الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة التضامن من اجل بديل اشتراكي للرفاق والرفيقات في تيار النهج الديمقراطي بمناسبة عقد المؤتمرهم الثاني

التضامن من اجل بديل اشتراكي

2013 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


رفاقنا وأصدقاءنا في تيار النهج الديمقراطي، شكرا على دعوتكم لنا بالحضور إلى مؤتمركم الثاني الذي نتمنى كامل النجاح لأشغاله.
إن رفاقكم في التضامن من اجل بديل اشتراكي يتتبعون باهتمام كبير مسيرة تجربتكم السياسية، وقد خصصنا لمؤتمركم الأول عددا خاصا من نشرتنا السياسية، وقفنا فيه على نقط الالتقاء بيننا وقد كان أملنا كبير في مواصلة هدا النقاش،الذي نراه اليوم، ليس مفيدا فحسب، بل هو حاسم من اجل العمل جماعيا على مواجهة ما تطرحه المرحلة الراهنة من تحديات على القوى المناضلة.
الرفيقات والرفاق،
انتم واعون بدون شك باللحظة الاستثنائية التي ينعقد فيها مؤتمركم الثاني وتدركون حجم التحديات المطروحة على أشغال مؤتمركم. إننا في التضامن من اجل بديل اشتراكي نشارككم نفس الوعي ونتقاسم معكم نفس التقدير لحجم التحديات ولدينا نفس الانتظارات.إن مؤتمركم هو مؤتمرنا،لهدا ارتأينا أن تكون أفضل وسيلة للحضور معكم هي المساهمة في نقاش القضايا السياسية التي تطرحها المرحلة الراهنة على مؤتمركم.
مرحلة سياسية جديدة قيد التشكل
لقد أدت نتائج التحرير الليبرالي والتبعية للسوق والاقتصاد العالميين إلى تعميق الفوارق الطبقية ومأسسة التوزيع المتفاوت للثروات وعجز قطاعات اجتماعية واسعة عن تامين حاجياتها الأساسية. كما أدت من جهة أخرى إلى إضعاف قدرات الدولة السياسية والمالية، على التدخل لتلطيف حدة التناقضات الاجتماعية. بالمقابل يفرض الاندماج من موقع تبعي في العولمة الرأسمالية، على الطبقات السائدة، ليس فقط مواصلة تطبيق نفس السياسات اللاشعبية بل تعميق وتسريع وتعميم هذه السياسات.
إن الكتاب الأبيض لأرباب العمل وتشدد الحكومة خلال الحوار الاجتماعي يترجمان إرادة تصعيد الهجوم ضد الطبقات الشعبية. لكن هجوم الطبقات السائدة يتم في ظرفية سياسية خاصة: أزمة سياسية تعكس، ليس فقط انكماش القاعدة الاجتماعية لنظام الحكم،بل أيضا مأزق "المسلسل الديمقراطي".
كيف ساهم النظام في تسريع هده الأزمة السياسية؟
اذا كانت سياسة احتواء ودمج المعارضة التقليدية والبيروقراطية النقابية ونخب المجتمع المدني قد سمحت في البداية بتشكيل "إجماع وطني" حول "الانتقال الديمقراطي" وتوفير غطاء سياسي لهجوم الطبقات السائدة وعزل النضالات النقابية والاجتماعية وتجريدها من السلاح، وتهميش القوى المناضلة، فإن هده السياسة قد أدت أيضا إلى نتائج عكسية: فقدان الأغلبية الساحقة من المواطنين للثقة، ليس فقط في مؤسسات النظام،بل في كل الطبقة السياسية .وقد كشفت الانتخابات الأخيرة عن عمق الهوة بين الشعب ومؤسسات النظام وعمق القطيعة بين الشعب والأحزاب السياسية.
إن السياق السياسي والاجتماعي والإطار المؤسساتي الذي سمح للملكية بالارتكاز على أحزاب ونقابات المعارضة البرلمانية لحل أزمة نظامها السياسي قد تغير جذريا.
فأحزاب المعارضة التقليدية عرفت تحولا نوعيا في أزمتها، وانتقلت من "أحزاب معارضة صاحب الجلالة" إلى أحزاب صاحب الجلالة لتدبير مصالح الطبقات السائدة وقيادة هجومها السياسي والاجتماعي ضد الطبقات الشعبية. أما القيادات النقابات فقد أصبحت عاجزة عن ضمان استقرار سلم اجتماعي، بفعل التحول النوعي في علاقتها بالشغيلة.
إن حصيلة الإضرابات العامة والقطاعية الأخيرة وتفكك الاتحاد الاشتراكي هي تعبير عن نهاية مرحلة سياسية في تاريخ المعارضة التقليدية.
سمات المرحلة السياسية الجديدة
في غياب قطيعة سياسية مع المرحلة السابقة، فان المرحلة السياسية قيد التشكل ستبقى مطبوعة بثقل معطيات المرحلة الماضية:
1-تقل الهزائم التي راكمتها حركة الإضرابات العمالية في قطاعات داث أهمية اقتصادية واجتماعية.
2- حجم التراجعات في قطاع الوظيفة العمومية. فحصيلة كل التحركات داخل الوظيفة العمومية خلال مدة عقدين لم تتمكن من وقف الخوصصة وإعادة النظر في القوانين الأساسية، وتردي شروط العمل......
3- اصطفاف القيادات النقابية وراء السياسات اللاشعبية وتسببها في تفتيت الحركة النقابية. بالمقابل لم تعرف الساحة الوطنية بروز قطب نقابي كفاحي.
4-ضعف التنظيمات الاجتماعية المناضلة وانكماش قاعدتها الاجتماعية وغياب أي تنسيق لمبادراتها الجماهيرية وطغيان المبادرات الفوقية على العمل الجماهيري في القاعدة الشعبية.
5-غياب تنظيمات ذاتية خاصة بسكان الأحياء الشعبية والقرى.
6- تفكك العمل في أوساط الطلبة والشبيبة المدرسية وأزمة وانقسام حركات المعطلين حاملي الشهادات.
7- ضعف مجموعات اليسار الجذري على مستوى المبادرة وعلى مستوى القاعدة الاجتماعية.
إن استمرار هده العوامل يعيق ويحد من إمكانيات بناء قاعدة ارتكاز صلبة لمواجهة الهجوم الاجتماعي والسياسي للطبقات السائدة. وهو وضع يعمل النظام على تكريسه للإبقاء على النضالات في حالة انقسام وتفتت.
لكن السنوات الأخيرة تميزت ببداية نهوض شعبي. فسواء تعلق الأمر بالاحتجاجات ضد الغلاء بالمدن أو الاحتجاجات الشعبية ضد التهميش في القرى والمدن الهامشية (طاطا-بوعرفة-بومالن دادس-صفرو واخيرا سيدي افني) نلاحظ سعي وبحث الجماهير الشعبية طرق ووسائل خاصة بها لمواجهة السياسات اللاشعبية دون اتكال على الأجهزة السياسية والنقابية التقليدية. لكن هذا النهوض الشعبي لا يجد له أية ترجمة على مستوى تطور الوعي الشعبي أو على مستوى تطور وبناء تنظيمات شعبية دائمة. وقليلة هي الحالات التي اكتست فيها هده النضالات الشعبية بعدا وطنيا أو تمكنت من إنزال هزيمة ولو جزئية بالعدو.
إن هذا ما يدفعنا إلى اعتبار هده المرحلة مرحلة متناقضة: فتصعيد الطبقات السائدة لهجومها يغذي النضالات الاجتماعية والشعبية لكن هده النضالات تتطور بشكل متفاوت جغرافيا واجتماعيا وتصطدم بضعف القوى المنظمة ومحدودية التجربة وبغياب تراكمات على مستوى تجميع النضالات وتنسيقها كما تصطدم بغياب وضبابية الآفاق السياسية. هذه العوامل تساهم بدورها في تطور متفاوت ومفكك للنضالات بدل تطورها بشكل متساو ومركب.
تحديات ومهام المرحلة
إن اكبر معضلة تصطدم بها القوى المناضلة في بدايات هده المرحلة السياسية الجديدة والتي يشكل تجاوزها شرطا ضروريا من اجل تعديل موازين القوى وإعادة فتح آفاق سياسية جديدة أمام النضالات الشعبية، تتمثل في تصفية الإرث السلبي الثقيل الذي خلفته المرحلة السابقة.
لكن حل هذه المعضلة ليس مسالة تقنية بل تتمثل في العمل على إعادة بناء حركة عمالية وشعبية على قاعدة مطلبية وتنظيمية تربط بين نضالات الشغيلة في القطاعين العام والخاص وبين نضالات الشغيلة والنضالات الشعبية والربط بين النضال ضد التهميش والنضال من اجل تحسين شروط العمل والعيش والربط بين المطالب الاجتماعية والمطالب الديمقراطية والتدابير الكفيلة بتلبية هده المطالب.
هذه هي أهم التحديات التي تطرح علينا جميعا وهذا ما يدفعنا إلى فتح النقاش مع الرفاق في النهج الديمقراطي، بالنظر إلى مكانة هدا التيار في الساحة اليسارية وبالنظر إلى المسؤوليات الملقاة عليه في المرحلة الراهنة من تطور القوى المناضلة. إن نقاشنا يتوخى فهم جماعي لطبيعة المرحلة الراهنة واستيعاب جماعي للمهام والتحديات التي تطرحها هذه المرحلة.
تتمحور مهام اليسار الجذري في نظرنا حول مهمة مركزية: بناء تنظيمات للنضال الجماهيري ذات انغراس فعلي في القاعدة الشعبية ومرتبطة عضويا بالنضالات.
1-على صعيد النضال النقابي:
يجب في نظرنا بناء حركة نقابية جماهيرية وكفاحية، نقابات للنضال الطبقي وليس نقابات للتعاون الطبقي. وبدون شك أن الرفاق في تيار النهج يشاطروننا نفس الهدف. لكن كيف نتقدم نحو تحقيق هذا الهدف؟
نحن نعتقد أن تحقيق هذا الهدف غير ممكن دون القطع مع ثلاثة أوهام سادت في أوساط النقابيين خلال المرحلة الماضية:
أولا: الاعتقاد بان النضال النقابي والوحدة النضالية غير ممكنين إلا تحت قيادة ولواء هده المركزية أو تلك.
ثانيا: الاعتقاد بان احتلال مواقع في الأجهزة يشكل مدخلا استراتيجيا للانغراس والارتباط بالشغيلة وتعديل موازين القوى الداخلية إزاء البيروقراطية.
ثالثا: الاعتقاد بان البيروقراطية النقابية يمكن أن تعود إلى ساحة النضال في المرحلة القادمة والتحول من عائق إلى محفز للنضالات.
إن إعادة بناء حركة نقابية مناضلة في المرحلة الراهنة غير ممكنة من وجهة نظرنا، دون القطع مع الخط النقابي البيروقراطي على مستوى المطالب وأشكال النضال والتعبئة والتنظيم، أي بلورة مشروع نقابي بديل عن المشروع النقابي البيروقراطي.
لكن ما هي معالم هدا المشروع النقابي البديل وكيف السبيل لبنائه؟
نحن لا نؤمن بنماذج نقابية أصلية يجب إعادة استنساخها، لكننا نعتقد أن مشروع خط نقابي بديل غير ممكن دون:
- عمل دائم وقاعدي في صفوف الشغيلة.
- إرادة واعية للانفتاح على مختلف أشكال المقاومة الاجتماعية والشعبية.
- تعبئة جماهيرية على قاعدة مطالب اجتماعية موحدة بين الأجراء وباقي قطاعات الشغيلة والجماهير الشعبية.
ديمقراطية عمالية ترتكز على التنظيم الذاتي للشغيلة.
لكن ما العمل على المستوى المباشر للتقدم نحو هذا المشروع؟
في هذه المرحلة وفي ظل الشروط الراهنة التي عليها الحركة النقابية، نحن نعتقد أن المهمة المباشرة هي تشكيل وبناء معارضة نقابية وحدوية وعلنية. دون دلك فان حصيلة العقود السابقة من العمل النقابي كافية للجواب عن الحصيلة المستقبلية: إحباط وعدم الثقة وغياب الفعالية والمردودية وعزلة المجموعات النقابية في دوائر محلية أو قطاعية دون مشروع نقابي وطني.
2- على صعيد النضالات الاجتماعية الشعبية:
يطرح علينا تحدي بناء تنظيمات اجتماعية ذات تأثير شعبي وقادرة على تنظيم مئات وآلاف الأعضاء وعلى تعبئة قطاعات شعبية واسعة. وبدون شك سيحظى هدا التحدي باهتمام ونقاش الرفاق في النهج الديمقراطي خلال أشغال مؤتمرهم.
من وجهة نظرنا نعتقد أن التقدم نحو هدا الهدف يفترض:
- تربية سياسية واجتماعية في صفوف السكان والقطاعات الاجتماعية المستهدفة بإمكانية تلبية حاجياتها الاجتماعية على قاعدة توزيع عادل للثروات ورقابة شعبية ديمقراطية على الاختيارات سواء على مستوى المحلي أو الوطني.
- صياغة برنامج مطالب اجتماعية وديمقراطية استعجاليه من خلال ملتقيات ومشاركة شعبية تسمح بإشراك الجماهير في صياغة مطالبها وأشكال النضال من اجل انتزاعها.
من وجهة نظرنا، نحن ندافع عن منظور برنامج نضالي يدمج بين الدفاع عن المطالب المباشرة للجماهير الشعبية وبين تدابير سياسية تنحو إلى إعادة النظر في تحكم أرباب العمل والدولة والمؤسسات اللاديمقراطية في الاختيارات المرتبطة بتلبية الحاجيات الأساسية للجماهير الشعبية. أي تدابير تضع السلطة الاستبدادية والتملك الرأسمالي موضع تساؤل في أوساط الجماهير وبارتباط مع مصالحها وتطلعاتها.
3-على مستوى النضال السياسي والديمقراطي:
على هدا المستوى تطرح علينا مهمة النضال بحزم ودون هوادة من اجل انتزاع الحقوق الديمقراطية الأساسية. هذه الحقوق على بساطتها وجزئيتها، تشكل في المرحلة الراهنة قاعدة انطلاق من اجل تطوير نضال ديمقراطي شعبي: حرية التعبير والتظاهر والتنظيم والإضراب.
إن النضال من اجل هده الحقوق وبشكل جماهيري هو أفضل وسيلة لبناء قطب ديمقراطي شعبي.
من منظورنا، نحن نرى أن النضال من اجل هذه المطالب الديمقراطية الجزئية لا ينفصل عن معركة النضال من اجل مجلس تأسيسي ديمقراطي، يؤسس لنظام ديمقراطي على أنقاض النظام الاستبدادي وأجهزته القمعية وبيروقراطيته الإدارية الفاسدة.
إن مهمة هيئة تأسيسية فعلية لا يجب اختزالها في نظرنا، في تغيير قانوني للدستور وإعادة تنظيم وتوزيع صلاحيات وسلطات مؤسسات الطبقة الحاكمة، بل يجب أن تتمثل مهمتها في إعادة النظر في علاقات الملكية وأجهزة الدولة والتأسيس لنظام ديمقراطي شعبي يسمح بإعادة التملك الاجتماعي لمصادر الثروة وقيام سلطة شعبية على المستوى الاجتماعي والسياسي.
ضمن هذا الاختيار الديمقراطي تطرح بالنسبة لنا مسألة الحكومة الديمقراطية ومسالة التنظيمات الذاتية.
إن الهدف الاستراتيجي الذي نناضل من اجله هو قيام ديمقراطية اشتراكية ترتكز على سلطة شعبية ديمقراطية.
هذا هو الشرط الضروري في نظرنا، لقيام "دولة الحق والقانون" الفعلية التي تسمح بتطوير الحريات الفردية والجماعية وبتوفير الضمانات القانونية لممارسة الحقوق المدنية والثقافية والسياسية.
إن اختيارنا الديمقراطي هذا، لا يفصلنا فقط عن اليسار الليبرالي بل أيضا عن مختلف الاختيارات الديمقراطية الإصلاحية، التي تطرح مسالة الإصلاحات الدستورية بمعزل عن مسالة لطبيعة الطبقية للدولة أو تطرح هدف دستور ديمقراطي دون المساس بمسالة التملك الطبقي لمصادر الثروة.
إن الاختلاف مع هذه القوى ليس فقط برنامجيا واستراتجيا، بل هو خلاف حول الأهداف والآفاق المباشرة للنضالات اليومية. فلا احد من هذه القوى يعمل بشكل جدي من اجل بناء ميزان قوى من اجل انتزاع مطالب ولو جزئية، ولا احد من هذه القوى يطرح مهمة خوض نضال جماهيري وتعبئة شعبية من اجل ذهاب الحكومة الحالية.
إن السقف السياسي لهذه القوى هو تجديد التعاقد مع الملكية من اجل تحسين شروط المشاركة في مؤسساتها الاستشارية والتناوب على تسيير الحكومة لتدبير شؤون الطبقات السائدة.
أي منظور للتحالفات؟
على هذا المستوى، نحن جد متحفظين ولدينا انتقادات صريحة حول تكتيك التحالفات كما مارسه تيار النهج منذ تشكله.
واذا كانت المرحلة السابقة لم تبرز بشكل جلي مخاطر هذه التحالفات على مستوى تطور تيار النهج الديمقراطي، فان المرحلة الحالية قد عرفت تسريع سيرورة الفرز داخل اليسار وهو ما يضع مسالة إعادة النظر في هذه التحالفات شرطا ضروريا لبناء خط سياسي مستقل عن تيارات اليسار الإصلاحي.
إن الحركة العمالية والاجتماعية والحركة الديمقراطية تجد نفسها اليوم أمام يسارين: يسار التكيف مع العولمة الرأسمالية والاندماج في مؤسسات النظام السياسي ويسار المقاومة والتغيير الجذري.
لكن الاتجاه الأول لا يضم فقط أحزاب اليسار الحكومي التي قبلت بالمشاركة في الحكومة لتطبيق سياسات معادية للشعب، بل يضم أيضا القوى المشكلة أو التي تسعى إلى تشكيل معارضة برلمانية في إطار النظام السياسي الحالي.
صحيح أن التمايزات والتناقضات بين مختلف اتجاهات هذا القطب السياسي يجب أخدها بعين الاعتبار في التكتيك السياسي، لكن دون تغذية الأوهام في الأوساط الشعبية بكون هدا القطب يمكن أن يكون حليفا استراتيجيا لبناء بديل ديمقراطي، أو تعبيرا سياسيا عن مصالح الطبقات الشعبية.
ما هو الفرق النوعي بين قيادة الاتحاد الاشتراكي وقيادة المؤتمر الاتحادي المرتبط ببيروقراطية نقابية مندمجة بطريقتها في النظام السياسي؟
وهل يشكل حزب الطليعة الديمقراطي والحزب الاشتراكي الموحد شركاء لبناء "قيادة حازمة" لنضال الطبقات الشعبية من اجل التحرر الوطني والديمقراطي وبناء الاشتراكية؟
إن هذه الأحزاب جميعها، وليس الاتحاد الاشتراكي وحده، قد قالت في حقها أغلبية الشعب يوم 7 شتنبر 2007: أحزاب لا تشكل معارضة حقيقية للنظام ولا تعكس إرادة ومصالح الطبقات الشعبية، بقدر ما تعكس إرادة ومصالح شبكات وفئات اجتماعية محدودة.
إن الاتجاه العام الذي تتطور فيه مكونات تجمع اليسار الديمقراطي لا يعكس أية حالة تجذر، بل على العكس من ذلك يعكس ضغط ميولات قوية للالتحاق بأحزاب اليسار الحكومي.
لا يعني هذا استبعاد كل أشكال التحالف التكتيكي مع هذه القوى، بل يعني تدقيق هذه التحالفات وتوجيهها نحو أهداف ملموسة ومحددة، ترتبط قبل كل شئ بالدفاع عن مطالب الكادحين والتعبئة الجماهيرية من اجل تحقيقها، وليس تحالفا انتخابيا للاندماج في مؤسسات النظام السياسي أو تحالفا على قاعدة برنامج حد أدنى مشترك.
مع هذه القوى لا يمكن بناء إطار سياسي مشترك ودائم.
نحو جبهة سياسية واجتماعية
1- إن تحول أحزاب المعارضة البرلمانية إلى أحزاب حكومية لتطبيق إصلاحات مضادة ومندمجة بشكل عضوي في دواليب النظام السياسي وفي خدمة مصالح الطبقات السائدة، ليس مجرد انحراف ظرفي أو نتيجة خيانة هده القيادة أو تلك، بل هو نتيجة لتطور نوعي لازمة هده القوى في مرحلة هيمنة العولمة الرأسمالية: استحالة تحقيق إصلاحات سياسية واجتماعية ديمقراطية في ظل التكيف مع العولمة الرأسمالية وفي سياق الهجوم الحالي للطبقات السائدة.
إن النضال من اجل الإصلاحات يقود في المرحلة الراهنة إلى مواجهة مباشرة مع النظام والطبقات السائدة. والحال انه لا يمكن تصور هذه المواجهة من قبل قوى مندمجة عضويا في مؤسسات النظام. لان هذه المواجهة تفترض خوض تعبئة جماهيرية وعلى قاعدة مطالب اجتماعية وديمقراطية هي في تعارض مباشر مع النظام ومع مصالح الطبقات السائدة.
لا يسري هذا على أحزاب المعارضة السابقة فقط بل يسري أيضا وبشكل اكبر على أحزاب اليسار البرلماني.
ولسنا مرغمين على الانتظار عقدين أو أكثر للحكم على الحصيلة السياسية لتجربة تجمع اليسار الديمقراطي في المؤسسات.
2- إن تطوير النضال الديمقراطي الجماهيري وبناء قيادة سياسية حازمة لهدا النضال لن يتم في نظرنا، من خلال بناء قطب سياسي مشترك مع أحزاب اليسار البرلماني، بل من خلال:
- تطوير حركة جماهيرية للنضال ضد سياسات النظام.
- الدمج بين المطالب الاجتماعية والمطالب الديمقراطية.
- تحفيز الحركة النقابية والاجتماعية على اقتحام ساحة النضال السياسي.
- التعبئة الجماهيرية الدائمة لبرنامج تدابير سياسية بديلة لتلبية مطالب الطبقات الشعبية.
لا يتعلق الأمر بتسييس فج للحركة الجماهيرية أو استخدامها كقناة لتصريف مشاريع وأهداف تيار سياسي، بل يتعلق الأمر ببناء جبهة اجتماعية وسياسية وتجاوز التقسيم التقليدي في الوظائف الذي تعمل البيروقراطيات الحزبية والنقابية على تابيده: احتكار السياسة من قبل الحزب واستخدام الحركة النقابية والاجتماعية كمجموعات ضغط لصالح الحزب.
لقد أبانت المرحلة المنتهية أن بناء بديل سياسي لا يمر عبر الاندماج مع التيارات السياسية المنحدرة من تفكك الاتحاد الاشتراكي. لان هذه التيارات لا تعبر عن تجذر اجتماعي أو سياسي بقدر ما هي تعبير عن نهاية حركة سياسية تاريخية. وبغض النظر عن وثيرة وشكل الاندماج فان هذه التيارات لا تعبر عن مشروع سياسي بديل عن المشروع الاستراتيجي لليسار الإصلاحي.
من أجل بديل سياسي ثوري
إن بناء بديل سياسي يعني سيرورة طويلة من إعادة البناء وإعادة التنظيم.
1- إعادة تنظيم حركة عمالية وشعبية وإعادة بناء حركة ديمقراطية على قاعدة مشروع قطيعة جذرية مع النظام السياسي للملكية. وإعادة بناء وعي طبقي وتجربة نضالية تفتح آفاق سياسية جديدة أمام النضالات والأجيال الجديدة.
بتركيز إعادة بناء قطب سياسي واجتماعي جماهيري للمضطهدين.
2- النضال من اجل حزب طبقي مستقل، ديمقراطي وثوري، مرتبط عضويا بالنضالات ومعادي بشكل صريح للرأسمالية. إن النضال من أجل هدا الحزب سيسمح بتجاوز حالة الضعف والتقوقع المحلي والانعزال القطاعي والانقسام التنظيمي لقوى اليسار الجدري.
إن دور اليسار الجذري ومبرر وجوده،ليس هو دعم النضالات والتضامن مع ضحيا الهجوم الطبقي، رغم أهمية دلك، بل يتمثل دور اليسار الجدري في مواجهة هجوم النظام والطبقات السائدة بمشروع بديل سياسي واجتماعي وتعبئة الجماهير الشعبية حول برنامج نضالي يوحد كل أشكال المقاومة وجبهات النضال.
إن المرحلة الراهنة تفتح آفاق جديدة أمام تطور يسار ديمقراطي معادي للرأسمالية، مستقل عن اليسار الحكومي واليسار البرلماني. فلأول مرة هناك التقاء لثلاثة عوامل سياسية: أزمة سياسية واجتماعية، رفض شعبي لسياسات ومؤسسات النظام وانهيار واسع لمصداقية أحزاب ونقابات التعاون الطبقي.
من اجل استغلال هذه الإمكانيات واستثمار معطياتها لصالح بناء وتطوير قيادة حازمة للنضال الاجتماعي والسياسي ومرتبطة عضويا بالنضالات لابد من إحداث نقلة نوعية في تجربة اليسار الجدري: اندماج المجموعات والتيارات والقوى المناضلة في حركة سياسية موحدة.
مقترحات
ضمن هذا الأفق الاستراتيجي ومن اجل إطلاق هذه الدينامية، نقترح على الرفاق في تيار النهج الديمقراطي تنظيم ندوة وطنية مفتوحة في وجه كل التيارات والجماعات والفعاليات المناهضة للرأسمالية.
1- صياغة برنامج نضالي مشترك.
2- بناء تنسيق دائم ومهيكل على المستوى المحلي والقطاعي.
3- تشكيل فضاءات للنقاش والحوار.
4- بحث إمكانيات بناء وتطوير الحركة السياسية لليسار المعادي للرأسمالية على مستوى وطني.
إن رهاننا هو الانخراط والالتزام الجماعي بفتح صفحة جديدة في تاريخ اليسار الجذري والتقدم بإرادة واعية نحو هدف بناء قوة سياسية جديدة، ثورية، ديمقراطية، تعددية ووحدوية.
تحياتنا الثورية.

لجنة التنسيق الوطني
الدار البيضاء 15 يوليوز 2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟