الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احتفالية حقيقية ووقفة

رجاء غانم دنف

2005 / 5 / 1
ملف 1 ايار 2005- الطبقة العاملة في ذكرى 1 آيار


منذ زمن طويل نعيش نحن اليساريون العرب ازمة وجودية لا سبيل الى حلها الا بوقفة تقييم جدية ومعمقة وربما جارحة للخروج من المآزق الراهنة ووضع موطئ قدم فيما يجري حولنا
في الاول من ايار اعتادت عائلتي ان تحتفل على طريقتها، كان والدي يعطينا مناديل حمراء نربطها حول عنقنا ونتحدث طويلاً عن هذا العيد وكانه عيد خاص وعائلي .
مرة سالته :لماذا نحتفل بالعمال بابا ليش مش بالفلاحين مثلاً؟
واخبرني يومها باشياء رائعة ما زالت تترك بصمتها في روحي ووعيي، وشيئاً فشيئاً تعلمت ان احتفل بهذا العيد لأجل كل هؤلاء الذين يبنون العالم بصمت وجرأة وحب يعمرون ما انهدم ويخلقون آلية ابداع لهذا الكون المتعب ،للفلاحين والزارعين للطلبة والنساء للاطباء والبنائين لكل انسان يخلق من قوته عنصر بناء وقوة خلق ولي ايضاً لآنني اؤدي نصيبي في بناء هذا العالم .
اليوم المعطيات اكثر صعوبة واشد مرارة فالنساء ينتجن 90% من ثروة العالم فيما يحصلن على ملكية 1% فقط من ثروة هذا العالم ،احصائيات الصحة والتعليم تبدو قاتمة ومحبطة في العالم العربي وكل دول الجنوب ،فأين نحن من هذا العيد؟ وكيف نستمد معان خلاقة ومبتكرة للحديث عنه ؟
في هذا العام ساحتفل مع طفلتي التي اصبحت في سن يؤهلها لفهم الاشياء بعمق ،سنكتفي بالقليل وسنتحدث كثيراً ،لن نذهب الى المول(المركز التجاري) والذي فرض نفسه ولغته كجزء من ثقافة العولمة التي تفرض نفسها اينما ذهبنا ،سنهدي وردة للعامل الافريقي الذي ينظف الشارع ونقول له : نشكرك لأنك تنظف قذارة حينا التي تعودنا بفعل البلادة والكسل واللا مبالاة على تنظيفك لها ،والامرُّ تعودنا ألا نلحظك ونثمن ما تقوم به .
هذا الاحتفال لن يكون مسار يوم ويمضي بل سيكون نهج حياة اتبعه ايماناً بأنني احمل قيماً لا يعقل ان تموت ،افتش في كل مرة عن وسائل جديدة اطور بها هذا القيم واتطور واطور من حولي بها .
لا يعقل ان نستمر في حديثنا عن الجوع والجوعى، ونحن نختنق بما لذ وطاب ونبث لأطفالنا قيماً خفية غير تلك التي نرددها ليل نهار، ونعلمهم التناقض كقيمة للحياة.
لا يعقل ان نتشدق بالحديث عن الالم الانساني والمرارة التي تنهمر على البشر ونحن نتجول كل يوم ضمن مفردات حياة استهلاكية تضيق الخناق على فكرنا وروحنا .
ليست الدعوة هنا للموت جوعاً او لإقفال باب الكون ،لأنها ستكون دعوة عقيمة وعظية لا سبيل لتنفيذها ضمن معطيات الواقع الجديد ،ولكنها دعوة للوقوف بشكل جدي ضد البشاعة المستشرية حولنا واتخاذ موقف انساني منها ،سيكون امتداداً لكل المبادئ الرائعة التي غرسنا فينا الرعيل الاول من اليساريين والعلمانيين قبلنا .
هي دعوة لنبلور مساحة واسعة للجدل والحوار والنقاش في زمن تسوده الكراهية والعصبية والسلفية ،دعوة لكل حاملي هذا الفكر للخروج من بوتقتهم المعزولة وتنفيذ فعل انساني عال المعاني في البيت والشارع والمجتمع .
ساطبع بطاقة صغيرة اكتب فيها احصائيات بسيطة عن دور المرأة في عملية الانتاج العالمي واوزعها على كل من اعرف :جيراني، الاصدقاء ، العائلة ،مربيات الحضانة، الخ......
هذا احتفال بسيط ولكنه ذو معنى وذو قوة لأقول ان عيد العمال وكل رموزه التاريخية تتجدد فينا سنة بعد سنة ونستلهم منها معان مميزة وانسانية نترجمها قولاً وفعلاً ولا تغرقنا في دوامة العبث العولمي الذي نعيشه .
لنحتفل كل على طريقته وربما في هذا العام ساعيد احياء تلك العادة الجميلة ونلبس مناديل حمراء جميلة ليكتمل الحلم بالواقع ويتحدان في جدلية خلاقة لا تنتهي .

رجاء غانم دنف
شاعرة وكاتبة/فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل