الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث مع الأستاذة راندا إسماعيل عن ترجماتى

خليل كلفت

2013 / 6 / 21
الادب والفن


حديث مع الأستاذة راندا إسماعيل عن ترجماتى
وعن ترجمتى لكتاب أليكسى دو توكڤ-;-يل: "النظام القديم والثورة الفرنسية"
[الحديث هنا كما كُتِبَ فى الأصل
وليس كما نُشِرَ فى مجلة "نجوم الغلاف"
حيث حُذِفَتْ بعض الأسئلة والردود بسبب المساحة؛ كما قيل]

س 1: حصلتَ على جائزة رفاعة الطهطاوى من المركز القومى للترجمة عن ترجمتك لكتاب النظام القديم والثورة الفرنسية هل يمسّ هذا الكتاب بشكل أو بآخر الأوضاع فى مصر الآن؟
ج: إذا تحدثنا بدقة، لم أكن أنا الذى حصلتُ على جائزة رفاعة الطهطاوى للترجمة، من المركز القومى للترجمة، بل كان كتابى المترجَم "النظام القديم والثورة الفرنسية" الذى ألفه أليكسى دو توكڤ-;-يل، المفكر السياسى الفرنسى، فى منتصف القرن التاسع عشر، فهذه الجائزة تُمْنَح لكتاب مترجَم وليس للمترجِم على مجموع أعماله المترجمة. والكتاب منشور فى 2010 أىْ قبل ثورة 25 يناير 2011، وتتمثل صلته الوحيدة بهذه الثورة فى أنه من خلال بحثه البالغ العمق والخصوبة للإشكاليات النظرية لثورة 1789 الفرنسية العظمى يُلقى ضوءًا ساطعا يُنير فهمنا للثورات بصورة عامة ولثورتنا أيضا بالتالى؛ وكان هذا الكتاب مفيدا لى للغاية فى محاولاتى لفهم ثورتنا ولفهم الثورات عموما من الناحية النظرية، ولهذا كتبتُ لترجمتى مقدمة طويلة لاستخلاص استنتاجات نظرية، غير أن استفادتى الأعمق بأفكار توكڤ-;-يل لم تتحقق إلا فى سياق تأمل إشكاليات ثورتنا الراهنة المستمرة.
س 2: بوصفك مترجما ومفكرا سياسيا هل هناك علاقة تربط الترجمة بالفكر السياسى وهل لكل منهما تأثير فى الآخر؟
ج: لا شك فى هذا. فضمن ما يترجمه المترجِم أعمال فى السياسة والنظريات السياسية وهى أساسية بالتالى لكل سياسى ولكل مفكر أو محلل سياسى. وإذا تحدثنا بشكل أوسع فإن التجربة السياسية فى بلد سوف تنغلق على نفسها تماما إنْ هى لم تطلب الفكر السياسى ولو فى الصين، وبهذا ستعيش الحياة السياسية فى كل بلد فى "جيتو" قومى محلى ضيق خاص به، بعيدا عن التفاعل الفكرى الخصب مع العالم كله. وهذا التبادل للتأثير بين كل بلد وآخر، بين كل ثقافة وأخرى، ينطبق على المثقف الذى يترجم وكذلك على المثقف الذى يقرأ الترجمات. ولا يقتصر هذا على ترجمة السياسة بل يمتد ليشمل كل ترجمة.
س 3: تعددت ترجماتك ما بين أدبية وفكرية وسياسية ولكل نوع طبيعة خاصة به فكيف تجمع بين كل هذا؟
ج: لا ينجح فى الترجمة، كقاعدة عامة لها استثناءات بالطبع، سوى مثقف واسع الاطلاع على الأدب والفلسفة والفكر والعلم والفنون وكل إنتاج معرفى وجمالى. ولأن ثقافة المترجم تجمع بين كل هذه المعارف والآداب والفنون فإن قدرته على الترجمة تجمع كذلك بينها جميعا بالتالى. وبالطبع فهناك ترجمات علمية أو فلسفية لا يقدر عليها إلا مَنْ تأهل لها بالتخصص، وبطبيعة الحال فإنه لا أحد يمكن أن يتخصص فى كل شيء! وكان المثقف من جيلنا "كشكولا" كما يقال فى اطلاعه وفى إنتاجه الأدبى والفكرى ولهذا نجد هذه الجرأة التى نأمل فى أن تكون فى محلها عندما نترجم أعمالا بالغة التنوع. وفيما يتعلق بى فقد ترجمتُ فى الفلسفة والاقتصاد والاجتماع والسياسة والنقد الأدبى وترجمتُ روايات وقصصا قصيرة وأشعارا وترجمتُ أحيانا مقالات فى الفنون التشكيلية أو السينما بل ترجمتُ مجموعة من المقالات فى الچينوم. لا مشكلة عويصة فى الترجمة المتنوعة ما دامت ثقافة المترجِم متنوعة بصورة كافية، على أن على كل مترجم منا أن يعرف حدوده.
س 4: يرتبط العمل الأدبى دائما بثقافة المجتمع الذى أنتجه فكيف للمترجم أن يستوعب هذه الثقافة ويترجم عنها إنْ لم يكن قد تعامل معها من قبل أو كانت تتناقض مع ثقافته ولا تناسب مجتمعه؟
ج: هذا، كغيره من أسئلتكِ، سؤال مركب، وهذا حسن دون أدنى شك. أولا لن يُتاح لكل مترجم أن يعيش بين كثير جدا من الشعوب والثقافات، وهو يتجاوز عن طريق ثقافته الواسعة حدوده المكانية والزمانية ليستوعب بعمق تجارب أخرى فى أزمنة وأمكنة تختلف عن زمانه ومكانه، وتنمو قدرته على استيعاب ثقافات أخرى وترجمة أعمالها الأدبية والفكرية مع نمو معرفته وعلمه وذوقه. ولا يأتى التعامل مع ثقافات بالعيش المباشر بينها بالضرورة بل من خلال الاطلاع والبحث والمعرفة. وتختلف الثقافات غير أنها لا تتناقض أو تتعادَى إلا فى حالات قليلة أو نادرة، أو عند كونها ثقافات طبقات متناقضة ومتعادية داخل المجتمع الواحد، بل يكثر المشترَك الإنسانى بين الثقافات التى تتفاعل وتتلاقح وتتبادل التأثير. ذلك أن العالم ليس مجموع "تجاوُر" مناطقه بل هو، بالأحرى، محصلة "تفاعُل" مناطقه. وليس من السهل أن نتصور عدم تناسُب ثقافة أخرى مع مجتمعنا بقدر ما يتعلق الأمر بالترجمة. فالترجمة تجعل الشعوب تتعرف على ثقافات بعضها البعض، بكل جوانبها الإيجابية والسلبية، بكل مظاهرها المشتركة والمختلفة، بكل عناصرها الصديقة والمعادية، وبهذا لا تفعل الترجمة الفعل النرجسى المتمثل فى النظر طول الوقت فى مرآة الذات، بل تنفتح على عوالم الشعوب والثقافات الأخرى بالتفاعل معها وحتى بالصراع معها فى مواجهة ثقافة معادية للبشر، مثل الفاشية والصهيونية ومختلف الأصوليات الدينية كأمثلة صارخة. وعلى سبيل المثال، ترجم أكاديمى مصرى من مستوى أساتذة الأساتذة منذ سنوات رواية لكاتبة أوروپية، وعندما أخذ عليه مثقفون أنه حذف كثيرا جدا من الرواية على خلفية تابو الجنس، ردَّ بأنه يترجم إلى ثقافته العربية المختلفة عن ثقافة الروائية الأوروپية وأن من حقه أن يحذف من روايتها ليجعلها تلبس الحجاب بل النقاب عندما تدخل ثقافتنا. وهذا مثال صارخ للنظر النرجسى فى مرآة الذات إلى حدٍّ يهدد بالسقوط الشاقولىّ فى قاع البئر التى تختفى تحت هذه المرآة.
س 5: ما الذى يدفعك لترجمة أىّ عمل؟
ج: إدراكى لقيمته الفكرية أو الأدبية ولاحتياج المكتبة العربية إليه. وأنا أترجم أعمالا أختارها وأخرى تعرضها علىَّ دور النشر، وفى الحالين يكون هذا الإدراك هو معيار ترجمة ما أختاره أو قبول ترجمة ما يُعْرَض علىّ.
س 6: هل ما يحدث فى مصر الآن والأزمات التى تمر بها يمكن أن يوجه مسار المترجمين لترجمة كتب بعينها؟
ج: مصر بلد متخلف فى مجال الترجمة مثل تخلُّفه فى كل مجال آخر. ورغم إنجازات كبيرة حققها جابر عصفور من خلال المشروع القومى للترجمة والمركز القومى للترجمة فإن مشكلة الترجمة ما تزال كبيرة. وتخلفنا فى الترجمة نابع من تخلفنا فى مجال الإنتاج العلمى والمعرفى والمادى فلسنا بلدا يجعله نموه المتواصل يدرك حاجته إلى الترجمة كآلية لمعرفةٍ تتجاوز تجربتنا المحلية بحيث نعيش حقا فى الثقافة العالمية ليستند تطورنا وتقدُّمنا إلى المعرفة التى تنطوى عليها هذه الثقافة. وركودنا هو سرّ إحجامنا عن ترجمة أعمال علمية وأدبية لا حصر لها فنحن لا ندرك بصورة كافية حاجتنا الحقيقية إلى الترجمة. ولا شك بطبيعة الحال فى أن الثورة بتسييسها الواسع النطاق للشعب وببلورتها لنخبة مثقفة وبإبرازها لضرورة التقدم لتفادى خطر التراجع التاريخى تدفع إلى الخروج من شرنقة الانغلاق ومن التركيز على النظر فى مرآة ذاتنا والانفتاح الثقافى والفكرى والعلمى على العالم ولا يكون هذا إلا بالترجمة.
س 7: كيف يؤثر الواقع عليك وعلى أعمالك وكتاباتك؟
ج: الواقع هو حياتى التى تمنحنى الرؤية أو تحرمنى منها أو شيئا ما بين بين. وتجاربى فى الحياة وما أتعلمه فيها هى الوقود والطاقة اللازمين لكتاباتى أو حتى لمواقفى. ويواجهنى الواقع بصراعات وتحديات وتجارب وبضرورة اتخاذ مواقف والعمل على أساس هذه المواقف بعيدا عن الحياد الأبله بين الفقراء والأغنياء، بين الطغاة والضحايا، ولهذا فقد انتقلتُ من الانحياز الغريزى العفوى للإنسان إلى الانحياز الأكثر وعيا بصورة متزايدة. فأنا ملتزم بقضايا مستقبل إنسانى للبشر وهذا الالتزام هو الذى يُغَذِّى أعمالى المؤلفة والمترجمة فى كافة مجالات التأليف والترجمة ومن هذا الالتزام أستمد الطاقة والدافع لأن أجعل حياتى قبل كل شيء مفيدة بطريقة ما للغير. ذلك أن كل خير أو شر فى عملنا يفيد غيرنا أو يؤذيه. ولا يعيش أحدٌ لنفسه مهما بدا له ذلك بل يكون كل مسعاه فى الحياة للغير أو على الغير أو مزيجا من هذا وذاك.
س 8: ماهو أقرب عمل قمتَ بترجمته إلى نفسك ولماذا؟
ج: انضم كتاب توكڤ-;-يل بعد ترجمته إلى كتابى المترجَم المفضل. والكتاب المقصود هو رواية "دون كازمورو" للكاتب البرازيلى العظيم ماشادو ده أسيس (1839-1908). فهذه الرواية تمثل ذروة من الذرى الأدبية التى تمثلها روايات ماشادو، رائد الحداثة البرازيلية والأمريكية اللاتينية. وكان الدكتور سامى الدروبى أول مَنْ ترجم رواية من رواياته الرائعة هى "كينكاس بوربا.. الفيلسوف أم الكلب" عن الفرنسية، فى 1963، فأضفتُ إليها فى ترجمة عن الإنجليزية رواية "دون كازمورو"، فى 1991، أىْ بعد قرابة ثلاثين عاما. وكانت روايات ماشادو فى قرابة العقود الثلاثة الأخيرة من حياته تفتح طريقا جديدا أمام الرواية كنوع أدبى غير أن حالة كلٍّ من البرازيل واللغة الپرتغالية فى ذلك الحين كانت بمثابة مقبرة جعلت روايات ماشادو رهينة محبسيْن لعقود طويلة قبل أن تفرض نفسها عالميا. كما أعتقد أن ترجمتى لهذه الرواية تظل الأجمل أسلوبا بين ترجماتى رغم أنه مترجَم عن لغة ثالثة لجهلى باللغة الپرتغالية، وقد ترجمتُ أعمالا أخرى ل ماشادو وعن ماشادو منذ ذلك الحين.
س 9: ماهى الأعمال التى ما زلت تطمح إلى ترجمتها وتقديمها إلى القارئ العربى؟
ج: مع أن اللغة الألمانية كانت لغتى الثانية ليس فى المدارس بل بالاهتمام الشخصى وبلغتْ هذه المعرفة مستوى مقبولا فى منتصف السبعينات إلا أننى لا أعرف الألمانية ومع هذا فعندى رغبة شديدة فى ترجمة أعمال ماكس هوكهايمر الذى ترجمتُ له وعنه عددا من الكتابات البالغة الأهمية عن الفرنسية. ومع جهلى باللغة الپرتغالية فعندى رغبة شديدة فى ترجمة أعمال ماشادو ده أسيس. والسبب هو تقديرى للقيمة الفلسفية ل ماكس هوكهايمر وللقيمة الأدبية ل ماشادو. ولكنى مستعد تماما للتخلى عن هذه الرغبة إذا وجدتُ مترجمين لهذين العملاقين عن اللغة الأصلية لكل منهما. وهناك أعمال متنوعة أطمح إلى ترجمتها عن اللغتين الأصليتين اللتين أترجم عنهما، ولا مجال الآن للدخول فى تفاصيلها قبل أن يحررنى مترجمون آخرون من مشروعىْ هوكهايمر و ماشادو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي