الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-أصدقاء سورية- بعض سلاح دون غذاء ودواء

علاء الدين الخطيب

2013 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الإعلام والإنترنت يركز على مؤتمر الدوحة. وكل نصف ساعة خبر جديد، قال كيري وقال حمد وقال السفير وقال من قال. هذا الأسلوب الإعلامي المستورد من الغرب مع كل ما استوردناه هو بالضبط أهم آلات غسيل الدماغ الجماعي الذي حققت به المؤسسة الغربية المالية سيطرتها على مجتمعاتها من خلال صرف تفكيرهم لظواهر الأحداث وليس لجوهرها وحقيقتها.
إن الإعلام الآن وجيشا من الأقلام العربية والمحللين والمثقفين يدورون بفضاء فارغ مكرر حول ما قاله الوزير والأمير والسفير وينقبون بحروف الجر وحروف العلة. ويتم تسويقه مهما كان موقف المحلل على أنه جهد كبير يراه الرافض للنظام السوري أنه حسن جدا ومشكور، ويراه المؤيد للنظام السوري أنه بشع جدا ومذموم. لكن كلاهما يريانه جهدا كبيرا. فهل فعلا يعكس ما يقوله السياسي سياسة الدولة أو المجموعة وهل فعلا يعبر عما سيحصل وفق إرادة حكومته؟
لن نذهب بعيدا ولا عميقا بالتاريخ. لنجرب أن نجمع تصريحات السياسيين الغربيين والعرب والروس والإيرانيين وكل سياسي العالم حول فلسطين خلال سبعة عقود. ولتتخيل نفسك بدأت من 1948 ترسم توقعات المستقبل بالنسبة للحراك السياسي بناء على ما يقوله السياسيون حول فلسطين. ستفاجأ أنك بعد 70 سنة ستجد نفسك في فلسطين الجنة التي يعيش بها أهلها الفلسطينيون العرب مسيحيون ومسلمون ويهودا بأفضل حال من السويد أو النرويج! ما يردده السياسيون وعبر التاريخ بظاهره على الأقل لا يقدم أي معلومات أو قرائن للمستقبل بل إن مهارة السياسي تعتمد على قدرته على إقناع الناس أن لون اللبن أسود وليس أبيض. ويكون انتصاره يوم يستجيب لترجيات الناس ويقول أن هذه الملعقة من اللبن لونها الأبيض فيصبح بطلا شعبيا. هل تذكرون كيف أقنعنا طغاة العرب أن الديكتاتورية هي البلسم ورضى الحاكم قبل رضى الله والوالدين، ثم يوم قالوا "لبيك يا فلسطين" صاروا أبطالا. وكيف أقنعتنا أمريكا أنها مع الحق الإنساني للعربي والفلسطيني لكن بعد حق الإسرائيلي ومالك الشركة، ويوم قالت أن للفلسطينيين حقوقا صارت ملاكا. وبآخر مسرحيات الدوحة كيف تقبل كل حكام العرب مجتمعين أن يسمعوا من معاذ الخطيب "اتقوا الله بشعوبكم" فصار معاذ والحكام أبطالا. هذه اللعبة السياسية الإعلامية القديمة ما زالت مستمرة للآن وآخر تجلياتها مؤتمر الدوحة هذا.
السؤال الأساسي: هل فعلا يريد حكام العرب والغرب إسقاط بشار وما مصلحتهم الحقيقية بذلك؟ لقد أفردت أربع مقالات لإثبات أن لا أحد منهم يسعى لإسقاط النظام السوري وهذا آخر همومه على الرابط التالي http://www.ahewar.org/m.asp?i=6427. ما يهم جميع الحكام سواء كانوا شكليا مع النظام السوري أو ضده هو ضمان تشكيل سورية الجديدة وفق ما يناسب مصالحهم. وبما أن دعم النظام السوري من قبل حكام روسيا وإيران والصين قد بلغ حدا واضحا بأنه جازم حازم حتى لو اضطروا لإشعال حرب عالمية، وبما أن حكام العرب وتركيا أقل شجاعة من هذا التحدي وراحة بالهم تهم حكام الغرب الذين لا يرحبون فعليا بحرب واسعة. فإن هذا الاجتماع هو فقط لإعادة تنسيق المواقف بحيث لا يسمحوا للنظام السوري بالتفوق العسكري الكاسح وبنفس الوقت تمهيد الطريق أمام الوصول لاتفاق مقايضة مرضي للطرفين أي معسكري روسيا ومن لف لفها ومعسكر أمريكا ومن لف لفها.
إذاً لا سلاح للجيش الحر؟ بالواقع الجواب واضح إن اتعظنا بسنتين ونصف من المآسي في سورية. سيتم توريد بعض السلاح لحفظ التوازن العسكري. لكن شروط توريده ليست كما يشيع السياسيون "ممنوعة على المتطرفين الإسلامويين". فما مرّ من سلاح خلال سنتين ومقاتلين تم عبر تركيا عضو الناتو وقد علم حكام الغرب أن هذا السلاح والمال ذاهب للمنظمات القاعدية والإخوانية. والسلاح القادم سيكون لهذه الجماعات المتحكم بها عبر مموليها وشيوخها. وقد تنامت ثقة الغربيين بهذه المجموعات بأنها لن تذهب أبعد من حدود حلب وإدلب كي لا تجلب الغضب الروسي وهو المطلوب منها. وتأتي هنا مهمة ما يسمونه الائتلاف الوطني السوري وهي: "أولا شكر أصدقاء سورية وثانيا فبركة سيناريوهات توريد السلاح وتكميم أصوات الجيش الحر الحقيقي الذي لا يصله شيء مثلما فعلوا عندما تركوا القصير وحمص والآن الغوطة الشرقية بدمشق لوحدها بالميدان".
تشييد الآمال الوهمية على تغيير حقيقي في الموقف الغربي لنصرة الشعب السوري كما يروّج الإعلام من خلال فرقعات إعلامية تشبه بحقيقتها أخبار مجلات الفضائح أكثر مما تشبه الخبر الصحفي هو إضرار عميق بالثورة السورية والوطن السوري وسيْرٌ فاقد البصيرة نحو الفخ الذي طالما حلم النظام السوري بإيصال الثورة إليه وهو "إعلانها شعبيا على أنها حرب طائفية". فقد أثبت النظام أنه يعرف ماذا يريد السوريون ومن هم. وعلم أن تزايد مظاهر أنها حرب طائفية ستحرم ما كان ثورة شعبية من شعبيتها وتطوق المعارضين له. يريد أن يضع السوريين أمام خيارين: الأول هو أن يستمر بذاته وكما اعتاد عليه السوريون منذ 40 عاما، فتعلموا كيف يتجنبون أنيابه بالبعد عن السياسة، أو أن يستمروا في التمسك بالثورة التي تتم سرقتها تدريجيا ليتم فرض شكل بدائي متطرف غريب على الاسلام والسوريين من حكم الهيئات الشرعية وفكر القاعدة الوهابي المتطرف.
المؤلم أكثر من أي شيء آخر في ردة فعل البضعة عشرة قلما وصوتا سوريا يملء الإعلام العربي والغربي أن كل كلامهم عن السلاح متناسين أن هذا طلب المستحيل ومتناسين الممكن في تأمين علب الحليب للأطفال والغذاء والدواء على الأقل للاجئين في المخيمات. إنه فعلا من المفجع أن يتعاظم شبع الإنسان بحيث يستسهل الاستشهاد بجسم غيره ويتناسى آهة الأم أمام بكاء طفلها الجائع.
باختصار، لا يوجد حسم عسكري مسموح بسورية بقرار أمريكي روسي مشترك. ولا يوجد دعم حقيقي بالسلاح أو الإغاثات الإنسانية. ولا يوجد بالقريب العاجل أي حل سياسي كما يروّج الحالمون أو المسيَّرون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 5.4 مليار دولار تكلفة السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة


.. تصاعد الانقسامات السياسية.. حرب غزة لم تنجح في توحيد الصف ال




.. طفلان يختبئان داخل تنورة والدتهما من البرد في غزة


.. كتائب القسام تعلن أن مقاتليها قطعوا إمداد قوات الاحتلال شرق




.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه