الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكران الذات

صالح برو

2013 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية



لقد سعت الحكومات العربية من خلال سياساتها السوداوية أن يتبنى المجتمع فكرة هوليوك وبرادلاف التي تتلخص بأنه : " يجب أن يقتصر مجهود الإنسان على مصالحه المرتبطة بحياته فقط "، والغاية الخفية منها هي تفكيك المجتمع على أساس المصلحة الفردية ضدّ مصلحة الجماعة، وهو الصراع المطلوب عند قوى الشر ضدّ قوى الخير.
ولهذا نرى أن كل فرد يسعى لنفسه، ويستبعد الآخر، باعتباره منازعاً، ومنافساً له، وهذا ما تم تنفيذه في التربية، والتعليم أساساً لاجتياز الامتحانات، وحسب تصوري أن نظاماً كهذا غير مؤهل لتنمية المنافسة الشريفة, بل لزرع بذور الغيرة، والحسد، والكراهية في نفوس الشباب والشابات حيال بعضهم، وبالتالي ترويضهم على الحياة من الآثرة الشريرة، والصراع على المناصب، والامتيازات، بدلاً من تنمية المحبة، وخير مثال على ذلك المدارس، والجامعات التي لا تزال تخرّج أناساً مرشحين للجوع، وملمين بالقراءة، والكتابة، وهذا ما يحصل بشكل جزئي، لا بشكل كلي على حساب الاتكال على النفس ومحبة البشر أجمعين، والاحسان، والتبادل، ولا يهدفون إلى إيجاد رجال ونساء أحرار..أحرار فكرياً، ومعنوياً، وغير متعصبين من كل النواحي، وفوق كل شيء غير أنانيين..
كل ذلك أدى إلى تفاقم الفساد في حياتنا، فما نشاهده الآن عما يجري من الأحداث وبشكل مستمر، وما يطرأ عليها من متغيرات، كلها مؤشرات تدل على تراجع، وسقوط بعض الأنظمة الديكتاتورية التي حتى مع رحيلها تفرض الموت على الجميع ثمن ذلك، وأن الفرد العادي يصعب عليه متابعة ذلك بشكل جيد، أو ربط الأحداث بعضها ببعض، ويفهم منها فقط تلك التي تمس الموضوع بشكل مباشر بالدليل أنه و مع تفاقم الأحداث، وارتفاع عدد الضحايا، واتساع حالة التوتر، والقلق بدا واضحاً أن الكثيرين من أولئك المذكورين لا يهتمون بالأحداث إلا التي تعنيهم بصورة شخصية، ظناً منهم أنهم معنيون بزيادة الرواتب، أو العملة، وانخفاضها، وتحسين المستوى المعيشي لهم أوالمشكلات التي تتعلق بحياتهم اليومية.
أما بالنسبة للقضايا العامة فأنها لا تعنيهم أبداً، ولا يشعرون بالحاجة إلى التطرق إليها، وهذا ما كان يسعى إليه النظام لتحقيق أهدافه،وذلك فقط لينشغل عامة الناس بهمومهم وهذا ما يحدث.
ربما أن مرجع ذلك هو أن هؤلاء الناس لا يعرفون أن الحياة ميدان للمعركة، والأسلحة ليست وحدها البندقية، والرصاصة، والطائرة والدبابة، بل المعرفة، والعلوم والاقتصاد، والتكاتف، والوحدة، والإنسانية، كلها أسلحة أيضاً، وخير مثال لشكل وجوهر ملحوظ هو دولة اليابان،حيث بدأت حياتها من الصفر بعد تدميرها بالقنابل النووية على هيروشيما وناكازاكي فأخذت من تلك المشاهد المروعة التي كانت كغيرها من الكوارث التي حلت بالإنسانية على يد مجموعة من البشر عبرة ودافعاً إلى الانجاز والتقدم.
حيث سعت اليابان وصممت للوصول إلى أعلى المستويات، حتى باتت تهدد أميركا، وأوروبا باقتصادها الذي نما بقوة، وسرعة هائلة، لابل حتى على المستوى العسكري بحسب الدراسات، والتقارير التي شملت مصانع عدة، حيث يمكن تحويلها إلى مصانع نووية لمجرد إدخال تعديلات بسيطة فيها ضمن فترة قصيرة جداً بناءً على اليورانيوم الموجودة لديها.
أما نحن حتى يومنا هذا نتجاهل هذه الحقائق ولا ننظر إلا إلى الجانب المظلم من الحياة، ورفضاً لأسلوب هوليوك وبرادلاف نؤمن بأن بلوغ المرء الغاية الحقة تتمثل في مد يد العون إلى البشرية الشقية، بعيداً عن الحزبية ذات النظرة الضيقة، والتي لا تخدم سواها لمآرب أنانية، أو من أجل إرضاء المطامح الشخصية، والكبرياء ،والغرور، وهذا ما يعانيه غالبية حكام العالم بشكل عام منذ سنوات عديدة، وليدفعوا نتائج كل أفعالهم.
وفي النتيجة لا بد من عملية الفرز في هذه الحقبة ليطفوا من كانوا يتلاعبون بالشعوب جثثاً على سطح الماء- وهذا ما يحدث حالياً -وها قد بدأت البشرية نوعاً ما بتغيير قناعاتها التي رسخها هؤلاء الحكماء في أذهانهم على أساس زائف، وما نأمل أن نصل إليه من خلال نضالنا الإنساني أن نتعلم نكران الذات، ولكن ليس بأسلوب متهور لا خير لنا فيه ، إنما الخير للجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها