الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب مفتوح إلى وزير الدفاع

هانى جرجس عياد

2013 / 6 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


السيد الفريق أول عبد الفتاح السيسى – وزير دفاع جمهورية مصر العربية
تحية وتقديرا
تابعت –مثل جميع المصريين- التصريحات المنسوبة لكم والتى تداولتها وسائل الإعلام، منذ مساء 23 يونيو الجارى. ولئن كان فى تلك التصريحات ما يستحق التقدير، ففيه أيضا ما يستدعى الاختلاف، ولعلى أبدأ بما قد يتوافق حوله كل المصريين، إن لم يجانبنى الصواب.
وعلى سبيل التوضيح، وقبل أن أدخل إلى صلب الموضوع، ربما كان ضروريا أن أوضح، أننى كنت واحدا من الذين هتفوا ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، منذ وقت مبكر فيما اصطلح على تسميته المرحلة الانتقالية، وكنت واحدا من المطالبين بالقصاص لشهداء الجيش والشرطة على الحدود مع العدو الصهيونى، وشهداء العباسة (الأولى والثانية)، وشهداء ماسبيرو، وشهداء محمد محمود، الأولى والثانية، وشهداء موقعة مجلس الوزراء، بورسعيد، ومعذرة فقائمة الشهداء طويلة، ودماؤهم لم تزل ساخنة تطلب عدلا لا تتبدى معالمه، وتسأل قصاصا لا يلوح فى الأفق.
ثم أننى كنت واحدا من الذين رفضوا تماما دعوة القوات المسلحة مرة أخرى للخوض فى غمار العمل السياسى، كفانا، ويفيض، ما عانيناه وعاناه الوطن على امتداد ما يقرب من العام ونصف العام، منذ 11 فبراير 2011.
ومن تقديم أراه ضروريا إلى صلب ما نقلته عنكم وسائل الإعلام.
السيد وزير الدفاع
المؤكد أن تصريحاتكم لاقت صدى إيجابيا فى نفوس الناس، وخاصة عندما تستمع إلى وزير الدفاع مؤكدا «إن علاقة الجيش والشعب علاقة أزلية، وهى جزء من أدبيات القوات المسلحة تجاه شعب مصر، ويخطئ من يعتقد أنه بأى حال من الأحوال يستطيع الالتفاف حول هذه العلاقة أو اختراقها»، ومضيفا «إرادة الشعب المصرى هى التى تحكمنا ونرعاها بشرف ونزاهة، ونحن مسئولون مسئولية كاملة عن حمايتها، ولا يمكن أن نسمح بالتعدى على إرادة الشعب، وليس من المروءة أن نصمت أمام تخويف وترويع أهالينا المصريين، والموت أشرف لنا من أن يمس أحد من شعب مصر فى وجود جيشه»
وظنى أن القوات المسلحة قد راعها مثلما راعنا جميعا أن يخرج من بين المصريين من يتهكم على هزيمة يونيو 1967، ويبدى شماتة واضحة فيما جرى فى تلك الأيام، تماما مثلما هالكم وهال المصريين جمعيا أن يخرج علينا من يتوعدون الشعب بقطف الرقاب، أو رشه بالدماء.
وعندما تصدر مثل هذه التهديدات الفجة بصراحة (ولعلى أقول بوقاحة) فى دولة مؤسسات، فلا تجد سوى صمت كامل، أقرب إلى الموافقة، من جهات الدولة السيادية، وفيها مؤسسة رئاسة لا تعرف ما إذا كانت متجاهلة، أم متواطئة، أم محرضة، ووزارة داخلية تكتفى –أحيانا- بدور المشاهد الذى يقف على مسافة واحدة من الجميع، وأحيانا أخرى بدور عابر سبيل يفض مشاجرة صادفها فى الطريق، ثم يمضى إلى حال سبيله، دون أن يكون معنيا بمن اعتدى على من، أقول عندما تواجه مثل هذه التهديدات بمثل تلك المواقف، يبدو من الطبيعى أن يتطلع الناس إلى جهة سيادية قادرة على إعمال القانون وفرضه على الجميع. وكذلك صادفت تصريحاتكم ارتياحا شعبيا.
ومع التقدير الكامل لمثل هذه التصريحات، فلعلكم تعرفون تماما، أن الشعب قد قرر الخروج يوم 30 يونيو دون أن يعرف أو يحاول أن يعرف ما يكون عليه موقف قواته المسلحة، لقد قتلت ثورة يناير الخوف فى نفوس الناس، وزرعت بدلا منه الأمل، كما أن المصريين قد استعادوا مصر منذ يوم 11 فبراير 2011، وليسوا على استعداد للتفريط فيها مرة أخرى، وكذلك كان الأمل، وعشق هذا الوطن الذى يعيش فينا، أقوى بما لا يقاس من كل ما أطلقه البعض من تهديدات، يدرى مطلقوها أو لا يدروا أنها لم تعيد تخيف أحدا، يعرف أصحابها أو لا يعرفون أنها أصبحت تثير من سخرية الناس أكثر مما تبعث فيهم من قلق (أقول قلق لا خوف).
السيد وزير الدفاع
حديثكم عن المصالحة يحتاج إلى وقفة من موقع المختلف، والمصالحة –بداية- لا تقاس بفترات زمنية، لكنها تفرض التزاما وتستدعى إلزاما. ولعلكم تعرفون، بحكم متابعتكم الشأن السياسى، كم مرة نكثت جماعة الحكم وعودها، وكيف سعت بدأب لشق الصف الوطنى، وعمدت إلى الاستئثار بالسلطة وإقصاء الجميع.
لكت ما هو أخطر وأدهى من هذا العته السياسى أنه فى ظل سلطة جماعة الحكم، مازالت دماء المصريين تسيل، منذ أغسطس 2012 (استشهاد ستة عشر جنديا فى سيناء) وحتى الآن، فضلا عن مسئولية الحكم القانونية والأخلاقية عن كل الدماء التى سالت منذ يوم 25 يناير 2011، بينما الفاعل مازال «مجهولا» يواصل عربدته فى سيناء، ويطلق تهديداته الفجة بوجه كل الشعب، والجماعة الحاكمة تتغاضى أو تتساهل أو تتواطأ.
ورغم هذه الأجواء المشحونة بالدم والمتوترة بما هو أقرب إلى التآمر، بحت الأصوات مطالبة بتغيير النائب العام وفق قانون القضاء وتشكيل حكومة محايدة تضمن انتخابات برلمانية نزيهة، لكن جماعة الحكم بقيت على عنادها، فبدلا من الاستجابة لمطالب الشعب، تمادت فى غيها إلى حد تعيين إرهابى قاتل محافظا للمحافظة السياحية الأولى فى مصر، ومن قبله وزيرا للثقافة لا علاقة له بالثقافة إنما بجماعة الحكم، وبينهما مؤتمر الإرهاب الدولى فى القاعة المعطاة باستاد القاهرة، برعاية رئيس الجمهورية حاضر وخطيبا.
الدماء تسيل والوطن يتحول إلى بؤرة دولية للإرهاب والإرهابيين، ومخاطر التقسيم تحوم فى الأجواء، وأنتم تدعون إلى مصالحة، هل هذا ممكن؟ مصالحة على الدماء؟ وحوار على مستقبل شعب ومصير وطن؟
لقد وضعتنا جماعة الحكم فى مفترق طرق، إما الانصياع لما يريدونه وهو ما لا يليق بمصر، شعبا وأرضا ماضيا وحاضرا، إما العودة إلى ميادين الثورة لاستعادة مصر من بين أيدى من سلبوها واستلبوها، وهذا متاح وممكن.
لقد مضى أوان حوار الغرف المغلقة، أو حتى المفتوحة، وطاولات الشاى بالياسمين، أو بدونه، وأصبح الحوار الآن فى الشارع وللشارع.
السيد وزير الدفاع
كل ما هو مطلوب منكم -إن أردتم- هو حماية الناس من أى اعتداء، والتصدى لمن يحاولون ممارسة العنف أيا كانوا، ومهما كانت انتماءاتهم، أما إن لم تردوا فليكن، لكن لتعلموا جيدا أن «إرادة الشعب التى تحكمكم» حسب كلامكم، هى الآن فى الشوارع والميادين، الكلمة لهم والشرعية لهم، ولكم حق الاختيار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح