الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موت القاتل

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


موت القاتل ـ أمثله(بنية الحاكم القاتل)
محمد الحاج ابراهيم
للموت شكلين الأول : الموت الطبيعي ،والثاني: الموت الشاذ
1ـ الموت الطبيعي:هو الذي تسببه الطبيعة من ضعف الجسم وتهالكه عبر المرض أو السن وهو ماعُرف(الموت الهادئ) أو عبر قوى الطبيعة البسيطة التي تسببه الظروف الطبيعية وهو ماعُرف ب(الموت العادي)والطبيعة المركبة الناتجة عن مبتكرات الإنسان الصناعية من دهس وتسمم وحروب.
2ـ الموت الشاذ: هوماصنعه الإنسان لأخيه الإنسان على قاعدة الإلغاء وله شكلان الموت القتل،الموت السريري.
وموضوع هذا البحث مناقشة الموت الشاذ وهو القيام بقتل إنسان بريء طفلا أم رجلا فتاة أم امرأة . *في العصر الروماني مورس القتل بطريقة مذهلة إذ كان يُلقى بالأسرى أو المعارضين للوحوش الكاسرة التي كانت تلتهمهم ومنهم أتباع الكنيسة الشرقية. *في الجاهلية مورس وأد البنات وهن أحياء إلى أن جاء الإسلام بآيته المعروفة والتي تثير آلاما كثيرة لدى سماعها ((وإذا المَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بأيِّ ذَنْبٍ قُتِلتْ)).
*في العالم الإسلامي مورس القتل والتنكيل بكل عصوره السياسية،إذكان بسبب المعتقد ذو الخلفية السياسية والسلطة التي كانت هدفا وغابه.
*في العصر الحديث ومع تشكل الكيانات السياسية مورس القتل والتنكيل بصور استمدت نهجها من بربرية متوحشة سالفة وتم تطويرها عبر وسائل وأدوات ومعدات ترافقت مع الثورة الصناعية التي تفجّرت في أوروبا ومورست إبان الثورة الفرنسية التي أكلت أبناءها على المقاصل، وبعدها الخازوق الذي تفنن به الحكم العثماني في البلاد التي احتلها،والثورة الروسية التي قتلت خصومها،والحربين العالميتين الأولى والثانيه التي قتلت الملايين من الاوروبيين وغيرهم واستمر ذلك حتى يومنا هذا. لدى دراستنا وضع القاتل بعد القتل على الصعيدين النفسي والعصبي نخرج بنمطين من القتله الأول يقوم بهذا الفعل بقراره وبيده مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي استدعت هذا الجرم،أما الثاني يقتل بأمر من قادته أو رؤساءه وهذا يستدعي دراسة القاتل والآمر بالقتل ولنسلم أن المقتول مات وانتهى لكن تبقى القضية متعلقة بالقاتل أو مسبب القتل خاصة في الحالات البريئة أي قتل البريء.
يحمل القاتل شعورا يعذبه بطريقة خاصة إذ أنه يعيش لحظة صدق مرهفة وبالأخص في خلوته مع ذاته تؤرقه عمره بأكمله،يسعى لخلق مبررات أحيانا ويعود للإحباط أحيانا أخرى،ويحمل شعورا بالخوف من المنتقمين ومن الحساب بعد موته وما أكثر آلامه لهذا الفعل الذي بسببه حرم إنسانا حياته وإن كان المقتول متزوجا رمّل زوجه ويتم أطفاله وخلق نظرة عامة له كقاتل لاتفارقه مدى حياته،هذه الحالة من إنهاء حياة إنسان ربما تعود لأسباب اجتماعية أو مال أو ثروة أو لصوصية يُسفك بها دم بريء ومع هذا كله يموت القاتل سريريا دون قتل برصاص أو أداة أخرى. في حالة قتل الأبطال من أبناء الأمة تكون بترتيبات من الأجهزة الخاصة لهذا البلد أو ذاك فتكلف بها أشخاص محددة للقيام بها على أساس الخلاف معها وخوفهم منها إما لمشروع أفضل أو كاريزمية شعبية أو عشق لكرسي القيادة وليس لذنب اقترفوه،هذا مايدفع أولئك لتنفيذ حكم الاعدام ظلما ويدفعون ثمن ذلك الموت السريري أيضا وأذكر بالمناسبة شهادات لقتلة غيفارا في برنامج((آخر يوم من حياة)) .
شهاده (1 ):لازلت منذ مشاركتي في إعدامه أعاني قلقا من كل شيء حولي،أنا مقتنع أننا كنا وإياه ضحية الديكتاتوريه
شهاده(2):أشعر بالجنون أحيانا كثيرة لأنني شاركت بقتل نبيا بريئا لكن متى عرفت ذلك ؟!طبعا بعد أن أصبحت ضحيه
شهاده(3): أبلغ من العمر عشرون عاما ومنذ أن أبصرت النور وأدركت ماحولي وأنا أراقب والدي الذي لاينام سعيت لخلق اطمئنانه لي لمعرفة أسباب حالته وعندما بدأ يشرح لي كان يبكي بمرارة، كم أتمنى لو كان هناك طريقة للطلب من النبي تشي ليسامحه.
شهاده(4):كل يوم أمضي لمكان اعتقاله أُقبّل الأرض التي كان يدوسها بقدميه وأبكي بمرارة وألطم وجهي،فلم أكن أعرف أنني وشيت بمن جاء يقاتل من أجلنا نحن الفقراء،منذ ذاك الحين لم أُوفّق في عيشي .
تلك شهادات حية من أصحابها تؤكد الموت البطيء الذي يعيشونه على أثر هدر دم إنسان وإلغاء حياته رغم أنهم كما يُقال عبيد مأمورون لكنهم حملوا الاثم ولو تابعنا شهادات القادة الذين أمروا بالاعتقال والقتل وهذه الشهادات ليست مباشرة بل من أناس يعرفون مصيرهم فيؤكدوا أن أحدهم فقد عقله وصار يمشي في الطرقات يصرخ ملء صوته:أيها العظيم تشي عد لنا سأقبل حذاءك الطاهر،وآخر قال قبل إقدامه على الانتحار:قدري أن أكون قاتلا لبريء ومناضل في سبيل الفقراء وأنا من منبت فقير وداعا أيتها الحياة.
المفكر الكبير أنطون سعاده مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي قال قبل إطلاق النار عليه:[دعوني أرى رصاص أمتي يقتلني] فمات رافعا رأسه في سبيل أمته التي ينشد بناءها ،ولنسمع شهادات من أمر بإعدامه ومن نفذ حكم الإعدام به:

في سجون الأنظمة الديكتاتورية قُتل الكثير من أبناء المجتمعات التي تحكمها هذه الأنظمة لأسباب الخلاف الفكري أو السياسي ليس إلاّ،دون مستند قانوني(القانون نتيجة العقد الاجتماعي) يجيز مثل هذه الأحكام وبالتالي فلوثة القتل دمغتها بمشاعر الذنب المغرقة بآلام الأبرياء التي ليس لها كفّاره.
مامن حاكم قاتل في التاريخ إلاّ واحتمى بمرافقيه،وعاش قلقا واضطرابا مهما تظاهر بالقوة ورباطة الجأش،إنه الفعل الداخلي الذي لا يعرفه إلا هو وخبراء الجريمة من محللين نفسانيين وباحثين اجتماعيين،إنه طريق النهاية المتواري خلفه الذل والخوف،فالقاتل سيّدا كان أم عبدا يحمل شعورا بالخوف مما ارتكبه من إلغاء حياة،ونيقولاي تشاوشيسكو مثالا على ذلك،إذ حاول الاختفاء برفقة زوجه خوفا من العاقبة التي زرعها يوم كان الآمر الناهي،من يعرف هذا الرجل ويعرف دمويته لايُصدّق ماعُرف عنه في لحظاته الأخيرة من ذل ورعب مما ارتكبت يداه أو أوامره لتنفيذ أحكام الإعدام بالمناضلين من أجل الحرية التي هي حق من حقوق الإنسان في حياته الطبيعية،أصبح يبحث عن مخبأ في أي مكان يقيه حصاد عمله،هذا الرعب الداخلي الذاتي يمثل الرد على الإرعاب الخارجي وسوية يحققان التوازن،ومَنْ لايُرعِبْ لايُرعَبْ،مثالا آخر هو بينوشيه الديكتاتور القاتل الذي لازال قيد التحقيق ولو تابعنا حركة هذا القاتل لوجدنا نهاية حقيقية لإنسان كان يُمكن أن تنتهي بطريقة كريمة كباقي البشر لكن فعل الرُّعب الذي صنعه لم يترك له فرصة العيش الكريم أو النهاية الكريمة،فتجده يتلطّى من مكان إلى آخر باحثا عن أمن أو أمان لايجده وحتى لو توفر لايثق به فالقلق هو محور حياته وقاعدة عيشه،إنها النهاية الداخلية الذاتية التي لابد منها والرّصد الخارجي بغاية الثأر من قاتل الأب والأخ والزوج للاستبداد بكرسي الحكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -هراء عبثي-.. شاهد رد فعل مؤرخ أمريكي على الديمقراطيين الذين


.. نيويورك تايمز: تجاهل البيت الأبيض لعمر الرئيس بايدن أثار الج




.. انتخابات الرئاسة الإيرانية.. مسعود بزشكيان


.. بزشكيان يحصل على 42 % من أصوات الناخبين بينما حصل جليلي على




.. هيئة الانتخابات تعلن عن جولة إعادة لانتخابات الرئاسة بين بزش