الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعية ليست كفراً والحاداً

جواد كاظم الدايني

2013 / 6 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق




كنت اقرأ في كتاب " امالي السيد طالب الرفاعي " للباحث العراقي رشيد الخيون والكتاب عبارة عن حوارية بين الباحث والسيد الرفاعي غطت حقبة تاريخية غامضة تتستر على السرديات الصغرى للاسلام السياسي في المنطقة والعراق بشكل خاص , فالسيد يعتبر من الرعيل الاول لمؤسسي حزب الدعوة وهو عايش تلك الفترة شخوصا واحداثا وملما عن قرب بحيثيات الحراك السياسي الديني منذ بدايات ظهورالدولة العراقية الى يومنا هذا . يسرد السيد الرفاعي قضية فتوى السيد محسن الحكيم المرجع الشيعي الكبير, فيما يتعلق بالشيوعية حيث يتناقل الكثيرون فتوى تنسب الى السيد الحكيم على ان الشيوعية " كفر والحاد " وان الانتماء لها هو ارتداد عن الاسلام , والحقيقة ان هناك من خلق فضاءا ما زال ممتداً الى اللحظة , لتضليل وتزييف الحقائق التي اصبحت مع عتقها مسلمات لا يرقى اليها الشك , كما ان القلة هم من تعنيه الحقائق كما هي بدون غايات توظيفها لاغراض سياسية او دينية , اما الغالبية فأنها تتداول الوقائع التاريخية بالكثير من السذاجة والهبل الفكري , وحصة الشيوعية من ذلك الهبل تفوق الايدولوجيات الاخرى . وكان يقف خلف ذلك , السياسي الديني بعمائمه والقوميون بأوهامهم والبعث العربي برفاقه , حيث تحولت الافكار الشيوعية معهم اسطورة للهزء الاجتماعي , ومع ان وجود الله لم يعد سؤالا يلح عليه الواقع الارضي الا ان الناس تتحدث الى الان عن شيوعية تنكر وجوده وتنكر الروح وتؤمن بما هو مادي فقط , في حين لا اتذكر اني قرأت نصوصا واضحة بهذه الخصوص , على الرغم من ان حركات الحادية كثيرة قالت ما هو اخطر على عقائد الناس منها التنكر لحقيقة الدين والانبياء والتنكر لاي سيناريو او خطة سماوية للحياة الارضية , ناهيك عن اشمئزاز الناس لفكرة اتحاد الخلقة البشرية مع القرود . اورد الان مختصراً لقصة الفتوى الشيطانية الي ارويها بتصرف عن السيد الرفاعي في اماليه ( تعود اصل الفتوى لرجل من اهل النعمانية , جاء يستفتي السيد محسن الحكيم عن رغبته في الانتماء الى الحزب الشيوعي في بداية الستينات وكانت الفتوى الشهيرة التي منها "لا يجوز الانتماء الى الحزب الشيوعي " . ص184-185 ) . كان واحدا من دواعي تأسس حزب الدعوة هو لمواجهة الشيوعيين , والانتشارالكبير لافكارهم بشكل ملفت في النجف وكربلاء واللتان تعتبران من المراكز الدينية المهمة لدى الشيعة , مما دفع البعض الى محاولة الحصول على فتوى بالحاد وكفر الشيوعية وكان استفتاء ذلك الرجل كافيا لاساءة استخدامه سياسيا واعلاميا , مع ان الفقه الشيعي يفرق بين الفتوى العامة ( كفتوى التنباك للسيد محمد حسن الشيرازي ) وبين استفتاء شخص لقضية خاصة به , حيث بدت تلك الفتوى كأجراء احترازي من قبل الحكيم للوقوف بوجه الانتشار المرعب للفكر الشيوعي , ولم يكن ليصل بالحكيم الى اباحة دماء الشيوعيين , فكما يقول الرفاعي ان المرجع كان من اشد الناس ورعا في دماء المسلمين, خاصة انه لم يك حينها من تناقض بين الانتماء الى الحزب وبين ممارسة الشيعة لشعائرهم خصوصا ان اغلب الشيوعيين كانوا من الشيعة , اضافة الى التزامهم الاخلاقي الذي يشيد به الرفاعي مقارنة بالبعثيين القذريين , فالشيوعيون كانوا يمثلون غالبية الطبقات الفقيرة من العمال والمساكين الذين وجدوا المناداة بالمساواة والعدل الاجتماعي ملاذا شيوعيا عزفت عن توفيره البرجوازية والدينية والدنيوية, كما ان اثبات حكم الارتداد له اصوله الفقهية المعروفة والصلبة تجعل من العسير اثباته فكيف باطلاق حكم على تسمية عامة كالشيوعية . وعدا الحركات الالحادية فأن الشيوعية لم تنكر شيء لا طريق لاثباته ماديا كالروح والالهة والنفس , ولدعم نظريتها المادية التي تراها خدمة كبيرة لعذابات البشرية جعلها لا تلتفت الا الى ما يدعم فلسفتها تلك , غير ملتفة الى الجوانب الاخرى . والفرق واضح بين ان تتجاهل الشيئ وان تتنكر لوجوده فهي لا تنكر الدين لكن تبحث عن حقيقيته المادية ولا تنكر الخالق لكنه تراه واقعا ارضيا . تتميز الثقافة الغربية بأنها تعتبر الكذب من الجرائم المخلة بالشرف والكاذب من اكثر الشخصيات التي يجب ان تشعر بالعار والخزي فالكذب يمكن ان يسقط دولا وحكومات في حين عشنا اكثر من قرن في دولا قامت على الكذب فحكوماتنا وقادتنا اما كاذبون واما فرحين ومصدقين لكذبة اسمها الدولة العراقية , اما أغلب السياسيين فهم مجموعة من محتالين و"حرامية" يتمشقدون بوطنية قائمة على خبل طائفي , يغذيه تاريخ من الزيف والكذب وبمباركة اشهر كذابي البشرية , رجال الدين وابناء الكهنوت والمنابر . الشرف الغربي اصيل لانه ينبع من داخل الانسان فهو يتعلق بسلوكه , اما الشرف الشرقي فهو لصيق لأن النساء وما ملك الأيمان هن من يهبنه او يسلبنه , فكل ما هو خارج اسوار منازلنا ليس بذا قيمة , شرف الاخرين وشرف الاوطان وفيهما كل شيء مباح الكذب والاعتداء والسرقة دون ان ينال ذلك في شيئ من الشرف . لست شيوعا ولست بصدد الدفاع عن احد لكن يعجبني كثيرا الافق الليبرالي الذي يتحركون فيه , وتعجبني حركتهم الثقافية والنقدية ذات القدرات العقلية والانسانية , كما ان التفسير الطبقي لحركة التاريخ مال زال ينافس بقوة النظريات التي تفسره . الحقيقة احاول دائما ان انأى بنفسي عن التسميات والايدوليوجيات فهي مهما كانت قريبة من افكاري فأنها تحاول ان تسور العقل والمعنى خاصة اذا كانت لا تملك وعيا نقديا فيه من الجرأة حتى لهدم الاسس النظرية التي تقوم عليه , فهي عندها تكون مستعدة ان تأخذ من حق الانسانية لحسابات سياسية واقتصادية ودينية .غير اني املك استعداد لمجانبة اياً منها بما في ذلك حركات الكفر والالحاد اذا اعتبرت الانسانية هو القيمة الاولى والمطلقة في التاريخ , وهذه هي المسطرة التي اقيس بها رقي الافكار , لان اي فكر يتجاوز حسابات السياسة والمال والتدين لصالح الحرية المطلقة للانسان ويوظف مقدرات الوجود لصالح كرامته وعيشه وامنه هو الفكر الحقيقي وغير ذلك فهو خداع . ان اي محاولة لترويج فكرة ما وتسويقها هي محاولة لقطعنة (قطيع) البشرية وسلب ارادة الناس خاصة داخل المجتمعات التي تعاني الفقر والتخلف والتي تشيع فيها الحركات الدينية التي اصبح التطرف فيها بنية اساسية لجذب المريدين بسبب انعدام الوعي الانساني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أنا كافر وأفتخر
عبدالله عباس ( 2013 / 6 / 23 - 10:03 )
أنا تقدمي وملحد وكافر أي لا أؤمن بوجود ما يسمونه الله
وكذلك الفلسفة الماركسية لا تؤمن بالله. وهناك أستطلاع رأي يؤكد أن 93% من العلماء والفلاسفة ملحدين. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يعتبر الكفر والالحاد شتيمة يحاول الشيوعيون التخلص منها. أنا أعتز وأفتخر بكفري وإلحادي، وإيماني بالعلم والقيم الإنسانية النبيلة رغم أني لست شيوعياً فلماذا يحاول الشيوعيون التهرب من هذه الصفة ويعتبرونها شتيمة؟


2 - أنتصار للحقيقة
كاظم الخفاجي ( 2013 / 6 / 23 - 15:23 )
نعم لم يرد في ادبيات الحزب الشيوعي العراقي الى مايمس الذات الالهية أو يتطرق الى معتقدات الناس باي نوع من الاساءة بل كان ولازال أنصاره واعضاء من المشهود لهم بالكفاءة المهنية والاطلاع الواسعة على الثقافة العالمية والانسانية بصورة عامة تحياتي


3 - مامعنى قاعدة الدين أفيون الشعوب؟
عبد الله اغونان ( 2013 / 6 / 23 - 21:18 )

الشيوعيون العرب يتصفون بنوع من الغباء اذ هم يعرفون جيدا تراث أمتهم ومجتمعاتهم
ومع ذلك عرف عنهم بكتابات موثقة وتصريحات الاساءة الى الدين ونماذج المقالات في هذا الموقع تدل على ذلك

لو كانول أذكياء لأخذوا من الشيوعية جانبها الاقتصادي وهو غير بعيد عن روح الاسلام
ولكن تركيزهم كان على مهاجمة الدين نصا وشخصيات ففقدوا بذلك تعاطف الجماهير
ويظهر ذلك في نتائج هزيلة يحصلون عليها في الانتخابات
أيها الشيوعيون بأسلموا تغنموا

اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟