعاتها.. ومؤسسات المجتمع المدني لا تناهض المؤسسات الرسمية للدولة حيث ان المجتمع المدني بمفهومه الحي لا يتعارض مع مفهوم الدولة ولا ينفصل عنها،لكنه يعمل معها وبشكل مستقل من اجل توزيع الأدوار للنهوض والتطور وفسح المجال لكل الطاقات والكفاءات المتنوعة للمساهمة في عملية البناء العام وبآفاق ديموقراطية وبتدرجات هيكلية افقية وليست هرمية او عامودية...


العمل النقابي الحر بنوعيه المهني والعمالي هو احدى الركائز المهمة لبناء مجتمع مدني تتنوع فيه المؤسسات والهيئات والمنظمات غير الرسمية (بتبعيتها للقطاع الأهلي وليس الحكومي) علما ان العمل النقابي لا بد ان يرتكز على حركة نشطة في اتجاه الثقافة المهنية والعمالية وبمنهاج علمي عملي مدروس...

ولو عدنا الى الوراء وتحديدا الى الستينات من القرن العشرين لرأينا العمل النقابي غارقا في آتون السلطة ومناهضا لتطلعات الطبقة العاملة ورقيبا عليها وعلى نشاطها النضالي ضد السلطات التعسفية البغيضة التي توالت خلال تلك الحقبة، حيث تعرضت تلك الطبقة كغيرها للآثار السلبية الناجمة عن التحولات السياسية والأجتماعية، وعن تعاقب الصراعات الدموية والأنقلابات العسكرية التي حصدت الكثير من قيادات تلك الطبقة ومناضيليها..

ورغم تقلد حزب البعث الفاشي للسلطة في تموز عام (1968) إلاّ ان نشاط الحركة العمالية برز جليا في اضراب شركة الزيوت النباتية العراقية في تشرين الثاني من نفس العام وكان مؤشرا حيا على مدى فاعلية النضال العمالي ضد اللجان والمنظمات النقابية التي فرضها الحزب على الطبقة العمالية لأغراض التجسس والتشويش بين صفوفها، فقد امتازت تلك المنظمات (النقابية!) بالعمالة لصالح الحزب الفاشي وبتعاونها السافر مع اجهزة أمنه واستخباراته..علما ان اضراب شركة الزيوت النباتية (الحكومية) والذي قمع بدموية لم يكن الوحيد من نوعه خلال الستينات وأنما كان واحدا من مجموعة اضرابات عمالية طالت قطاعات صناعية وشركات عدة، كشركة الغزل والنسيج وشركة السجاد والشركة العامة للسيارات وغيرها من الشركات وعلى امتداد ارض العراق، وهذا يظهر مدى الوعي الذي تمتلكه تلك الطبقة الكادحة والمنادية ابدا لحقوقها المهضومة ومكاسبها المستباحة على يد رب العمل الأوحد والمتمثل في النظام الحاكم ورعاياه..

أما اذا عدنا الى ما بعد سقوط النظام البعثي وترقبنا واقع الحال بأتجاه القوى العمالية فسنرى بأن سلطة الإئتلاف المؤقتة برئاسة (بريمر) قد سارعت بالتنفيذ القسري للقرار(1987) والذي يحظر بموجبه الاتحادات النقابية في مؤسسات القطاع العام، كما امر (بريمر) بحظر التصريحات التي تحرض على الشغب والعصيان المدني،وكما هو واضح فأن الأضرابات العمالية ممكن تهميشها بسهولة ومحاسبة القائمين بتنظيمها والمشاركين بها وتحت بند العصيان المدني! ووفقا للتصريحات الموثقة والتي اطلقها (بريمر)، وفعلا فقد تم اعتقال قيادات عراقية ناشطة في مجال التحرك العمالي وفي مجال حقوق العاطلين عن العمل... (لا يخفى بأن الولايات المتحدة الأمريكية غافلة دوما (أو متغافلة) للحقوق العمالية وليس لها رصيدا واضحا او ثقلا في مجال الحركة العمالية العالمية...) وقد أثار قمع الحركة العمالية في العراق حفيظة نظيرتها في الولايات المتحدة فكان التواصل بين الحركتين وعبر لقاءات الوفود بين الطرفين وتقديم الدعم المالي والمعنوي للحركة العمالية العراقية والتي بدأت تلملم شتاتها وتدعم اركانها حال سقوط نظام الطاغية..ويبقى الداء مستوطنا حيث ان الأدارة الأمريكية راغبة في خصخصة الأقتصاد العراقي ووضعت خطوطها الحمراء والصفراء من اجل ذلك واعتبرتها خطوطا نهائية ويحظر حتى على الدستور العراقي الجديد المنتظر تجاوز تلك الخطوط ! ،كما أن استقطاب الأيادي العاملة الأجنبية في مشاريع أعمار العراق يمثل تحديا صارخا للقوى العمالية العراقية والتي لابد لها ان تنشط تنظيميا وتعزز قدراتها بالاتحاد والعمل الدؤوب لمجابهة المتغطرس الجديد بعد ان صمدت امام زيف النقابات وغطرستها السلطوية زمن النظام البائد...

المراقب للساحة العراقية بعد مارس (2003) سيرى نفسه امام قائمة طويلة حافلة بأضرابات العمال وفي اغلب قطاعات الدولة،فهناك اضرابات لعمال انتاج الكهرباء في الهارثة والنجيبية التابعتين لمحافظة البصرة كما هناك اضرابات لعمال الموانئ واحواض السفن واضرابات شركة نفط الجنوب و..و..و والخ.. وتلك الأضرابات هي خير دليل على عودة النشاط الحركي العمالي والنقابي في العراق والذي لا بد منه لمواجهة التيارات والمتغيرات المتربصة باليد الكادحة والتي يحملها المواطن العراقي بوجه مَن يحاول قطعها او طمسها في بؤرة الفقر المميت.....


.......


أنا العامل..وانتَ مثلي

هُم..أينما كنتُ
أينما كنتَ...
بمنقار النسر خلفي،
بالسوط ِخلفكْ

***

بيدي
وكي لا يفيضْ..
أمسكُ النهرَ،
بيدك..
سدودا عاتية، تنحت الصخرَ
بيدي بين يديك...
نجمع الإملاق ونمضي،
نبصرُ النجم فنراه مثلنا..
بفاقةِ اليوم يلهو ثم يسمو،
بأنتظارِ الغد ِ يشدو..
لزقورة النبع ِ ..
ولأرزاقٍ لا تَحيضْ

***

هم.. اربابُ العمل ..
اربابُ العروشْ
هم مَن يقسو ولا يخشى
سلعٌ معلّقة نحن..
وفي الأسواق كيف ننسى،
فذاك،
من يُجزينا عَوزّاً..
وذاك،
مِن صنّاع النعوشْ

***

من فتات الأمراء
حقيبة ً نحزمُ ونتركُ اخرى،
بصوتنا المجروح..
نحن الصغارْ،
سجناءٌ طلقاء
قد نكبر يوما،
قد نهزم التاريخ
ونحن فيه..
نُبسط ايادينا بالعطاء،
فتتعرق وجعا..
برغيفِ الخبزِ يتيماً..
فوق كسّار الفخارْ


فاتن نور
05/04/30








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو